الأخبار

البيت الفلسطيني الداخلي يعيش حراكاً من نوع ما، مع تصاعد التحديات ..

 وفي رام الله.. جلبة سياسية وصراع على السلطة

رفعت “القرقعة السياسية” التي تسمع في رام الله منذ أسابيع، من شدة التوقعات بأن البيت الفلسطيني الداخلي يعيش حراكاً من نوع ما، مع تصاعد التحديات التي تواجهها زعامة الرئيس الثمانيني محمود عباس، والذي يمسك بالرئاسة الفلسطينية منذ أكثر من عقد.

وتكررت التكهنات بشأن إمكانية أن يقدم عباس استقالته، هو الذي انتخب رئيساً فلسطينياً لولاية تمتد أربع سنوات في العام 2005، ولكنه لم يضطر إلى أن ينافس أحداً في أي عملية اقتراع منذ ذلك الحين. لكن عباس لم يجار هذه التخمينات في السابق، وقد لا يجاريها في المستقبل.

بالرغم من ذلك، بلغ تصاعد الإشاعات وتبدل التحالفات خلال الشهرين الماضيين، درجة توحي بأن تغييراً يلوح في الأفق، أو أقله، بأن الاعتراض على بقاء عباس على رأس السلطة يتزايد.

وفي وقت سابق خلال شهر تموز الحالي، قام الرئيس الفلسطيني بشكل مفاجئ بإعفاء أمين سر اللجنة التنفيذية لـ”منظمة التحرير الفلسطينية”، والرجل الثاني عملياً من بعده، ياسر عبد ربه، من منصبه، وعين مكانه صائب عريقات، مستشاره لفترة طويلة، وحافظ أسراره لفترات، والذي شغل منصب كبير المفاوضين مع (الإسرائيليين) خلال العقدين الماضيين. وأصبح عريقات قائماً بأعمال أمين سر اللجنة التنفيذية لـ”منظمة التحرير الفلسطينية”.

ولاحقاً، وفي تطور آخر مرتبط، أقرت محكمة فلسطينية باستمرار تمتع محمد دحلان، وهو المسؤول السابق في حركة “فتح”، والمنافس الحالي لعباس، بالحصانة البرلمانية، ما شكل ضربة للرئيس الفلسطيني، الذي أصدر قراراً في السابق برفع هذه الحصانة.

ورفع هذا القرار من احتمال عودة دحلان، المقيم حالياً في الخليج، إلى رام الله، لمواجهة قضية فساد رفعت ضده، وهو ما سيزيد أيضاً من رصيده كمنافس رئيسي لعباس.

وإذا كانت جميع هذه التطورات لا تكفي وحدها، فإن القناة (الإسرائيلية) الأولى نقلت يوم الأحد الماضي أن عباس أسَر للمقربين منه إنه سيستقيل في غضون شهرين، وتحديداً قبل مؤتمر عام لحركة “فتح” في 29 تشرين الثاني المقبل.

وسرعان ما نفى المسؤولون الفلسطينيون تقرير القناة (الإسرائيلية)، وقال متحدث باسم الرئاسة الفلسطينية لوكالة “رويترز” إنها “شائعات (إسرائيلية) معتادة” هدفها زعزعة الشؤون الفلسطينية.

وبحسب “رويترز”، فإن المصدر الذي قدم المعلومة للقناة (الإسرائيلية) غير معلوم، ولكن الوكالة نقلت عن مسؤول فلسطيني قوله إن وزير الداخلية (الإسرائيلي) سيلفان شالوم عقد محادثات غير معلنة يوم الجمعة الماضي مع عريقات في الأردن.

وتبدو الأمور وكأن قطعاً عديدة من الأحجية الفلسطينية تتحرك دفعة واحدة، ما يعزز الشعور بأن هناك تغييراً ما لا يزال عالقاً.

وفي هذا الشأن، يعتبر محلل شؤون الشرق الأوسط في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” أن “إعفاء عبد ربه كان مخططاً له منذ مدة، وهذا جزء من الصراع لخلافة عباس، وجزء من البارانويا (الذعر) المتعلقة بدحلان”.

وكيفما صبت النوايا والأهداف، فإن دحلان، الذي يبلغ من العمر 53 عاماً، هو الجزء الأساسي من الأحجية، حتى ولو أنه يظل دائماً على بعد خطوة من الحركة السياسية الفلسطينية اليومية – أقله إلى الآن.
ويعيش دحلان، وزير الأمن الفلسطيني السابق، والشخصية القوية في غزة، اليوم في الإمارات العربية المتحدة، كما يحمل الجنسية الصربية. وهو نجح في حصد الدعم من الإمارات وقطر، وجمع مبالغ استخدمها لأغراض المساعدة الإجتماعية في غزة والضفة الغربية، ولكن منتقديه يقولون إن المال ساهم في تمويل المعارضة السياسية لعباس.

ووفق وسائل الإعلام الفلسطينية، فإن بعض أسباب إزاحة عبد ربه هي علاقته بدحلان، وهي نفسها وراء التحرك القضائي ضد رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض، وهو منافس آخر لعباس.
ولكن إذا عقد مؤتمر “فتح” في تشرين الثاني الماضي، فمن المتوقع أن يحدد الولاءات في السياسة الفلسطينية، ويقدم مؤشرات إلى الإسم الذي سيخلف عباس، وهو الذي أكد أنه لن يترشح لولاية ثانية متى حان موعد الإنتخابات.

ولكن الخبير في الشؤون الفلسطينية في “مركز الدفاع عن الديموقراطيات” في واشنطن، غرانت رامبلي، يقول إنه “لا يرى أي فرصة لإنتخابات فلسطينية قريباً”، ولكنه أضاف أنه يرى في المقابل “مكيدة ما في مؤتمر فتح المقبل”.

ويتوقع رامبلي أن “يكون تعيين عريقات أمين سر مقبل لمنظمة التحرير مقدمةلتعيينه نائباً للرئيس”، معتبراً أن نجاح القيادة الفلسطينية يعتمد على قدرتها على التفاوض مع (الإسرائيليين).

ولكن مصادر فلسطينية تؤكد أن عريقات ليس مرشحاً محتملاً، فهو غير متعمق في الشؤون الأمنية أو في حركة “فتح”. وترى هذه المصادر أن عباس قد يكون نصبه فقط كـ”حامي القلعة”، فيما يقاتل الآخرون على منصب رأس الهرم.

(رويترز)

اترك تعليقاً