الأرشيفبساط الريح

التسامح والمغفرة في الحب – الدكتور عادل عامر

أن الحب والتسامح وجهان لعملة واحدة، فلا يمكن أن تدوم علاقة حب بين أي طرفين إلا باعتماد مفهوم التسامح نهجاً رئيساً لهذه العلاقة بما يضمن استمرارها، فالحب من أسمى المشاعر الإنسانية ويحمل في كثير من معانيه التغافل عن العيوب والأخطاء غير المقصودة لمن نحب والتماس الإعذار له، وهذا الأمر ينعكس على جميع الروابط والصلات التي تربط بين أفراد المجتمع، حيث يكون المجتمع متسماً بالسلم والتعايش والحب بين جميع أطيافه ومكوناته إذا اعتمد التسامح والحب ركيزتين يقوم عليهما بنيان المجتمع. إنَّ الحب والتسامح رحمة للشخص المسيء، وتقديرًا لجانب ضعفه البشري، فالإنسان مخلوقُ بالفطرة ومجبول على ارتكاب الأخطاء، ولا يُمكن أن يُعدل هذه الأخطاء إلا إذا قوبلت بالرّحمة والحُب والتّسامح. من فوائد الحب والتسامح توثيق الروابط الاجتماعية والتي غالبًا ما تتعرض إلى الضعف والانقسام بسبب الإساءات المُرتكبة.

أنّ الحب يصنع المعجزات، وتدور دوائر الحب في حب الله، وحب المخلوقات، وحب النفس، وحب الوالدين، وأفراد العائلة، وحب العمل وحب الناس، فالحب هو الأساس في الحياة، وهو نعمةٌ عظيمة من الله غرسها في الإنسان.

على الحب عياء وفيه الدواء منه على قدر المعاملة، ومقام مستلذ، وعلة مشهاة ، لا يود سليمها البرء ولا يتمنى عليها الإفاقة… الخ . أن عدم الانسجام يرجع إلى سوء الفهم لطبيعة كل جنس. إذن الحب بين الرجل والمرأة ( الحبيب والحبيبة ) لا يأتي إلا بالانسجام والانسجام يتطلب تفهم المحبين لطبيعة كل جنس، وكل هذه الأمور تقضي باستخدام العقل مع القلب لتستمر الحياة.

والحب يجب أن يكون موزونا بالعقل كما هو محفور في القلب، لأن الحب ليس مجرد عاطفة هوجاء بل هو مشروع وهدف في الحياة.  فالحب يولد عاطفة فإذا استمر على هذا النحو مات أو مات صاحبه! أما إذا تحول إلى هدف وتدخل العقل في إدارة هذه العاطفة فيستمر ما استمرت استقامة الهدف. الحب في عرف الأحبة كبرياء الحب ليس هو الطريق إلى الشقاء الحب صون للمبادئ ليس هدما للبناء ولكن كيف يكون التصرف عند وقوع الخيانة أو عند أي زلة تظهر من الحبيب؟

وكيف يكون التسامح ومتى يكون ؟؟

التسامح هبة تحمل معاني إنكار الذات دون أن يكون هناك انتظار لمقابل.. وعندما نسامح فإننا نقبل أن نفقد شيئاً ما بداخلنا، ويقال كذلك بأن التسامح راحة للجروح! كلام جميل.. ولكن هل في المحبة غفران ونسيان؟ كل من يُسأل هذا السؤال سيكون جوابه… نعم, كل المشاعر الإنسانية أو أغلبها على الأقل تحتاج منا جميعاً كبشر أن نتسامح أو نغفر أخطاء من نحب ومن نهوى سواء كان صديقا أو زوجا أو أخا أو أو أو…. غير أن المسألة ليست بهذه البساطة أبدا… فكلما زاد حبك للشخص المخطئ يصعب عليك نسيان خطأه أو غفران زلاته هناك من يقول إن العفو عن الإساءة هو انتقام رقيق لكن هل تقبل مثلا امرأة خانها زوجها هذا النوع من الانتقام

فالخيانة هي أحد الأسباب الرئيسية التي تدفعها لطلب الطلاق.

ولأن المسائل ليست كلها أسود بعض الزوجات قد يغفرن الخيانة أكثر من غفرانهن لا مبالاة الزوج وإهاناته، وهناك نساء يسامحن ويبقين مع أزواجهن فقط خوفاً من المستقبل، وهذا الوضع يطلق عليه الصفح الريائي. التسامح هو مسألة ذاتية بحتة والنساء يختلفن في درجة تحملهن الإهانة والخيانة والقدرة على التسامح والغفران. كذلك هناك نقطة مهمة يجب أن لا تترك .ولكن.

أن الشخص الذي يسامح يجب أن يكون قادراً على إعادة بناء جسر الثقة السابق، وأن يكون غفرانه مستمراً فلا يعود الحقد الدفين ليطفو على السطح عند بروز مشكلة أخرى، ويقوم بإعادة تذكير الحبيب بالأخطاء والزلات السابقة. سمعت في ذلك قصة جميلة أثارت استغرابي ولا أعلم عن حقيقتها يقال أن امرأة لم يعد زوجها إلى المنزل ذات مساء، وكان قد مضى على ارتباطهما ستة أعوام. ثم عاد بعد عام كامل عاد إلى المنزل ذات صباح ! تقول الزوجة كان يوما جميلا وسعيدا بالنسبة لي وتناولت معه طعام الإفطار وكأن شيئا لم يكن ! ومنذ أكثر من خمسة عشرة سنة على عودته لم أفتح معه موضوع غيابه لأنني سامحته لحظة عودته. الحب في نظري هو أن نعرف كيف نتجاوز الكبرياء والاعتداد بالنفس

ولكن .. يمكن أن تسامح مرة وأخرى وأخرى وبعدها يكون التسامح مقرونا بذل. أما في مجتمعاتنا فإن مسائل التسامح ذاتية وتتفاوت من امرأة لأخرى ومن رجل لآخر، غير أن هناك الكثير من الرجال والنساء من يتحمل كل هذه الأوجاع والعذابات من خيانات وإهانات واحتقار لعيون الأطفال

ومن أجل أن لا يفقدن أو يفقد الوضع المادي الممتاز الذي يعيش فيه أو تعيش فيه. أو أحياناً كي لا تحصل المرأة على لقب مطلقة أو يحصل هو على لقب مطلّق! وأظن أن عندنا آراء وحكايات أخرى غير أنني أتمنى أن نعرف معنى الكلام الجميل الذي يقول إن القلوب الكبيرة وحدها تعرف أن تسامح!

يمكن أنا أكون أعز الناس في عيونك بس انت والله كل الناس في عيوني يكفيني إن غبت عني شعرت بلذة طعــــونك وإن شفت زولك شعرت بقيمة  “عيوني” سألت طبيب عيون عن عيوني شو فيها؟ قالي: فرقة الأحباب مقدر أداويها جمال الليل في نظرة عيونك ونور البدر مرسوم بجفونك وكل الكون ما يسوى بدونك أن الحب الحقيقي يعتمد في كافة مراحله على التسامح وإلا ما بقيت علاقة الحب قائمة بين الطرفين بمرور الزمن واستطاع طرفاها التغلب على كثير من المشكلات التي قد صادفاها خلال مسيرة هذا الحب، وبين أن التسامح هو لغة الحب في كل العصور سواء كان بين الرجل والمرأة أو بين أفراد الأسرة أو المجتمع، لأن التسامح يعني التغافل عن الأخطاء غير المقصودة للطرف الآخر، وعبر هذا التغافل والتماس الأعذار تدوم العلاقة وتصبح الروابط قوية بين أفراد المجتمع.

سامح فإنكَ في النهايةِ فانِ واجعل شعارَكَ كثرةَ الغفرانِ وابسط يديكَ لرحمةٍ ومودةٍ حتى تنالَ محبةَ الرحمنِ ليس التباغضُ من شريعةِ أحمدٍ بل إنَّه لَبضاعةُ الشيطانِ سامح أخاك وإنْ تعثَّرَ طبعُهُ إنَّ التسامحَ شيمةُ الشجعانِ

من يسامح أكثر الرجل أم المرأة….؟

التسامح صفة من الصفات الجميلة اللي أحيانا بنلوم أنفسنا عليها وسؤال نسأله لبعض كتير مين بيسامح أكثر الرجل أم المرأة..؟ طبعاااا هالقي كل الإناث ممن يقرأن المقال سيقولون في نفس واحد المرأة هي من تسامح أكثر.. وأيضا كل رجل يقرأ كلماتي سيقول نحن نسامح اكثر…هذه ليست احصائية للتسامح لكنه مجرد مقال للاعتراف بحق هذه الصفة وجمالها…

التسامح مشهد نراه مراراً وتكرارا في حياتنا اليومية ، نراه بين الأخوة حيث يسامح الأخ أخته وأخيه عن ما بدر منهم عن قصد أو بدون قصد من ألم أو جرح،،والأخت تسامح أختها على شيء قامت به وأخطات وأيضا تسامح اخاها بل وتتمنى رضاه أيضاً.،،، والأب يسامح أبنائه على اي فعلة حمقاء ولكن مع التوبيخ قليلا والنصح كثيراً…والأم أيضا قلبها لا يخلوا من التسامح فهي القلب الوحيد الذي لا يحمل حقدا أو بغضاً لأحد لأنها الوحيدة التي تتجمل بحنان قلبها. أما عن الصديق أو الصديقة كثيرا ما نرى بينهم الود والتسامح والمغفرة على أخطاء يرونها من أجل الإبقاء على علاقة من أكرم العلاقات.

الخلاصة يا سادة أننا نحمل من التسامح الكثير والكثير ولا يوجد بيننا من يسامح أكثر من الآخر فكما تسامح المرأة من أجل من تحب يسامح أيضا الرجل بقدر ما يحب كل منا يسامح على حسب خلقه ورجاحه عقله وزينة قلبه حيث أن التسامح خليط بين الحب والحنان والإيمان..

 

الدكتور عادل عامر

دكتور القانون العام

محكم دولي معتمد

وعضو المجلس الأعلى لحقوق الإنسان