بساط الريح

الحصاد المر للحراك الشعبي الفلسطيني بعد عام..! – اكرم عبيد

 

من يعتقد ان الشعب الفلسطيني استسلم لشروط اتفاقيات اوسلو الخيانية فهو واهم لان الاجيال الفلسطينية المقاومة المتلاحقة كانت وما زالت توارثت الثورات والانتفاضات الفلسطينية قبل وبعد اعلان قيام الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة وخاصة بعد انطلاقة ثورتنا الفلسطينية المسلحة المعاصرة في 1 / 1 / 1965 مرورا بانتفاضة الحجارة عام 1987 الى انتفاضة الاقصى عام 2000  وصولاً الى الحراك الشعبي الفلسطيني الحالي الذي إنطلقت اولى فعالياته المقاومة من القدس المحتلة  بعد ربع قرن من المفاوضات العبثية الفاشلة بعد توقيع اتفاق اوسلو الخياني عام 1993 ليبدع وسائل جديدة وبسيطة في مواجهة الاحتلال الصهيوني وعصاباته الاجرامية من قطعان المستوطنين التي تحاول تهويد المسجد الاقصى وتقسيمه مكانيا وزمانيا بعد جرائم اقتحامة المتكررة التي تجاوزت عملية احراقه الاجرامية عام 1968 بدعم ومساندة ورعاية سلطات الاحتلال الصهيوني التي تسعى لبناء ما يسمى الهيكل الاليهودي الثالث المزعوم .

بالرغم من ذلك توقع البعض ان هذا الحراك الشعبي الفلسطيني قد يستمر ايام او اسابيع قليلة وتنطفئ شعلته الوقادة لكنها استمرت وها هي تدخل عامها الاول بالرغم من التضحيات الجسام على مذبح الوطن والقضية الوطنية العادلة بعد تنفيذ حوالي 240 عملية فدائية قتل خلالها من الجنود الصهاينة  44 جندي واصيب 645 جندي حتى اليوم مقابل استشهاد 250 شهيداً منهم 22 شهيدة واصابة 18350 مواطن منهم 27% اصابات في اطلاق الرصاص بالإضافة لاعتقال 8500 مواطن بالإضافة الى 700 عامل في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 كما اشار تقرير ” مركز القدس للدراسات الفلسطينية ” الاسرائيلية “

في هذا السياق بصراحة لا بد من التساؤل

هل نحن حقا على أبواب انتفاضة شعبية  ثالثة بعد عام على هذا الحراك الشبابي الفلسطيني المقاوم العظيم في ظل الانقسام الفلسطيني الفلسطيني وغياب المرجعية الوطنية الفلسطينية الحقيقية المقاومة بالاضافة لعجز فصائل المقاومة  ؟؟

وخاصة ان سلطة معازل اوسلو في الحكم الذاتي المحدود سخرت كل امكانياتها وطاقاتها الامنية لحماية المستعمرات وقطعان المستوطنيين لتحول دون وصول الشباب المنتفض الغاضب لخطوط التماس مع الجيش الصهيوني ونقاطه الامنية بموجت التنسيق الامني مع سلطات الاحتلال الصهيوني بالرغم من الدعوات التي اطلقتها فصائل وشخصيات وقرارات ما يسمى المجلس المركزي لالغائه ولغاء اتفاقيات اوسلو وملاحقها الاقتصادية والامنية التصفوية المذلة بعد استمرار الرهان على المفاوضات العبثية مع مجرمي الحرب الصهاينة من قبل الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس واركان سلطته ومؤسساتها التي اكل الدهر عليها وشرب وهرمت في السلطة ومنظمة التحرير وتقادم عليها الزمن واصبحت بموجب القوانين والدساتير فاقدة للشرعية الوطنية والشعبية الفلسطينية لكنها مصرة على تقديم التنازلات المجانية واستجداء المفاوضات العبثية  حتى اخر فلسطيني واخر منزل واخر شجرة زيتون معمرة منذ الاف السنين  .

وفي نفس السياق لا بد ان نقر ونعترف ان الوضع العربي المنهار في ظل وجود معظم الانظمة العربية المتصهينة التي تتسابق للتطبيع مع مجرمي الحرب الصهاينة واقامة العلاقات والتنسيق الامني بالاضافة للضغط على سلطة معازل اوسلو ومحاولة إبتزاها لتقديم المزيد من التنازلات للعدو الصهيوني بعد التعديلات على ما يسمى المبادرة العربية المتصهينة والتدخل المباشر في الشؤون الداخلية الفلسطينية بشكل فظ لتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني .

لكن شعبنا الفلسطيني على امتداد الاراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها مصراً على الصمود والمقاومة بكل الاشكال والوسائل الكفاحية وفي مقدمتها الكفاح الشعبي المسلح والعمليات الاستشهادية لمواجهة كل اشكال الاحتلال والتهويد والاستيطان بالرغم من الامكانيات المتواضعة وفقدان الحاضنة الوطنية الفلسطينية والعربية والاسلامية المقاومة لدعم ومساندة هذا الحراك حتى يتحول الى انتفاضة شعبية ثالثة تزلزل الارض تحت اقدام الاحتلال .

وبالرغم من العوائق والمشكلات الكبرى التي تعترض الحراك الشبابي الفلسطيني منذ عام مضى لكن هؤولاء الشباب لا يحتاجون الى اساتذه لتوجيههم من بعيد والتنظير عليهم لادارة الصراع مع العدو لانهم الاقدر على تشخيص الواقع والتعامل مع المعطيات بما يتناسب مع الحدث على ارض الواقع بدءا من تنظيم انفسهم ووضع البرامج الكفاحية اليومية لمواجهة العدو المحتل واختيار القيادات الميدانية والتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي لفضح جرائم الاحتلال بحق ابناء شعبنا في كل مدينة وحي وقرية ومخيم .

لا شك ان الامكانيات المحدود التي تم استخدامها في مواجهة سلطات الاحتلال الصهيوني والتي خلفت صدمة قوية للقيادات السياسية والامنية والعسكرية الصهيونية استطاع الحراك الشعبي الفلسطيني اعادة توجيه البوصلة الى القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني العادلة بالرغم من الحريق الذي يجتاح المنطقة واكدت للعدو قبل الصديق والشقيق أن المساس بالقدس و مقدساتها الاسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الاقصى خط احمر لن نسمح بتجاوزه او تمريره مهما بلغت التضحيات الجسام .

ثانياً : لقد وضعت الحراك الشعبي حداً ملموساً لعربدة قطعان المستوطنين وعدوانهم على مدننا وقرانا ومخيماتنا وحول قطعان المستوطنين وجنودهم لجرذان يختبئون خلف جدرانهم ليفقدوا الامن والامان على حياتهم بعدما فقدوا الثقة بجيش الاحتلال الصهيوني واجهزته الامنية المذعورة والتي تعيش نفس حالة الرعب من حملة السكاكين او سائقي السيارات الداهسة او من رجال يمتشقون السلاح وضح النهار ليصطادوا الجنود والمستوطنين كما حصل من قناص الخليل الذي ارعبهم بقوة بالرغم من الاجراءات والقرارات العنصرية الصهيونية التي اكدت على تصفية كل من يشتبه به يحمل سكينا او يحاول دهس جندي او مستوطن .

ثالثا : لقد وحد الحراك الشعبي جماهير شعبنا الفلسطيني خلف الشبان والصبايا المنتفضين لتؤكد للعالم اجمع ان تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني لا يمكن تمريره مهما كان جبروت الاحتلال وقوته ومهما تمادت سلطة معازل اوسلو ورمزها من المفرطين المستسلمين الذين ما زالوا يراهنون على المفاوضات العبثية في ظل التنسيق الامني مع مجرمي الحرب الصهاينة بالرغم من شلال الدم الفلسطيني النازف بعد عام على الحراك الشعبي في فلسطين المحتلة .

رابعا : لقد شكل الحراك الشعبي الفلسطيني كابوساً ارعب سلطات الاحتلال الصهيوني وقطعان المستوطنين وانعكست تداعياته بشكل سلبي على الاقتصاد الصهيوني والسياحة .

وهذا ما يؤكد الفشل الذريع لاجهزتهم الاستخباراتية التي فشلت في اجهاض هذا الحراك منذ بداية التحرك كما فشلت قيادات الجيش الصهيوني في استخدام الوسائل الممكنة لتصفيته واطفاء جذوته الوقادة لانه بالاساس بدأ بتحرك شبابي اعتقد مجرمي الحرب الصهاينة ان هذا الشباب لم يكن له علاقة بالوطن او الهوية الوطنية لانه يهتم اكثر باساليب التطور العصري لكن اوهامهم سرعان ما تبددت بعد المواجهات العنيفة مع هذا الشباب الفلسطيني المقاوم الذي حول هذا التحرك الى حراك وطني بمشاركة كل الشرائح الوطنية وفعالياتها الوطنية ومنها كوادر واعضاء في الفصائل ولكن دون قرار من قياداتها لتوجهة صفعة قوية لمجرمي الحرب الصهاينة .

مع العلم ان هذا الحراك خفت فعالياته في مواجهة الاحتلال الصهيوني بعد ستة اشهر من انطلاقته في القدس المحتلة بعد شراسة سلطات الاحتلال الصهيوني بالتعاون مع اجهزة سلطة اوسلو الامنية التي خططت لملاحقة ومطاردة الناشطين بفعالياته وفي مقدمتهم الشباب والصبايا وتكثيف عمليات الاعتقال واطلاق النار على البعض الاخر بشكل مباشر على الحواجز الصهيونية بحجة محاولة تنفيذ عمليات طعن للجنود الصهاينة او دهس وخاصة ان هذا الحراك لم يكن منظما بالشكل الصحيح ويفتقد للقيادات الميدانية الموحدة والبرامج الوطنية في سياق استراتيجية مواجهة سلطات الاحتلال الصهيوني وخاصة في ظل الانقسام الفلسطيني والعربي وخاصة بعد هرولة معظم الانظمة العربية المتصهينة وفي مقدمتهم رئيس سلطة معازل اوسلو المنتهية ولايته محمود عباس والنظام الوهابي السعودي ومشيخات الخليج وغيرها مما انعكس بشكل سلبي على الحراك الوطني الفلسطيني بشكل خاص وعلى المسيرة الوطنية الفلسطينية بشكل عام.

وبالرغم من المشهد السوداوي بعد عام على الحراك الشعبي الفلسطيني المقاوم قال الشباب كلمتهم الفصل في مواجهة العدو الصهيوني المحتل بشكل رئيسي وسلطة معازل اوسلو وكل المراهنين على المفاوضات العبثية والتطبيع مع العدو الصهيوني إنطلاقا من معادلة ان الهزائم قد ولت الى غير رجعة كما قال سيد المقاومة المنتصرة في لبنان سماحة السيد حسن نصر الله وبدأ زمن انتصارات المقاومة .

akramobeid@hotmail.com

اترك تعليقاً