الأرشيفعربي وعالمي

الحلول محل الله! لا بد من محاكمات شعبية: عادل سماره

ما أن يسيل دم شهيد حتى تضطرم عواطفنا ويجيش غضبنا بهذا القدر أو ذاك ولهذا المدى أو ذاك وعلى هذا الاتساع أو ذاك، لكن ما يبقى متواصلاً بل ويجب أن يبقى كذلك هو فعل العقل والإحاطة بمجمل الحدث وتثميره حتى أقصاه.
لكن حتى في هذا الحدث الجَلَلْ بل لمواهة هذا الحدث تبرز فئة تُحِلُّ نفسها محل الله وتضرب بسيف الفتنة.
وهذا أحد الأمور الهامة التي حصلت وكان إغفالها أو التغاضي المقصود عنها عامل فقدان البوصلة هنا أو هناك، وفقدان البوصلة متاهةً تقصم ظهر النصر .
أثار قتل شيرين ابو عاقلة جدالاً لا ينتهي، وأقلًّه جريمة الاحتلال الذي وُجد لقتل شعب وأغار على مخي!َم ومدينة جنين لمواصلة القتل وكانت شيرين وكان كثيرون/ات. فلندع إدانة العدو ومحاججاته له ولأهله.
لا أجادل هنا في الشهادة، فلست أنا من يمنح العالية والشريفة شرفاً من عندي، بل لا أحد يملك منح هذا اللقب المهيب سوى الوطن. والمشكلة أن الوطن لا ينطق! ولذا، ما أكثر من خُلع عليهم/ن هذا اللقب مما هشّم وجه هذا اللقب وأدماه واستباحه وأفرغه من مضمونه.
جدالي في هذه اللحظة، وتحديداً فيما يخص أهل الفتنة الذين يُفتون باسم الله ،ينحصر في سؤالين:
الأول: من نحن في هذا العالم؟
والثاني: مَنْ هم بيننا؟
فيما يخص السؤال الأول،
الإجابة: نحن في القاع ولا فخر.
• حتى اللحظة يسيطر على هذا العالم: الغرب الراسمالي الموحَّد في البلد الواحد وفي مجموعه: اي المسيحي من أية طائفة والشيوعي والفوضوي والإباحي وما بعد الحداثي والعلماني واللاديني والشوفيني والقومي، وأيضا الياباني والكوري الجنوبي وهم بلا أديان سماوية. ولأنه مسيطر ولصٌ وقاتل وناهب تخرج عليه فئة منه ترفضه لأنها تؤمن بالإنسان. لكن حين يَجدُّ الجَد تُمنع هذه الفئة من القول فما بالك بالعمل.
• مؤشرات تغير اللحظة تؤكد أن من سيحل محل الغرب صينيون وهنود، بلا دين سماوي وروسيين بمن فيهم من مسيحيين وخاصة أرثوكس، وطبعاً مسلمين وقوميين وشيوعيين…الخ، ولا يخرج على هذا الإجماع سوى فئة محدودة ترتبط بالغرب والكيان مما يحيمها تماماً لكنها منبوذة.
والثاني: أي “منْ هم بيننا” ودون تفصيل، نحن لسنا على قمة العالم ولا في وضع متوسط ولن نكون هكذا حتى وقت قريب وربما بعيد. ومع ذلك حين يلمع نجم فينا يهبُّ بعضنا لإطفائه.
قد يجادل البعض: ولِمَ تُعِرْ هذا البعض بالاً؟
لكن، ايها السادة المسألة ليست في العدد بل في الأذى.
بيننا من رفض مجرد الترحُّم على الضحية ورفض مجرد الاستغفار لها، فما بالك بالقول أنها شهيدة!
تظهر أشد ما تظهر خطورة هذا الضخ في لحظة ارتفاع المنسوب النضالي! فلصالح منْ يتم هذا؟
هذا من جهة، ومن جهة ثانية، خطاب هؤلاء هو خطاب كفر حقيقي لأنهم يُنصِّبون أنفسهم مكان الله نفسه، وبالطبع لن يُضيرونه في شيء، ولكن يطعنون الصف في يوم الزحف!
يَحِلون محل الله! قد يبدو هذا القول ثقيلاً،
ولكن: حين تكون الأمة والعالم في أعلى لحظات الغضب والتضامن ضد العدو القاتل، وأقصد في هذا الحدث اي قتل شيرين ابو عاقلة، تخرج فئة تُكِّفر مجرد الترحُّم عليها أو الاستغفار لها!
أوَّل ما يجب البحث فيه في هذه الحالة هو: من وراء هؤلاء؟
قد يقول البعض هؤلاء بسطاء وسُذَّج.
بعضهم نعم، ولكن من الذي وراء معلِّميهم؟
بداية، من قال أن طلب الرحمة لأحد أو طلب الاستغفار له هو شأن الفرد؟ ومن قال أن الله سوف يسمع لهذا ولو كان الله ليسمع كل ما يُطلب لما مرض ولا مات ولا افتقر ً ولا اغتنى أي بشر…الخ. كيف لا؟ أليس كل إنسان بعمله!
فطلب منع الترحُّم والاستغفار هو إحلال المرء لنفسه محل الله وبالتالي توهمه أن من حقه إصدار حكم!
لذا، أعتقد أن محاكمة وطنية ثقافية وشعبية لرؤوس هؤلاء أمر لا بد منه.
محاكمة اساسها:
• أنت تُحل نفسك محل الله؟
• وأنت تتولى يوم الزحف لأنك تعيق وتعرقل فوران الشعب ضد القاتل أي تمارس الفتنة في لحظة الحضور الشعبي العالي.
• وأنت في التحليل الأخير تخدم العدو.
لا أقول تخيلوا، بل سيحدث أن يترجم العدو اقوال هؤلاء في دعايته الدولية لتبدو صورتتنا متخلفة بغيضة نكره ونقتل بعضنا بعضاً، فهل نستحق التضامن؟ وليظهر العدو بمظهر حضاري حيث فيه يتآلف الشوفيني والشيوعي والفوضوي والمابعد حداثي والعلماني والملحد.
بينما نحن نُطعن حتى في أنقى لحظات المواجهة والنضال!
لا يكفي أن نكتب ضد هؤلاء، بل لا بد من مواجهتهم بالحجة والخطاب بمحاكمة عقلية وثقافية ووطنية.
لقد تقاعسنا عن محاكمة باعة الأراضي سواء في فلسطين المحتلة أو الإمارات او مصر او السعودية أو سوريا أو المغرب أو العراق أو اي قطر عربي آخر، فظهر من يعتبر شعبنا هو الذي يحتل ، وظهر من يقاتل لصالح الاحتلال التركي لسوريا.
وتقاعسنا عن التطبيع، فصار التطبيع بأنياب واسلحة وفي موضع الهجوم وبرز من يهتفون لدولة مع المستوطنين ويُحاكموننا.
المفارقة المهولة أن بين هؤلاء من قد يناضل وبجدارة، لكن ما الذي يقوده ليقبلني بعد ذلك؟ كيف أطمئن بأنه لن يقتلني طالما أخالف “عبقريته”؟ هل يمكن لنضال أن ينتصر وكل واحد حذر من الآخر كحذره من العدو!!!فهل من شك أننا بهؤلاء سنبقى خلف الأمم؟
ترى من هو المؤمن، والدة شهداء كانت تبحث هي وشيرين عن جثث ابنائها في اجتياح جنين، أم دُعاة الفتنة والقتل!
 
ملاحظة: لست متأكداً، لكنني لم اشاهد في جنازة شيرين ابو عاقلة أية عمامة! آمل أن أكون مخطئاً.

من داخله…”شيلوا النعش يا شباب” – عادل سماره

حين يكون السياسي والجندي والطالب والأكاديمي تماماً كبعضهم متراكمين عنصرياً، فالنموذج إنتحاري والنموج هو الكيان.
في الكيان حتى الشباب على يمين السياسيين الذين هم في أقصى اليمينية بخلاف مختلف بلدان العالم، والضابط يأمر الجندي بخطف نعش الشهيدة والجندي يحاول! ولم يفلح.
كيان يتم تسييره روبوطياً عاجز عن لحظة تفكير لأنه يرى في التفكير خلخلة لعقيدة لا تقوى أمام النور، يرى تنفيساً لعقيدة التفوق المزعوم، فكيف حين تكن في النعش فلسطينية.
بعض الكيان أخذ يدرك أننا لسنا الذين تخيلوهم، وبكلام شعبي: “خشَّتْ عيننا فيهم”
فحين يتصدى الشباب الأعزل للجندي المدجج تكن الصورة قد اختلفت.
حاوَلوا إنزال النعش وكادوا، وكأنها صاحت بهم: ” شيلوه يا شباب” فشالوه، كل منهم يحمل النعش بيد ويقي راسه هراوات العدو بيده الأخرى. هراوات الجيش الذي ؟لا يُقهر”
شيلوا يا شباب! عبارة في التراث الشعبي حينما يرحل عظيم تقل النسوة وهن وراء النعش “شيلوا يا قرايبوا ليش ذلّيتوا”.
لم يذل الشباب واعتلى النعش من الأكتاف إلى الأكف.
وحده الكيان الذي يتلذذ باختطاف جثامين الشهداء متلذذاً بتعذيب الأمهات والزوجات والأطفال والشعب كله.
لم يسقط النعش، كما لم تسقط الراية من يد جعفر الطيار ، وحين قُطعت يده الأخرى إستل الله سيفه، خالد بن الوليد.
ملاحظة: يوم 21 نيسان 1963 ونحن في مظاهرة ضم الأردن للوحدة الثلاثية المصرية السورية العراقية، حاصَرَنا جيش النظام الأردني على ميدان المنارة/رام الله محاولاً أخذ العلم ذي الأربع نجوم. تحلَّقنا خمسة على مصطفى سلامه حامل الراية وحُلْنا دون الجيش، حميناه رغم الهراوات. وهكذا لم يسقط نعش شيرين، واعتلت.