عربي وعالمي

الحل العادل يتطلب قيام (إسرائيل) بحزم حقائبها – د. غازي حسين

الحل العادل يتطلب قيام (إسرائيل) بحزم حقائبها والعودة إلى المكان الذي جاءت منه إلى أوروبا

 بيّن فوز الفاشي نتنياهو وحزبه الليكود وأحزاب اليمين المتطرف من دعاة «أرض إسرائيل الكاملة طبيعة إسرائيل» ككيان استعمار استيطاني عنصري وإرهابي وكمركز للدول الاستعمارية والصهيونية العالمية معاد لحقوق ومصالح الشعب الفلسطيني المشروعة والعادلة وبقية شعوب الشرق الأوسط لتمرير الحل الصهيوني لقضية فلسطين القضية المركزية للعرب والمسلمين وإنهاء الصراع العربي الصهيوني وإقامة تحالف جديد بين آل سعود وبقية الممالك والآمارات التي أوجدتها بريطانيا وتحميها أمريكا وترضى عنها اليهودية العالمية.

ويعمل الفاشي نتنياهو على إجبار معظم الحكومات العربية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بواسطة «السلام المسلح» الاعتراف بالأمر الواقع الناتج عن استخدام القوة والاعتراف بالحق التاريخي المزعوم لليهود في فلسطين، وبأنها أرض التوراة وأرض الميعاد ودولة جميع اليهود في العالم وبإشعال الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية (الفوضى الخلاقة) ودعم بعض المجموعات الإرهابية المسلح في سورية لتدمير وتفتيت البلدان العربية وإعادة تركيبها من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد لإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية.

وتصبح «إسرائيل» أكبر غيتو يهودي استعماري وعنصري وإرهابي في قلب الوطن العربي ومركز الاحتكارات اليهودية العالمية لتحقيق سيطرة اليهود على العالم.

ويعمل نتنياهو على فرض استسلام قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عن طريق دول الرباعية العربية والجامعة العربية باسم سلام القوة والسلام مقابل السلام والسلام الاقتصادي والتعايش مقابل التعايش وحتى رفض صيغة الأرض مقابل السلام التي طرحها حزب العمل الإسرائيلي وتبنتها الممالك والإمارات العربية وانعقد مؤتمر مدريد في نهاية عام 1991 على أساسها.

إن الصراع مع «إسرائيل» صراع وجود ومصير، وعلى الأمة مواجهته ورفض الاستسلام للعدو ومخططاته ومشاريع الصلح والاعتراف والتفاوض والتعايش معه، وعلى أبناء الأمة الشرفاء التمسك بوحدتها وتحررها وحقوقها وهويتها وثوابتها القومية وبمشروعها النهضوي الوطني والقومي المقاوم.

ويختلف الصراع العربي الصهيوني عن كل الصراعات في العالم، لأنه صراع حول مصير الوطن وليس صراعاً أيديولوجياً كالصراع بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الذي استشهد به نتنياهو وشبهه بالصراع العربي الإسرائيلي وليس أيضاً صراعاً سياسياً أو طائفياً أو دينياً وإنما صراع حول الوطن الفلسطيني، الذي لا يجوز فيه للقيادة الفلسطينية أو مؤتمرات القمة العربية والمبادرات السعودية التنازل عن ذرة واحدة من تراب الوطن. فالاستعمار البريطاني والمستعمرون اليهود خططوا في تقرير كامبل واتفاقية سايكس ـــ بيكو ووعد بلفور المشؤوم ومؤتمر فرساي والمؤتمر الصهيوني الأول في بازل بتهجير يهود العالم إلى فلسطين وترحيل الفلسطينيين منها باستخدام القوة معزوفتي الهولوكوست النازي واللا سامية لحل المسألة اليهودية في أوروبا وإقامة «إسرائيل» في فلسطين العربية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والقومية.

جاءت إسرائيل من وراء البحار، فهي غريبة عن المنطقة دخيلة عليها وعدوة لشعوبها ونشرت الإرهاب والحروب العدوانية والمجازر الجماعية وارتكبت جرائم ضد السلام وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقامت بجريمة التطهير العرقي والنكبة المستمرة لتهويد فلسطين كل فلسطين الجزء الجنوبي من سورية وقلب الوطن العربي وتهويد القدس بشطريها المحتلين مدينة الإسراء والمعراج وأولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وضمتها وأعلنتها عاصمتها الموحدة والأبدية متحدية حقوق ومشاعر مليار ونصف المليار مسلم وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة والقانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949.

لقد قامت العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة حتى أيار 1948 بتهجير 418 قرية لإقامة إسرائيل على أنقاضها وتهجير الفلسطينيين من حيفا وعكا ويافا واللد والرملة بعد ارتكاب 74 مجزرة شبيهة بمجزرة دير ياسين الوحشية. وتمنع «إسرائيل» حتى اليوم عن كشف الإبادة الجماعية التي ارتكبتها لتهجير الشعب الفلسطيني في عامي 1948 و1949.

بدأت عملية توطين اليهود في الأراضي المهجّرة في صيف 1948. وابتلعت تل أبيب القرى المجاورة لها وأولها القرية التي ولدت بها قرية سلمة (حي سلمة في تل أبيب حالياً) والخيرية وساكية وكفر عانة والعباسية ومطار اللد. وأطلقت عليه اسم مطار تل أبيب. ودمّر المستعمرون اليهود البيارات والمزارع والبساتين التي تركها اللاجئون الفلسطينيون لأسباب سياسية ومالية.

وأقامت إسرائيل على أنقاض القرى الفلسطينية المهجرة بين 1948 و1953 حوالي 350 مستعمرة يهودية من أصل 370. وكانت القوات الإسرائيلية الغازية قد دمرت العديد من القرى المهجرة كلياً أو جزئياً حتى عام 1949 بذريعة الحاجات العسكرية ولأسباب سياسية واقتصادية. ودمرت في خريف 1948 حوالي (70) قرية شمال فلسطين بحجة تأمين الحدود مع سورية ولبنان. وأسرعت في تدمير القرى في الجليل لمنع عودة اللاجئين إليها تنفيذاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194، والذي أكدت عليه الأمم المتحدة 135 في قراراتها حتى اتفاق الإذعان في أوسلو. وسرّعت إسرائيل في تدمير ما تبقى من القرى الفلسطينية تلبية لطلب المستعمرين اليهود للاستيلاء عليها ومنع سكانها العرب من العودة إليها.

وتابعت إسرائيل تدمير القرى الفلسطينية في الستينيات من القرن الماضي بذريعة أن   منظر القرى يثير الاشمئزاز ومشاعر الاكتئاب لدى السياح. فأزالتها إسرائيل من الوجود. وبلغ عدد المساجد التي دمرتها إسرائيل داخلها حوالي (300) مسجد. وأكد الباحث الإسرائيلي ميرون بنفنستي أنه لم يبق إلاَّ (40) مسجداً بعد هدم القرى يُستخدم بعضها كشقق سكنية أو حظائر للحيوانات أو متاحف وبارات وأندية ليلية. وتم تحويل بعضها إلى معابد يهودية، وأزيلت الأسماء العربية عن القرى والأماكن في فلسطين تحقيقاً لقرار بن غوريون مؤسس «إسرائيل».

وشكلت هزيمة الجيوش العربية في حرب حزيران العدوانية عام 1967 تحولاً خطيراً في قضية فلسطين حيث تخلى الحكام العرب عن تحريرها في قمة الخرطوم وقرروا فقط إزالة آثار الهزيمة أي استرجاع الأراضي العربية المحتلة في حرب حزيران العدوانية والتخلي عن فلسطين التاريخية. وزعم نتنياهو مثله مثل دهاقنة الاستعمار الاستيطاني المنقرض من العالم وقال في كتابه الايديولوجيا والسياسات «فإنكار حق الشعب اليهودي في العيش في وطنه الوحيد (المزعوم) كان الأصل الحقيقي للصراع العربي ـــ الإسرائيلي» وطالب من الفلسطينيين التخلص من مقارنة الغزو الصهيوني بالغزو الصليبي الصهيوني الجديد.

إن الإسرائيليين هم الصليبيون الجدد في فلسطين قلب الوطن العربي، حيث أثبت علماء الآثار اليهود ومنهم فنكلشتاين أنه لا يوجد أي أثر تاريخي لليهود وللأسماء والأماكن الواردة في التوراة في القدس أو في أي مكان في فلسطين. وثبت بجلاء أنهم أسوأ من الصليبين وأسوأ بني البشر على الإطلاق، لأنهم طردوا الشعب العربي الفلسطيني الأعزل والمجرد من السلاح من وطنه فلسطين ومارسوا التطهير العرقي والإبادة الجماعية تجاه، ونهبوا أراضيه وممتلكاته ويعرقلون تطوره وتقدمه ويمنعون اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم تطبيقاً لمبادئ القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.

إن اليهود الاشكناز غير المتدينين الذين قدموا من أوروبا وبدعم من الدول الغربية الاستعمارية وتواطؤ بعض الأمراء والملوك العرب هم الذين أقاموا إسرائيل بقوة السلاح والمجازر الجماعية وبالمبالغة في معزوفتي اللا سامية والهولوكوست النازي.

فالحل القانوني والإنساني والعادل يتطلب قيام «إسرائيل» بحزم حقائبها والعودة إلى المكان الذي أتت منه وهو أوروبا، لأننا نرفض رفضاً قاطعاً حل المسألة الأوروبية التي سببها الأوروبيون ضد مواطنيهم اليهود، ولأن إسرائيل غدة سرطانية خبيثة في جسد الأمة ولكي يسود السلام والاستقرار والتطور والازدهار في منطقة الشرق الأوسط.

 د. غازي حسين*

اترك تعليقاً