وقفة عز

الحل يكمن بتعريب الكنيسة الأرثوذوكسية في القدس

 كي تستطيع الدفاع عن المظلومين

نضال حمد

2005-03-25

 من جديد يقف الأب الارشميندنت عطالله حنا على خط التماس الأول مدافعا عن عروبة الكنيسة الأرثوذكسية في الشرق، حيث هناك من يحاول اغتصابها وتغريبها وإبعادها عن مكانها الطبيعي. فما التصرفات المعيبة للبطريركية في ظل حكم ايرينيوس الأول سوى مشهد مخزي من مشاهد الحالة التي وصلت إليها الكنيسة في زمن سوق النخاسة الذي أصبح سوقا لكل من يبيع ويشتري العرب.

 البطريرك اليوناني الأصل والذي يقوم بدور السمسار وتاجر الأراضي المقدسة في القدس العربية المحتلة عبر مجموعة من الفاسدين والتجار والمشبوهين، ليس سوى حلقة من حلقات المشروع الصهيوني الاستيطاني أو تكملة من تكملات المشروع الاستعماري الاستئصالي. وهذا البطريرك القادم من أوروبا أصبح مثل عامل أو خادم للوكالة الصهيونية التي مهمتها الأساسية شراء أو سرقة الأراضي العربية.

بما أن مواقف الأب الدكتور عطالله كانت مواقف قومية ووطنية تعبر عن عمق انتماء تلك الطائفة المسيحية للشعب الفلسطيني وللأمة العربية وعن رفضها للاحتلال والاستيطان والإرهاب، قام البعض بفرض نهج أرينيوس الأول على الطائفة وبالانقلاب على أهل البيت الفلسطيني، محاولين طرد الأب عطالله والسيطرة على الكنيسة وتصفيتها وبيع أملاكها تدريجياً للوكالة اليهودية الصهيونية.

 حرص هؤلاء المدعومين من جهاز الشاباك الصهيوني على مضايقة الأب عطالله والتحرش به والاعتداء عليه جسدياً. وقد وجهوا له التهديدات سابقا وها هم يوجهونها لاحقاً، لكن الأب المناضل الذي يمسك على الجمر ويتمسك بالحق والحقوق وبالشرعية التي تعود للأرض والمكان والانتماء في قيادة الكنيسة والأتباع لن يستسلم للرياح الملوثة بالإشعاع الموسادي الصهيوني. ولن يسلم لأنه تلقى تهديدات بالتصفية، وسوف يتابع سيره على درب الآلام الفلسطيني تيمناً بالسيد المسيح، جمل المحامل الذي حمل خطايا البشر وأشباه البشر. سوف يتابع الأب عطالله حنا درب السلام الفلسطيني المغمس بالتضحيات والمقاومة ضد العدوان والاحتلال والاستيطان والسلب والنهب والقتل والتدمير والمصادرة. وسوف يظل يطالب بإقالة البطريرك أرينيوس الأول لأن الأخير يعتبر بمثابة رمز الفشل الكنسي وعنوان اللا عدالة والتواطؤ والانحلال في عالم المادة والاحتلال وعنوان السرقة واللصوصية وتسريب ةبيع أملاك كنيستنا الفلسطينية للصهاينة.

إن صفقة بيع ممتلكات الكنيسة الأرثوذكسية في القدس الشرقية لجماعات يهودية سوف تظل وصمة عار تلاحق الذين قاموا بها وخططوا لها.

يقال أن  وجود البطريريك اليوناني الأصل ارينيوس الأول على رأس الكنيسة في فلسطين يسيء للعلاقات التاريخية الممتازة بين فلسطين واليونان، حيث أنه متهم بالوقوف وراء بيع وتصفية ممتلكات الكنيسة الأرثوذوكسية في فلسطين. ويعتبر ارينيوس الأول في عداد المعادين لعروبة الكنيسة. ويتهمه البعض بممارسة مهمته في الكنيسة على أبشع وجه، وبأنه يقدم خدمات جليلة للصهيونية العالمية وللاحتلال الذي يقوم باستيطان وتهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورغم نفيه للأنباء التي تحدثت عن دوره في الصفقة المؤامرة في بيع ممتلكات الكنيسة في باب الخليل للصهاينة، إلا أنه يبقى المتهم الأول لأنه ومنذ توليه البطريركية باشر حملة إبعاد الكنيسة الأرثوذوكسية عن جسدها العربي ووطنها الفلسطيني الأم.

 هذا وكانت صحيفة “معاريف” ذكرت في يوم الجمعة الماضي أن مجموعتين من المستثمرين اليهود في الخارج قامتا بشراء عقارات تعود للكنيسة في ساحة باب الخليل (ميدان عمر الخطاب) وتشمل فندقين قديمين، “البتراء” و “امبريال” وعدة حوانيت.

كما وذكرت الصحيفة أن النبأ يقول ان من باع العقارات كان شابا يونانيا اسمه نيكولاس بباديميس حيث حصل من البطريرك على توكيل من أجل إتمام الصفقة. وسارع ارينيوس الأول لإصدار بيان نفي وتهديد لكل من اتهمه بالوقوف وراء الصفقة السوداء. لكن رغم هذا النفي فان للرجل تاريخ حافل بالعدوانية اتجاه الأب عطالله حنا رمز الكنيسة الأرثوذوكسية في فلسطين وبيت المقدس، وقد يكون ارينيوس يخوض حربه على أساس الصراع بين الشرق والغرب للسيطرة على الكنيسة، ومن هنا تجيء الصفقات المشبوهة في بيع الأراضي أو تأجيرها للصهاينة.

 خرج المجلس التشريعي الفلسطيني في جلسته الخاصة والتي عقدت لمناقشة قضية بيع ممتلكات في القدس بقرارات توصي بسحب الاعتراف بالبطريرك ايرينيوس الأول وتعريب الكنيسة الأرثوذكسية، وأعتبر أيضاً أن الصفقة باطلة شرعاً مطالبا الحكومة اليونانية بالعمل على إلغائها رسمياً. وبهذا القرار الشجاع والذي كان من المفترض ان يؤخذ منذ فترة طويلة يكون المجلس التشريعي سجل موقفاً موفقاً من تحويل البطريركية إلى فرع للوكالة اليهودية.

 ان الكنائس المسيحية في القدس هي نتاج للديانة التي خرجت من أرض فلسطين وكان من الطبيعي أن يكون على رأسها أهل البيت الفلسطيني من القادة الروحانيين العرب وبالذات الفلسطينيين. لكن هذا الشيء ظل صعباً في الكنيسة الأرثوذوكسية حيث يواصل أهل اليونان أو ” اليواننة” بحسب فلسفة جورج بوش الابن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، سيطرتهم عليها. ورغم ان الأرض فلسطينية والكنائس مقامة على أراضي فلسطين والقداسة تعود للمكان إلا أن هناك من يواصل تحديه للواقع.

هذا وتعتبر البطريركية اليونانية الأرثوذكسية من أقدم الكنائس وأكثرها ثراءا في فلسطين ولديها أملاك ضخمة وعقارات هائلة في فلسطين والأردن والدول العربية المجاورة.

يقال أن للبطريرك اليوناني صلاحيات ضخمة ولا يستطيع أحد القفز فوقه وأن المجمع الكنسي المقدس لا يملك الكثير من الصلاحيات لمحاسبته أو فرض قيود على تصرفاته. أما المجمع الكنسي المقدس فيتألف من 17 عضوا كلهم من الأساقفة اليونانيين. وتعتبر الكنيسة اليونانية بمثابة بؤرة فساد كبيرة يسبح فيها الأساقفة ومن لف لفهم، وقد ظهرت تلك الأمور بحدة بعد وفاة البطريريك السابق ثيودوروس سنة 2000.

 

  بحسب أحد الكتاب الإسرائيليين فإن : ” ايرينيوس الأول الذي انتخب في نهاية المطاف، استعان في معركته الانتخابية بمواطن يوناني يدعى ابوستولوسي وافيليس حيث اتضح مع الوقت أنه محتال يحمل عدة هويات وكان مسجونا في السابق على خلفية الإتجار بالمخدرات. اسم وافيليس، المطلوب من قبل الانتربول اليوم أيضا، كان في الأسابيع الأخيرة في مركز عاصفة سياسية كبرى في اليونان بعد أن تبين أن له علاقات مع الحبر كريستودولوس، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في اليونان الذي يعتبر من الأشخاص الأقوياء في اليونان. ما تبين من المعلومات الواردة هو أن كريستودولوس هو الذي أرسل النصاب وافيليس الى القدس لمساعدة ايرينيوس في الحملة الانتخابية. وسائل الاعلام اليونانية تناولت القضية بصورة موسعة ونشرت أن وافيليس الذي كان متزوجا من اسرائيلية، ربما يكون عميلا للموساد وأن له صلات مع وزارة الدفاع الإسرائيلية وأنه قام ببيع عتاد عسكري إسرائيلي للشرطة اليونانية.” …

 إن بقاء أو ذهاب أرينيوس الأول ليس الحل الوحيد لأزمة الكنيسة الأرثوذوكسية فالحل الأنسب والأمتن والأفضل يكمن في تعريب الكنيسة والنأي بها عن الاحتلال والفساد والتبعية. عبر فلسطنتها نسبة لمكانها وتعريبها نسبة لمنطقتها، هذا ولكي تكون منبرا للدفاع عن المظلومين في فلسطين المحتلة وممراً ودرباً آمناً لهم بالرغم من الآلام اليومية التي يعانون منها بسبب الاحتلال والإرهاب والاستيطان.