الأرشيفوقفة عز

الدكتور خير الدين حسيب – نضال حمد

في الثالث عشر من الشهر الجاري، شهر اللوز والأرض والشهداء بالتوقيت الفدائي الفلسطيني، شهر آذار  بالتوقيت المتعارف عليه، ترك عالمنا ومضى الى العالم الآخر، المناضل العراقي الكبير والمفكّر العربي والقومي والتقدمي الدكتور خير الدين حسيب. الذي عرفناه من خلال كتاباته ومركز دراسات الوحدة العربيّة ومجلة المستقبل العربية، كذلك من خلال مشاركته في تأسيس المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي.

يعتبر د خيرالدين حسيب واحداً من مناضلي أمتنا الصادقين، وواحداً من أخيارها وأحرارها الشرفاء، الأعزاء، الذين ما تراجعوا ولا انحرفوا ولا حادوا عن درب الأمة وفي المقدمة منها درب التحرير والعودة الى فلسطين، قضية كل عربي حقيقي وحر وشريف في هذا العالم الشاسع.

بقي ممسكاً بجمر الثوابت العربية متحملاً النيران والحرائق، ممتنعاً، رافضاً مقاوماً، مثقفاً مشتبكاً، مناضلاً بالعقل والوعي والايمان والمعرفة، بالعلم والاضطلاع وعن تجربة. لم تنفع كل محاولات حرقه وتدميره أو تطويعه خاصة من قبل الرجعيات العربية، فأموال النفط والغاز التي تمكنت خلال السنوات الماضية من تطويع وتركيع واذلال واسقاط وتدجين كثيرين من أولائك، من الذين يَدَعوون أنهم كُتاب وأدباء ومثقفين وسياسيين ومفكرين، لم تتمكن منه، بالرغم من أن بازار عواصم الغاز والنفط والحريم والحرام والتطبيع والاستسلام يعج بهؤلاء المُدَجَنين المُتَساقِطين.

كل ذلك لم ينفع مع هذا الرجل الذي حمل مشعل الأمة انتماءا وفكراً وممارسة ونضالاً وأسلوب حياة. خير الدين حسيب الذي يحسب ألف حساب لأي خطأ بقي مؤمناً بالخط العروبي وظل مفكراً وملهماً وقائداً من قادته النجباء. لا أغرته المناصب ولا هو بحث عنها أو عن المكاسب. مع أنه الاقتصادي اللامع والبارع. أيضاً هو السياسي الذي لا يهادن ولا يخادع، بقيت ثوابت فلسطين والأمة العربية رايته وغايته.

كان من مؤسسي المؤتمر القومي العربي مطلع التسعينيات في القرن الفائت. وأسس أيضاً مركز دراسات الوحدة العربية، هذا المركز الذي ساهم في نشر المؤلفات العربية الجادة الملتزمة بثوابت الأمة. مؤلفات تتبنى نظرية الثقافة المقاومة، والنهضة العربية وصيانة التاريخ وحماية الهوية العربية. والثبات على خط المقاومة لاسترجاع فلسطين وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى فلسطين المحررة.

الى جنات الخلود يا دكتور خير الدين ونحن علينا الوفاء ومواصلة درب تحرير فلسطين والوطن العربي الكبير.

نشرت مجلة الهدف نبذة عن حياة الدكتور خيرالدين حسيب جاء فيها:

ولد الدكتور خير الدين حسيب في مدينة الموصل وتلقى علومه الابتدائية والثانوية في مدارسه والجامعية في جامعة بغداد، وبسبب تفوقه الدراسي نال منحة لدراسة المالية في جامعة كامبريدج البريطانية، حيث نال شهادة الدكتوراة ولعب دورا في قيادة الحركات الطلابية العربية، ليعود إلى بلاده مدرسا في جامعة بغداد عام 1963، ثم حاكما للبنك المركزي العراقي عام 1964، واخذ على عاتقه ارسال قرض ل مصر بعد حرب 1967.

– غادر العراق بعد سنوات وعمل مديراً لمنظمة الاسكوا، ثم عمل في أواسط السبعينيات مع كوكبة من الشخصيات العربية الوحدوية على تأسيس مركز دراسات الوحدة العربية، حيث أصر الدكتور خير الدين حسيب أن يبقى عاملاً طيلة الحرب اللبنانية يصدر الكتب ويعقد الندوات ويصدر مجلته الشهرية “المستقبل العربي” دون انقطاع.

– تقديرا لدوره الثقافي في لبنان وتوصية من الرئيس سليم الحص منحه الرئيس ميشيل سليمان الجنسية اللبنانية.

– خلال حصار العراق بعد عام 1990، كان له دور كبير من خلال الهيئات الشعبية العربية فجند أوسع الطاقات العربية والعالمية انتصاراً للعراق في الحصار ثم الحرب ثم الاحتلال، وفي دعم المقاومة العراقية، بالإضافة إلى دوره الملحوظ بدعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية حتى الرمق الأخير.

– لعب خير الدين دوراً مهماً في عدد من الملفات القومية، لاسيّما على مستوى العلاقات العربية – العربية، وخصوصاً في السعي لتحقيق لقاء بين سورية والعراق قبل الاحتلال، وكانت تربطه علاقات قوية بأبرز الزعماء العرب، لاسيّما الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي كان يعتبر أحد الشخصيات العربية المقربة إليه، وكذلك كانت له علاقات بالرئيس السوري حافظ الأسد، والرئيس العراقي صدام حسين، والرئيس الجزائري هواري بومدين والرئيس الليبي معمر القذافي، وحاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي وكان معروفاً بجرأته وصراحته في لقاءاته مع الزعماء كما في إطلالاته الإعلامية وتحركاته السياسية.

كما لعب دورًا رياديًا في وتأسيسيًا الحركة القومية العربية المعاصرة منذ سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم، وله في كل قطر عربي مكانة وعلاقات وصداقات، وله في كل مجال من مجالات الحياة العربية حيز بارز.

14-3-2021

نضال حمد