الأرشيفثقافة وفن

الريشة – قصة صغيرة – رشاد أبوشاور

تخطر في بالي قصص قصيرة كثيرة، بعضها قصيرة وبعضها قصيرة جدا، مكثفة مشحونة، مُركزّة، كما لو أنها دواء كثيف مركّز.

أنا احتفظ بها لنفسي، غالبا، لأنني أتريث بعض الوقت في كتابتها لجمالها، ولرشاقتها ولأثيريتها، واستمتع بها، لا لأنها خطرت ببالي شخصيا، ولكن لأنني أحبها، بالأحرى أحببتها..وأحب (المزمزة) عليها.

خذ مثلا قصة (الريشة)، هذه القصة التي منحتني النشوة، وهي ليست بالضبط قصة سيرة ريشة، ولكنها عن لعب الريشة في النسمات الخفيفة، بحيث لا تدري إن كانت هي التي تلاعب تلك النسمات، أو أن النسمات تلاعبها..أو تتلاعب بها.

ولأن الريشة تلعب، تترنح برشاقة ودلال، ولأن النسمة تلعب معها، فقد غاب عن بالي لونها، أو ألوانها، ولهذا لبثت في نفسي،أو تفكيري، أو بالي، أو ما لست أدري حتى راحت. غابت مع النسمات الخفيفة الرشيقة.

شيء غريب! أن لا تستقر القصة في البال..أن تختفي برشاقة..وفجأة تخطر في البال، وكأنها تخفق مثل خفقات القلب، وتبقى فاحتفظ بها لنفسي.

ما أهمية أن أكتبها ليقرأها أشخاص يمرون عليها بنظرة خاطفة ويقلبون شفاههم مستغربين من هذا الكاتب الذي يكتب هكذا قصة عن..مجرّد ريشة!

وأسأل نفسي: أين مضت النسمات بتلك الريشة،الريشة التي طارت من جناح حمامة، دون أن تتنبه تلك الحمامة أنها انسلت بسلاسة من ريش كثير في جناحيها، ريش يُمكنها من الطيران، ويمنحها ألوانا جميلة تبهج نفوس من يتأملونها.

أين راحت تلك الريشة، كما لو أنها يوم يتبدد من أيّام العمر!

ألهذا أشعر بأنني خسرت كثيرا من ريشي، وأنني بت عاجزا عن التحليق..وأنني أتأمل الفراغ بحسرة؟!

ياااااه.