وقفة عز

السابع من أكتوبر تاريخ فلسطيني جديد

نضال حمد

تذكروا جيدا هذا التاريخ يوم السابع من تشرين الأول – أكتوبر عام 2002، يوم مجزرة صهيونية جديدة في حيّ الأمل في خان يونس في قطاع غزة المحاصر. مجزرة توقع 14 شهيدا وحوالي 150 أصابه أخرى بينها إصابات خطيرة وأخرى حرجة.

منتصف الليل تقدمت حوالي أربعون دبابة وآلية عسكرية صهيونية مدعمة بالجرافات ومسنودة بغطاء جوي من مروحيات الأباتشي إلى حي الأمل حتى وصلت إلى مسجد حسن البنا الواقع في منطقة تقتض بالسكان. فتحت نيران رشاشاتها ومدافعها من الدبابات وطائرات الأباتشي على السكان من دون تفريق بين مدني أو مسلح.

كان المطلوب قتل أكبر عدد ممكن من أبناء المنطقة بهدف تعزيز هيمنة الإرهاب الصهيوني على المدنيين الفلسطينيين، وعلى حياة سكان المنطقة من أجل كسر شوكتهم واحداث حالة بلبلة ورعب بين أبناء الشعب الفلسطيني، الذي يحمي الانتفاضة ويشكل الحصن الحصين للمقاومة الفلسطينية المشروعة.

لم تكتفِ القوة المعتدية والغاشمة بجريمتها الأولى إذ سرعان ما قامت بقصف المدنيين الفلسطينيين الذين خرجوا إلى الأزقة والشوارع لمساعدة الجرحى ونقلهم إلى المستشفيات، فقتلت وجرحت العشرات منهم. ثم قامت بقصف الإسعافات والمسعفين وكذلك مشفى ناصر في نفس المنطقة مما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا والإصابات.

العميد الإرهابي والعنصري الصهيوني يسرائيل زيف ” بالمناسبة اسمه على كسمه كما يقول المثل الشعبي الفلسطيني، لأنه مُزيف وزائف وزيفه واضح … “. تبجح العميد زيف أمام وسائل الأعلام معتبرا أن العملية كانت عملا نفسانيا، أراد الاحتلال من خلاله أن يبين للمقاومة بأنه لا يوجد مأوى آمن تحتمي به حسب ادعاؤه. كما أنه أنكر حدوث مجزرة في المنطقة. فقتل الفلسطينيين مسموح به حفاظا على أمن الصهاينة اليهود ومن أجل حرية ممارسة الإرهاب اليهودي في المناطق الفلسطينية.

 اعتبر العميد زيف أن عملية الاحتلال هناك أسفرت عن ضحية مدنية واحدة هي الشهيدة رحيمة سلامة سقطت نتيجة الخطأ برصاص جنود العدو الذين بنفس الوقت حاولوا علاجها حسب قوله. صبحان من يجعل القاتل مسعفا لضحيته في لحظات. فالقتلة أرادوا مساعدة المرأة الضحية فكلفت المساعدة حياتها وحياة العشرات من أبناء المنطقة. هذا هو فعلا منطق الصهيونية، نظرية المرضى نفسانيا والمنبوذون إنسانيا وأخلاقيا لأنها نظرية عنصرية، استبدادية مبنية على الاستعباد والتصنيف العرقي والاثني ومتسلحة بالزيف و بالإرهاب سلاحا لتطبيق نظريتها العليلة. وهذه هي أفكار الحركة الصهيونية الملهم الحقيقي ليمين ويسار (إسرائيل) المهزوزة و المغرورة بتفوقها الآني على باقي سكان المنطقة.

 لكن ايمان الصهيونية المطلق بعدالة سياساتها الإرهابية التي تستمد تعاليمها من الحاخامات ونظرياتهم غير المتسامحة وعقلياتهم غير الإنسانية. سوف يكون هو المقبرة الحتمية لتلك النظرية الاستعلائية الموبوءة بمرض نقص المناعة المكتسب بالعدوى النازية.

لقد اعتدنا على برمجيات الموت الصهيوني وعلى أن تحصل مجزرة أو مذبحة في كل مرة يحاول فيها بعض أمراء ووزراء السلطة الفلسطينية مهادنة شارون، ومهاجمة المقاومة الفلسطينية المسلحة والعمليات البطولية التي تقوم بها ضد جيش الإرهاب ومستوطنيه وجنود احتياطه، وعلى عائلاتهم في حافلاتهم ومناطق سكنهم وعملهم في كل الأرض الفلسطينية التي احتلت على دفعتين متتاليتين، وأعيد احتلال بعضها من جديد بفضل اتفاقية أوسلو العتيدة وما فيها من فجوات وهفوات وتنازلات، سمحت وتسمح لأي مجرم صهيوني حاكم بفعل نفس الأشياء التي قام بها شارون حتى الآن أو حتى اكثر من ذلك.

على مهندس أوسلو من الجانب الفلسطيني أن يعفينا من تصريحاته التي تسيء للنضال الوطني الفلسطيني، ولآلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين والمعذبين، الذين بأرواحهم وبدمائهم وبعذاباتهم وبحريتهم وحزن أطفالهم وأهاليهم خاضوا ويخوضون معركة التحرير والاستقلال، معركة الشعب من أجل تخليصه من الاحتلال والمستوطنين والاستيطان. وكذلك من اللصوص والمفسدين والفاسدين وتجار الدماء والأوطان، أصحاب النظريات الفاشلة والتجارب القاتلة، التي قادت قضيتنا الفلسطينية إلى هاوية طموحاتهم غير المشروعة وأعمالهم غير العفيفة.

اليوم السابع من تشرين الأول – أكتوبر 2002 هو يوم محاكمة البطل الفلسطيني محمد الريماوي أحد أبطال المجموعة الفلسطينية التي نفذت حكم الشعب الفلسطيني بالوزير العنصري الإرهابي المجرم رحبعام زئيفي. كرد عملي وقوي على اغتيال القائد الوطني أبو علي مصطفى أمين علم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في رام الله العام الماضي. في هذا اليوم أصدرت المحكمة الصهيونية المركزية في القدس حكما بالسجن المؤبد على هذا البطل الفلسطيني المقاوم. وفي هذه المناسبة ندعو السلطة الفلسطينية المحاصرة في المقاطعة إلى إصدار قرار يقضي بإطلاق سراح أحمد سعدات وأعضاء المجموعة التي أعدمت المجرم زئيفي. أولا كرد عملي على مجزرة خان يونس، وثانيا كرسالة وطنية عاجلة للشعب الفلسطيني من أجل البقاء على وحدته التي تهددها الآن الأعمال غير المسؤولة التي تحدث في قطاع غزة من خلال الاغتيال والقتل و القتل المضاد، كما في حالة اغتيال العقيد أبو لحية على خلفية ثأرية قامت بها عائلة أحد ضحايا تجاوزات الشرطة الفلسطينية في العام الماضي، عندما قامت بإطلاق الرصاص على المتظاهرين الفلسطينيين في غزة بقرار من العقيد أبو لحية نفسه الذي لم تتم محاسبته من قبل السلطات المختصة. فأختارت عائلة الشهيد طريقة قبلية غير مقبولة للانتقام لمقتل أبنها. وجاء الرد على مقتل العقيد من قبل الشرطة أيضا متخلفا وهمجيا مما أدى إلى هدر المزيد من الدماء الفلسطينية ومقتل وجرح عشرات الأعضاء من حماس على أيدي عناصر من الشرطة الفلسطينية.

إن المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا تتطلب تدخل كافة القوى والفعاليات الوطنية للئم الجراح ورأب الصدع الذي أحدثته حوادث غزة الأخيرة المرفوضة جملة وتفصيلا.

اليوم السابع من تشرين الأول – أكتوبر 2002 الملاكم الفلسطيني منير أبو كشك يدخل التاريخ الحديث من بابه الفلسطيني الآخر، باب الرياضة الفلسطينية التي كانت مغيبة بفعل الاحتلال وظروف حياة شعب فلسطين في مراحل صراعه المستمرة مع الأعداء والإرهاب المسلط عليه. ففي هذا اليوم استطاع الملاكم الفلسطيني نيل الميدالية البرونزية في مسابقة الألعاب الآسيوية المقامة في مدينة بوسان الكورية الجنوبية. وقف البطل الفلسطيني على منصة الأبطال حيث عزف النشيد الوطني الفلسطيني كتحية للبطل الفائز ولشعبه الأبي.

هنيئا لشعب فلسطين هذه الهدية العظيمة التي قدمها له ابنه البار منير أبو كشك حيث جاءت الهدية في يوم دامي وأسود من أيام شعبنا المكافح من أجل العزة والحرية والحياة الحرة والكريمة بلا احتلال وبلا إرهابيين صهاينة.

 

السابع من أكتوبر تاريخ فلسطيني جديد

نضال حمد

7-10-2002