من هنا وهناك

السلطة الفلسطينية والرهان على مسيرة التيه والتنازلات السياسية وليس على خيارات المقاومة والصمود – بقلم : أكرم عبيد

                                                    

ليس غريباً ولا مستغربا على الانظمة الغربية المتصهينة بقيادة الادارة الامريكية إجهاض المشروع الفلسطيني في مجلس الامن بعد استخدام الفيتو الاخير ضد القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني حوالي “61” مرة منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 حتى المشروع الاخير وكل هذ الكرم الغربي والامريكي يستهدف إعاقة وتعطل تنفيذ كل القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية طالما بقيت الامة العربية بشكل عام والشعب الفلسطيني مشرذمين ومنقسمين بتسولون الحلول من اعدائهم .

لذلك ما زالت هذه القرارت وستبقى كلها حبر على ورق لتوفر لسلطات الاحتلال الصهيوني الحاضنة الدولية  والرعاية الخاصة لضمان استمرار احتلالها لفلسطين والاراضي العربية المحتلة  . 

لذلك فإن غزوة مجلس الامن الفلسطينية الاخيرة بدعم ومساندة  معظم الانظمة العربية المتصهينة كانت نهايتها معروفة قبل التصويت على المشروع الفلسطيني بالرغم من اهمية المنظمات الدولية التي من المفروض استثمارها  بفهم فلسطيني اعمق واشمل عندما تكون اولوياتنا المراهنة على وحدة شعبنا وقواه المقاومة التي تفرض نفسها في الميدان كما حصل في مواجهة العدوان الصهيوني الاخير على قطاع غزة المقاوم وكما حصل في غزة عام 2005 عندما انهزمت قوات الاحتلال دون قيد اوشرط وفكك شارون مستعمراته بالقوة وكما إنهزم الجيش الذي لا يقهر من  جنوب لبنان المقاوم عام 2000 دون قيد اوشرط هذه هي اولويات الشعوب المقاومة في مواجهة الاحتلال عبر كل الثورات التحررية في العالم   وليس الهروب من الازمة الداخلية للمراهنة على مشاريع فاشلة للتغطية على الازمة والهروب من المصالحة والوحدة الوطنية الحقيقية التي تشكل الاساس الاستراتيجي القوي لطرق ابواب مجلس الامن بقوة وليس استجداء الاخرين .

لذلك من حق شعبنا ان يتسائل ماذا يتضمن هذا المشروع المعدل المزعوم ؟؟

وماذا بعد الفشل في مجلس الامن الدولي ؟؟؟

ينص المشروع المعدل على ضرورة ان يستند اي حل يتم التوصل اليه من خلال التفاوض على عدة نقاط من اهمها عودة حدود عام 1967 , والاتفاقيات الامنية , والقدس كعاصمة مشتركة للدولتين . كما يدعو المشروع الجانبين الفلسطيني ” والاسرائيلي ” التوقف عن اتخاذ اي اجراءات احادية وغير قانونية بما فيها الانشطة الاستيطانية التي من شأنها أن ان تقوض حل الدولتين .

 واإنطلاقاً من هذه القاعدة تمت التعديلات الثمانية على المشروع الفلسطيني العربي في مجلس الامن في صيغته النهائية الذي اختزال في حدود الانتقاص من الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية مما احرج السلطة الفلسطينية بقيادة عباس بعدما دعت معظم الفصائل الفلسطينية السلطة الى سحب مشروع القرار فورا من التداول قبل طرحه للتصويت في مجلس الامن وسقوطه بالفيتو الغربي بقيادة الادارة  الامريكية لماذا ؟

لان الفصائل ادركت ان المشروع وضع جدول زمني لانهاء الاحتلال من خلال العودة الى المفاوضات العبثية برعاية الادارة الامريكية برغم انحيازها للمواقف الصهيونية العنصرية اليمينية المتطرفة التي كانت السبب الاساس في وصول المفاوضات العبثية للطريق المسدود بعد تغليب المصالح الصهيونية على المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني المظلوم التي اكدتها معظم الفصائل الفلسطينية الرافضة لخيار المفاوضات العبثية مع العدو المحتل والمتمسكة بكامل الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية  .

لكن الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي التي شاركت بالتصويت على قرار مجلس الامن بقيادة الادارة الامريكية من حلفاء العدو الصهيوني تعمدت تعديل المشروع الفلسطيني لافراغه من جوهره ومضونه الوطني الفلسطيني للضغط على السلطة الفلسطينية لتقديم المزيد من التنازلات بمباركة مجلس الامن الدولي .

 وهذا ليس سراً بعدما اعترافت السلطة الفلسطينية بهذه التعديلات التي لم تكن مقرة من قبل القيادة الفلسطينية بعد التوافق على الصيغة النهائية دون العودة لمنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الاخرى وخاصة ان قيادة السلطة عقدت اجتماعاً عرمرمياً في رام الله وناقشت المشروع شفهياً قبل طرحه على مجلس الامن ومن اهم النقاط المطرحة كانت ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين وحق تقرير المصير بالاضافة لحرية الأسرى لذلك فان مضمون المشروع المعدل اصطدم مع اهم مفاصل المشروع الوطني الفلسطيني مما اثار غضب الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها فصائل المنظمة التي طالبت السلطة بسحب المشروع من التداول في مجلس الامن قبل التصويت علية وسقوطه بفيتو الاغلبية الغربية بقيادة الادارة الامريكية التي تعمدت بهذا الموقف المنحاز انقاذ رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني من السقوط في الانتخابات البرلمانية المقبلة في منتصف اذار المقبل وتقديم صك البراءة لحكومته التي ارتكبت جرائم الحرب بحق ابناء قطاع غزة المحاصر والضفة الغربية وفي مقدمتها القدس بالاضافة للمساس المتعمد بالمقدسات الاسلامية والمسيحية خاصة بالمسجد الاقصى المبارك .

لذلك فان السلطة الفلسطينية تتحمل كامل المسؤولية امام شعبنا وفصائله المقاومة بعدما تفردت بهذه الموافقة على هذا المشروع الذي انتقص من حقوقنا الوطنية بعدما تنازلت عن اهم الثوابت الوطنية وفرطت بالقرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية ومرجعيتها الامم المتحدة من اجل العودة الى المفاوضات العبثية برعاية الادارة الامريكية لذلك فإن اهم ما تضمنه المشروع المعدل الذي تم التصويت عليه النقاط التالية :

اولاً : تم ربط حق العودة للاجئين الفلسطينيين وممتلكاتهم بما يسمى المبادرة العربية وهذا يعني ان العودة للاراضي الفلسطينية المحتلة غير وارد على اجندة المفاوضات .

ثانياً : تم منح سلطات الاحتلال الفرصة للبقاء للعام 2017 هذا يعني المزيد من التهام الاراضي لاستيطانها وطرد من تبقى من سكانها كمقدمة لتهويدها في ظل استمرار المفاوضات العبثية والتنسيق الامني لمطاردة المقاومة ليكون العدو الصهيوني المستفيد من هذه الفرصة الجديدة اولاً .

ثالثاً : اما بالنسبة لقضية الاستيطان فإن التعديلات اكدت على ضرورة وقف الاستيطان وليس ازالتها بموجب القرارات الدولية ذات الصلة لانها غير شرعية وغير قانونية .

رابعاً : اقد اكدت بعض المصادر الصهيوامريكية ان السلطة الفلسطينية لم تطالب المجتمع الدولي بانسحاب الاحتلال الى حدود الرابع من حزيران عام 1967 بل تتحدث عن مفاوضات تستند لهذه القضية مما يفتح بوابة التنازلات في سياق ما يسمى تبادل الاراضي والسكان على مصرعية لحماية المستعمرات الكبرى وضمها للقدس لتصبح العاصمة الموحدة للكيان الصهيوني كمقدمة لإعلان قيام ما يسمى الدولة اليهودية العنصرية بينما ستكون العاصمة الفلسطينية في ضواحي القدس في منطقة ابوديس .   

لذلك بالرغم من مسلسل التنازلات المجانية لسلطة معازل لفإنها بهذا الفشل تلقت صفعة قوية من الادارة الامريكية فتعمدت الهروب من استحقاقات هذا الفشل والهزيمة السياسية الكبرى لتوقع على بعض الاتفاقيات الدولية للانضمام الى منظماتها وفي مقدمتها محكمة الجنايات الدولية وهذه الخطوة المتاخرة التي رفضتها الادارة الامريكية وسلطات الاحتلال الصهيوني التي هددت بمعاقبة السلطة الفلسطينية واعتبرتها خطوة تصعيدية مع العلم ان هذه الخطوة قد لا تنجاوز حدود المناورة السياسية التي تستهدف الضغط على سلطات الاحتلال الصهيوني للعودة الى المفاوضات العبثية معتقدة انها ستحسن شروطها بهذه الحركة البهلوانية لتلوي ذراع سلطات الاحتلال الصهيوني التي تمادت في غيها وطغيانها في ارتكاب المزيد من جرائم الحرب بحق شعبنا وارضنا المحتلة والمساس بمقدساتنا الاسلامية والمسيحية وليس انتهاءً بأبناء شعبنا في الاراض الفلسطينية المحتلة عام 1948ومعظم الانظمة العربية قبل الانظمة الغربية المتصهينة مشاركة بهذه الجرائم اليومية من خلال الصمت والتواطؤ .

 وبالرغم من ذلك قد تكون هذه الخطوة المتاخرة مهمة لكن الاهم منها كيف يمكن حماية الشعب الفلسطيني من تداعياتها لان السلطة تدرك قبل غيرها ان هذه الخطوة سلاح ذو حدين إن لم تحسن استخدامه قد ينقلب على الشعب الفلسطيني الاحوج في هذه الايام الى ردم هوة الانقسام واعلان المصالحة الوطنية الجادة لاستعادة الوحدة الوطنية على اسس سياسية وتنظيمية مقاومة حقيقية لحماية هذه الانجازات والمكتسبات قبل انهيارها وهذا يحتاج خطوات مهمة وجريئة من قبل الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس وفي مقدمتها الوفاء بالوعود والعهود الكثيرة التي قطعها على نفسه وفي مقدمتها حل السلطة وإنهاء المفاوضات العبثية وترك شعبنا لخياره الوطني المقاوم بكل الاشكال والوسائل المتاحة وفي مقدمتها المقاومة المسلحة لنقل المعركة الى الضفة الغربية المحتلة التي ترد على جرائم الحرب الصهيونية بهبات شعبية قد تؤسس لانتفاضة شعبية ثالثة تحتضن خيار المقاومة المسلحة لدحر الاحتلال بالقوة تحت ضربات الاجنحة العسكرية الفلسطينية المقاومة بدعم ومساندة كل شرفاء الامة واحرار العالم وفي مقدمتهم محور المقاومة والصمود وليس بالمفاوضات العبثية او بالقرارات الدولية العاجزة والاستجداء لان ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .

السلطة الفلسطينية  والرهان على مسيرة التيه والتنازلات السياسية وليس على خيارات المقاومة والصمود – بقلم : أكرم عبيد

akramobeid@hotmail.com

اترك تعليقاً