الأرشيفوقفة عز

الشاعر خالد أبو خالد يعود الى سيلة الظهر – نضال حمد

فقدت فلسطين اليوم أحد أعمدة ثقافتها الثورية المقاتلة. فارس شجاع من فرسان الشعر العربي الفلسطيني. فدائي ورث الفداء والعنفوان والانتماء الحقيقي عن والده ورفاقه واخوته الفدائيين.

قلوب أحبابه حزينة، جد حزينة كما هو قلبي في هذه اللحظات وقبل دقائق من نهاية العام ٢٠٢١ الذي ختم باكورة أيامه السيئة والسوداء باختطاف شاعرنا الكبير عن عمر ناهز ال ٨٤ سنة.

أحباب خالد أبو خالد شاعر وفنان العوديسيا الفلسطينية سوف يواصلون النضال ويواصلون التذكير بأنه لا بديل عن كامل تراب فلسطين ولو تخلى المتخلون. ولا مكان بين شعبه وأمته  لأبناء العلقمي ولا لأبي رغال ولا لأشباه السادات..

آخر مرة التقيته كانت في بيروت سنة ٢٠١٦ حيث كان في زيارة عمل ضمن وفد اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين الذي كان يسعى لتوحيد الاتحاد عبر اللقاء بفروعه في الداخل والخارج. شاءت الصدفة أنني كنت في بيروت فالتحقت بوفد الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في لبنان، وضم مراد السوداني ووليد ابو بكر (فرع الداخل) ورشاد أبوشاور وخالد أبوخالد وعلي عزيز (فرع الخارج). جلسنا في مقهى كوستا في بيروت حيث البطل القومي السوري الشهيد خالد علوان أعدم الضباط الصهاينة في مقهى الويمبي يوم ٢٤-٩-١٩٨٢. بعد ذلك تمت دعوتنا من الأستاذ الفاضل ” –الشبل- الذي توفي فيما بعد” على مأدبة عشاء في بيته في بلدة الغازية قرب مدينة صيدا اللبنانية.

من كلمات أبي خالد اليكم يوم سجلوه في سلطة رام الله ومنظمتها وسلطتها أنه متوفي، يوم أرادوا تغييبه ويوم سرق أحدهم مرتبه، كما فعلوا ويفعلون مع مرتبي أنا ، منذ اوقفوه سنة ١٩٩٥. يبدو أنهم أرادا تجويعه وتركيعه وهو الفدائي الذي لم يركع منذ أصبح فدائياً في بداية ستينيات القرن الفائت. هو الفدائي والمثقف الثوري الذي قاد ميليشيا الثورة والذي وقف ضد مدرسة الفساد والافساد في فلسطين والثورة والمنظمة. هو الذي انحاز للتغيير الثوري وللجماهير ولم يستسلم ولم يهن ولم تخر قواه ولم يتخلى عن كونه فلسطينياً.. رد عليهم بقصيدة قال فيها:

أنا لي من الألوان .. لون صواعقي .. والأفق أحمرْ ..

كان المقرر أن أموت .. فلم أمتْ ..

كان المقرر أن يغيِّبني الرحيل .. فلم أغبْ..

كان المقرر أن أعيش مجرداً من ذكرياتي ..

أن أكون كشاخص الإسفلت .. منسياً

وأنسى.

خالد أبو خالد،

ولد خالد ابو خالد سنة ١٩٣٧ في سيلة الظهر قضاء جنين بفلسطين العربية. هو الكاتب والصحافي والشاعر والفنان التشكيلي الفلسطيني. والفدائي الذي حمل البندقية مع القلم والريشة وأبدع شعراً وفناً ومقاومة لفلسطين.

هو نجل الشهيد والقائد في ثورة القسّام محمّد صالح الحمد المُلقّب بأبي خالد. تربى على الثورة والجهاد والكفاح والنضال وسيرة فلسطين في سيرة الظهر ثم في المنافي والقواعد والميادين.

حتى وفاته كانة عضواً في الأمانة العامة لاتحاد الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين وبعد وفاة أمينه العام السابق حمزة برقاوي قاد مع رفاقه الأمانة العامة للاتحاد في ظروف صعبة ومعقدة.

في البدايات عمل مذيعاً في إذاعة وتلفزيون الكويت، وفي الاذاعة السورية أيضاً. تماماً كما غسان كنفاني وناجي العلي ويوسف الخطيب وصالح خريبي وعدد كبير من كتاب وأدباء وشعراء وأعلاميي فلسطين.

كتب الشعر الشعبي وأعتبر محدثاً للشعر الشعبي الفلسطيني. ففي هذ الصدد قال في مقابلة أجرته معه مجلة صوت العروبة وموقع ديوان العرب:

“أنا أول من عصرن السيرة الشعبية..

القصيدة لا شيء يؤثرُ عليها لأنها مربوطةٌ بموروثٍ قديمٍ ومتواصل

الطفيلية حالة مستمرة ومرافقة للإبداع، والإبداع يحاولُ دائماً أن يتجاوزَها

ليس ثمة شاعر يؤثرُ بالشاعر.. بل ثمة موروثٌ من الشعر يؤثر..

الشاعر الفلسطيني المنتمي جغرافياً إلى فلسطين ليس شرطاً أن يكون مقاوماً!!

أنا مسكونٌ بالحب منذُ زمنٍ طويل.. ولم أرثِ أحداً لأنني أعتبرُ الرثاءَ نفاقاً اجتماعياً.

أعلنوا وفاتي في السجلات الرسمية في رام الله كي يسرقوا مرتبي ولغاية اليوم لا أعرف من هو السارق”.

نشر شاعرنا الذي انتمى لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين منذ ٤٣ عاماً إنتاجه في المجلات والدوريات العربية الكبرى. وقد تم غناء الكثير من أشعاره الشعبية. له اعمال شعرية وأدبية وثقافية ومسرحية عديدة:

من مؤلفاته:

فتحي- مسرحية- عمان 1969.

الرحيل باتجاه العودة – قصيدة طويلة- القاهرة 1970.

قصائد منقوشة على مسلة الأشرفية- مجموعة شعرية مشتركة- دمشق 1971.

وسام على صدر الميليشيا- شعر- بيروت 1971.

تغريبة خالد أبو خالد- شعر- بيروت- 1972.

الجدل في منتصف الليل- شعر – دمشق 1973.

أغنية حب عربية إلى هانوي- شعر – بغداد 1973.

وشاهراً سلاسلي أجيء- شعر- بيروت 1974.

بيسان في الرماد- شعر- بيروت 1978.

أسميك بحراً، اسمي يدي الرمل- شعر- المغرب 1991.

دمي نخيل للنخيل – شعر 1994.

فرس لكنعان الفتى- شعر – دار الآداب 1995

رمح لغرناطة – شعر-

معلقة على جدار مخيم جينين -شعر-

بغياب شيخ الفدائيين، صاحب الشعر الطويل، الأبيض والقلب الأكثر بياضاً، خالد أبو خالد تفقد فلسطين واحداً من أهم فرسان الشعر الثوري والفن الملتزم.

وداعاً رفيق الدرب ولن نتخلى عن كوننا فلسطينيين وفدائيين وإن تخلى المتخلون ومن تبعهم من الواهمين والمنتفعين والمستسلمين.

نضال حمد

31-12-2021