الأرشيفوقفة عز

الشهيد علي سليم أيوب “أبو فراس” 1948-1973– نضال حمد

بطل عملية فدائية في مستعمرة المنارة سنة 1973

مواليد سنة 1948 بعد النكبة في لبنان.

والده المرحوم المختار أبو محمد – سليم أيوب – مختار بلدة الجش في الجليل الأعلى بفلسطين المحتلة.

والدته الحاجة خديجة أحمد حمد – أم محمد- شقيقة والدي أبو جمال حمد رحمهما الله.

استشهد في عملية فدائية بمستعمرة المنارة شمال فلسطين المحتلة سنة 1973.

استشهد معه محمد علي اليوسف – أبو عامر- من الصفصاف ومحمود محمد زبيدات من عرب زبيد.

انهى تعليمه في مدارس مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا اللبنانية، ثم عمل في تمديد الأدوات الصحية.

كان شاباً قوياً وشجاعاً ومقداماً، فرض هيبته وحضوره بين جميع أبناء جيله في المخيم وجواره. وكان من أوائل الفدائيين المدافعين عن شعبهم ومخيماتهم وثورتهم وقضيتهم. عرفه الجميع في المخيم لشجاعته وجرأته واخلاصه وتفانيه وحسه الوطني العالي. التحق بتنظيم طلائع حرب التحرير الشعبية قوات الصاعقة هو ومجموعة من الأصدقاء والزملاء من مخيم عين الحلوة. يوم استشهاده كان متزوجاً ولديه طفل اسمه فراس. توفي الطفل فيما بعد على أثر مرض عضال نال منه بعد سنوات من استشهاد والده. مما ترك حزناً مضاعفاً لدى عائلته وخصوصا دار جده، الذين كانوا يرون فيه علياً صغيراً قيد التكوين والنشأة وكان سيخلف والده الشهيد ويتبع خطاه. لكن القدر كان أقوى منهم ومن فراس الصغير الذي وافته المنية بعد عناء.

أذكر الشهيد علي أيوب ابن عمتي مذ كنت طفلاً صغيراً في مخيم عين الحلوة ومن خلال زيارات الأهل لدار عمتي “خديجة” أم محمد والعكس. كما أنني أذكره من خلال محل والدي المرحوم أبو جمال حمد في المخيم، الذي كان يشبه المقهى وفيه بعض ألعاب التسلية والخ. كان علياً دائم الحضور والمداومة في محل الوالد برفقة أصدقاء له وخاصة المرحوم سعيد شريدي – سعيد المرنية -. حيث كانا صديقين حميمين وكلاهما كانا من فتوة وقبضايات مخيم عين الحلوة، ويحسب لهما ألف حساب. لكنهما كانا مسالمين ولا يعتديان على أحد. فتوتهما للدفاع عن نفسيهما وعن أهلهما وعن المخيم.

في يوم من الأيام أذكر ولا أدري أين وقعت الحادثة لأنني أذكهر بشكل ضبابي، علقت “غدارة” صيد الأسماك وهي من الصنانير القوية والمعروفة، لديها ثلاث رؤوس حادة، علقت بكتف علي، فقام بنزعها من لحمه وكان الدم ينزف من الكتف، فيما علي كان متماسكاً ولم تظهر عليه علامات الألم أو الخوف. بالنسبة لي وللأطفال الآخرين كان بطلاً خارقاً. ومثالاً على الشجاعة والجرأة.

شارك الشهيد علي بقوة في هبة نيسان 1969 أو ثورة المخيمات الفلسطينية ضد السلطة اللبنانية العنصرية ومخابراتها الفاشية التي كانت تسمى “المكتب الثاني” أو “الشعبة الثانية”. شعبة سيئة من كل النواحي وفاشية وسادية وعنصرية ومعادية للفلسطينيين. كانت تحكم المخيمات بقبضة حديدية وبأساليب فاشية. لم يعرف الفلسطيني بعد النكبة ظلماً وحقداً وكراهية كالتي كان يكنها المكتب الثاني لأهالي المخيمات الفلسطينية في لبنان. كان مكتباً ارهابياً وفاشياً وكريهاً بكل معنى الكلمة. عكر صفو حياة الناس طوال 11 سنة من الاقامة في المخيمات. زج بشباب ورجال المخيم في السجون. أهان الجميع ذكورا وإناث وقمع الجميع بلا رحمة. وكان يعاقب الناس لأتفه الأسباب. مثلاً إذا تسربت مياه شطف الدار الى خارجها كان يعاقب سكان الدار. وكان ممنوع على الفلسطيني الخروج والدخول الى المخيم إلا بموافقة أمنية منهم. كل شيء يدخل الى المخيم كان بحاجة لموافقتهم. ذات مرة وبحسب ما سمعه من الشيخ حسين الزغموت ومن صديقه الحميم والدي رحمهما الله. قام شاويش مركز الدرك اللبناني في المخيم بتهديد الشيخ حسين إذا رفع آذان الفجر، لأن الآذان يزعجه ويقلق راحته ونومه في الليل. في نفس الليلة لم يسمع الناس كالعادة صوت الشيخ حسين ولا آذان صلاة الفجر. تفاجأوا وفي الصباح علموا بالقصة من الشيخ. فذهبوا الى وجهاء صيدا المسلمين السنة وحدثوهم عن القصة، على إثر ذلك تم فقط نقل الشاويش العنصري الطائفي من عين الحلوة الى مكان آخر. وعاد الشيخ حسين يؤذن كالعادة. وا÷ل الصفصاف في المخيم عادوا يسمعون آذانه فجراً.  أما علي ورفاقه فمع الفجر وعلى صوت الشيخ حسين غادروا المخيم باتجاه أقصى الجنوب اللبناني وشمال فلسطين المحتلة. ولم يعدوا منذ ذلك اليوم حيث سقطوا شهداء على أرض فلسطين المحتلة.

في العملية المذكورة استشهد علي سليم أيوب أبو فراس – من الجش. ومحمد علي نورا – أبو عامر من الصفصاف… ورفيق ثالث من عائلة زبيدات التي كانت تسكن في حي البركسات بالمخيم. فيما عاد بقية أفراد المجموعة بسلام ومنهم الصفصافي المرحوم وجيه الجوخ.

بعد استشهاد علي ورفاقه عم الحزن المترافق بالكبرياء عوائل الشهداء ومنهم دار عمتي، الذين تطلب منهم الأمر وقتاً طويلاً جداً حتى اعتادوا على غياب واستشهاد نجلهم علي. قبل سنوات وعلى أثر تبادل جثامين الشهداء مع أشلاء أو جثث لجنود صهاينة في لبنان سنة 2008 كنت كتبت مقالة بعنوان:”ماذا عن المفقودين العرب؟”. تساءلت فيها ترى ماذ حل بجثامين الشهداء الثلاثة؟ ربما يكونوا مدفونين في مقابر الأرقام الصهيونية التي هي بمثابة سجون للشهداء الفلسطينيين والعرب حتى بعد استشهادهم ووفاتهم.

المجد والخلود للشهداء وعلينا الوفاء.

نضال حمد

27-3-2021