من هنا وهناك

العروبي بجدانوف يواجه بندر بن “غوريون” – عادل سمارة

قبل قرابة عامين نُقل عن بجدانوف حديثا رخواً تجاه سوريا. وتم فورا نفيه او توضيحه. وبمعزل عن صحة ذلك من كونه توحشا إعلاميا غربياً وعربياً، فإن أهم ما صدر عن روسيا حتى الآن هو جملة قالها بجدانوف في لبنان ومضت بشكل عابر.

قال بجدانوف بأن بندر بن سلطان قال للروس: “سوف ندمر سوريا إن لم نخلع الأسد”.

حديث شديد الوضوح من الروس. يضعهم في مواجهة الغرب والصهيونية العربية والكيان معاً. لن أدخل هنا في تحليل موقف الروس فهو واضح. موقف دولة وقيادة تحب وطنها وتبنيه. هل هي امتداد لتراث شيوعي ام لا، ليس هذا موضع النقاش. المهم قيادة لا تخون. قد يبدو هذا حديث غريب على اعتبار أن الخيانة استثناءً. لكن تراث الحكام العرب جعل الخيانة قاعدة. لذا حديثنا ليس ضربا من الجنون ولا التجني.

مرتكز حديث بندر ليس الرئيس الأسد قطعاً وليس سوريا وحدها قطعا، بل القومية العربية بكليتها. لقد كان نظام السعودية على علاقة قوية بالرئيسين  الأسد الأب والإبن. ولا شك ان الجميع يعرف معادلة سين/ سين في لبنان. ولم يغيرا سياسيتيهما حتى يتم الانقلاب على سوريا في السنوات الأربع الماضية. كما لم تتحول السعودية إلى “الجمهورية الاشتراكية الديمقراطية الشعبية والنسوية ايضا” حتى تصل حد التناقض التناحري مع سوريا.

ما تغير هو العامل الموضوعي. تغيرت الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية بمعنى أن الثورة المضادة انقضَّت على حراك الشعب العربي الذي كما يبدو نبض أحد شرايينه فكان لا بد من اقتلاعه.

لذا، كانت اللحظة المؤاتية للسعودية لاجتثاث عدوها الحقيقي، اي بقية التوجه العروبي. بمعنى أنها شعرت بأنه آن الأوان للتخلص وإلى الأبد من الخطر القومي لأنه نقيضها تناحريا.

لم تحلم القيادة السعودية بكنز الطابور السادس الثقافي الذي اصطف تحت نعالها، من فلاسفة وصحافيين وإعلاميين وأعضاء كنيست…الخ ليجروا أعدادا هائلة من جهلة القرن العشرين فيتقاطعوا مع عبثية ما بعد الحداثة فيصبحوا عبوات ناسفة لسوريا والعراق واليمن ومصر وليبيا…الخ.

إذن كيف لا يتفشخر بندر؟؟؟

لكن الأمر أعمق تاريخيا. فما قاله بندر هو بالضبط ما قاله جابوتنسكي:

إن المشهد الوحيد الذي يحمل أملاً لنا هو تفتيت سورياإن واجبنا التحضير لهذا المشهدوكل ما عدا ذلك هو تضييع عبثي للوقت” زئيف جابوتنسكي

Zeév JabotinskyZionist militant : Source -“We and Turkeyin Di Tribune, November 30, 1915

وما قاله بن غوريون:

.

“علينا تجهيز انفسنا للهجوم.إن هدفنا هو تحطيم لبنان و شرق الأردن وسوريا. إن النقطة الضعيفة هي لبنان، حيث ان النظام المسلم هناك مصطنع ومن السهل علينا تقويضه. علينا إقامة دولة مسيحية هناك، وبعدها علينا تحطيم الجيش العربي، ومحو شرقي الأردن وعندها تسقط سوريا في يدنا” ديفيد بن جوريون، “

– David Ben-Gurion, FromBen-Gurion, A BiographyMichael Ben-Zohar, May 1948

” إن تغيير النظام في كل من سوريا ولبنان ، هو بالطبع، هدفنالقد كتبنا منذ زمن بعيد أن هناك طرقاً ثلاث لإنجاز هذا، –فالديكتاتور الذي اختار التغيير ، يجب أن يسقط أمام شعبه غير السعيد، أو حينما يشكل تهديداً للخارج، فإن على الخارج أناقتلاعه…”

” –Jewish Institute for National Security Affairs  From strategy paper #474Priorities in Lebanon & Syria“, March 2, 2005

لكن الحال تغير، كيف؟

مضى الزمن الذي كان بوسع الكيان شن حرب نزهة. صحيح أنه يحرق كل شيء كما حصل عام 2006 في لبنان، لكنه هُزم وأُذل. و ضد غزة، لكنه لم يتقدم شبرا.

أما ربيع الثورة المضادةفاختصر على بن غوريون قوله التالي:

كتب شاريت أن ما كان يدور في ذهن بن غوريون والضباط هو: ” ليس هناك ما يقلق إسرائيل، لا على المستوى الدولي ولا الاقتصادي.لا وجوداً لمسألة السلامكل ما يحدث في المنطقة والعالم لا علاقة له، لا نأخذه بالحسبانفمن وجهة نظرهم، (فالدولة)يجب ان تنظر إلى الحرب كمبدأ اساس وربما الوسائل الوحيدة لزيادة وضع الرفاه والإبقاء على التوتر المعنوي(إن العملياتالانتقاميةهي إكسير الحياة…. إنها تساعدنا على إبقاء التوتر المدني والعسكري.وبدونها، لن تكون لدينا امة محاربة، وبدوننظام محارب سوف نضيع… ومن أجل هذا الغرض لا بد أن نختلق مخاطراً، وفي الواقع لا بد أن نقوم بذلك. وفروا لنا حرباً معالبلدان العربية وجميع مشاكلنا سوف تنتهي… إن بن جوريون نفسه هو الذي تلفَّظ قائلاً، إن علينا أن ندفع لعربي مليون ليرةليقوم بشن حرب علينا” (شاريت1978: مجلد 3، ص ص 1201-2) وقبيل الاطلاع على المذكرات الشخصية لشاريت، قبلطباعتها، فإن آرنسون وهوروفيتس (1971) قد تكهنا بنفس الروحية، حيث جادلا بالتحديد بأن الوظيفة الكامنة للعمليات الانتقاميةهي تأدية دورينزيادة اندماج جماهير المهاجرين وزيادة دعمهم لحكومة بن غوريون

 

Quoted in The Global Political Economy of Israel by Jonathan Nitzan and Shimshon Bichler, Pluto Press, 2002.p. 102 .

لقد أفرزت انظمة وقوى الدين السياسي  من يقاتلون لصالح الكيان من العرب والمسلمين ليحقنوا دم ومال شعب “راس المال المختار”.

هل يعرف بوغدانوف هذا؟ أم أنه يعرف دور روسيا الدولي؟ هذا أمر آخر.

لكن ما علينا نحن ان نعرفه بأن أخطر من هم بيننا:

  • الذين باسم اليسار يقولون في سوريا ثورة وبلا خجل فكري على الأقل حتى الآن
  • وباسم الإسلام ينادون بعودة الكرباج التركي
  • وباسم فلسطين ينتحبون في الأمم المتحدة من أجل اسم دولة.

كأن روسيا تقول: دخلنا المعركة بوضوح حاد كحد السيف وهي:

سباق العروبة والمقاومة مع الثورة المضادة وخاصة الصهيونية العربية/الإسلامية.

العروبي بجدانوف يواجه بندر بن غوريون” – عادل سمارة

اترك تعليقاً