الأرشيفوقفة عز

العقيد الراحل علي مصطفى قاسم – أبو بشار – إعداد نضال حمد

جاء في نعيه أنه كان خضع لدورات في كليه حربية في بغداد عام 1961 وتخرج منها برتبة ملازم وعمل فتره بقوات القادسية

من مواليد سنة ١٩٣٩ في بلدة الرأس الأحمر، قضاء صفد في الجليل الأعلى الفلسطيني المحتل. لجأت عائلته كما كل أهالي الجليل الأعلى وبلدته وجاراتها من البلدات الفلسطينية في منطقة صفد الى جنوبي لبنان، بقيت لفترة من الزمن في بلدة قانا الجنوبية اللبنانية. كان ذلك في سنة النكبة ١٩٤٨ بعد سقوط الرأس الأحمر بأيدي العصابات الصهيونية الغازية.
“يوم نعيه في أعقاب وفاته كتبت ابنته عزة علي مصطفى قاسم أنه كان أصغر إخوانه… فيما الأخ الأكبر كان المرحوم فؤاد قاسم وبعده المرحومان سامي وعزيز أسكنهم الله جميعهم فسيح جنانه…”
فيما بعد اقامة قصيرة في قانا سكنت عائلته في مخيم عين الحلوة بالقرب من مساكن آل غنوم والشرقاوي والسيّد وحليحل والعينا على طريق طلعة النبعة وسيروب. هناك في المخيم وفي صيدا تعلم في المدارس ونال شهادة البكالوريا الثانية من مدرسة في مدينة صيدا اللبنانية. جدير بالذكر أن دفعة الضباط التي سافرت للتدرب في العراق ومن ضمنها الراحل أبو بشار كانوا كلهم يحملون شهادة البكالوريا الثانية.
في ذلك الوقت كان الشباب الفلسطيني المفجوع بالنكبة والمتألم على ضياع فلسطين وسقوطها بيد العصابات الصهيونية الغازية، يشتعل وتغلي فيه روح الثورة والغضب بسبب النكبة والهزيمة واحتلال فلسطين وخيانة الأنظمة العربية. كان شباب فلسطين في المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا والضفة والقطاع يريدون التدرب على السلاح. وكانوا يريدون خوض المعارك من أجل تحرير الوطن والعودة الى فلسطين.
من أولائك الشباب كان الراحل أبو بشار – علي مصطفى قاسم- الذي التحق سنة ١٩٦١ مع مجموعة من الشباب الفلسطيني من جميع مخيمات لبنان بدورة ضباط في كتائب الفدائيين التي تدربت في العراق ليصبحوا بعد وقت قصير نواة لجيش التحرير الفلسطيني.
علمت من مصدر في عائلة الراحل أن من الذين كانوا معه في نفس الدورة نجد العقيد الراحل الشهيد محمد الحاج قاسم ياسين والعقيد أبو طعان. كذلك كان هناك فالح رباح من حطين وفياض رجا من لوبية وأحمد الحنفي “أبو أسامة” من الكساير، ورايق معروف وخضر معروف من دير القاسي وعدنان كعوش من ميرون ومخيم المية ومية. كذلك مجيد شحرور من علما. وكانت تلك الدفعة التي التحقت بالكلية الحربية العراقية في تلك السنة تتألف من ٣٦ متطوعاً، تخرجوا ضباطاً وأصبحوا نواة جيش التحرير الفلسطيني في أعقاب تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في الثامن والعشرين من أيار ١٩٦٤ بقيادة الزعيم الراحل أحمد الشقيري.
هذا وأخبرتني السيدة أم بشار زوجة الراحل أنه كان هناك “تعاون وثيق بين الضباط الفدائيين والزعيم الناصري الصيداوي معروف سعد”.
كان معروف سعد نائباً ناصرياً وعروبياً في البرلماني اللبناني، قاتل مع الوعيم جمال عبد الناصر في فلسطين سنة النكبة. وهو الذي اغتاله عملاء الصهاينة في شباط 1975 تحضيراً لمجزرة عين الرمانة والحرب الأهلية الدموية اللبنانية.
بنفس الوقت كان عناصر وضباط المكتب الثاني اللبناني سيء الذكر والسيرة والمعروف بقمعه وبطشه للفلسطينيين في المخيمات، يراقب كل تحرك أو نشاط أو حديث وطني في المخيمات، ويزج بالوطنيين والنشيطين في سجونه ومنهم من استشهد تحت التعذيب مثل القائد الشهيد جلال كعوش.
على كل حال هناك من أبلغ السلطات اللبنانية بأسماء ال ٣٦ متدرباً وضابطاً فيما بعد حيث قامت السلطات اللبنانية بشطب قيودهم من سجلات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، في تصرف عدواني وعنصري وغير وطني.
جاء في نعيه أنه كان خضع لدورات في كلية حربية في بغداد عام 1961 وتخرج منها برتبة ملازم وعمل فتره بقوات القادسية …
ثم سافر الى مصر وتلقى عدة دورات عسكرية في زمن الزعيم جمال عبد الناصر، وألتحق بقوات عين جالوت التابعه لجيش التحرير الفلسطيني وكان برتبة ملازم أول…
خاض حرب نكسة حزيران عام 1967 وكان يقود سريّة في قطاع غزة أيضاً ومن ثم عند عودته الى مصر ضاع في صحراء سيناء حوالي ٣٠ يوماً هو ومجموعة من أصدقائه الفدائيين ومنهم المناضل الراحل العقيد محمد ياسين، الذي سبق وكنا كتبنا عنه.
بحسب ابنته وزوجته فقد نجوا بأعجوبة بعدما فقدوا الزاد والماء ….
لكنهم استطاعوا الوصول ومن ثم عادوا الى الالتحاق بقوات عين جالوت في مصر….
هذا وحاول المرحوم أبو بشار أن يدخل لبنان مرة عبر مطار بيروت الدولي والأخرى عبر الحدود البرية مع سوريا لكن السلطات اللبنانية أعادته من حيث جاء في الحالتين.
ثم عاد الى لبنان وكان ذلك اواخر عام 1969 وأكمل تحصيله الجامعي في الجامعة في بيروت وحصل على الماجستير برتبة جيد جداً وألف العديد من الأطروحات…
تقول السيدة أم بشار أن من بين المتطوعين الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالدورة كان هناك الأستاذ خالد غنوم “العينا” والأستاذ خالد حليحل. كما أضافت “عندما تأسست المنظمة وبدأ هؤلاء بالعمل طلب زوجها أبو بشار من القائد أحمد الشقيري أن يرسلهم الى غزة للتحضير للمواجهة هناك”.
فيما بعد سافروا الى مصر وغزة وعند اندلاع حرب الخامس من حزيران ١٩٦٧ قاتلوا هناك ثم تاهوا في الصحراء المصرية في سيناء لمدة شهر تقريباً، وبعد عناء طويل أوصلهم بعض البدو على الجمال الى مناطق معينة ومن هناك توجهوا بالمراكب البحرية الى الاسكندرية.
كانت أمنية أبو بشار بحسب زوجته أن يلتقط صورة لنفسه بشعره المنفوش ولحيته الطويلة ووضعه المزري بعد تيه ثلاث أسابيع في الصحراء مع الجوع والعطش والارهاق، لكن السلطات المصرية رفضت ذلك ولم تسمح بإلتقاط الصور إلا بعد أن إستحموا وحلقوا شعرهم ولحاهم وأرتدوا لباساً جديداً.
في غزو لبنان سنة ١٩٨٢ وحصار بيروت كان المرحوم العقيد أبو بشار مسؤولاً عن محور حيّ السلم في ضاحية بيروت الجنوبية وقائداً لمجموعة من القناصة فهو متخصص في تدريب القناصة.
توفي المرحوم أبو بشار قبل ثلاث سنوات في الخامس من آب – أغسطس 2019 ودفن في مقبرة سيروب.
المجد والخلود للشهداء وعلينا الوفاء.

نضال حمد في 25-7-2022