الأرشيفوقفة عز

اللجنة التنفيذية خطر على وحدة الشعب الفلسطيني

نضال حمد

واضح أن السيد محمود عباس خلع آخر ألبسته ونزع آخر أقنعته، وأخذ يكثر من استصدار قرارات خطيرة وكبيرة من خلال ما تبقى من أعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المغتصبة. اللجنة التي فقدت النصاب القانوني والدستوري بموت وغياب واستقالة وأسر سبعة من أعضائها الثمانية عشر. فقد توفي كل من ياسر عرفات، فيصل الحسيني، ياسر عمرو وسليمان النجاب. بينما تم أسر عبد الرحيم ملوح، وأستقال اسعد عبد الرحمن، ويرفض ويمتنع فاروق القدومي عن المشاركة في اجتماعاتها لعدم قدرته على الوصول إلى فلسطين المحتلة. وبغياب ثلث الأعضاء تصبح اللجنة لاغية ومنتهية، هذا بحسب ما نصت عليه المادة 14 المعدلة من النظام الأساسي. ولذا لا يجوز لها أن تجتمع وتأخذ أية قرارات باسم المنظمة والشعب.

لكن يبدو أن عباس لم يعد يدري كيف يتعامل مع مشروعه السياسي الفاشل، الذي جلب الويلات والمآسي للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده وبالذات في الضفة والقطاع. وإذا سلمنا بالقول أن عباس انتهى عملياً وأن معسكره يكاد يطلق طلقته الأخيرة أو يكاد يستعمل آخر ما تبقى في جعبته من طلقات سامة. إذ لا توجد سموم في الكون هذه الأيام أكثر من السموم التي تصدرها وتبثها اللجنة التنفيذية للمنظمة. مع العلم أنها لجنة غير شرعية وفاقدة للصلاحية منذ سنوات.

إذا سلمنا بذلك فأن الوضع الفلسطيني يعتبر الآن في أحلك أيامه الداخلية، لأن القرارات السابقة للجنة التنفيذية التي اتخذت قبل عدة أيام، والتي ترافقت مع زيارة ولقاء كونداليسا رايس بعباس وإخوانه المتأوسلين، وقراراتها الأخيرة الحديثة، التي تدعو فيها لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية تعتبر بمثابة إعلان حرب على حركة حماس وحكومتها وشرعيتها وفوزها الديمقراطي بالانتخابات التشريعية الفلسطينية.

بما أن حركة حماس تتمتع بثقل جماهيري واسع وكبير فإن تمرير مثل هذه المؤامرة الموجهة أمريكياً وبرعاية وموافقة جزء من الأنظمة العربية وبرضا وترحيب الصهاينة، لن يكون بالأمر اليسير لا على عباس ولا على إخوانه من المتسولين والمتنفذين. فالشعب الفلسطيني هو الذي اختار في الضفة والقطاع نوابه للمجلس التشريعي، الذي هو بحسب قوانين السلطة والمنظمة جزء من المجلس الوطني الفلسطيني (البرلمان الفلسطيني). وهذا يعني أن المجلس التشريعي شرعي ومنتخب، بينما أعضاء المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية لم ينتخبوا بالاقتراع أو من قبل الجماهير مباشرة، لكن عبر اتفاقيات بين الفصائل والمنظمات. وكلنا يعرف أين أصبحت الفصائل والمنظمات هذه الأيام، مع احترامنا الشديد لتاريخها وتضحياتها وقيادتها للعمل الوطني الفلسطيني على مدار الأربعين سنة الماضية. فالفصائل اليسارية مجتمعة لم تستطع الفوز وبشق النفس سوى بستة مقاعد في التشريعي ثلاثة للجبهة الشعبية، واحد للجبهة الديمقراطية، واحد لحزب الشعب ومقعد لمصطفى البرغوثي. أما التنظيمات الأخرى فلم تنل سوى بضع مئات من الأصوات.

وهنا نستغرب كيف يمكن لبعض قادة اليسار الفلسطيني أن يتحدثوا عن احتكار فتح وحماس للحوار الوطني الفلسطيني. شيء طبيعي أن يحتكر الكبار اللعبة. وأن يُسيِروا الآخرين كما يريدون ووفق وجهة سيرهم.

لكن الشيء المزعج أن لا يتعلم الخاسرون من خسارتهم وأن لا يجددوا أنفسهم وأن لا يتقدموا بحلول وسطية تستطيع أن تفرض نفسها على الشقيقتين فتح وحماس. فهؤلاء بحاجة لمساعدة الآخرين، ولا يمكن أن تأتي المساعدة من طرف اللجنة التنفيذية فاقدة الشرعية أو من طرف شخصيات تسممت وماتت منذ زمن طويل.

هذه هي اللحظة التي يستطيع فيها يسار فلسطين أن يستعيد بعض توازنه وأن يقدم حلولاً وحدوية وطنية تستطيع الخروج بالشعب والوطن والقضية والمنظمة والسلطة من أزمتهم المزمنة والمرعبة.

إن أي قرارات تتخذها اللجنة التنفيذية للمنظمة لا يمكن أن تكون ملزمة لأحد لأنها لا تعبر عن أي موقف شعبي فلسطيني ولا عن أي جهة قانونية تتمتع بالصلاحيات والشرعية. إنها فقط قرارات مجموعة من المنتفعين والمستوزرين، وفاقدي الشرعيتين الدستورية والشعبية.

نعتقد أن أفضل قرار يمكن لعباس ولجنته التنفيذية اتخاذه هو التنحي والاستقالة، والعمل بمقولة الحكيم جورج حبش ” من تعب فليسترح”.. فليذهب هؤلاء إلى بيت الراحة ويريحوا الشعب الفلسطيني منهم ومن ويلاتهم وألعابهم الجهنمية ومشاريعهم القذرة والحقيرة. وليبدأ الشعب الفلسطيني بعد ذلك مباشرة عملية التحضير لانتخابات شاملة للمجلس الوطني الفلسطيني ولرئاسة المنظمة. وبعد أن يتم ذلك وتعود العافية لجسم المنظمة يمكن الحديث عن إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غزة والقطاع.

 

12-05-2006

 

سكرتير اللجنة التحضيرية لتجمع الكتّاب والأدباء الفلسطينيين