وقفة عز

المتأوسلون لا يريدون قطاع غزة ولا الحوار

المتأوسلون لا يريدون قطاع غزة ولا الحوار الوطني الصادق

نضال حمد

هل يتمنى المتأوسلون في الساحة الفلسطينية على طريقة رابين شريكهم في سلام الشجعان، أن يصحوا يوماً ما فيجدوا البحر وقد ابتلع قطاع غزة وأراحهم منه ومن حركة حماس؟

سؤال بحاجة لبحث وإجابة … إذ أن كل التصريحات التي صدرت عنهم منذ أن سيطرت حركة حماس بالقوة على قطاع غزة، تشير إلى أن قوم “أوسلو” الذين يسيطرون ويهيمنون على كافة مؤسسات السلطة الفلسطينية ومقاليد الحكم في الضفة الغربية. ويحظون برعاية ودعم و إسناد الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني. لا يريدون أي حوار وطني خارج دائرة شروطهم التي هي بنفس الوقت شروط الداعمين والمانحين والرعاة والمحتلين. فبتلك الشروط التعجيزية وضعوا أنفسهم في خانة القوى التي تعمل ضد المصلحة الوطنية الفلسطينية. إذ لا يمكنهم أن يضعوا شروطاً مرفوضة مسبقاً، هذا لو كان في نيتهم خدمة القضية الوطنية الفلسطينية والوحدة الوطنية والحوار الوطني والمصالح الوطنية. فقطاع غزة الذي أصبح خالٍ من الأجهزة الأمنية وقياداتها الفاسدة وبعضها المرتبط، لم يعد بإمكانه العودة إلى الوراء ولا إرجاع عقارب الساعة. إنما هناك إمكانية وطنية جماعية لتجاوز المرحلة السابقة والبدء في حوار وطني حقيقي يقود لتفعيل الاتفاقيات السابقة بين الفصائل والقوى الفلسطينية مثل اتفاقات القاهرة ودمشق ووثيقة الأسرى والوفاق الوطني وحتى اتفاق مكة الذي كان اتفاقاً بين حماس وفتح، مما عجل عملياً في فشله. هذه الإمكانية تواجه بتعنت ورفض قوم أوسلو لأنهم يعتبرون أنفسهم وصياً على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية من خلال استيلائهم على منظمة التحرير الفلسطينية وما تبقى من مؤسساتها، وعلى صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ولو سلمنا بأن المنظمة بوضعها الحالي مازالت ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، مع أنها لم تعد كذلك منذ نشأة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وبعد أن تخلت قيادتها المتنفذة عن برنامج الإجماع الوطني وضربت عرض الحائط بقرارات المجالس الوطنية المتعاقبة، وقامت بإلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني الذي أجمعت عليه قوى وفصائل شعبنا وشخصياته الوطنية. كما قبرت قرارات مجلس الجزائر (نوفمبر 1988) بكل علاتها وتنازلاتها، هذا المجلس الذي أعلن الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بعد اعترافه بالقرارين 242 و338 وبالكيان الصهيوني. وسرعان ما اعترفت بتلك الدولة المعلنة أكثر من مائة دولة في العالم. لكن قوم أوسلو استبدلوا الدولة بجزيرتي غزة وأريحا كما جاء عملياً وعلى أرض الواقع في اتفاقية أوسلو وما تلاها من اتفاقيات تقشعر لها الأبدان. وتزداد القشعريرة حين يجد المرء أن نفس هؤلاء القوم الذين فشلوا على مر مراحل المفاوضات مع الصهاينة، مازالوا ينطقون باسم هذا الشعب ويستولون على منظمته ومؤسساته وعلى التنظيم الذي كان عاموده الفقري على مر السنين. فحركة فتح الرهينة بين أيدي هؤلاء هي الحركة التي قدمت عشرات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، وهي التي قادت النضال الفلسطيني، ونفذت عمليات ضخمة ضد الاحتلال. هي حركة النضال و الشهداء والعطاء. هذه الحركة قاموا بشقها وتفتيتها وتشتيت قواها ومحاصرة وضرب رموزها الوطنية الشريفة، صاحبة الموقف الوطني المحترم. عملوا بفتح حتى أصبحت مقترنة بالفاسدين، وغدت في عيون عامة الناس البسطاء حركة السلطة الفلسطينية، سلطة أوسلو ولم تعد حركة الشعب الفلسطيني الجامعة.

هؤلاء القوم رفضوا على مر سنوات الحوار الوطني العمل باتفاق القاهرة وإعادة تفعيل وبناء مؤسسات المنظمة، ومارسوا هواياتهم في إفشال أي عمل وطني وحدوي صادق. لأنهم حسموا أمرهم وألتحقوا بركب التحالف الأمريكي. ظناً منهم أن هذا الأخير سوف يعطيهم بعض الحقوق التي تشبع رغباتهم وطموحاتهم السياسية. لكن فاتهم أو علموا وتجاهلوا أن هذا التحالف موجود بالأصل لحماية الكيان الصهيوني والمصالح الاستعمارية الأمريكية في المقام الأول. فهو الذي يغض النظر والطرف عن تجاوزاتهم وقمعهم للناس في الضفة الغربية. وعن تجويعهم للذين ينتمون لحماس وفصائل أخرى تعارض نهجهم. وعن قيامهم بطرد واعتقال وفرض إقامة جبرية على الكثير من المعارضين. وعن قطع الرواتب والمخصصات والمساعدات عن عشرات آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة حتى شمل القطع عناصر من فتح والشرطة والأجهزة ومؤسسات السلطة في القطاع. وعن قيامهم بإغلاق مئات الجمعيات الخيرية والإنسانية التي تعيل وتساعد مئات آلاف الفلسطينيين في الضفة والغربية وقطاع غزة. إن هذه المجموعة من الناس التي تتغنى بالشرعية فلتتفضل وتقول للفلسطينيين أولاً، من الذي أعطاها الشرعية، ومن انتخبها لتتبوأ تلك المناصب. وليخبروا الشعب الفلسطيني عن المسئولين عن إعادة الفاسدين والمتورطين في الفساد إلى مناصبهم القيادية؟؟ و ليقدموا موقفاً واضحاً من حقي العودة والمقاومة، ومن الاستيطان الذي يكاد يبتلع القدس ومعظم المناطق الخصبة في الضفة الغربية.

يبدو أن هؤلاء القوم الذين يطلقون تصريحات معادية لمصالح الشعب الفلسطيني مثل اعتبار غزة وكراً وملاذاً لتنظيم القاعدة ولجماعة فتح الإسلام ولما يسمونه الإرهاب الإسلامي. قد حسموا أمرهم وركبوا قطار أمريكا الذي سيحاول الوصول بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني إلى الهاوية.

المتأوسلون لا يريدون قطاع غزة ولا الحوار الوطني الصادق

نضال حمد

  Friday 04-01 -2008