الأرشيفوقفة عز

الموت على الطريق الى الفردوس الموعود – نضال حمد

اللاجئون الفارون من الحروب والصراعات والقمع والفقر والعوز والجوع والظلم، يموتون في بحار وأنهار وغابات أوروبا. يموتون جوعاً وبرداً ومرضاً. يموتون وهم يحلمون بفردوس قريب طريقه مفروش بالورود. اعتقدوا بأن الوصول إليه سريع كما وعدتهم عصابات التهريب. لطالما حلموا بالفردوس الموعود منذ سنوات أو أشهر وهم يعيشون على أمل. يحلمون منذ قرروا مغادرة بيوتهم والدخول في المجهول، في النفق المظلم أو في الغابات التي لا تنتهي بسرعة. هؤلاء المعذبون في الأرض منهم من باعوا بيوتهم وما كانوا يملكون في اماكن اقامالتهم وسكنهم لكي يؤمنوا ثمنهجرتهم ومغامرتهم. ليعبروا الحدود والأنهار والبحار وحقول الألغام، ثم ليتسللوا الى الغابات ويسيروا فيها لأيام عديدة، فمنهم من مرض ومن أرهق ومن تعب ومن مات برداً وجوعاً ومرضاً. دون أن يراهم أحد وأن يسمعهم أحد سوى الله الواحد الأحد.

أحد هؤلاء الضحايا هو الشاب الفلسطيني محمد منير ريان الذي توفي في غابة باليونان في ٢١-١٠-٢٠٢١ لكن قبل وفاته بقليل اتصل بوالدته وقال لها: “أماه أنا موجوع وعم بموت.. بدي رضاك عني”.. كانت تلك آخر كلمات سمعتها الأم من إبنها، اللاجئ الفلسطيني، محمد منير ريان؛ من مخيم اليرموك، جنوبي العاصمة السورية دمشق، قبل أن ينقطع الاتصال به، ليلفظ فيما بعد “نجلها” محمد أنفاسه الأخيرة في الغابة اليونانية وحيداً، بعيداً عن الأهل والأصدقاء. هناك في الغابة عثر عليه فلاح يوناني وتم نقله الى المستشفى ومن ثم دفن في مقبرة اسلامية بمدينة كومنتيني اليونانية.

بين هؤلاء اللاجئين الذين ماتوا في اليونان وتركيا وروسيا البيضاء الشهر الفائت وهذا الشهر هناك لاجئين فلسطينيين من مخيمات سوريا بالذات.

الشابان توفيا في اليونان بعدما تمكنا من عبور النهر والحدود مع تركيا الى الاتحاد الاوروبي. فيما توفيت المرأة بسبب البرد والمرض في روسيا البيضاء الاسبوع الفائت وتحديدا يوم الثامن من الشهر الجاري، محمد ريان توفي قرب كومنتيني فيما لؤي رحمة توفي في سالونيكي اليونانية يوم ١١-١١-٢٠٢١.

بالرغم من هذه الحوادث المؤلمة لا يزال اللاجئون المتجمعون في تركيا بالذات وفي وروسيا اليبيضاء يحاولون التسلل والدخول إلى أوروبا، والوصول الى جنة ألمانيا واسكندنافيا وفردوس بلجيكا وهولندا. مع علمهم ومعرفتهم بالمخاطر الكبيرة التي تنتظرهم والتي قد تتسبب في وفاتهم. كما مع معرفتهم بامكانية حدوث عمليات احتيال ونصب عليهم من قبل مافيات التهريب، التي فيها عناصر عربية وأوروبية، فهي مافيات دولية ومحلية.

بينما هؤلاء اللاجئين يموتون بعد رحلات عذاب طويلة وشاقة، يخرج علينا أشخاص معادون للاجئين وللمهاجرين وللأجانب وللمسلمين مثل الجنرال البولندي رومان بولكو، ليقول لنا عبر شاشات الفضائيات البولندية، بأن اللاجئين مرسلين ومبعوثين للارهاب من قبل لوكاشنكو رئيس روسيا الييضاء. ولا ينسى بولكو أن يضيف أيضاً “أن اللاجئين مدربون من قبل وحدات لوكاشنكو الخاصة وأنهم ارهابيين”. عندما قال له الصحفي في التلفزيون البولندي أن هناك بين اللاجئين نساء وأطفال شاهدناهم في الأخبار. هل هؤلاء أيضا تدربوا على السلاح في سوريا والعراق؟

أجابه الجنرال رومان بولكو: ليس في العراق أو سوريا بل لدى الوحدات الخاصة لروسيا البيضاء.

يبدو أن الجنرال رومان بولكو يصلح ليعتمد ناطقاً اعلامياً بإسم المعادين للاجئن وللاسلاموفوباويين في بولندا.

نضال حمد

١٤-١١-٢٠٢١

الموت على الطريق الى الفردوس الموعود – نضال حمد