بساط الريح

بئس الرئيس أنت: كتاب مفتوح – الدكتور/ أيوب عثمان

إلى الرئيس عباس قبل مخاطبته الأمم المتحدة

لأنها انهزامية واستسلامية كل الذرائع التي امتشقتها وما تزال تمتشقها، انتصاراً للتفاوض كقولك: “إذا توصلنا إلى حل بالمفاوضات نكون قد أنجزنا، وإذا فشلنا فنحن لا نخسر لأننا خسرانين خسرانين”، وكقولك: “لأن الاستيطان لن يتوقف، بل سيتصاعد، سواء وافقنا على المفاوضات أم رفضناها، لكننا إن لم نذهب فسنخسر أكثر وسنخسر الدعم الدولي وستصاب علاقاتنا بالخلل مع كلّ القوى التي تؤثر في المواقف والقرارات والرؤى الدولية”،

ولأن قادة الشعوب وزعماء الأمة لا يرهنون أنفسهم إلى ذرائع كتلك التي تتذرع بها مثل “شيء أفضل من لا شيء”، أو “ليس لدينا خيار أو بديل”، أو “العرب أموات”، أو “العرب باعوا حالهم”، أو “العرب نعاج” أو “العرب محكومون لأمريكا وإسرائيل”، أو “لماذا لا نذهب إلى المفاوضات؟ نحن خسرانين خسرانين”، أو “أوباما تراجع عن وعوده لي”… إلخ من ذرائع تعيب صاحبها أو من يرددها أو من يستند عليها، فيرهن نفسه لها،

ولأنك سبق أن أعلنت عام 2008 عن وقف المفاوضات ثم عدت إليها بلا ضمانات، وبلا اشتراطات، وبلا أي تعديلات أو تحسينات، وهو ما تسعى إلى العودة إليه الآن، علانية أو سراً، ولأنك لم تترجم على المستوى العملي، حتى اليوم، أنه لا جدوى من التفاوض مع من يضع التسليم بـ “يهودية الدولة” شرطاً لاستئناف التفاوض،

ولأنك- وأنت الرئيس والقائد والزعيم- لم تسع إلى خلق بديل عن التفاوض لأنك لا تؤمن إلا بالتفاوض، فأبقيت جهدك منصباً وعينك مركزة على التفاوض فقط، دون ابتكار بدائل له، علماً أن غياب البديل عن التفاوض هو الدافع الأكبر للذهاب إليه والدفاع عنه والارتهان له، باعتباره سبيلاً ضرورياً لا مصرف عنه لديك،  وحتمية لا محيص عنها عندك،

ولأنك ترى- بل ونؤمن- أن إصرارك على التفاوض يؤمِّن لك الاستمرار على رأس هذه السلطة الخربة، فيما الأصل أن تجعل من نفسك خادماً لشعبك، حامياً لمنجزاته، ومدافعاً عن أرضه وسمائه وهويته وحقوقه ومنجزاته،

ولأنه كان ينبغي لك أن تدرك- وأنت رئيس السلطة ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس حركة فتح  المناضلة- أن “حكومة الاحتلال تقيم دولة المستوطنين في الضفة الغربية بشبكة واسعة من المواصلات والترابط الديمغرافي والجغرافي، أما الدولة الفلسطينية فهي متناثرة الأوصال وكانتونات معزولة، وهو ما قاله الخبير الفلسطيني في شؤون الخرائط، خليل تفكجي، الذي أضاف قائلاً بكل غيرة وحسرة: “يا للأسف، المفاوضات تجري، والمستوطنون في تزايد، وهذا يشير إلى أن جولات المفاوضات فرصة ممتازة لحكومة الاحتلال التي تبنت فكرة أخذ الوقائع على الأرض في أي تسوية قادمة”، ولأنك تركت الاستيطان يتمدد ويتمدد ويتمدد إلى أن طلَعْتَ علينا – قبل سنوات – مقراً بأن الاستيطان لن يتوقف بل سيتصاعد، سواء وافقنا على المفاوضات أم رفضناها، مؤكّداً حينها أن علينا أن نذهب إلى المفاوضات لأننا خسرانين خسرانين”،

ولأنك- وأنت رئيس في قبضته أربع رئاسات من السلطة إلى الدولة إلى منظمة التحرير إلى حركة فتح- قد اشتهرت بلازمتك التي تشدو دوماً بها، قائلاً دون خجل أو وجل: “البديل عن المفاوضات هو المفاوضات، وإن فشلت المفاوضات فلا سبيل أمامنا إلا المفاوضات”.

ولأنك- وأنت رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فضلاً عن رئاستك للسلطة- قد صمَمْتَ أذنيك إذ وضعت في اليمنى الطين وفي اليسرى العجين أمام فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي وقفت كلها ضد المفاوضات،

ولأنك فرغت منظمة التحرير الفلسطينية من مضمونها الكفاحي الوطني، حيث لم تفعل شيئاً في شأن تفعيلها وإعادة إحيائها وتطويرها، طبقاً لما تم الاتفاق عليه في  اجتماع الفصائل معك في مارس 2005 بالقاهرة، وكذلك في اتفاق القاهرة 2011،

ولأنك عملت جاهداً – وما تزال- على تفريغ حركة فتح ذات الإرادة الثورية والإرث النضالي العظيم من مضمونها وإرثها،

ولأنك شهدت مجاناً أمام وفد من متطرفي حاخامات اليهود الذين استقبلتهم بحرارة في 27/8/2012 في مكتبك برام الله أن “إسرائيل وجدت من أجل أن تبقى دولة لها كيانها وليس لأن تزول”، فضلاً عن سؤالك معبراً عن افتقادك وأمنيتك للقاء أكثر حاخامات اليهود تطرفاً، الحاخام عوفاديا يوسيف، الذي اشتهر بتطرفه العدائي للعرب، والذي وصل حداً جعله يصفهم بالأفاعي، كما جعله يحرض على قتلهم، زيادة على أنه هو الذي أباح قتل الأطفال، وهو الذي قدم الفتوى التي شرعت حرب الرصاص المصبوب على غزة عام 2008/2009 وأقرتها،

ولأنك تنازلت عن حقّ العودة، مؤكداً على ذلك بتنازلك عن صفد، حيث آباؤك وأجدادك ومسقط رأسك،

ولأنك سَخِرْتَ وأوغلت في سخريتك من المقاومة التي وصفت صواريخها بالعبثية، تماماً كما سَخِرْتَ من سفن وقوافل التضامن القادمة إلى غزة لكسر الحصار عنها، واصفاً إياها هي الأخرى بأنها سفن وقوافل عبثية، ولأنك تمارس على المقاومة الباسلة المستبسلة ضغطاً لا يعني إلا سعيك لتركيعها وإخضاعها ولتصفية قضية شعبها، مؤكداً بما تفعل أنك أنت الذي يحاصر غزة وشعبها وحياتها ومقاومتها، ولأنك لا تؤمن بشرعية مقاومة الاحتلال بكل وسيلة تتاح إلا التفاوض وسيلة وحيدة يتيمة لا غيرها ولا سواها، ولأنك أجدت – وما زلت تجيد – محاربة المقاومة كما كشف تقرير أمريكي مؤخراً،

ولأنك أعطيت التنسيق الأمني مع العدو قدسيةً وقداسة تقتل شعبنا في كل يوم وتشكل انتهاكاً لمشاعره الوطنية في كل لحظة،

ولأنك أبقيت الانقسام أحد عشر عاماً دون أن تفكّر بالحضور إلى غزّة، ودون أن تستمع لمناشدات أهلها بالحضور إليها، ودون أن تتبع بفعلك ما صدحْت به أمام السفراء العرب في موسكو بتاريخ 23/3/2011، حيث قلت: “أقصر الطرق بين فتح وحماس.. هو طريق رام الله غزة”،

ولأنك رئيس كان ينبغي له أن يكون في غزة بالأمس قبل اليوم لتعمل- وأنت في قلبها- على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة وإنهاء حصارها مع أهلها وكل قواها، ولتتحدث معهم وليتحدثوا إليك في الهم الوطني الواحد،

ولأنك رئيس خذل- وما يزال يخذل- غزة وأهلها حيث كان ينبغي لك أن تنتقل وكل حكومتك- التي هي حكومة التوافق الوطني- التي اخترتها أنت وصنعتها أنت وكانت كلها إما من صياغتك أو نتيجة رضاك عنها أو موافقتك عليها، إلى غزة المحاصرة والواقعة تحت قصف لا يرحم، ما يفرض عليك أن تنصب خيمة لك ولوزرائك تارةً فوق أنقاض الشجاعية المدمرة، وتارةً فوق أنقاض بيت حانون المحروقة، وتارةً فوق رفح التي أبيد أهلها وسويت بالأرض بيوتها، وتارةً فوق خزاعة التي نُكل بأهلها ودمرت مبانيها،

ولأنك- بالرغم من كل هذه الفواجع والمآسي والكوارث- لم تنضم إلى محكمة الجنايات الدولية وميثاق روما، خلافاً لما يريده الشعب وخلافاً لما تريده فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، لمحاكمة الجرائم الصهيونية ضد شعبنا الأعزل،

ولأنك تعلن عن رفضك لصفقة القرن، فيما تعمل على تعزيزها عبر القطيعة التي تجتهد في تعزيزها مع قطاع غزة على نحو يؤدي إلى الفصل والقطيعة بين غزة والضفة، وهو ما تستهدفه صفقة القرن تحديداً، ولأنك أنت من أسس لأوسلو ولصفقة القرن عبر وثيقة عباس – بيلين قبل ثلاثة وعشرين عاماً، ولأنك تعلن عن رفضك لصفقة القرن وأنت تعلم علم اليقين أن صفقة القرن ليست اتفاقية يجلس للتوقيع عليها طرفان أنت أحدهما، وإنما هي مجموعة من الإجراءات والمسارات والقرارات الهادفة إلى إنهاء القضية الفلسطينية عبر إسقاط حق العودة بغية إنهاء قضية اللاجئين، ووقف الدعم المالي عن وكالة “الأونروا” لإنهائها وعن مستشفيات القدس، وعبر نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بعد أن تم الاعتراف الأمريكي بها عاصمة أبدية للدولة العبرية، ولأنك تدرك أن إعلانك المجرد لرفضك صفقة القرن لا يعني شيئاً، وأن اكتفاءك بالرفض دون أن يقترن الرفض بقرارات وإجراءات عملية وسياسات تواجه تصفية القضية الوطنية الفلسطينية، يعد أمراً من قبيل “البروباجاندا” التي لا طائل منها، ولأن من يواجه صفقة القرن بحزم ويرفضها بإخلاص وصدق لا يحاصر وطنه من ثغره الجنوبي ولا يجوع أهله ولا يرتكب جرائم العقوبات عليه، ولأنك قلت في رفضك لصفقة القرن أحسن الكلام، لكنك كنت في الفعل أسوأه، ما يذكرنا بالمثل المصري الشعبي “أسمع كلامك يعجبني أشوف عمايلك أتبرجل”، ولأنك لم تفعل شيئاً في مواجهة صفقة القرن بدليل ما توفره للمستوطنين من هناء وهدوء وسعادة وما تنزله على قطاع غزة وأهله من كوارث ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية،

ولأنك أنت الذي اتخذت قراراً بسحب تقرير جولدستون الذي دافع عن الحق الفلسطيني وأدان الإجرام الصهيوني، فيما كنت تعلم أن قرارك بسحبه أو بتأجيله إنما يمكن لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من خلال مدة التأجيل البالغة ستة أشهر- أن تمارسا أقذر المساومات وأقوى الضغوط وأبشعها للتصويت ضد هذا التقرير الأممي الذي نال استعداد 38 دولة لدعمه ومساندته وتبني إحالته إلى مجلس الأمن الدولي، ولأنك اتخذت قرارك بتأجيل هذا التقرير الذي اتهم كاتبه القاضي جولدستون إسرائيل باقترافها “جرائم القتل العمد”، والذي قالت عنه -وبعبارات مخنوقة- ابنة معده وكاتبه، نيكول جولدستون، في تصريح لها مع إذاعة الجيش الإسرائيلي في 17/9/2009: “إن والدي صهيوني ويحب إسرائيل وقد تمزق بين ضميره وعاطفته، وأنه  خفف قدر استطاعته كثيراً من قسوة التقرير، ولو كان غيره لخرج التقرير على نحو أكثر قسوة ضد إسرائيل، ورغم ذلك تقوم قيامة إسرائيل ولا تقعد”، ولأنك وقفت ضد تقرير جولدستون، فيما رئيس لجنة تقصي الحقائق المكلفة من الأمم المتحدة، وفي تقرير ميداني موثق في 574 صفحة، قد قال إن اللجنة “قد خلصت إلى أن الجيش الإسرائيلي قد ارتكب أفعالاً تصل إلى جرائم حرب وربما بشكل أو بآخر جرائم ضد الإنسانية، وأن الحرب التي استمرت على غزة لمدة 22 يوماً قد استهدفت شعب غزة بأكمله من أجل معاقبة السكان، إضافة إلى أن استمرار الحصار وإغلاق المعابر هو عقوبة جماعية تمثل جريمة ضد الإنسانية”،

ولأنك رئيس لم يرَ- ولا يرى، ويبدو أنه لا يريد أن يرى- في جرائم حرب 2008/2009، على سبيل المثال، ما رآه المحلل السياسي الإسرائيلي في صحيفة هآرتس، جدعون ليفي، الذي قال في 17/9/2009: “إن مجرمي الحرب يتجولون بيننا. عليهم أن يتحملوا المسؤولية وتلقي العقاب القانوني بناءً على ذلك. هذا هو الاستنتاج الخطير الذي يتمخض عنه تقرير الأمم المتحدة المفصل… طوال عام تقريباً، ونحن نحاول الادعاء بأن الدم الذي أرقناه في غزة سدى هو ماء. تقرير بعد تقرير، والاستنتاجات تتلاحق وتتشابه بصورة تثير الجزع: حصار وفسفور أبيض، وقتل للأبرياء، وتدمير للبنى التحتية، جرائم  حرب. ورد هذا في كلّ التقارير الصادرة بلا استثناء، ولكن بعد نشر تقرير جولدستون، وهو التقرير الأكثر أهمية والأكثر خطورة، فإن محاولات إسرائيل للإفلات تتحول إلى مشاهد ساخرة”، ولأنك أصدرت أوامرك بسحب تقرير جولدستون وتأجيله لستة أشهر، إذعاناً منك- طبقاً لصحيفة معاريف الإسرائيلية- للتهديد الإسرائيلي الذي ينتج إما مَنْحاً أو منعاً لترخيص شركة اتصالات خليوية في الضفة الغربية (الوطنية) التي يقف نجلك على رأسها”،

ولأنك- وأنت رئيس رباعي الصفة والوصف والمسؤولية- لا تحب مصطلح “الثوابت الفلسطينية”، كما سمعناك وأنت تتحدث لمحاورك، متذرعاً بأن السياسية لا تعرف لغة الثوابت، وإنما كلها متغيرات، ناسياً أو متناسياً أن الحديث عن “الثوابت الفلسطينية” ليس أمراً سياسياً فقط، وإنما هو أمر وطني فلسطيني لا يجرؤ وطني فلسطيني مهما بلغت جرأته أن يتجرأ عليه فيدير ظهره له أو يتجاوزه أو أن يبيعه، ولأنك قد أكدت غير مرة على عدم احترامك وعدم حبك لمصطلح “الثوابت الفلسطينية”، الأمر الذي يؤكد أنه لا ثابت لديك إلا ثابت الإذعان للأمريكيين والإسرائيليين، بغية تحقيق مكاسب لا وطنية- البتة- فيها،

ولأنك لم تُبِنْ- على المستوى العملي الميداني- عن قناعتك بأنه لا دولة بلا غزة، وأنه لا غزة بلا حماس، وأن غزة لا تعني حماس، وأن الضفة لا تعني فتح،   ولأنك لا تؤمن-  عملياً وبعيداً عن الكلام الإنشائي والتنظيري- بأنه لا مكنة لأي أحد أن يشطب رفيق دربه، وإن اختلف معه، الأمر الذي يلزمه إما بالتوحد أو بالاتفاق أو بالتوافق والتنسيق معه،

ولأنك تصر على الالتزام باتفاق أوسلو الذي اعترفت أنت واعترف كبير مفاوضيك بفشله، والذي لا تحترمه دولة الاحتلال، الأمر الذي يؤكد عدم احترامك لشعبك ولكرامته الوطنية ونضاله الأسطوري،

ولأنك  ما تزال مصراً على البقاء والتمركز والتحصن في معسكر المفاوضة ضد معسكر المقاومة، بل لأنك تجرم المقاومة وتقدس التنسيق الأمني والمفاوضة، ولأنك تعلن متباهياً ومتفاخراً بأنك تتفق بنسبة 99% مع الأجهزة الأمنية الصهيونية التي تقتل شعبك وتحتل أرضه،

ولأننا لم نر (أي أنك لم ترينا) أنك تبذل الجهد لتجميع وتطوير أوراق القوة الفلسطينية لمواجهة المشروع الصهيوني الذي وصل حتى اللحظة إلى اعتماد قانون “يهودية الدولة”،

ولأنك لم تأت بما هو مطلوب منك حتى اللحظة، من توحيد للجبهة الداخلية وخلق مشروع يجمع الكل الفلسطيني ضد الاحتلال، للتخلص من التزامات أوسلو، وإطلاق يد المقاومة وتعزيز صمود الشعب وإشراك الشتات في المواجهة.

ولأن كل ما تبذل الجهد فيه وتصر عليه هو محاصرة قطاع غزة وإفقار أهله وإذلالهم، فضلاً عن التعنت في المصالحة ومنع أي حراك سلمي وشعبي في الضفة الغربية ضد الاحتلال،

ولأنك أدرت الظهر لتفاهمات بيروت في يناير 2017 في شان المجلس الوطني، إذ قمت بعقده منفرداً في رام الله بالضفة الغربية في أبريل الماضي 2018،

ولأنك رددت على اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة (أكتوبر 2017) باستمرارك في جريمة إنزال ما يسمى بالعقوبات على قطاع غزة،

ولأنك ترفض ما تم الاتفاق عليه في القاهرة عام 2011،

ولأنك ترفض عقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية،

ولأنك تقف من مسيرات العودة موقفاً سلبياً معادياً وتبذل كل جهد كي لا تصل إلى الضفة الغربية، ما جعل الموقف الصهيوني أكثر قوة، وأكثر هدوءاً،

ولأنك تحفظ أمن عدو شعبك المحتل لأرضه، عبر التنسيق الأمني الذي وصفته بأنه “مقدس مقدس مقدس”،

ولأنك اعترفت بلسانك أنك رئيس “سلطة بلا سلطة”، وأنك “تحت احتلال بلا كلفة”، بل إنك “تحت بساطير الإسرائيليين”، ما يجعلك بلا وزن وبلا قيمة،

ولأنك تلتقي في كل شهر للتنسيق مع رئيس جهاز الشاباك الصهيوني الذي تتفق معه – كما قلت أنت – بنسبة لا تقل عن 99%في كل المسائل الأمنية،

ولأنك ما تزال تستجدي التفاوض سراً أوعلناً بوساطة الرباعية الدولية أو دول أخرى،

ولأنك تفتعل السعي إلى المصالحة بغية دفن التهدئة كما تفتعل السعي إلى التمكين بغية قتل المصالحة،

ولأنك لم تلتزم بما صدر عن المجلس المركزي في مارس 2015، إذ لم توقف التنسيق الأمني حتى اللحظة ولم تحدد العلاقة مع الاحتلال،

ولأنك أعلنت منذ أكثر من عشر سنوات أنك لن تبقى في الحكم لو أن اثنين فما فوق من الشعب قالا: “يسقط عباس”، فسأكون أنا الثالث ولن أبقى، ما يعني أنك تقول ما لا تفعل، وهذه ليست من سمات القادة والزعماء أو حتى المخاتير،

ولأنك أقصيت من تصفهم بالإسلاميين ثم ألحقت بهم اليساريين ثم الوطنيين ثم المقربين إلى أن انفض عنك قضاة ومستشارون فيما لم يَتبقَ حولك إلا المنتفعون والمنافقون والجاهلون،

ولأن القائد أو الزعيم أو الرئيس أو حتى المختار لا يكذب أهله، ولا يخرج على إرادة شعبه أو أمته أو حمولته أو عائلته، ولا يجيز لنفسه ولا يجيز أحد له أن يخالف فعله قوله،

ولأنك رئيس لا يؤمن بالأوطان وعزتها، ولا يؤمن بأن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها،

  ولأنه ما هكذا يكون الرئيس،

  فبئس الرئيس أنت!

  بئس الرئيس أنت!

 بئس الرئيس أنت!

 بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان

                                                    كاتب وأكاديمي فلسطيني

                                                      جامعة الأزهر بغزة

                                        رئيس “جمعية أساتذة الجامعات – فلسطين”