الأرشيفوقفة عز

بلال اليوسف يعيش مع مخيم عين الحلوة في لييح البلجيكية – نضال حمد

أردت أن تكون هذه المقالة آخر مقالاتي أو نصوصي وكتاباتي في سنة ٢٠٢٢ التي سوف تطوي صفحتها خلال أربع وعشرون ساعة. ستطوي ساعاتها وترحل تاركة في ذكرياتنا وعقولنا ٣٦٥ يوماً بحلوها ومرها. كانت بعضها ايجابية لبعضنا وبعضها الآخر سلبية.

ربما لم تكن نهاية عامنا الحالي ٢٠٢٢ نهاية مثالية للجندي المجهول بلال اليوسف، الذي قضى السنوات الأخيرة يعمل متطوعاً في خدمة ومساعدة وتأمين الأدوية مجاناً وأحياناً من جيبه الخاص للمرضى والمحتاجين في المخيمات الفلسطينية، كذلك لبعض اللبنانيين الفقراء والمرضى بالذات.

كنت أسعد كثيراً حين يتصل بي بلال من لييج البلجيكية ليتناقش معي ويأخذ رايي ببعض الأمور. فمجرد أنه يستشريني هذا يعني أنه ديمقراطي أكثر من قياداتنا الفلسطينية وتنظيماتها. حرص بلال على استشارتي واستشارة أصدقاء آخرين يثق بهم ويثقون به فيما يخص جمع الأدوية وتوزيعها وايصالها للعناوين الصحيحة والتنسيق في كل ذلك. حقيقة فأنا أفرح لفرحه وأسعد لسعادته لأنه إنسان يحب عمل الخير ومساعدة المحتاجين لا لشيء ولا لجاه أو صيت بل فقط لأجل علاجهم ومساعدتهم ورضا رب العالمين. فهو مرتبط بالمخيم وناسه ويعيش ألم الناس هناك ويتألم لألمهم ويحزن لحزنهم ويود لو أنه يستطيع مساعدتهم كلهم.

بلال من جيل فلسطيني عرفته بشدة ولعه بالمخيم وبإنتمائه الأصيل لحارات الفقر والجوع والإبداع الوطني والثوري، جيل من أبناء مخيم عين الحلوة الذين يعيشون في المنافي والشتات ويعيش المخيم فيهم ومعهم. فهذا الجيل أعطى لفلسطين وللقضية وللثورة كل ما يمكن أن يعطيه الفلسطيني المنتمي لفلسطينيه، لكنه لم يحقق سوى الخيبات والفشل والهزائم بسبب قيادات فاسدة ومفسدة وبرامج سياسية تكتيكية مدمرة دمرت المخيمات ثم القضية.. وانتهى أصحابها  في أحضان العدو.

بلال اليوسف الفلسطيني الطيب والذي يخدم كل الناس وكل المحتاجين بالرغم من انه إنسان يعيش مستوراً وعلى قد الحال. فهو ليس بمؤسسة أو تنظيم ولا بأمين عام، يأتي عام ويذهب عام ويبقى الأمين العام هو نفس الأمين العام، كما كتب ساخراً الصديق الكاتب الفلسطيني المقيم في السويد خالد عيسى، أضيف لاسمه “الشجراوي” نسبة لبلدته الشجرة في فلسطين المحتلة وهي بلدة الشهيد المبدع ناجي العلي وبلدة الفنان الراحل أبو عرب.

تحية لبلال صديقي وأخي ورفيقي الذي أعتز به إنساناً نقياً ووفياً، مناضلاً صلباً وصديقاً ورفيقاً وأخاً لم تلده أمي لكن أنجبه المخيم والقناعات والانتماء الى كامل تراب فلسطين. هي مناسبة كي أقول له اليوم لا تهتم بما وجدته وبما ستجده من عوائق على طريق الحق، فهذا الطريق صعب وشاق لكنه طريق النور ولا طرق أخرى غيره تؤدي الى تحقيق الأحلام والأمنيات التي لازلنا نحلم بها ونتمنى تحقيقها.

سنة جديدة سعيدة يا بلال.

نضال حمد

٣١-١٢-٢٠٢٢