الأخبارالأرشيفعربي وعالمي

تحقيق مطول عن وضع منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية المعارضة

غموض حول مصير مسعود رجوي

 

يقول أحد أعضاء المنظمة: “شيئًا فشيئًا تصبح محطماً وتنسى نفسك وشخصيتك بحيث تطيع القواعد فقط وتتحول إلى مجرد آلة”.

 

تناولت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في تحقيق مطول لها وضع منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية المعارضة والمصنفة إرهابية دولياً، حيث دخل مراسل الصحيفة باتريك كينغسلي إلى معسكر للمنظمة في منطقة مانيز في ألبانيا.

يقول التحقيق إنه ” في وادي في الريف الألباني، قامت مجموعة من المنشقين الإيرانيين العازبين ببناء ثكنات واسعة محصّنة بإحكام لم يدخلها سوى عدد قليل من الغرباء. فبناء على من تسأل فإن جماعة مجاهدي خلق أو “مجاهدي الشعب”، إما أنها بديل للحكومة الإيرانية مستقبلاً أو أنها منظمة إرهابية. لكن نادراً ما ما يُسمح للصحافيين بدخول معسكر المنظمة في ألبانيا لكي يحكموا على ذلك بأنفسهم بل إنه يتم طردهم بالقوة أحياناً”.

وأضاف المراسل أنه بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب اغتيال الفريق قاسم سليماني، قائد “قوة القدس” في “حرس الثورة الإيراني”، بدا الأمر يستحق المحاولة مرة أخرى. فهل تسمح المجموعة التي تدعي أنها تريد إيران ديمقراطية علمانية بوجود مراسل داخل معسكرها؟

 
وأشار التحقيق إلى أن من بين كبار حلفاء جماعة “مجاهدي خلق”، رودولف جولياني، المحامي الشخصي للرئيس ترامب، وجون بولتون، مستشاره السابق للأمن القومي. وقد حصل كلاهما على عشرات الآلاف من الدولارات للتحدث في مؤتمرات الجماعة، حيث يصف هذان الأميركيان النافذان “مجاهدي خلق” بأنها “أكثر معارضة شرعية لإيران”.

فبعد تجاهلها العديد من طلبات المراسل للدخول إلى معسكرها قدم أوراق اعتماده إلى أحد الحراس. وبعد ثلاث ساعات تلقى مكالمة هاتفية أبلغوه فيها بموافقتهم حيث بدأ المراسل سلسلة من المقابلات والجولات استمرت حتى الساعة الواحدة والنصف فجراً. ثم سمح لمصور الصحيفة بعد أيام بالتصوير داخل المعسكر.

وقال المراسل إنه سمح له بإجراء مقابلات مع عدد من الأشخاص داخل المعسكر حيث يصيب الإرباك كل من تسأله عن مسعود رجوي (الزعيم الفعلي للجماعة) ومكانه ومصيره فيما الإجابة الواحدة “لا يمكننا التحدث عن الأمر”.

يقول المراسل إنه بناء على طلبه، سمح له بمقابلة السيدة سمية محمدي، 39 عاماً، التي تقول عائلتها بأنها محتجزة ضد إرادتها منذ ما يقرب من عقدين.
قالت محمدي له: “هذا هو خياري، إذا أردت المغادرة، يمكنني المغادرة”.

وعلى الرغم من أن الجماعة ربما لم تحاول إخفاء محمدي، إلا أنه كانت هناك لحظات غريبة عدة عندما كانت الأسرار محصورة. فعلى وجه الخصوص، تعثر كبار المسؤولين عند سؤالهم عن مكان وجود زعيم المجموعة مسعود رجوي الذي اختفى عام 2003.

وقال علي صفوي، الممثل الرئيسي للجماعة في واشنطن: “حسناً، لا يمكننا التحدث عن ذلك”.

ولدى سؤاله إن كان رجوي لا يزال على قيد الحياة؟ وهل هو في ألبانيا؟، أجاب صفوي بعد ثوان من الصمت: “لا يمكننا التحدث عن ذلك”.

تأسست جماعة “مجاهدي خلق” في عام 1965 لمعارضة شاه إيران، ورفضت الجماعة في وقت لاحق نظام “الجمهورية الإسلامية” الذي حل محله. بعد الثورة مباشرة، جذبت المجموعة دعماً عاماً وبرزت كمصدر رئيسي للمعارضة للنظام الجديد، وفقاً للمؤرخ إيرفاند أبراهاميان.

تدعي الجماعة أنها لا تزال تحظى بدعم كبير لكن المؤرخ إيرفاند أبراهاميان يقول إن شعبيتها تراجعت بحلول الثمانينيات من القرن الماضي حيث تتركز أيديولوجية الجماعة على رجوي وزوجته مريم. ولإثبات ولائهم وإخلاصهم للرجوية يطلب من الأعضاء طلاق زوجاتهم أو أزواجهم والتخلي عن الرومانسية.

اشترت الجماعة حقولاً عدة في أحد الأودية على بعد 15 ميلًا إلى الغرب من مدينة تيرانا الألبانية وبنت معسكرها هناك. يقول الكاتب: عندما زرتها بدت القاعدة فارغة على نحو غريب. تدعي المجموعة أنها تضم ​​حوالى 2500 عضو لكن خلال يومين من زيارتنا لم نرَ أكثر من 200 شخص. فيما يبدو أن الآخرين قد تم عزلهم – أو تركوا الجماعة تماماً. يعيش العشرات من الأعضاء السابقين الآن بشكل مستقل في ألبانيا. قابلت 10 منهم قالوا جميعم إنهم تعرضوا لغسيل دماغ وأنه كان يحظر عليهم العلاقات الرومانسية والأفكار الجنسية فيما تم تقييد تواصلهم مع عائلاتهم وأصدقائهم”.

يقول عبد الرحمن محمديان (60 عاماً) والذي انضم إلى الجماعة عام 1988 وغادرها في عام 2016 “شيئًا فشيئًا تصبح محطماً وتنسى نفسك وشخصيتك بحيث تطيع القواعد فقط وتتحول إلى مجرد آلة”.

يضيف الكاتب: “من أجل محاولة التأثير لجأت المنظمة الى الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.. على سبيل المثال عندما ألقى رودي جولياني وجون بولتون خطابيهما في مؤتمرات المنظمة خلال السنوات الماضية أُمر كل عضو بالتغريد 10 مرات من حسابات مختلفة”، وفق محمديان.

يشير التحقيق إلى أن مقر المجموعة كان في العراق، تحت حماية صدام حسين. وبعد الغزو الأميركي للعراق، تخلت الجماعة عن أسلحتها. وعلى الرغم من إدراجها من قبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية في عام 1997، إلا أنها وضعت تحت الحماية الأميركية. لكن في عام 2009، تنازلت القوات الأميركية عن مسؤولية حمايتها للحكومة العراقية. سمحت السلطات العراقية، بقيادة سياسيين متعاطفين مع إيران، للميليشيات المتحالفة مع إيران بمهاجمة الجماعة.

وبدأ الدبلوماسيون الأميركيون ودبلوماسيو الأمم المتحدة في البحث عن بلد أكثر أماناً لإيواء المجموعة. بعد الضغط المكثف من قبل مجموعة من المشرعين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، قامت الحكومة الأميركية بإزالتها من قائمة المنظمات الإرهابية في عام 2012.

وبعد مرور عام، حبت بهم ألبانيا، وأعربت الحكومة الألبانية عن أملها في أن تحظى ضيافتها برضا لدى واشنطن، وفقاً لما ذكره وزير الخارجية الألباني بين عامي 2013 و2019 ، ديتمير بوشاتي.

يقول المراسل إنه بعد مغادرته المعسكر، وضعته منظمة “مجاهدي خلق” على اتصال مع ثلاثة ضباط عسكريين أميركيين سابقين ساعدوا في حراسة معسكر المنظمة في العراق بعد الغزو الأميركي. تحدث كل منهم برضى وسرور عن “مجاهدي خلق” قائلين إنه كان لأعضاء المنظمة الحرية في المغادرة منذ أن بدأ الجيش الأميركي حمايته المعسكر. وقال أحدهم إن الضباط الأميركيين كان بوسعهم الوصول إلى كل الأماكن داخل معسكرهم في العراق ولم يتم العثور على أي زنزانات في السجن أو أماكن تعذيب.

يضيف المراسل: لكن السجلات وشهوداً آخرين كانت لهم رواية أخرى.. فالنقيب ماثيو وودسايد هو جندي احتياطي بحري سابق وكان يشرف على السياسة الأميركية في المعسكر العراقي بين عامي 2004 و2005، لم يكن أحد الذين اقترحت عليّ المنظمة الاتصال بهم بل بادرت للاتصال به بنفسي.

وقال وودسايد إن القوات الأميركية لم يكن لديها وصول منتظم إلى مباني المعسكرات أو لأفراد المجموعة الذين قال أقاربهم إنهم محتجزون بالقوة.

وأوضح أن قيادة “مجاهدي خلق” تميل إلى السماح للأعضاء بمقابلة المسؤولين والأقارب الأميركيين فقط بعد تأخير لأيام عدة.

وتذكر وودسايد أنه أصبح من الصعب للغاية على بعض الأعضاء، ولا سيما النساء، البقاء، حيث كان يحاول كل اثنين منهم الهرب في شاحنة توصيل. وختم وودسايد بالقول: “أجد تلك المنظمة مثيرة للاشمئزاز. أنا مندهش لوجودهم في ألبانيا”.

ترجمة بتصرف: الميادين نت 

 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي الصحيفة حصراً