facebook

تعزيز الثقافة الفلسطينية – عادل سالم

تكتسب الثقافة الفلسطينية الوطنية أهمية كبرى في هذه المرحلة، حيث فشل السياسيون، وغيروا بوصلتهم، فلم يبق لنا الآن على الأقل إلا جبهة العمل الثقافي للحفاظ على الوجه المشرق للشعب الفلسطيني، وتشبثه بأرضه، وحقوقه، وتاريخه، وتراثه الوطني.

ويتعاظم دور الثقافة الفلسطينية عندما نعلم أن جبهة الأعداء قد اقتحمتها، وتحاول تخريبها، وتغييب الوعي الفلسطيني الوطني، لتجعل منه أداة لتنفيذ مشاريع، وأجندة غربية، وتكفيرية غريبة عن شعبنا، وتاريخه الوطني القائم على الوحدة، والتلاحم.

إن أهم ما يميز العمل الثقافي الفلسطيني خاصة أنه عمل غير تابع لمؤسسة حكومية، بل هو نتاج نشاطات ثقافية، فردية، وجمعية، ومؤسسات مستقلة في الغالب متنوعة وليست أحادية الاتجاه.
ولعل وضع الشعب الفلسطيني المشتت بين الداخل بتقسيماته المعروفة لديكم، والخارج الموزع على دول الشتات الكثيرة قد جعل منه عملا غير مقيد بسلطة، ولا مؤسسة، ولا بحزب، فانطلق وبفعل وسائل الاتصال الحديثة ليشكل حالة متنوعة تشبه قوس قزح بألوانه الزاهية.

وقد أسهم نشطاء ثقافيون، وكتاب، ومفكرون، وموسيقيون، ومؤرخون، ومدونون بدور بارز في تنشيط العمل الثقافي الفلسطيني وإبقاء القضية الفلسطينية حاضرة رغم محاولات الأعداء مسخها وتحويلها لملف تفاوضي، ورغم حالة الشلل العربي الذي نشهده هذه الأيام ومحاولات تدمير وطننا العربي، وبالتالي حرف الأنظار عن واقع فلسطين.

فصدرت الكثير من الكتب الفلسطينية التاريخية، والأدبية، والفكرية، والمعلوماتية المختلفة، وأقيمت الكثير من النشاطات الثقافية، والفكرية، والندوات إلى آخره. لتساهم في نقل المعرفة، والتنوير إلى أكبر عدد ممكن من أبنائنا، وتمتين أواصر انتمائهم لهذا الوطن.

ويعد نادي حيفا الذي يجمعنا هذا المساء أحد النوادي الثقافية البارزة في نشر الثقافة الفلسطينية، والحفاظ عليها، وتكتسب نشاطاته أهميتها من استمراريتها، والتنويع في حضورها، ومشاركة نخبة بارزة من كتاب، ونقاد الوطن في نشاطاته مما عزز حضوره وكرسه كمعلم بارز من معالم الثقافة الفلسطينية في الداخل الفلسطيني حيث محاولات الأسرلة قائمة في كل اتجاه.

على أننا يجب أن نلفت الانتباه أننا ما زلنا جميعا نسعى أن نرتفع بنشاطاتنا الثقافية لنخرج من حالة النخبة لحالة جماهيرية واسعة بحيث تصبح نشاطاتنا الثقافية نشاطات جماهيرية تشارك فيها قطاعات أوسع وتصل كل بيت، وكل مكان، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بتضافر جهودنا جميعا، لرفع مستوى ثقافة جماهيرنا، وتشجيعها على القراءة، وتحويل ثقافتنا لتمس مشاكل اهتمام المواطن العادي، وتلبي تطلعاته.

كما علينا أن ندرك تماما أننا في عصر أصبحت فيه قوى الأعداء، والتكفير، تحاول اختراق جدار ثقافتنا، ووعينا الثقافي، من خلال الإعلام، الثقافة، المال الذي خرب كل شيء واخترق من خلال بعض الأقلام التي باعت مبادئها، وأقلامها ساحة العمل الثقافي الفلسطيني، والأمثلة على ذلك كثيرة. يحالون هدم النسيج الوطني الفلسطيني الموحد عبر التاريخ ليصب في النهاية في خدمة أعداء شعبنا.

إذن نحن لا نبحث عن أي ثقافة بل نبحث عن ثقافة فلسطينية عربية إنسانية تنويرية، تدافع عن حق الفلسطيني في أرضه، وتراثه، وانتمائه العربي، والإنساني، المنفتح على الثقافات الإنسانية المقاوم لكل أشكال التغريب، والأسرلة، والتكفير.

ومن أجل هذا الهدف، وفي وسط عربي مشحون حتى النخاع بالقبلية، والطائفية، والمذهبية، وأفكار التكفير، وأنظمة عربية متهالكة، وتقوقع قطري مقيت، يصل حد العنصرية كان لا بد من أصوات ثقافية وحدوية عربية، تقفز فوق الصراعات، والخلافات فكان موقع ديوان العرب. في البداية قيل لنا لماذا ديوان العرب، ابحثوا عن اسم أفضل، أكثر جذبا، لأنهم لم يعلموا أننا كنا نبحث فعلا لا قولا عن صوت عربي حر، يساهم في تطوير، وإحياء صوت المثقف العربي الوحدوي التنويري لذلك منذ البداية كانت ديوان العرب صوت عرب الوطن، لا عرب التغريب، ولا عرب التكفير.

يجول بخاطري قول جميل قاله صديقنا الكاتب، والمؤرخ الفلسطيني عبد القادر ياسين عام ٢٠٠٥ في احتفال أقامته ديوان العرب في القاهرة عندما قال: فرقتنا السياسة، ووحدتنا الثقافة، وهذا ما فعلته ديوان العرب.

ختاما أشكر نادي حيفا الثقافي، والمشرفين عليه جهودهم المتواصلة في إقامة النشاطات الثقافية، وللحضور الكريم الذي شرفني بهذا اللقاء الممتع.

١٥ كانون أول ٢٠١٦

والسلام عليكم

عادل سالم *

اترك تعليقاً