من هنا وهناك

تهويد العراقيب الفلسطينية – بقلم : أكرم عبيد

جريمة صهيونية موصوفة تتعارض مع كل القوانين والقرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية ..!

 

 العراقيب قرية فلسطينية تقع في شمال مدينة بئر السبع في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة  وتعد واحدة من 45 قرية عربية في النقب لا تعترف بها سلطات الاحتلال الصهيوني حيث يعيش سكانها ببيوت من الصفيح والخيام  بعد أن تعرضت منازلهم للهدم بشكل كامل من قبل الجرافات الصهيونية بحجة البناء دون ترخيص اكثر من مائة مرة.

 وتقوم السلطات الصهيونية المحتلة منذ سنوات بمحاولات زراعة أشجار حرشية على ما تبقى من أراضي العراقيب التي تقدر مساحتها بنحو 1300 دونم في محيط القرية شمال مدينة بئر السبع رغم أن هذه الأراضي تخضع لإجراءات تسجيل الملكية ومسألة ملكيتها لم تُحسم بعد .

وحسب مصادر فلسطينية موثوقة يعيش في صحراء النقب نحو 220 ألف فلسطيني يقيم نصفهم في قرى وتجمعات بعضها مقام منذ مئات السنين .

وترفض سلطات الاحتلال الاعتراف بملكيتهم لأراضي تلك القرى والتجمعات وترفض تزويدها بالخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء وتسعى لحصر وجودهم في ثماني بلدات تحولت إلى مراكز للبطالة والفقر .

وتبلغ مساحة النقب  750، 12 مليون وسبعمائة وخمسين الف دونم بما يشكل نحو 40 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية وصادر الاحتلال منها 11 مليونًا حسب مصادر فلسطينية.

وقد تميز الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة عن غيره من التجارب الاستيطانية القديمة والجديدة بارتباطها بالقوة المسلحة والمجازر الجماعية لإرهاب أصحاب الأرض الشرعيين وتشريدهم بالقوة واجتثاث تاريخهم وهويتهم وحضارتهم وثقافتهم والقضاء على وجودهم لاستيطانها وتهويدها .

وقال بهذا الخصوص قال عضو الكنيست الصهيوني السابق ” يشعياهو بن فورات لصحيفة يديعوت احرنوت في عددها الصادر بتاريخ 14 / 7 / عام 1972

” إن الحقيقة  “هي لا صهيونية دون استيطان ولا دولة يهودية دون طرد العرب ومصادرة أراضيهم وتسيجها “

انطلاقا من هذه القاعدة تعرضت قرية العراقيب الفلسطينية في النقب وسكانها لحرب صهيونية مفتوحة على القرية وسكانها وتم تدميرها اكثر من مائة مرة واعاد ابنائها بنائها والتمسك بترابها كالقابض على الجمر رغم شراسة العدوان المتكرر عليها في سياق الحرب المفتوحة على شعبنا الفلسطيني  وارضه على كامل الاراضي الفلسطينية المحتلة من البحر الى النهر .

أما اليوم فقد دخلت سلطات الاحتلال الصهيوني مرحلة جديدة في تهويد النقب عنوانها تهجير العرب من مدنه وقراه لإحداث خلل ديمغرافي في منطقة النقب لصالح  قطعان المستوطنين لأسباب كثيرة ومهمة ومن أهمها موقعه الجغرافي الذي يربط بين أسيا وإفريقيا بالإضافة لأهميتها التاريخية والاقتصادية .

مع العلم أن سلطات الاحتلال الصهيوني ركزت على تهويد النقب خاصة قرية العراقيب التي تعرضت لهدم الجرافات الصهيونية اكثر من مائة مرة منذ اغتصاب فلسطين حتى اليوم وطردت حوالي 88 عشيرة عربية فلسطينية من مضاربها في النقب وما زالت تضغط وتضيق الخناق على بقية السكان العرب لمصادرة أرضهم وطردهم منها بقوة السلاح والقانون الصهيوني الذي يتنكر لحق ملكيتهم لهذه الأرض ولا يعترف بمدنهم وقراهم البدوية التي كان يسكنها حوالي 110 ألاف مواطن عربي فلسطيني من حوالي 220 ألف مواطن مجمل سكان النقب الذين تم تهجير معظمهم وتوطينهم في سبع تجمعات عربية خططت لها سلطات الاحتلال منذ بداية السبعينات وترافقت هذه الحملة التهجيرية القسرية مع حملة إعلامية تضليلية لتسويق هذا المشروع سياسيا على اساس انه عمل تطويري لحياة البدو لكن الحقيقة تؤكد أن سلطات الاحتلال الصهيوني خططت لهذا المشروع لمصادرة أرضهم والاستيلاء عليها بعد هدمها وطرد سكانها بالقوة لإعادة تأهيلها وزرعها بالمستعمرات والمستوطنين لتهويدها بالرغم من مقاومة سكانها لسلطات الاحتلال وتشبثهم بأرضهم ومدنهم وقراهم التي تم إعادة بناء بعضها رغم انف سلطات الاحتلال الصهيوني .

وفي الحقيقة إن سياسة تهويد النقب تعود بشكل عملي معلن للعام 1992 عندما وضعت سلطات الاحتلال الصهيوني اكبر مخططات ومشاريع لمصادرة اكبر نسبة من الأرض بعد عقد سلسلة من المؤتمرات الصهيونية لتهويد الجليل والنقب بحجة تطويرها وعُقد أخرها عام 1990 بحضور ما يسمى رئيس الكيان الصهيوني الإرهابي شمعون بيرز ورئيس وزرائه المجرم نتنياهو وممثلين عن مختلف القطاعات الاستيطانية والصناعية والتعليمية الصهيونية وقرر أعضاء المؤتمر الصهيوني وضع الخطط الاستراتيجية لتنفيذ مشاريع كبيرة للبنى التحتية لربط المستعمرات الصهيونية يبعضها البعض بالإضافة لبناء مستعمرات جديدة وإقامة مناطق صناعية لاستيعاب مئات الآلاف من قطعان المستوطنين لتوطين نصفهم في الجليل والنصف الأخر في منطقة النقب الذي صودرت من ارضه حوالي 90% من مساحته وما بقي منها اعتبرته سلطات الاحتلال أراضي متنازع عليها مع الفلسطينيين .

وقد تميزت الخطوة الأولى من هذه المشاريع الاستيطانية الكبرى في بناء ألاف الوحدات السكنية للجنود الصهاينة المسرحين من جيش الاحتلال الصهيوني وتم توسيع هذه المشاريع بشكل متسارع ما بين 2009 والعام 2014 وتتضمن هذه المشاريع بناء السكك الحديدية والمطارات والاستردادات الإسفلتية العريضة .

ولهدف الأساسي لهذه المشاريع الاستيطانية الكبرى تبلغ حوالي خمسين مليار دولار أمريكي لإحداث لتغيير المعادلة الديمغرافية التي ما زالت تميل لمصلحة العرب في النقب ولقطع الطريق عن أي محاولة للحديث عن أي عودة ولو كانت مجزوؤه للاجئين إلى مناطق الجليل والمثلث والنقب وغيرها من المدن الساحلية الفلسطينية المحتلة عام 1948 .

وفي إطار هذه المخططات الاستيطانية الصهيونية تم حصر العرب من سكان النقب في سبعة تجمعات بعد مصادرة أرضهم الزراعية التي وصلت عام 1948 لحوالي 3 ملايين دونم ولم يبقى منها اليوم سوى اقل من 150 ألف دونم وهي تجمع رهط وهو اكبر التجمعات المستحدثة في النقب , وتل السبع , وعرعرة , واكسيفة , والشقيب , ثم أللقبة وحورا .

وقد ترافقت هذه المخططات الإجرامية الصهيونية مع أساليب الترهيب والترغيب والخداع لتهجير أصحاب الأرض الحقيقيين وفي مقدمتها ما قام به كبير المجرمين الصهاينة الإرهابي شارون وزير الزراعة في العام 1976 الذي أسس  لما يسمى بالدوريات الخضراء كمشاريع استيطانية شبه عسكرية كان من أهم أولوياتها ملاحقة العرب الفلسطينيين من البدو في النقب ومصادرة أرضهم وطردهم بالقوة بالإضافة لمصادرة مواشيهم بحجة الرعي في أراضي الدولة ومحمياتها المزعومة .

 وكان الهدف الصهيوني من مصادرة الأرض والمواشي ضرب وتدمير الاقتصاد البدوي وتضييق الخناق عليهم لترحيلهم إلى مشاريع التوطين المستحدثة ليسهل تهويد الأرض بعد وضع العرب في تجمعات تحت سيطرة وعين سلطات الاحتلال الصهيوني وخاصة بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد الخيانية الموقعة عام 1979 مع نظام السادات المقتول ونقل معظم المعسكرات الصهيونية والمستعمرات من سيناء إلى النقب مع العلم ان هذا السلوك الاجرامي الصهيوني يتعارض بشكل صارخ مع اتفاقيات جنيف الرابعة الصادرة عام 1949 كما يتعارض مع مبادئ وقواعد القانون الدولي والميثاق العالمي لحقوق الانسان . .

هذه هي السياسة العنصرية الاستيطانية التوسعية التي تستهدف تهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة على قاعدة التطهير العرقي لفرض نكبة جديدة على العرب الفلسطينيين في المثلث والجليل والنقب والساحل لتشريدهم عبر ترانسفير جماعي إلى معازل أوسلو لتفكيك ما يسمى القنبلة الفلسطينية الديمغرافية بعد التهام الاستيطان وجدار الفصل والعزل العنصري ما يزيد عن 60% من الضفة الغربية المحتلة والقدس .

وفي كل الأحوال تتعدد المشاريع والمخططات العدوانية الصهيونية والهدف واحد شطب وتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني لفرض الكيان الصهيوني المصطنع كقوة اقليمية على المنطقة العربية من خلال المؤامرات الصهيوامريكية على شرفاء الأمة بشكل عام وعلى قوى المقاومة والصمود بشكل خاص لتحقيق الأهداف والأطماع الاستعمارية القديمة الجديدة في سياق ما يسمى النظام الشرق اوسطي الجديد وخاصة بعد استثمار ما يسمى الربيع العربي على معظم البلدان العربية واعلان الحرب الكونية على سورية من خلال تعميم ثقافة الفتنة الطائفية والمذهبية لتقسيم المقسم لتحقيق اهدافهم الاستعمارية القديمة الجديد بدعم ومساندة الانظمة الوهابية التكفيرية من السعودية الى قطر وتركيا وعصاباتها الاجرامية المسلحة التي فشلت في تحقيق اهداف اصحابها بعدما انكشفت مشاريعهم ومخططاتهم الاجرامية وخاصة في سورية والعراق واليمن التي صمدت وحطمت هذه المشاريع المتصهينة بدعم ومساندة قوى المقاومة والاصدقاء في ايران وروسيا وتحقق اهم الانتصارات واستعادت وبعدما انتقلت من الدفاع الى الهجوم وهي تخوض الربع ساعة الاخيرة لدحر الارهاب والارهابين واسيادهم في الغرب الاستعماري بقيادة العدو الصهيوامريكي الذي يحاول من خلال فرض بعض المبادرات الاقليمية والدولية لتحقيق ما عجز عن تحقيقه بالحرب والعدوان على محور المقاومة والصمود وخاصة بعد هرولة الانظمة المتصهينة بقيادة النظام السعودي للتطبيع مع العدو الصهيوني وتشريعه عبر ما يسمى عقد القمة العربية في نواكشوط السابعة والعشرين لفرض تسوية للقضية الفلسطينية بالشروط الصهيوامريكية لكن هذه المشاريع ستفشل في ظل انتصارات محور المقاومة والصمود وخاصة صمود شعبنا الفلسطيني  وحراكه الشبابي المنتفض وصمود سورية وحلفائها التي ستعلن الانتصار الكبير على الارهاب والارهابين عصاباتهم الاجرامية لتنتقل الى معركة الحسم مع العدو الصهيوني لدحره واستعادة كل الاراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها فلسطين كل فلسطين .

akramobeid@hotmail.com

اترك تعليقاً