من هنا وهناك

جبهة التحرير الفلسطينية – بيان ذكرى النكبة 67

 

بمناسبة الخامس عشر من ايار الذكرى السابعة والستين لنكبة فلسطين

 

بيان سياسي صادر عن جبهة التحرير الفلسطينية

   تأتي الذكرى السابعة والستون لنكبة فلسطين والمشهد العربي من حولنا يزداد احتراقاً وتخريباً وتدميراً , وتسجل القضية الفلسطينية تراجعاً خطيراً في حضورها كقضية مركزية جامعة للأمة ومحور صراعها الرئيسي والاساسي مع العدو الصهيوني , فلا زالت امتنا تدفع ثمن المخطط الامريكي – الصهيوني واستهدافاته الجيوسياسية , سيما استهدافه اقامة الشرق الاوسط الكبير والجديد وادامة الفوضى (الخلاقة) التي بشرت بها ادارة المحافظين الجدد والوعد باختفاء دول عن الخارطة وتشكل دول اخرى .

   فالامبريالية وحلفائها وادواتها , تسابق الزمن على امل تحقيق اهدافها الجيوسياسية , ليتسنى لها الابقاء على سيطرتها وهيمنتها على العالم واستحواذها على مصادر الطاقة في بلادنا والابقاء عليها كسوق استهلاكي يدر الارباح الهائلة للاحتكارات الامبريالية الكبرى , بما في ذلك امتصاص اموال بلادنا العربية في شراء الاسلحة ووضعها في حالة حروب متعددة بالواسطة علها تلغي حقائق التاريخ في قطع الطريق على المجموعات الدولية الكبرى التي تأبى الخضوع لاحادي القطب , وتقوم ببناء التكتلات الدولية والاقليمية الكبرى في مختلف القارات ونحو عالم جديد متوازن واكثر عدالة تتمثل في السيادة والاستقلال والتنمية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية , وقوى المقاومة والممانعة في بلادنا تقف وسط هذا المخاض , ولاشك ان القضية الوطنية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني في قلب هذا المخاض الذي تشهده منطقتنا والعالم .

   فهذا المخطط الجهنمي في تفكيك الدول وجيوشها التي اسست على عقيدة عسكرية ومفهوم امن قومي حدد الكيان الصهيوني كعدو قومي لهذه الامة , فكانت حرب الخليج الاولى والثانية بما فيها اجتياح العراق عام 2003 وتفكيك الجيش العراقي في محاولة لتقسيم العراق وضرب وحدة نسيجه الوطني والاجتماعي , الى التآمر على سوريا واستحضار القرارات الدولية بحقها ومحاولة محاصرة ايران وفرض عقوبات بحقها بسبب مشروعها النووي لاغراض سلمية والعدوان على لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية كل ذلك قبل ما يسمى (بالربيع العربي) وما العدوان المستمر اليوم على سوريا واستهداف وحدة النسيج الوطني والاجتماعي , واستهداف جيشها ومؤسساتها وبناها التحتية وهي الدولة العربية , تكاد تكون الوحيدة كدولة للصراع العربي – الصهيوني , تمسكت على الدوام بدورها المحوري المركزي في المقاومة والممانعة , وكذلك استهداف ليبيا وتدمير جيشها ومؤسساتها الوطنية واغراقها في حروب قبلية تفكك المجتمع الليبي , وتحول المجاميع المسلحة والعصابات التكفيرية الى ادوات للقتل والتخريب والتدمير , وبموافقة الجامعة العربية وبتدبير وتمويل خليجي لخدمة الغرب الامريكي الاوروبي – الصهيوني , وللآن لم يتوقف هذا المخطط الذي يستهدف مصر وجيشها , وكذلك اليمن وبناه التحتية وشعبه الذي يواجه اليوم اقسى عدوان بربري من قبل المملكة السعودية وجرائم حرب استحضرتها من ادراج بنك الاهداف الامريكي – الصهيوني .

   الى حد بات المواطن العربي يشهد التماثل السعودي – الصهيوني الخطير في مفهوم الامن القومي الجديد , بتحديد عدو جديد وفوق الطاولة هذه المرة , فلم نشهد هذه الهمجية للآلة العسكرية والخليجية ومن ايدها وآزرها في تدمير قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان , فلم يصدر عنها سوى عبارات التنديد والاستنكار , لابل ذهبت السعودية لتحمل المقاومة في لبنان المسؤولية عن عدوان 2006 .

   لاعجب ان نرى تماثلا خطيرا بين العنصرية الصهيونية وجرائم العصابات التكفيرية التي تمدها الولايات المتحدة وادواتها خاصة السعودية وقطر وتركيا بكل اسباب القتل والتدمير لوحدة الاوطان ونسيجها الاجتماعي , فالادوات الارهابية ومن ورائها الاطراف الدولية والاقليمية بما فيها الكيان الصهيوني تستهدف خلق بيئة لكيانات مجزأة من طبيعة طائفية ومذهبية وقبلية واثنية , تجعل يهودية الدولة امراً طبيعياً ومقبولاً في ظل دول وامراء الطوائف .

   ولا شك ان شعب فلسطين وقضيته الوطنية , وانتمائه الاصيل لامته وكفاحه على امتداد عقود في صفوف امته لطرد هذا العدو الدخيل على هذه المنطقة , والذي يفترض انه مرفوضاً ومنبوذاً من كل المكونات الاصيلة في الاقليم .

   وعليه وأمام هذه المخاطر التصفوية الحقيقية لحقوق الشعب الفلسطيني وخاصة بعد الانتخابات الصهيونية الاخيرة , وتشكيل حكومة استيطان عنصرية بامتياز , دفنت اوهام “حل الدولتين” وتكريس يهودية الدولة , وتوقع المزيد من تصدير ازماتها بممارسة العدوان على الاراضي والممتلكات الفلسطينية في القدس والضفة وقطاع غزة , واستصدار المزيد من القوانين والتشريعات العنصرية بحق اهلنا في مناطق ال48 , واستهداف تجمعات اللاجئين في الخارج وخاصة في سوريا ولبنان بعد موجات الهجرة الكبيرة بالالاف خاصة في صفوف الشباب والخريجين والكفاءات .

   الامر الذي يتطلب احكام ربط حلقات النضال الوطني الفلسطيني ويقتضي مراجعة سياسية وطنية شاملة على الاسس التالية :

اولا: العمل على انهاء حالة الانقسام القائمة على صراع سلطوي ووقف كل الحملات السياسية الاعلامية المتبادلة بين حركتي فتح وحماس , ولابد من الانتقال من مفهوم المصالحة والمحاصصة الى مفهوم الحوار الذي يفضي الى اقامة وحدة وطنية في مواجهة التحديات , ذلك يتطلب مغادرة قواعد اللعبة السياسية التي حكمت (الحوارات) في مختلف محطاتها منذ عام 2005 , والمطالبة الدائمة من النظام العربي التابع وفق السقف السياسي الاميركي – الصهيوني واشتراطاته السياسية على (الشريك الفلسطيني) حتى يحظى بجواز مرور ومقبول لدى (المجتمع الدولي) المختزل باستفراد امريكي – صهيوني وباسم الرباعية الدولية بملف القضية الفلسطينة , تجدد الجبهة دعوتها وفق الاولوية الوطنية الفلسطينية , وخاصة بعد انسداد آفاق المشروع السياسي الذي راهن البعض على تحقيقه , فالانتقال من المصالحة الى الحوار ومن ثم الى استعادة الوحدة الوطنية يحتاج الى مراجعة سياسية وطنية شاملة , تفضي الى تشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد ولجنة تنفيذية واعادة هيكلة كل المؤسسات الوطنية , واعتماد استراتيجية وطنية فلسطينية جديدة , تعيد تأصيل وتوصيف المرحلة النضالية الفلسطينية وتعزيز اعتبار القضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني بامتياز .

ثانيا: ان سياسة الاقتدار الوطني تقتضي التفاهم الفوري على فك الحصار عن قطاع غزة واعادة اعماره بعد ثلاثة حروب عدوانية مدمرة خاضها العدو الصهيوني ضد شعبنا الفلسطيني فيما عشرات الالاف لم بعد يعودوا الى منازلهم , في حين تزداد نسبة الفقر والبطالة , وفقدان مقومات الحياة خاصة للاطفال والجرحى وكبار السن , وذلك يقتضي نبذ الاوهام والتموضعات السلطوية من جهة , ومراجعة كل السياسات والاصطفافات السياسية والاعلامية التي لاتخدم الاولوية الوطنية الفلسطينية , ولاتخدم اولوية المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة .

ثالثا: تجدد جبهة التحرير الفلسطينية مطالبتها اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس الوطني الفلسطيني , بتفعيل قرار المجلس المركزي بوقف التنسيق الامني , وتستغرب الجبهة حملة الاعتقالات التي قامت بها اجهزة السلطة الامنية بعد هذا القرار بحق الاخوة في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين بما يشير باستمرار السلطة بايفائها بالالتزامات الامنية حيال العدو , وهذا لا ينسجم حتى مع التراجع التدريجي عن وقف التنسيق الامني .

رابعا: تدعو الجبهة اللجنة التنفيذية لوقف العمل باتفاق باريس الاقتصادي بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني , هذا الاتفاق الذي فصل على مقاس الاقتصاد الصهيوني من حيث النظام الضريبي وتحويل المناطق الفلسطينية الى سوق استهلاك بحيث تحولت هذه المناطق الى المستورد الاول من الشركات الصهيونية , وتحويل الاقتصاد الفلسطيني الى اقتصاد تابع واستهلاكي وخدمي , وتراجع الصناعات الوطنية الفلسطينية وخاصة الغذائية منها , فمقاطعة البضائع الصهيونية تتطلب تطوير ودعم الاقتصاد الفلسطيني وخاصة الزراعي والغذائي بما يعزز صمود الشعب وتمسكه بارضه ويعزز بيئة المقاومة الشعبية في وجه الاحتلال .

خامسا: كما تدعو جبهة التحرير الفلسطينية الى اخراج ملف القضية الفلسطينية من بين ايدي الرباعية الدولية ومواصلة الهجوم الدبلومسي للاستحصال على العضوية العاملة في الامم المتحدة واستكمال انضمام فلسطين لكل المؤسسات الدولية واعادة النظر بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة 3379 الذي شطب عام 1991 والذي يعتبر الصهيونية شكلا من اشكال العنصرية , والتصدي لمحاولة الولايات المتحدة  من الزام محكمة الجنايات الدولية بقرار من مجلس الامن يحمي العنصرية الصهيونية من محاسبتها ومحاكمتها ازاء جرائم الحرب التي ارتكبتها بحق ابناء الشعب الفلسطيني .

سادسا:  دعم صمود الشعب الفلسطيني في كل من سوريا ولبنان , خاصة في ضوء السعي الحثيث لاطراف دولية واقليمية لتصفية حق العودة الذي يمثل جوهر قضية فلسطين , بعد موجة الهجرة الكبيرة لابناء الشعب الفلسطيني في سوريا واعطاء اولوية لاعادة الالاف من الاهالي المهجرين الى بيوتهم وخاصة في مخيم اليرموك وتحمل الفصائل الاربعة عشرة مسؤوليتها في الدفاع عن شعبنا وتحت المظلة الفلسطينية وضمن الحدود الادارية لمخيم اليرموك , وهذا يتطلب من السلطة الفلسطينية رفع صوتها في مواجهة اصحاب الاجندات العربية والاجنبية الذين يوجهون ويدعمون هذه العصابات المسلحة داخل المخيم .

تحية لأسرانا الأبطال في سجون وزنازين الاحتلال الصهيوني

تحية لجرحانا الميامين والشفاء العاجل، والمجد والخلود للشهداء

عاشت فلسطين حرة عربية

جبهة التحرير الفلسطينية

دمشق 14-5-2-2015

 

     

اترك تعليقاً