الأرشيفالجاليات والشتات

حرب نعمة الله أبي نصر على الفلسطينيين – زاهر أبو حمدة

تلقى رالف بانش، جائزة نوبل للسلام عام 1950 لجهوده في الأربعينيات من القرن الماضي كوسيط للأمم المتحدة في فلسطين. بانش هو أول أميركي من أصل أفريقي وأول شخص من فئة الملونين يكرّم في تاريخ الجائزة. وفي اليوم التالي، في محاضرة نوبل، قال: “هناك أناس في العالم يسلّمون قبل الأوان بأن الحرب أمر لا مفر منه. ومن بين هؤلاء دعاة (الحرب الوقائية)، الذين يكمن في تسليمهم بضرورة الحرب محض رغبتهم في أن يختاروا هم بأنفسهم توقيت بدء الحرب.”


نستذكر رالف بانش، لأن رئيس الرابطة المارونية نعمة الله أبي نصر، يفتخر بأن “مجلس شورى الدولة اللبنانية، أصدر قراراً بوقف تنفيذ قرار وزير العمل مصطفى بيرم، الصادر في 25 تشرين الثاني 2021، لتجاوزه حد السلطة من خلال الاجازة للفلسطينيين المولودين في لبنان، ممارسة المهن التي حصرها القانون باللبنانيين فقط”. ويشير أبي نصر، إلى القرار أنه “أكد صفة الرابطة المارونية ومصلحتها، في الطعن بقرار وزير العمل وكل القرارات الماسة بالمصلحة العامة. كما ثبّت صفة الرابطة ومصلحتها في ملاحقة أي قضية ترى أنها تلحق بحقوق اللبنانيين والطائفة المارونية الضرر البالغ، وهو ما يندرج ضمن الأهداف المحددة في نظام انشاء الرابطة”. هكذا يعلن أبي نصر الحرب على الفلسطينيين ولو بطابع قانوني دستوري، لكنه ينطلق من أسس طائفية مذهبية لا أكثر، فلو أن الفلسطينيين ينتمون الى طائفته لعمل على منحهم الجنسية والحقوق المدنية وليس الإنسانية فقط. وهذا حدث مع المسيحيين الفلسطينيين والعراقيين والسوريين.


لا يدرك السيد أبي نصر، أن قرار وزير العمل لصالح لبنان قبل اللاجئين لأنه يسد فراغاً كبيراً في المهن مثلما حصل في قطاع التمريض. وهو لا يعلم أن إجازة الحكومة عملهم حق طبيعي لهم وتأخذ لقاء ذلك الضرائب والرسوم، وهذا أفضل من أن يتركوا لاستغلال أرباب العمل بتشغيلهم في السوق السوداء. ويبدو أن النائب السابق لم يقرأ الدراسة التي موّلتها الرابطة المارونية عام 2011 تحت عنوان “لبنان واللاجئون الفلسطينيون نحو حوار بنَاء”، وأعدها الباحث زياد الصّايغ، وتوصي بإعطاء اللاجئين الفلسطينيين تقديمات اجتماعية ومعيشية واقتصادية. والأهم أن جميع الدراسات الصادرة عن لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني ووكالة “الأونروا” والجامعة الأميركية تؤكد أن الفلسطيني لن ينافس اللبناني على أيه وظائف لا سيما وأنه لن يوظف في مؤسسات حكومية. لذلك كلام أبي نصر يندرج في إطار الشعبوية من دون قرائن علمية وعملية.


اعتبر قرار مجلس الشورى أن “المراجعة ترتكز على أسباب جادة ومهمة، بعدما تبين له من معطيات الملف ومن الأوراق المبرزة فيه، أن شروط وقف التنفيذ متوافرة في المراجعة الراهنة”. ومع أن المراجعة لم تذكر الأسباب والشروط والتداعيات، إلا أن أبي نصر يوضح أنها تكفل حق الموارنة. هذا مضحك فعلاً، فكيف سيؤثر الفلسطينيون على الموارنة ورابطتهم ورئيسها؟ هنا لا بد من التوضيح والتفسير، كي لا نتهمه بالعنصرية الواضحة في التصرفات والتعليقات.


مما لا شك فيه، أن أبي نصر وتياره يستغلان قضية حقوقية في البازار الانتخابي. وهو لا يدرك أنه يشوّه صورة بلاده في العالم لا سيما وأن لبنان منضم إلى الاتفاقات الدولية المعنية بحقوق الانسان. والأخطر أنه يطرح حرباً إعلامية ونفسية تجاه الفلسطيني وكأن الزمن توقف عنده قبل اتفاق الطائف، فاستحضار “الخطر الفلسطيني” هو حرب يمهد لها أبي نصر، وبكل تأكيد لا يريدها الفلسطيني ولو فُرضت عليه.