الأرشيفبساط الريح

حول مناهج الكتب المدرسية السورية – د. نادبا خوست

لايمكن وضع منهج التعليم دون الانتباه إلى موقع سورية التاريخي في الصراع العربي الصهيوني. وأسس التعليم الصهيونية.

مقدمة ضرورية

تؤسس برامج التعليم على المصالح القومية العليا. لأنها تربي الوجدان العام وتنسج الهوية الوطنية والتجانس الفكري. فترسخ الصلة بين الأجيال بتذوق القصائد نفسها، واحترام أعلام الثقافة أنفسهم، ومعرفة الأحداث التاريخية الحضارية بالرؤية نفسها. لذلك تتجاوز صياغتها صلاحيات مجموعة موظفين أو إداريين، إلى خطة وطنية ذات ثوابت كبرى. لايتغير نهج التعليم إلا في المنعطفات التي تقلب النهج السياسي. لذلك يلاحظ التلاعب بالكتب المدرسية حيث تتسلل الصهيونية، أو يفرض التدخل الغربي الصهيوني تغييرها.

قدم رجال النهضة العربية التعليم كمسألة مركزية. وانتبه جيل الاستقلال إلى العناصر التي تؤسس الهوية الوطنية والتجانس الثقافي، وفهم دور سورية القومي. فأسس التعليم على الاعتداد بالعروبة: بسلامة اللغة، ومعرفة الشعر العربي في عصوره الذهبية، عصر ما قبل الإسلام، والعصر الأموي، والعصر العباسي. ورسخوا بتذوقها الرابطة القومية. وثبتوا القصائد الوطنية العربية الكبرى التي ارتبطت بمقاومة الاحتلال وبالاستقلال. وتفادوا ما لايوجد بعدُ إجماع عليه، مثل قصائد نزار قباني (في بدايته)، بالرغم من احتضان البورجوازية الوطنية ذلك الشاعر الموهوب. في هذا السياق النهضوي ألف الغلاييني كتابه اللغة العربية.

لاتزال هذه المبادي التي يؤسس عليها التعليم صحيحة. لاتُقبل الإضافة إلا في هذا السياق. فهل تغير مكان سورية في الصراع العربي الصهيوني، وايمانها التقليدي بالمسؤولية عن الأمن القومي العربي، كي ينقلب نهج التعليم؟ بل اتسع التمدد الإسرائيلي والغربي، فانتقل من تفريق الدول العربية بالاتفاقيات مع إسرائيل، إلى أحلاف تجمع إسرائيل ببعض البلاد العربية لتفكيك الدول العربية ذات العمق الحضاري والقومي، وإلغاء أسسها الاقتصادية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، كي تسود إسرائيل على مجموعة مقاطعات إثنية ومذهبية. ينفذ اليوم بحرب وحشية، بمال عربي ومرتزقة، المشروع الذي رسم على الورق في ثمانينات القرن الماضي، وتدمر البنية التحتية والإنسانية والذاكرة الحضارية (1).

يفترض هذا أن يحصّن النهج التربوي والتعليمي التلاميذ بمعرفة جذورهم الحضارية وكنوزهم الثقافية واعتدادهم بها، وتذوّقهم سحر اللغة العربية، وشعورهم بتفردها بما حملته للإنسانية من كنوز أدبية وفكرية وعلمية. ويؤهلهم لفهم أن الوطن ثقافة عريقة وحضارة وآثار وعمارة وأضرحة ومدن قديمة، ويستنهض الدفاع عن مجسدات حية.

هل يناقض القرار السياسي هذا الفرض؟ قال رئيس الجمهورية: “إن خطر الفكر الوهابي بات يهدد العالم بأسره وليس المنطقة فحسب.. الشعب السوري وبعض شعوب المنطقة باتت تعي خطورة هذا الفكر الإرهابي ويجب على الجميع المساهمة في مواجهته واستئصاله من جذوره” (2). جوهر هذا الفكر رفض التراث القومي والإنساني، وحرمان الشعب من الرؤية العلمية التي تتناول مسائل العصر. تلتقي الوهابية في هذا بالصهيونية التي توصي بتدمير ثقافة الغوييم (غير اليهود)، وتطابق العولمة التي تسحق الهويات الوطنية المؤسسة على كنوز التراث الحضاري لتنشر “نمطها” الاستهلاكي (3). فمن أية هذه السبل وصل إلغاء ركائز التعليم المركزية من الكتب المدرسية السورية: ديوان العرب العظيم، ومادة اللغة العربية، العنصر الأساس في الهوية، والمراحل التاريخية التي أسست أمجاد الحضارة العربية الإسلامية؟ من غيّر الكتب المدرسية ليسقط أسس التحصين الوطني بالتعليم المدرسي؟

السؤال الضروري

السؤال الضروري: هل تلبي الكتب المدرسية الحاجات القومية العليا؟ هل تربي على اللغة السليمة، ومعرفة الشعر العربي في عصوره الذهبية، وترسخ بهما الصلة بين الأجيال والتجانس الوطني؟ هل تحصن الطالب بثقافة في مستوى خطر التهويد العالمي؟ أيجوز أن تضع وزارة التربية لنفسها أهدافا للكتب المدرسية، مع أن المفترض أن تضع الكتب المدرسية هيئة وطنية عليا من أفضل المثقفين المختصين ذوي المصداقية؟ هل الكتب المدرسة شأن من شؤون وزارة التربية أم مسألة وطنية وأمن قومي؟ ماهو رصيد مؤلفي الكتب المدرسية الثقافي والمعرفي كي يسلّم لهم وضع نهج التعليم؟ وماهي منظوماتهم الفكرية؟ ألا يستدعي الانتباه البعد الروحي عن الكتب المدرسية، وشكوى الآباء منها قبل التلاميذ، وهول الامتحانات كأنها محنة؟ وفي السياق، تصميم الأبنية المدرسية دون عريشة خضراء أو شجرة، بأسوار قاتمة، في الوقت الذي تلون فيه الأبنية في بلاد أخرى ويرسم على جدرانها الصماء! واستخدام العقوبة الجسدية في المدارس، وتخويف التلاميذ في دروس الديانة من عذاب القبر، المعتمد منذ أكثر من عقد، لنشر الحجاب.

نستنتج من فحص الكتب المدرسية: 1 – أنها تؤسس ضعف اللغة والنطق بها، والنفور من الثقافة، والعجز عن الكتابة بلغة عربية سليمة. 2 – تؤسس للفراغ الفكري الذي لاحظه الرئيس بشار الأسد. 3 – تقطع الصلة بين الأجيال. فيعرف الجيل السابق من الشعر العربي مالايعرفه الجيل الذي تربيه الكتب المدرسية اليوم. الشواهد على ذلك:

نهج تعليم الأدب العربي واللغة في الكتب المدرسية (الثانوي)

تذكر مقدمة الكتب المدرسية (4) أن تأليفها ينطلق من أهداف وزارة التربية ومن المعايير الوطنية التي تضمنتها وثيقة المعايير الوطنية للتعليم ماقبل الجامعي في الجمهورية العربية السورية. دون أن تحدد متى صيغت تلك الوثيقة ومصدرها. وتثبت أسماء مؤلفين غير معروفين في المستوى الثقافي الوطني. تتفادى نهج الدراسة الأكاديمي الذي يرسخ القيم الثقافية في الوجدان، وتختار أسلوب المنوعات. فتوحي بأنها تبدأ من الايمان بتخلف الذكاء السوري أو تقصد تأسيس ذلك التخلف، أو تنفّذ مشروع “إصلاح البرامج التربوية” بمعايير العولمة التي تلغي الانتماء الوطني.

بعض التفصيل:

1 – تلغي مادة اللغة العربية وتجعلها تطبيقات موجزة في نهاية النص الأدبي.

2 – تستبعد دراسة الأدب على أساس العصور التاريخية، مع أن التقسيم إلى عصور متصل بالتاريخ القومي، ومعتمد في الدراسة الأكاديمية التي تربي على التسلسل التاريخي، وترتب التفكير في سياق منطقي.

3 – يبيح لها ذلك التخلص من العلامات الكبرى في كل عصر: شعراءه، وقيمة قصائدهم الاستثنائية التي عاشت مئات السنوات. يعني ذلك حجب ديوان الشعر العربي عن الطلاب، وجهل كنزهم القومي والإنساني العالمي، ومصدر بلاغة اللغة العربية. ويعني إلغاء مقطع تاريخي مهم من الذاكرة الحضارية العربية.

4 – تقسّم المقرر الدراسي السنوي إلى وحدات. ويبيح لها ذلك اعتماد أسلوب المنوعات الذي يدمر رصانة المعايير. فتدسّ كاتب مقالة عادية إلى جانب شاعر عظيم. وتخلط المعاصر بالقديم، والجاهلي بالعباسي، والشعر القيم بالتافه من الكلام. باسم النمط التفسيري، والنمط التعبيري، يُستبعد الأدب وتوضع المقالة. بل يلاحظ أن نتفاً من الشعر العربي الكبير تمر ملحقة كشاهد تطبيقي من شواهد الدرس (نتف من: عمر أبو ريشة، وعزيزة هارون، وشفيق جبري، وسامي البارودي، والإمام الشافعي).

5 – يثبت كدروس في الأدب العربي: نشرة الأخبار، الإنسان ومشكلات البيئة، الرداء الكوني، كتابة تقرير، محضر جلسة، تقديم ندوة، عرض قصة، عرض محاضرة، كتابة ورقة سيرة ذاتية لملفّ قد يكون طلب وظيفة. (ألحق المعري بسرعة بهذا الخليط). ينفذ ذلك:

1 – إلغاء التراث الثقافي الموروث المعتمد كأساس قومي حضاري وكتراث إنساني عالمي. وتصغيره حيث يذكر (أمية بن أبي الصلت من الأحناف، لكن الكتاب المدرسي تفادى ذكرهم ولم يتفاد ذكر اليهود، فثبت أنه: “عرف باطلاعه على اليهودية والمسيحية والثقافات الدينية الأخرى”). ولم يقدر أن تلك القصيدة الإنسانية قيلت قبل ألفيّتينا. وهدر زمن التفتح الذي تؤسس فيه الذاكرة بالمعرفة الثقافية الوطنية، ويربى فيه الاعتداد بالخثعمي والجعدي والنابغة والمتنبي والفرزدق وليلى الأخيلية الخ.

2 – إلغاء القصائد التي قيلت في عيد الجلاء، أكبر عيد وطني جامع. وقصيدة شوقي التي كانت مسجلة على ضريح يوسف العظمة. وهي جزء من الذاكرة الثقافية الوطنية والذوق الجمالي

. 3 – بما أنه يحرم الطالب من معرفة كنوزه القومية والاعتداد بها، يجعله صيدا سهلا للحداثة الغربية، ويحقق الرؤية الصهيونية والعولمة الاستعمارية التي تمنع تحصين الشعوب بثقافتها الوطنية.

4 – يبدو كأنه يؤهل الطلاب ليكونوا موظفين يكتبون محاضر اجتماع أو يديرون ندوة، بدلا من تأهيل ثقافي يتيح لهم أن يلتقطوا بالممارسة تلك المهارات البسيطة، ويغريهم بالإبداع والانطلاق في أفق المعرفة.

5 – لايتقيد بالعناوين التي يذكرها مسطحة (عصر ماقبل الإسلام، عصر الإسلام، العصر العباسي) ويلاحظ أنه يستبعد العصر الأموي من العنوان، ثم يضطره الواقع إلى ذكره في التفاصيل. وكان يفترض أن يعرف الطلاب أن الدولة الأموية أول دولة عربية مدنية سياسية، ازدهرت في حضن بلاد الشام، العربية قبل الإسلام، (أمارتا دمشق والحيرة).

6 – قدمت الكتب المدرسية اللغة العربية في عناوينها، لكنها ألغت تعليم قواعد اللغة العربية كمادة مستقلة. وسجلت أن اللغة العربية “لغة تواصل. مهملة الأساس: أنها من مقومات الهوية. يقول المستشرق بروكلمان (تاريخ الأدب العربي):

 لغة العرب أدت واجبها الإنساني الكبير في نشر المعرفة والحضارة، وأضاءت العالم بالحكمة، ورفعت المستوى العقلي والاجتماعي للإنسانية جمعاء كما لم تفعل ذلك لغة من قبل”. “ولم تضارعها لغة من نسبها السامي في مرونتها ودقتها في التعبير عن العلاقات التركيبية. وهي مع واقعيتها التامة في وصف الأشياء تتأجج بروحانية تمكنها من التعبير عن أرق أحاسيس الحب، وكذلك عن أقوى خوالج الشعور بكرامة الرجولة“. وتلك اللغة لم تبق بحدود أمة واحدة، بل صارت أداة كل ثقافة وحضارة في المحيط الواسع الذي نفذ فيه الإسلام.

 هل يجهل مؤلفو الكتب المدرسية تلك الخصائص، ولايعرفون أن اللغة العربية عاشت لغة عالمية أكثر من أربعة قرون، وأن غير العرب كتبوا بها لأنها كانت لغة الحضارة، وأن مخطوطاتها من كنوز المكتبات والمتاحف العالمية؟

(تقدم المحطات التلفزيونية الاوروبية حتى الآن ومضات تعلّم اللغة. ويحتاج حتى العارف إلى تصفح كتب اللغة ليتذكر المنسي. في غرفة الشاعر الألماني غوته الشخصية على الحائط ورقة تذكّره بقواعد لغوية).

7 – في سياق الاستخفاف بدور الأدب العربي العظيم في بناء الشخصية الوطنية، تعتمد الكتب المدرسية كاستهلال للدرس، مقدمات طبعات لبنانية كتبت للناشرين، ومقالات كتاب غير معروفين، وبعض مقالات كتبها مؤلفون عرب عاديون، ولاتعتمد إلا نادرا جدا كبار الباحثين. لا تفيد حتى من سلسلة التراث التي نشرتها وزارة الثقافة في عصرها الذهبي.

8 –  تدمج المقالة الصحفية الحديثة في دروس الأدب العربي، بالرغم من هزال المقالات، بدلا من تعليم بلاغة النثر العربي ورشاقته (مثلا نصّ ليلى الأخيلية في سنة الجفاف، أو مقتطفات من “الأمالي” للقالي، تشهد على البلاغة والعمق وتستحضر في الوقت نفسه التاريخ الحضاري).

9 – لاتقدم الكتب المدرسية، ولو للفرع العلمي، صفحات من كتب العلماء والأطباء والفلكيين والجغرافيين والمؤرخين العرب (تقدم بدلا من ذلك نص كارل تشابيك). فتعرف “داعش” العالم الرقّاوي البتاني، كما تعرف أبا تمام، أكثر منهم فتدمر تمثاليهما في الرقة والموصل!

10– تفتقر الكتب المدرسية إلى ذائقة فنية (إذا أحسنّا الظن بأنها لاتقصد تخريب الذوق) فلا تختار أجمل النصوص وأكثرها قربا من الوجدان، بل تنتقي أضعفها. (تستبعد مثلا سجل أنا عربي لمحمود درويش، ولاتصالح لأمل دنقل، وقصائد بدوي الجبل عن الوطن أو تمجيد العلم، وقصيدة نزار قباني التي ذكرها الجعفري في مجلس الأمن، وفيها إدانة الخليج. تقدم محمود درويش على سميح القاسم كأنها تعبر عن توجه السلطة الفلسطينية. وتتجاهل توفيق زياد).

11 – بالرغم من مكانة الأندلس في الثقافة العربية والوجدان، غاب حنين الفرع إلى الأصل، وانبهار الشرق بتفتح الأندلس، القالي والأصفهاني وابن رشد وابن جبير، وأثر الأندلس في الغرب في العمارة والفكر وهندسة المدينة (نقل الأرصفة والمكتبات والحمامات، وأقنية الماء). غابت المعرفة التي تحصّن الطلاب من تهويد الحضارة والعمارة العربية الأندلسية!

هل ضعف الكتب المدرسية مقصود؟ هل هو بتوجيه يلائم العولمة؟ هل سببه أن مؤلفيها غير مؤهلين بثقافة واسعة؟ هل سبب حذف الشعر الجاهلي فكر وهابي أم تديّن سطحي؟ هل أسلوب المنوعات “إصلاح” يطبّق نهج العولمة، أم تسرب صهيوني؟

نلاحظ أن هذا النهج

1 – يبدأ من رؤية غربية تقطع الحضارات السورية عن العرب. فتصور أنهم أتوا من الجزيرة العربية مع الإسلام. ورؤية دعوية سطحية تعتمد أن الإسلام نقلة من الجهل إلى الحضارة وليس مرحلة منها.

2 – بحجة “القومية” يختار مقالات ومقتطفات ضعيفة كتبها عرب غير معروفين، تحتل مكان الشعر العربي الذي يؤسس الوجدان واللغة، وحفظته أجيال سابقة.

3 – يضع المعاصرة مقابل التراث، فيتصاغر أمام الغرب، ويوهم بأن “الحداثة” وسيلة إلى الحضارة. فلا يميز صلة التعبير بحاجات الزمن، من عمل المؤسسات الثقافية الاستخبارية على كسر الأصالة بالتجديد وتغيير موضوعات الأدب العربي. (سهرت المخابرات المركزية على مجلة “شعر” في خمسينات القرن الماضي). مع الإصرار على الحداثة، يسوق التمرد على العادات والعرف. يكتمل ذلك في التربية الاجتماعية فيحتل موضوع العنف في الأسرة، الذي توصي بتقديمه المؤسسات العالمية، درسين. والحضارة درسين. وقعنا في الشبكة التي رميت لنا بموضوعين من موضوعات الاختراق الغربي الصهيوني: مسألة “المعاصرة والتراث” التي لانزال نبحثها منذ عقود. وموضوع التمرد على التقاليد والأسرة (6).

4 – قدم أسماء معاصرة ليس عليها إجماع ولايجوز أن يربى بها الوجدان. مقالة غادة السمان، (لانص ليلى الأخيلية)، التي هجرت سورية منذ خمسين سنة، وأقامت كتبها على العلاقة بالرجل، وأساءت إلى غسان كنفاني بنشر رسائله إليها دون رسائلها إليه. ومقالة زكريا تامر الذي جلس إلى طاولة قطر مع برهان غليون حفاوة بالثورة السورية (لامقالة الماغوط). وغيرهما.

5 – أخذ هؤلاء المعاصرون مكان أعلام عليها إجماع كالنابغة الذبياني ومالك بن الريب والخثعمي والفرزدق وجميل بثينة والمتنبي وأبي فراس وديك الجن الحمصي.. الذين تؤسس نصوصهم اللغة السليمة والوجدان العام.

6– في موضوع “التأثر والتأثير” تلاحظ (اللغة العربية وآدابها كتاب الطالب الثاني الثانوي الأدبي) رؤية تجترّ موضوع المثاقفة ولاتعترف إلا بالغرب الاستعماري. فتتجاهل العلاقة العريقة بين شعوب كانت جزءا من الحضارة العربية وتقرّبها المصلحة الوطنية اليوم. مثل سعدي الشيرازي الذي قال متألما من قحطٍ عانت منه دمشق:

وإن أكن لم يبن جرح على بدني    فإن جرح اليتامى في سويدائي

وقال موجوعا على بغداد التي خربها المغول:

نسيم صبا بغداد بعد خرابها    تمنيت لو  كانت تمر على قبري

بكت جُدُر المستنصرية نُدبةً  على العلماء الراسخين ذوي الحُجَر

نوائب دهرٍ ليتني متّ قبلها   ولم أر عدوان السفيه على  الحجر

والخيام، ونظامي الذي كتب ملحمة عن مجنون ليلى. والأدب الروسي المتصل بالشرق وبلاد الشام: ليرمنتوف، وبوشكين المعجب بالقرآن، وتولستوي الذي أثرت فيه ألف ليلة وليلة. وغوتيه المعجب بشخصية النبي محمد والمعلقات وامرئ القيس. ولامارتين وشاتوبريان ونيرفال. لايجوز التصاغر، وخاصة في كتاب مدرسي. لذلك يفترض ألا يمس موضوع التأثر والتأثير إلا العارف العادل. مثلا ذكرت مقالة محمد غنيمي هلال أن “استعارة العرب من الفرس كلمات كثيرة أغنت لغتهم وأثرت آدابهم وفلسفتهم ونقلتها إلى مرتبة العالمية في تلك الميادين”. فظهر جهل الكاتب: أن اللغة العربية كانت طوال أربعة قرون لغة عالمية كتب بها الأتراك والفرس وغيرهم من شعوب الحضارة العربية الإسلامية، من ابن سينا إلى عمر الخيام والشيرازي. وماأكثر مفردات اللغة العربية في لغاتهم. ردد ذلك الكاتب ببساطة أن ألف ليلة وليلة “تدين بنشأتها إلى أصول هندية وفارسية”. كمن لايلاحظ مكانة الشعر العربي فيها، ورصدها المجتمع العباسي والمصري والشامي والأماكن والمدن العربية، ثم امتدادها إلى جغرافية الدولة. (فصّلنا ذلك في كتابنا “ألف ليلة وليلة والرواية التاريخية”).

7 – تفرض الصهيونية موضوعاتها على الذاكرة العامة، ومنها الهولوكوست. مقابلها لانجد عرضا يعرّف الطلاب بالصهيونية. مع أن دروس الأدب العربي تُهدر بنشاطات غير فكرية.

8 – غابت صلة العمارة بالأدب مع أنها حضن الحضارة والثقافة العربية وثمرتها (بحيرة المتوكل، جنات الأندلس، الزهراء، عمارة الرصافة التي ضمت الكنائس والجوامع، عمارة الحضارة السورية). وقد أثبتت الحرب على سورية أن تدميرها يقصد تدمير الهوية الوطنية الحضارية. بالمقابل يقصد الغرب عرض عراقته المعمارية في اجتماعاته الدولية، ويقيم احتفالات تمثل معاركه القديمة، ويفتح قصوره كاستراحات صيفية وشتوية ومزارات. وتظهر روسيا عظمة الكرمل وتكشفه في الاجتماعات وتستنهض البعد القومي كحامل للقيم، وتثبت باستعراضات في المركز التاريخي الجامع الوطني.

استنتاج 

توحي هذه الملاحظات بأن الكتب المدرسية نقيض الحاجات الوطنية العليا، ونقيض السياسة الوطنية السورية. وأنها تتجاهل الصراع المفروض على العرب والسوريين خاصة. ودور التربية المدرسية في صياغة الوجدان والتجانس الثقافي الوطني. وتجهل العمل التربوي الصهيوني في كيان العدو وفي العالم. هي إذن اختراق خطر في أسس التعليم، سواء قصدت ذلك أم لم تقصده

ألا يكسر وحدة الوجدان أن يكون ما تعلمه جيل شاب، منذ عشر سنوات، متقدما على ما يتعلمه التلاميذ اليوم؟ أليس خطرا أن يغيّب عمالقة الشعر العربي، وتغيّب أيضا قصيدة شفيق جبري عن الجلاء التي تعلمتها أجيال سابقة؟ ألا يناسب هذا الوهابية التي تلغي التاريخ والشعر وتدمر المنحوتات والعمارة، والحاجة الصهيونية إلى أجيال عربية تجهل تاريخها لتشكلها كما تشاء؟ يقول الكاتب الإسباني غالا: الثقافة هي التي تؤسس الشعور القومي. وكم هو مصيب!

المقترح 

1 – إلغاء الكتب المدرسية المتداولة والعودة إلى نهج التعليم القومي.

2 – إعادة النظر في الموقف الذي يلغي الحضارة العربية قبل الإسلام فيفقد العرب عمقهم التاريخي الحضاري. وتعليم نصوص من الحضارة السورية وتعليم نصوص من الحضارة السورية، مثل أسطورة الخلق، أول تأمل في الكون والإنسان. (يبحث الإسرائيليون عن تاريخ قبل ثلاثة آلاف سنة، ولايجوز أن يرمي العرب تاريخهم الحضاري ويوحوا بأن مشيدي الحضارات السورية وثنيون يجوز تدمير آثارهم.

3 – تدريس قواعد اللغة العربية كمادة مستقلة. يلحق بها تطبيق القاعدة على نص أدبي.

4 – تثبيت النهج الأكاديمي في تدريس عصور الأدب التاريخية: عصر ماقبل الإسلام، العصر الأموي، العصر العباسي. وتقديم شعراء كل عصر وقصائدهم الكبرى. هذا النهج يحمي الكتب المدرسية من أسلوب المنوعات، ويعمق الثقافة والشعور القومي.

5 – اعتماد القصائد التي أسست الوجدان العام والصلة بين الأجيال (قصيدة مالك بن الريب في رثاء نفسه، ولقد ذكرتك بالزهراء مشتاقا، أيها الساقي إليك المشتكى.. الخ. التي ألغاها مؤلف الكتاب المدرسي. بينما يحفظ الآباء والأبناء الفرنسيون والروس قصائد من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. ولايخطر لبريطاني حذف شكسبير ولالروسي حذف بوشكين).

6 – في النثر: تثبيت نصوص أدبية من العصور الذهبية، الأدبية والعلمية والجغرافية والتاريخية. بدلا من مقالات عربية هشة.

7 – إضافة كتاب قراءة ملحق بالكتاب المدرسي، جذاب وممتع، فيه نصوص أدبية وتاريخية تتصل بالذاكرة القومية: عن عرابي، وعمر المختار، ويوسف العظمة، وشكري العسلي. ودور شهداء أيار في استنهاض الوعي القومي ومشروعهم لدولة مستقلة قائمة على المؤسسات والتعليم. ونص لقاء شكري القوتلي بتشرتشل. ونصوص عن سناء محيدلي، وجميلة بو حيرد، ويحيى شغري الذي قال وهو ينظر في عيني قاتله “والله لنمحيها”.

8 – تأكيد مكانة رجال الاستقلال، ورثة شهداء أيار، من يوسف العظمة إلى شكري القوتلي وفوزي الغزي أبي الدستور، وإضاءة وإضاءة الثورة السورية التي جمعت يوسف العظمة وصالح العلي ورجال حماة وجبل العرب بشعار الدين لله والوطن للجميع.

9 – تربية أجيال وتحصينها في صراع عالمي وإقليمي ليست مسألة إدارية تختص بها وزارة التربية، بل مسؤولية وطنية عليا. لذلك يتجاوز تأليف الكتب المدرسية مؤهلات العاملين فيها. والمثل على ذلك كوبا (5).

10 – تثبيت نصوص كبار الكتّاب الغربيين الذين احترموا الشعر العربي وفهموا مكانة الثقافة والعلوم العربية في الحضارة الإنسانية.

11 – صياغة مشروع وطني تشارك فيه وزارة الثقافة ووزارة الإعلام ووزارة التربية ومؤسسات أخرى لتجسيد التراث الثقافي في أعمال فنية. (غنّيت قصائد تاغور. ونشر الروس مسرحيات الأدب الكلاسيكي الروسي وأفلاما من رواياته وكتبا صوتية ومثلوها مسلسلات، فثبتوه كعنصر في الهوية الوطنية وأهلوا لمعرفته والاستمتاع به واحترامه. نشرت أم كلثوم القصائد العربية الكبرى في الأوساط الشعبية، فكانت تصادف على سيارات التاكسي والسوزوكي أبيات منها. في ذلك السياق كانت فيروز والرحابنة. وشهد حفلة جوليا بطرس في جونية على الحاجة إلى الأغنية الإنسانية الوطنية). تقديم القصائد العربية وشعر الاستقلال للغناء يكسر التفاهة السائدة، ويرفع مستوى اللغة العربية والذوق العام، يجعلها أغنيات عامة تواجه “الإنشاد” الوهابي، وفيديو كليب الذي ينشر الانحطاط، ويؤسسها كعنصر في الهوية الوطنية، ويسهل على التلاميذ حفظها. (مثلا، قصيدة نزار قباني التي استشهد بها الجعفري في مجلس الأمن، وقصيدة شوقي عن يوسف العظمة، وقصيدة جبري عن الجلاء، وشعر الزركلي. أية تعبئة روحية كان يمكن أن ينشر غناء “دمشق ياكنزي ومروحتي”)!

12 – تضاف إلى الكتب المدرسية معلومات عن الفن التشكيلي السوري.

ملحق

لايمكن وضع منهج التعليم دون الانتباه إلى موقع سورية التاريخي في الصراع العربي الصهيوني. وأسس التعليم الصهيونية

من أسس الستراتيجية الصهيونية، التربية على أوهام وأساطير توراتية في المدارس الدينية والعلمانية الإسرائيلية، وتكرارها لتصبح حقائق. وكسر الثوابت الثقافية والروحية التاريخية التي تؤسس الصلة بين الأجيال والاعتداد القومي والتجانس الوطني في الشعوب غير اليهودية. في هذه الرؤية يتجاوز أمن إسرائيل رسم خرائط سياسية تفكك المحيط العربي، إلى تهويد الذاكرة الإنسانية والشراكة في إدارة العولمة. أمثلة:

1 – نقل الباحث السوفييتي يوري ايفانوف (7) اختبارا قام به العالم الأمريكي تامارين على تلاميذ في مدارس إسرائيلية سألهم: لنفترض أن الجيش الإسرائيلي استولى خلال الحرب على قرية عربية، أحسنا أم سيئا أن يعامل سكان هذه القرية كما عامل يشوع شعب أريحا.. أوضح لماذا. أجابت تلميذة: “حسنا فعل يشوع بن نون بقتله جميع سكان أريحا لأنه كان من الضروري له أن يستولي على البلد كله، ولم يكن لديه الوقت للاهتمام بالأسرى”. وأجاب طفل في الصف السابع: “أرى أن كل شيء كان صحيحا لأننا إذا كنا نريد إخضاع أعدائنا وتوسيع حدودنا، فنحن مستعدون لأن نقتل العرب كما فعل يشوع بن نون والإسرائيليون”. طوال عقود ربى الإسرائيليون إرهابيين عنصريين. وسجلت الصور في حرب تموز أطفالا إسرائيليين يكتبون على صواريخ موجهة إلى لبنان: هدية إلى الأطفال اللبنانيين!

2 – نشرت جريدة السفير مقالة (8) تعرض فصلا من كتاب الباحث الإسرائيلي سامي شطريت “يهودية وديمقراطية، اختبار في التعليم، كتاب عن التعليم، القومية، العرقية والديمقراطية”. يقول الباحث إن قصائد بياليك، الاوكراني، أثرت فيه ككل طفل إسرائيلي وحببته باللغة العبرية ولغة الشعر. ما هي تلك القصائد التي تخاطب العصفورة؟ إحداها: “هل تحملين لي سلاما من إخوتي بصهيون، من إخوتي البعيدين والقريبين؟ آه أيها السعداء، هل يعرفون أني أعاني، أعاني الآلام؟ وما أكثر من يقومون ضدي، ماأكثرهم”؟.. تسأل المعلمة التلاميذ: من أين كتب الشاعر ياتلاميذ؟ من المنفى البعيد والمتجمد. من هم الأعداء الذين قاموا ضده في المنفى؟ الأغيار الأشرار، أعداء اليهود. وإلى ماذا يحنّ ياأطفال؟ إلى الأرض الدافئة والحارة. وأين هي هذه الأرض الدافئة؟ في الشرق، أرض إسرائيل، أرض صهيون اورشليم. يقول الباحث إنه أتى من شمال إفريقية ولم يعان من البرد، ولم يعان أهله من الأعداء، ولم يعرفوا الطغاة. لكن المعلمة كانت تعمل على إعادة كتابة التاريخ اليهودي من خلال الكذب، وتعيد تشكيل التلاميذ الجهلة الأميين وتبذر فيهم أسس الصهيونية القائمة على المنفى والاضطهاد والمعاناة والهولوكوست والهجرة والاستيطان. ذلك التحديث هو أسطورة الصهيونية الإشكنازية الكبرى التي تزعم أن إسرائيل أنقذت اليهود وأتت بهم إلى مجتمع متطور حديث. يسلب المنهج الدراسي الإسرائيلي الرسمي العروبة من اليهود العرب، ومن اليهود غير العرب الانتماء إلى شعوبهم. ألم يؤكد برنار ليفي أنه حمل المغامرة الليبية كيهودي صهيوني عمل لمصلحة إسرائيل؟ غرست الصهيونية بالتعليم الديني والعلماني، في كيان إسرائيل وخارجه، انتماء اليهودي إلى قومية ليست القومية التي نعِم بحضارتها وتعليمها، ليخدم مشروعا آخر.

3 – عشية إسقاط الاتحاد السوفييتي، وزعت المنظمة الصهيونية رسالة داخلية (9) تحضّر الصهيونيين لساعة الصفر القادمة، وتذكرهم بخطة عملهم في مراكز النفوذ المتنوعة. مما توصي به: “علينا أن نستلم الجزء الإبداعي والإداري في العملية الإنتاجية، وعلى غير اليهود القيام بالمهام الأخرى المادية والتكنيكية على ألا يرتقوا فوق مستوى الحراس والأذان ومراقبي النظافة”.. احجموا عن حماية المعالم التاريخية والأثرية للغوييم وستتداعى وتفككها الغوغاء من هواة الآثار حجرا، حجرا.. تظاهروا بانشغالكم عن ذلك بالقضايا الاقتصادية.. “الشعب دون تاريخ كطفل دون أبوين، في البداية يجب أن يفقدوا تاريخهم وتقاليدهم ومن ثم سنقوم نحن بتكوينهم حسب رغبتنا”.

4 – شارك الإعلام الغربي والصهيوني في إسقاط الاتحاد السوفييتي بكسر ثوابته الوطنية ومنها بطولاته في مقاومة النازية. بعد سقوطه اجتاح الصهيونيون إعلامه ونهجه الثقافي. ولاتزال الصهيونية تهرع حيثما سجلت انتصارا سياسيا في العالم، لتغيير الكتب المدرسية، ونشر الأسطورة التوراتية. وتثبيت مسؤولية الشعوب عن الهولوكوست لتمنع محاسبة إسرائيل على جرائمها، وتحصّن الصهيونيين.

يذكر الباحث الروسي ستانيسلاف كونيايف مايلي: في كانون الأول سنة 2000، في يوم تحرير معتقل اوشفيتز بفضل الجيش السوفييتي، نُظم مؤتمر عن الهولوكوست في السويد. بعد المؤتمر أصدر السويديون كتابَ “عرّفوا أطفالكم بهذا. تاريخ هولوكوست في اوروبا 1933 – 1945”. كتبه اليهود السويديون، وبيع للمدارس والمكتبات وأهل الطلاب. ترجم إلى الروسية، وقدم له أحد كبار موظفي يلتسين. يدين هذا الكتاب الشعوب الاوروبية التي ارتكبت كثيرا من الجرائم ضد الإنسانية، أحدها هولوكوست. وهو عمليا برنامج عمل.

في موسكو، في سنة 2001، جرت حلقة دراسية للصف التاسع للتأهيل المتوسط العام بعنوان “تاريخ هولوكوست في مناطق الاتحاد السوفييتي”، أداره مدراء مشروع هولوكوست: ألتمان، غريبير، بولتراك. وفيما يلي أسلوب عملهم: نبحث في الصف هذه المسائل: أرسلوكم إلى الغيتو فماذا تأخذون معكم؟

اكتبوا رسالة من الغيتو. هل يجب أن نعرف أسماء المسؤولين الذي شاركوا أكبر مشاركة في “الأعمال”؟ “الأعمال” هي ترحيل السكان فجأة من الغيتو إلى المعسكر لإعدامهم. لماذا نشارك السكان اليهود إلى حد ما في مسألة ضحايا النازية؟ احكوا كيف تتصورون حياة اليهود في ألمانيا بعد قوانين نورمبرغ؟ هل تظنون أنه يمكن أن تظهر في بلدنا قوانين تشبه قوانين نورمبرغ؟

ذلك هو أسلوب تدريس هولوكوست لتلاميذ الصف الحادي عشر الروس في موضوع “بابي يار”. مخطط بعض الدروس في سنة 2006 هو: كيف غشوا اليهود الاوكرانيين وجمعوهم في صفوف في ضواحي كييف وكيف أعدمهم الاوكرانيون. تجري الدروس في مناخ تحريضي: قصيدة يفتوشينكو “بابي يار”، ومقاطع من مقالات غروسمان وإهرنبورغ وعرض أفلام. ويُنصح بألا تكون تلك الدروس بعد الطعام، لأنها تثقل أرواح التلاميذ! في سنة 2008 أذاع راديو “الحرية” شهادات كتاب أو أبطال قصص زعموا أنهم كانوا في موقع الإعدام الجماعي.

قالت غريبير، رئيسة منظمة “مكتب موسكو لحقوق الإنسان” في سنة 2007، يجب أن يدخل مفهوم هولوكوست في الكتب المدرسية. لايجوز أن نجهل هذه الصفحة من التاريخ. وأنه بفضل جهودها في روستوف أقيم على حساب موازنة البلدية، بكلفة 59 مليون روبل، نصب هولوكوست لآلاف اليهود الذين أعدموا. وأن هولوكوست ليس موضوعا يهوديا بل موضوع إنساني عام. وأن الدول المتحضرة توسّع تعليم هولوكوست. وأن “اليهود عاشوا بشكل سيء في الاتحاد السوفييتي الفاشي”.

ويذكر كونيايف: يفرض على من يزور متحف هولوكوست الأمريكي تقمص شخصية أحد الضحايا.

ينفذ ذلك البرنامج في فرنسا. أعلن الصهيوني برنار هنري ليفي (10) أن الشعب الفرنسي مذنب لأنه سمح بترحيل اليهود إلى اوشفيتز، مهملا الفرنسيين الذين رحّلوا وملايين الضحايا من الشعوب السوفيتية. وتسجل مئات المدارس في باريز لوحات تذكّر بضحايا هولوكوست. وتنظم المدارس الفرنسية رحلات إلى اوشفيتز لترسخ أسطورة تعذيب اليهود ومسؤولية شعوب العالم عن ذلك. فتغطي المجازر اليومية التي ترتكبها الصهيونية وإسرائيل وتمنع محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين. وقد أدخلت مفردة “شواه” بالعبرية مرادفة هولوكوست لترسخ الرؤية التوراتية. دفع هذا القسر الكوميدي ديودونيه إلى السخرية من فرض الشعور بالذنب على أجيال لم تعش في الحرب العالمية الثانية.

5 – اجتمع المؤتمر اليهودي العالمي ومجلسه الإداري الذي يتألف من 49 عضوا في باريز في 31 آذار 2014، واتخذ مكتبه قرارات منها: أولا دعم مانويل فالس كرئيس وزراء لعمله ضد الكوميدي ديودونيه المعادي للصهيونية. ثانيا دعم القرار البريطاني ضد لاعب كرة القدم نيقولا أنيلكا صديق ديودونيه. ودعم السلطات اليونانية ضد حزب الفجر الذهبي.

6 – قال وزير خارجية فرنسا، الصهيوني لوران فابيوس، في لقاء بالجمعية اليهودية الأمريكية اتخذنا تدابير لمواجهة المحتوى العنصري في الإنترنت “منع الشبكات التي تدعو إلى معاداة السامية أو ترفض الاعتراف بهولوكوست. نحن أيضا نركز على التعليمالعمل على تعليم الأجيال الشابة موضوع هولوكوست هو أولوية. (11)

7 – تقع هذه التفاصيل في برنامج دؤوب يغيّر الذاكرة الإنسانية، ويفرض اليهود كصناع حضارة، ويلزم الشعوب بالشعور بالذنب أمامهم، فيمهد للخضوع للسياسة الصهيونية. يطارد الإرهاب باسم معاداة السامية والهولوكوست كل من يعارض الصهيونية ويمنع إدانة السياسة الإسرائيلية. لذلك سحق، بالقوة وحرق الممتلكات والاضطهاد وبالقانون، المؤرخون الجدد الذين بحثوا هولوكوست علميا. ومن الكتب المسخرة في تهويد الذاكرة الإنسانية كتاب تاريخ ضائع الذي كتبه أحد موظفي السفارات الأمريكية في المنطقة ونشرته وزارة الثقافة السورية سنة 2013، وكتاب يدعي أن ألف ليلة وليلة كتبه أحبار يهود.واختيار قصة حاسب في الكتاب المدرسي السوري

8 – مثل على تهويد الذاكرة: أذاع هيلموت شميدت استقالته على الشعب الألماني. قال: “تمثل واجبكم حتى الآن في أن تجلدوا أنفسكم أمام الأسرة الدولية بسبب جرائم خيالية. فكلما ازددتم جَلدا لأنفسكم ازداد تقدير العالم لكم. وذلك كان الثمن لجعل صفح الدول الغربية ممكنا. وجاءت نتيجة له المعجزة الاقتصادية الألمانية. واليوم يحسدوننا على عملنا وعلى اقتصادنا لكن ليس من يحسدنا على روحنا.. منذ خمسة وثلاثين عاما ونحن ليل نهار مرهقون وذاهلون وبلهاء بفعل أعظم قوة ذات وجود في العالم: السلطة الإعلامية. فبعد غوبلز جاءنا عشرة آلاف غوبلز وهم متف

اترك تعليقاً