الأرشيفوقفة عز

خالدة وسهى جرار – نضال حمد

توفيت قبل أيام الشابة سهى جرار إبنة الأسيرة الفلسطينية خالدة جرار، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. توفيت بشكل مفاجئ حيث عثر عليها ميتة في منزل عائلتها في الضفة الغربية المحتلة. رحلت الفتاة المناضلة، سهى إبنة العائلة المكافحة. ماتت سهى قبل أن تكمل مسيرة النصر ومشاهدة رايات التحرير في فلسطين المحتلة، فالحرية أصبحت قريبة يا سهى.

كانت سهى جرار مناضلة قوية كما والدها المناضل غسان جرار وكما أمها المناضلة خالدة جرار، التي بدورها قضت معظم السنوات العشرين الأخيرة من عمرها بين السجون والمعتقلات والزنازين الصهيونية. بين قضبان السجون والمحاكم الصهيونية وتهديدات وعنتريات ووشايات وتنسيقات السلطة والاحتلال، وبين تهديدات وشتائم عباس مُغتَصِب رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. فقد اعتدى عباس عدة مرات على كرامة خالدة جرار على خلفية معارضتها لمواقفه وتجاوزاته وفرديته وتسلطه، كما ووقفت ضدها في اللجنة التنفيذية. وفي كل مرة كان يحدث تصادم بينها وبين عباس كانت بعد ذلك تعتقل من قبل الاحتلال الصهيوني وتوضع في السجن الصهيوني. لا غرابة ولا عجب في ذلك فمن سلموا القائد أحمد سعدات ورفاقه وخرجت عناصرهم الأمنية من سجن أريحا بالكلاسين، عارية تماماً، رافعة أيديها فوق رؤوسها، يمكنهم تسليم خالدة جرار وعمر شحادة وكل من يرفع صوته معارضاً لِهُبَل اللجنة التنفيذية والسلطة الفلسطينية ولنهج الاستسلام والعمل في حماية وخدمة الاحتلال والاستطيان.

على أثر وفاة سهى جرار طالب محامون فلسطينيون القضاء الصهيوني السماح لخالدة جرار المشاركة في جنازة ابنتها والقاء نظرة وداع أخيرة عليها. لكن المحاكم الاحتلالية الصهيونية رفضت ذلك. ومنع القضاء “الاسرائيلي” المعادي للفلسطينيين أمواتاً وأحياء، موالين أو معارضين للكفاح المسلح ونهج العودة والتحرير. منع الأسيرة أم يافا جرار من وداع إبنتها لآخر مرة.

للعلم فهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، التي ترفض فيها محاكم الاحتلال الصهيوني، السماح لأسرى وأسيرات فلسطينيين وفلسطينيات، وداع أفراد عائلاتهم-ن أو المشاركة في جنازاتهم-ن. إنها سياسة صهيونية متبعة منذ عشرات السنين وحتى يمكن القول منذ احتلال ونكبة فلسطين سنة 1948.

Khaleda i Suha Jarrar

هنا رسالة خالدة جرار في وداع إبنتها:

“موجوعة يا ماما بس لأنّي مشتاقة

موجوعة يا ماما بس لأنّي مشتاقة

من قوة هذا الوجع، عانقتُ سماء هذا الوطن من خلال نافذة زنزانتي في قلعة الدامون/ حيفا. أنا شامخة وصابرة، رغم القيد والسجّان. أنا الأم الموجوعة من الاشتياق. لا يحصل هذا كلّه إلّا في فلسطين. فقط أردتُ أن أودّع ابنتي بقبلةٍ على جبينها، وأقول لها أُحبّك بحجم حبّي لفلسطين. اعذريني يا ابنتي لأنّي لم أكُن في عرسك، لم أكُن بقربك في هذا الموقف الإنساني الصعب والمؤلم. ولكنّ قلبي وصل عنان السماء اشتياقاً، لامَس جسدك وطبَع قبلةً على جبينك من خلال نافذتي في قلعة الدامون.

سهى غاليتي..

حرموني من وداعك بقبلة، أودّعك بوردة. فراقك موجع، موجع.. ولكنّي قوية كقوة جبال وطني الحبيب”.

١٣-7-2021

خالدة جرار “أم يافا”

موقع الصفصاف – نضال حمد –

15-7-2021