الأرشيففلسطين

ذكرى اعتقالي الثاني – الأسير المحرر، المناضل منير منصور – أبو علي

من ذاكرة الزمن الجميل،،،،
ذكرى اعتقالي الثاني.
كان ذلك اليوم،،نفس هذا التاريخ في العام ١٩٩١ ،،كنت مع زوجتي وابنتي أريج التي لم تبلغ السنه ونصف من العمر،،،وكما في كل يوم اربعاء ،،من كل اسبوع،،اعتدت الذهاب الى سوق شعب القروي لبيع الأغراض والحاجيات التي دأبت على التجارة بها منذ تحرري بالسجن في العام ١٩٨٥،،ضمن صفقة التبادل آنذاك.
استيقظت مبكرا في صباح ذلك اليوم،،كان الطقس عاصفا،،ترددت لوهله بالذهاب أم لا،،لكن زوجتي شجعتني للذهاب،،مونها أيضا تريد زيارة أهلها الساكنين بقرية شعب.
حملت الأغراض بالسياره الغتيقه التي كانت بحوزتي،،وانطلقت وزوجتي وأريج الصغيره الى شعب،،،،طلبا للرزق،،فكما ذكرت عملت بالسوق كبائعا متجولا منذ التحرر من السجن….وصلنا الى شعب،،وتحديدا الى الساحه المركزيه حيث يتجمع الباعه المتجولين ويعرضون بضاعتهم للناس….
أركنت سيارتي بالمكان المخصص لي بالسوق،،كان المطر ينهمر بغزاره،،والرياح قويه جدا،،والبرد شديد،،بقينا بالسياره ننتظر توقف المطر،،لبسط بضاعتنا على بسطتنا،،،استمر المطر بالهطول مصحوبا بالبرد الذي اخرج صوتا عاليا حين ارتطامه بزجاج السياره الأمامي،،لذلك لم انتبه لصوت الطرق الشديد على زجاج الشباك بجانبي،،فجأه تم فتح الباب بجانبي بقوه،،ورجلا ملثما يقف قبالتي مشهرا مسدسه باتجاه رأسي،،لم أفهم ما يدور من حولي،،،نظرت وجدت رجالأ آخرين حول السياره وكلهم ملثمين،،انضم واحدا من هؤلاء الرجال،،للرجل الذي أشهر مسدسه باتجاهي،،وانقضا علي بسرعة البرق،،كنت اشعر بالبرد الشديد،،،سحباني من داخل السياره ،،نظرت حولي ،،كانت سيارات الشرطه تملأ السوق،،ورجالا مسلحين يطوقون المكان،،تعدادهم تجاوز العشرات،،لم استطع حتى رؤية زوجتي وابنتي الصغيره اللواتي تسمرن مكانهن بالسياره،،وإن كنت سمعت بكاء أريج ابالمكان،،القيت نظره سريعه حولي،،كان السوق خاليا من الناس،،والباعه المتجولين بقوا في سياراتهم،،تم سحلي الى سيارة جيب عسكريه،،بسرعه قيدوا يدي ورجلي،،ووضعوا الكيس على وجهي،،ورموني بقعر الجيب وانطلقوا مسرعين من المكان،،حتى وصلوا بي الى معتقل الجلمه،،فقد عرفت أنني هناك بالجلمه،،بسبب قياسي للوقت،،وتحسسي لهذا المكان الذي مكثت به سابقا لفتره طويله،،ولم ينتهي هذا المشوار الا بعد سنوات اعتقال إضافيه عدت بعدها من وراء الشمس،،لأجد أريج قد كبرت،،ولم يفارقها هذا المشهد حتى يومنا هذا.
الحريه لأسرى الحريه.
صباح الخير يبوي.