من هنا وهناك

رسالة فلسطينية إلى فـاروق القـدومي – عـادل أبو هـاشـم

 

الأخ الكبير  فاروق القدومي ( أبو اللطف ) المحترم

تحية فلسطينية وبعد ،،،

في المؤتمر العام السابع  لـ “حركة فـتح  “اعتمد الرئيس محمود عباس كلا من  فاروق القدومي ، وسليم الزعنون ، وأبو ماهر غنيم  أعضاء شرف دائمين في اللجنة المركزية للحركة تكريسا لمبادئ ” فـتح ” في الوفاء والاعتزاز بكبار قادتها المؤسسين .!

و انتظرت ــ كما انتظر جميع أبناء الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده ــ أن تصدر بياناً ترفض فيه هذه ــ  المكرمة العباسية ــ التي أراد منها السيد عباس أن يكرس شرعيته من خلال مقامك و رصيدك الوطني و السياسي ، وما تتمتع به من نزاهة ومن صدقية في الحركة الوطنية الفلسطينية وفصائلها كافة ، ولدى جماهير شعب فلسطين في الوطن المحتل وفي الشتات .

الأخ أبو اللطف :  

اسمح لي أن  أغتنم الفرصة فأخاطبك حيث أنت في مواقعك كافة :

ما كان منها من التاريخ وكثافته الرمزية حيث أنت في جملة الرعيل المؤسس لـ “حركة فـتح  ” والثورة الفلسطينية المعارضة قبل أكثر من خمسين عاماً، وحيث أنت و القادة الشهداء خليل الوزير و صلاح خلف و أبو يوسف النجار وخالد الحسن وكمال عدوان أقرب الرموز إلى القائد الشهيد ياسر عرفات، وأكبر عناوين ” فـتح  ” وعناوين الثورة الأحياء  ، ثم حين أنت أمين سر “حركة فـتح  ” ورئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ووزير خارجية دولة فلسطين المعلنة في المجلس الوطني في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 1988م .

وما كان من مواقفك المشرفة  حين عارضت اتفاق عمان في 1985م ، وأصدرت بياناً ضده لأنك أعتبرت أن بعض ما ورد فيه يمس حقوق الشعب الفلسطيني ، وحين عارضت مبادرة جورج شولتز عام 1988 م ، حيث أيقنت ــ بذكائك السياسي ــ أن الولايات المتحدة تريد من الفلسطينيين أن يقبلوا بالمبادرة ، ثم تقول بعد ذلك أن إسرائيل لم تقبل ، ثم تتقدم بمبادرة جديدة تحت ذلك السقف ، آي أن المطلوب منا تقديم تنازلات من قرار التقسيم إلى الأراضي المحتلة في عام 1967م ثم إلى الحكم الذاتي .!

الأخ أبو اللطف :  

لقد جاءت جميع مواقفك  الوطنية لتؤكد حقيقة ثابتة في المسيرة الفلسطينية ، و هي أن لا يلجأ الإنسان إلى تقديم تنازلات مجانية ، مستشهداً بمفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني الذي كان يعرف أن موازين القوى ليست لمصلحة الفلسطينيين ، لكنه لم يقدم أي تنازل ، معتبراً أن أهون الشرين هو الاستمرار من دون تنازلات في انتظار تبدل الظرف  .

و ما كان من موقفك المتميز من ” اتفاقـية أوسلو ” ، حيث أكدت  على أن هذه الأتفاقـية تحمل بذور فشلها منذ البداية حين انفصلت عن المبادرة الأم وهي ” إعلان مدريد ” ، وأصبحت مبادرة مستقلة حتى عن الشرعية الدولية ، حتى أصبحت المرجعية للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية  بعد أن كانت قرارات مجلس الأمن ، وخاصة القرارين 242و 338 هما المرجعية واللذان ينصان على الأرض مقابل السلام .

وكان لموقفك الاعتراضي الثابت على هذا الأتفاقية منذ إبرامها ، وتقديرك السياسي الحصيف والمبكر لما ستنتهي إليها المسألة الوطنية الفلسطينية في سياق هذا النهج المدمر الذي راهن على حل سياسي من خلال تسوية غير عادلة ،  و رفضك التفريط في حقوق شعبك ، ورفضك الانضمام إلى السلطة والذهاب إلى مناطق الحكم الذاتي، و أصرارك على أن عودتك ستكون مع عودة اللاجئين ، و أن القيادة الفلسطينية قد أوقعت نفسها في الفخ عندما قبلت الدخول إلى مناطق الحكم الذاتي  أبلغ الأثر في نفوس الأغلبية العظمي من أبناء شعبنا ، حيث حذرت من أن القيادة الفلسطينية ستعيش في الداخل في غيتو مغلق ، وأنها من أجل أن  تحيا وتعيش على هذه الأرض ستقدم التنازلات .!

 و رغم ذلك فقد آثرت التمسك بإطار منظمة التحرير، مصراً على مرجعيتها، رافضا مصادرة سلطاتها واختصاصاتها الوطنية من قبل السلطة ، حيث ثبت بعد أكثر من عشرين عاما صدق رؤيتك السياسية  من إخفاق السلطة والتسوية معا ،  وانه لا بديل عن منظمة التحرير .

الأخ أبو اللطف :

لا يغيب عنك حقيقة ما يحدث في “حركة فـتح  “، وحقيقة الذين يستميتون لطمس ما حافظت عليه الحركة طوال أكثر من خمسة عقود ــ رغم المؤمرات والا نشقاقات و الأنتكاسات ـــ من أن  ” فــتـح ” رقم لا يقبل القسمة .!!

وكيف جعل هؤلاء من حركة ” فــتـح ” رقماً قابلا للقسمة والطرح والضرب بكل ما يخطر في البال .!

وكيف تحولت الحركة بفعل بعض قيادييها و الفوضى التنظيمية الداخلية إلى مجموعات متناثرة ، وانقسمت إلى أشتات تنظيمية مختلفة  تعمل كل منها بوحي منفرد ، وبمعزل عن الآخرين  .!

و كيف أصبحت الخيانة في ” زمن أوسلو”  آيديولوجيا يفاخر بها ليلا ونهارا وعلى مرآى ومسمع من الجميع أبناء ” التنسيق الأمني المقدس ” .!

وكيف تحولت  ” فـتح ” من  مقاومة وحركة تحرر وطني إلى سلطة قمعية تسخر أجهزتها لحراسة أمن ” الدولة  الصهيونية ” ، وإلى نخبة فاسدة أو ترعى الفساد من  الأدعياء والدخلاء عليها من المأجورين الغارقين في وحل الخيانة والتفريط وبيع المواقف المجانية ، وممن هم على استعداد لتدمير الوطن من أجل بطاقة كبار الشخصيات من العدو الأسرائيلي التي تسمح لهم بالتنقل في جميع أنحاء العالم وشعبهم محتجز في المطارات والمعابر.؟!

و أن”حركة فـتح  ” قد اختزلت في يد شخص ليس لدية ما يقدمه للشعب سياسيا ، أو اقتصاديا ، ولا يملك إلا الضعف المزمن والتهاوي المستمر بالقضية الفلسطينية إلى الهاوية ، و ارتضت أن يقودها من قبلوا الدنية ، وقدموا مصالحهم على مصالح شعبهم و أمتهم و عقيدتهم ، و عملوا بموجب توجيهات الأعداء و نصائحهم ، بل و قفوا  كتفاً بجانب كتف مع الاحتلال الصهيوني ، وأصبحوا هم  والاحتلال وجهان لعملة واحدة ، و أصبح المشهد الفلسطيني في وجودهم حالة من القهر والبؤس والكمد والغم والحزن المختلط بمهرجان تعهير القضية ، و نهب الوطن وتدمير اقتصاده ،  وطمس هويته النضالية الممتدة على مدار قرن من الزمان .؟!

الأخ أبو اللطف :  

قبل مؤتمر ” حركة فـتح ” السادس في أغسطس 2009 م أبديت دهشتك من عقده في بيت لحم قائلا :

”  أن ” فـتح” ما دامت حركة تحرر وطني لا يجوز أن تعقد مؤتمرها في حضن الاحتلال الإسرائيلي، فتفقد طبيعتها التحررية والاستقلالية والصفة الشمولية بتمثيل الشعب الفلسطيني، كما أنها صاحبة المشروع الوطني الذي يسعى الشعب الفلسطيني بنضاله اليومي لتحقيقه، فكيف تنحصر في ظل سيطرة الاحتلال وتسلطه ، وتناقش قضاياها السياسية وأمورها التحررية تحت سمع الاحتلال وبصره “.!

وكنا نتمنى أن نسمع رأيك في المؤتمر السابع الذي يفتخر العدو الاسرائيلي بانه تدخل في مسار المؤتمر بمنع البعض وتسهيلا للبعض الآخر ، وأنه شارك في وضع قائمة اللجنة المركزية .!

و لماذا تم  تغييب ملف إغتيال  الشهيد ياسر عرفات ،  بل ومنع تقديم لجنة التحقيق برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح توفيق الطيراوي تقريرها إلى أعضاء المؤتمر وعدم مناقشته  بعدما كان متفقا عليه .؟!

و كيف هتف البعض بهتاف ياسر عرفات “عالقدس رايحين شهداء بالملايين”، مما أثار “رعبا وهلعا ” في نفس القائد من غضب الأحتلال ، فسارع للتهدئة وتغيير الهتاف بأي هتاف وتصفيق. .!

لذلك . . و من أجل ذلك . .  و من أجل دماء الشهداء التي ترسم حدود وطننا الحبيب فان الشرفاء من أبناء شعبك ــ  و هم يخاطبون ضميرك الوطني ــ  ينتظرون منك أن تصدر بياناٍ ترفض فيه عضويتك الشرفية في لجنة  شارك في اختيار بعض أعضائها العدو الصهيوني  .!

 
 
 
 
 
 

اترك تعليقاً