الأرشيفالجاليات والشتات

رمضان النرويج.. بين صيام عشرين ساعة و”نكهة” الحنين

أوسلو – نضال حمد – نشر في العربية نت يوم 08 نوفمبر 2004

يتسم شهررمضان في النرويج والبلدان الاسكندنافية بشكل عام بظروف خاصة يفرضها المناخ بحكم قربها من القطب الشمالي المتجمد، فهي لا تتمكن من رؤية الهلال إلا بعد حلول الشهر بيومين أو بثلاثة، كما أن الصيام اليومي قد يطول في بعض المواسم ليصل إلى 20 ساعة أسبوعيا.
وفي هذا الصدد التقت “العربية.نت” بباسم غزلان، أحد مسؤولي الرابطة الإسلامية في أسلو، الذي أوضح أنه توجد لجنة تابعة للمجلس الإسلامي النرويجي اسمها لجنة الهلال يتم عن طريقها تحديد بداية أول أيام شهر رمضان المبارك.
وذكر غزلان أن اللجنة التي تضم ممثلين عن بعض المساجد الكبيرة في البلاد تجتمع قبل بداية رمضان، وتعتمد في اقرارها لبداية غرة الشهر الكريم، “وهي بالحقيقة تعتمد على الأخبار الواردة من خارج النرويج وعلى صفحات الانترنت التي تعتمد على المراصد الفلكية العلمية”.ولكي يتم التأكيد على دخول شهر الصيام لابد من توافر شرطين، كما ذكر غزلان، وهما أن تكون رؤية الهلال ممكنة عمليا في أي نقطة من العالم، والشرط الثاني أن تعلن أي دولة إسلامية بداية شهر رمضان، “ونفس الشيء قضية العيد، لا يوجد عندنا تحري الهلال بالشكل التقليدي لان في النرويج لا يمكن رؤية الهلال إلا بعد يومين او ثلاثة غالباً من بداية الشهر”.
وعن الصيام في شهر الصيف في النرويج حيث يطول النهار كثير فيكون الإمساك في الثالثة فجرا والإفطار حوالي الحادية عشر ليلاً ، قال باسم غزلان ان الوضع حينها يكون صعبا، “لكن والحمد لله أن تلك الحالة لن تأتي قبل عشر سنوات.
وسنكون متهيئين لها ان شاء الله في حينه. حيث سيكون أمامنا متسع من الوقت لطرح هذه الحالة على العلماء للبت فيها “إذ أننا نضطر في ذلك الموسم للصيام أكثر من 20 ساعة”.
تحضيرات مكثفة
وعن كيفية تحضير المسلمين في النرويج لقدوم الشهر المبارك يقول غزلان: نستضيف في هذا الشهر بعض العلماء والدعاة من الخارج كما نستضيف قراء القرآن الكريم عن طريق دعوات خاصة أو عن طريق الأزهر الشريف وهؤلاء المشايخ يقومون بالتثقيف والتوعية وإعطاء الدروس بالتنسيق مع شيوخنا هنا”.وأضاف أنه يتم اصدار امساكية رمضان، التي تسجل أوقات الإمساك والإفطار ومواعيد الصلاة, كما يتم تجهيز المسجد بشكل أو آخر حتى يتناسب مع العدد الكبير من الرواد في رمضان ، وخاصة خلال صلاة التراويح التي يتخللها درس خاص يومي، يتضمن موعظة أو عبرا من السيرة النبوية.. الخ، كما تعقد دروس أخرى بعد صلاة الظهر والعصر إضافة إلى إقامة حلقات قرآن.
ويقول إن المسجد ينظم إفطارا جماعيا بسيطا بشكل يومي يتمثل فقط في التمر والحليب ومن ثم يفطر كل واحد على طريقته الخاصة، ولكن هناك أيضا إفطارا جماعيا كاملا مرة أو مرتين في شهر رمضان، يدعى إليه جميع المسلمون رجالا ونساء صغارا وكبارا، ويكون فرصة للتعارف الاجتماعي بين أبناء الجالية.
العمل والصوم
وأوضح غزلان أن مسلمي النرويج يتمكنون من التوفيق بين العمل والتعليم ومواعيد الإمساك والإفطار بشيء من الاجتهاد،”يذهب الإنسان الى عمله كالمعتاد ثم يتوجه الى البيت مباشرة، يمكن ان يعمل الإنسان اقل بعض الشيء من الأيام الأخرى، ويقوم بتعويضها خارج رمضان، بحيث يقضي بقية الوقت مع الأهل ، مع الإخوان في المسجد وغيره ويقوم بنشاطات ثانية”. ويقول إن تقبل المجتمع للمسلمين وشعائرهم -وخاصة في رمضان- تختلف من مكان الى مكان، وفي اغلب الأمكنة يكون المواطنون متفهمين ومتعاونين جدا، ويمكن عبر النقاش والحوار معهم الوصول الى حلول مرضية لجميع المشاكل التي قد تطرأ بسبب احتياجاتنا الخاصة في رمضان. “لكن لا شك أنه يوجد متعصبون يرفضون التفاهم أو التعاون مع المسلمين” ومع ذلك فهو يقول: “يجب ان نؤكد انه في رمضان لا يحتاج الإنسان لوضع خاص في العمل او المدرسة ..الخ يعني مسئول الشغل يعطيك ظروف خاصة وتسهيلات كي تشتغل أقل ، بالعكس نحن نشتغل كالمعتاد بشكل عادي لكن على الإنسان فقط تنظيم نفسه قليلا.
تنظيم موائد الرحمن
واشار غزلان إلى أن الرابطة الإسلامية في أوسلو تحرص دائما على تنظيم موائد الرحمن، وتدعو إليها ابناء الجاليات الإسلامية، ويقول إن فكرة الصيام أصبحت تلقى رواجا بين الأطفال والمراهقين والشباب من الجيل الثاني من المسلمين في النرويج؛ ففي بعض المناطق والأحياء صار الأمر أشبه بـ”موضة أن يسأل الأطفال والمراهقين بعضهم بعض “هل أنت صائم؟.. وفي حال كان الطفل أو المراهق صائما فإن ذلك يجعله يبدو بطلا في نظر أترابه”.
بين “السبموسة” و”الريش”
وقد التقت “العربية.نت” بعض المهاجرين والمقيمين المسلمين في النرويج، والذين أوضحوا أن رمضان له نكهة خاصة في البلاد الاسكندنافية، ” لأن فيه طعم الحنين الى االبلد والوطن حيث يعبر الإنسان عن حنينه وشوقه لبلده واهله، وحتى المكالمات الهاتفية تكثر بين المهاجر ووطنه، وتصبح خطوط الهاتف مزدحمة طيلة الشهر. كما أن تعدد الثقافات يثري و يغني الحياة بكل ايجابياته”.
وقال عبد الرزاق من الصومال أن الصوماليين يفضلون تناول التمر والحليب على الإفطار، بالإضافة إلى اللحم والحلويات، ” ومن الأطعمة الصومالية الخاصة هناك أكلة سمبوسة وريش..
ويحرص آلاف من المهاجرين الصوماليين بعد الإفطار على أداء صلاة التروايح في المساجد”.أما مصطفى الوالي(مغربي)، والذي يملك متجر” المغرب” في العاصمة أوسلو، فأكد على المسلمين في النرويج ينتظرون شهر رمضان بفارغ الصبر، وأوضح أن مبيعات متجره تزداد في هذا الشهر الكريم.
وقال الوالي، الذي يشتهر متجره بتوفير الأغذية والأطعمة العربية، ” نسعى أن نوفر للزبائن العرب والمسلمين المقيمين كل احتياجاتهم، مع العلم ان فترة الصباح يكون الشغل راقدا لكن مع اقتراب موعد الافطار أي قبل الافطار بساعتين يكون هناك ضغط كبير جدا من الزبائن. ومن أكثر المواد طلبا التمر والتين وحلويات رمضان التي نسميها في المغرب (الشباكية) و( كاليانة)”.

نضال حمد

https://www.alarabiya.net/articles/2004%2F11%2F08%2F7778