وقفة عز

سيدة سورية تحوز جائزة المرأة المثالية في النرويج لعام 2009

نضال حمد – النرويج 

ولدت في معرة النعمان بلدة الشاعر العربي والفيلسوف الكبير أبو العلاء المعري، التي تقع بين حماة وحلب وغير بعيد عن إدلب، وللمعرة ذكر في التاريخ ولدى الرحالة والباحثين… وقد قال الشاعر العربي:

واستوح من طوّق الدنيا بما وهبا

قف بالمعرّة وامسح خدّها التّربا

ولعل الباحثين في التاريخ الحديث سوف يكتبون عن مدينة لارفيك ويذكرون ابنة المعرة هيام الشيروط، التي كانت غادرت سورية سنة 1991 لتلتحق بزوجها العراقي، الذي وصل إلى النرويج قبلها بسنتين بحثاً عن ملاذٍ آمن وحياة جديدة أفضل وأكثر أمناً، بعدما تقطعت به السبل خارج بلاد الرافدين. دفعت هيام مبلغا من المال للسماسرة والمهربين لتلتحق بزوجها هي وطفلاها، هكذا هاجرت إلى بلاد الـ«فيورد» والـ«ترول» لتلم شمل عائلتها، ومن لاجئة غير شرعية إلى قائدة سياسية ونقابية في حزب اليسار الاشتراكي بالمنطقة الغربية النرويجية وبمدينة لارفيك، ثم إلى المرأة الأجنبية المثالية في النرويج سنة 2009. حيث نالت في يوم المرأة العالمي هذا العام جائزة المرأة المثالية الأجنبية في هذه البلاد.

تكريم هيام الشيروط بحد ذاته يعتبر تكريماً للمرأة العربية بشكل عام وللمرأة السورية بشكل خاص ولكل أجنبية مهاجرة ولاجئة في النرويج. وعلى العرب في النرويج أن يعتزوا بهيام وأن يكرموها لأنها أضافت أشياء مشرفة إلى رصيدهم هناك، كما نرى أنه من واجب المؤسسات والجمعيات العربية في النرويج أن تقيم حفلاً تكريمياً لهذه المرأة العربية الناجحة. فربما يساعد هذا التكريم في بروز نساء عربيات أخريات يسرن على طريقها نفسه.

لم تستطع هيام الشيروط مسك دموعها عند تبلغها خبر حصولها على جائزة أفضل امرأة أجنبية لعام 2009 من ضمن 10 نساء أجنبيات من دول مختلفة من العالم. وقد قامت جريدة «اوتروب» بعمل استطلاع استغرق 3 أشهر لإعلان النتائج في اليوم العالمي للمرأة في 8/3/2010.

 على أثره تم إعلان اسمها كفائزة بالجائزة، وفي معرض تعليقها على الخبر قالت هيام: أنا فخورة بهذه الجائزة وهي لا تخصني وحدي وحسب، أنا اعتبرها جائزة لجميع النساء الأجنبيات وخاصة نساء الشرق الأوسط، هذا دليل على أن العمل الاجتماعي والسياسي الذي أقوم به يحظى بتقدير من الآخرين.

وفقاً لمعايير لجنة التحكيم لكي تكون المرأة مثالية يجب أن تكون امرأة هذا العام من المهاجرين وأن تفعل شيئاً خاصاً في عام2009 لمساعدة أخواتها المهاجرات، وأن تكون قد حققت تميزاً على الصعيد المهني والاجتماعي وأن تكون قد تميزت عن غيرها من النساء بدورها الإيجابي في المجتمع الجديد، وهذه الصفات توفرت في هيام الشيروط حيث جاء في بلاغ إعلان الجائزة ومما ذكرته لجنة التحكيم أنه:

هيام الشيروط جاءت من سورية في عام 1991، هي رئيسة الجمعية العربية في لارفيك. ونائبة لجنة الأجانب على مستوى المحافظة الغربية وعلى مستوى 12 مدينة، تقوم بتدريس اللغة العربية منذ عام 1993 في مدينة لارفيك. حصلت على جائزة المساواة والعدالة على مستوى المحافظة الغربية لعام 2007. في عام 2007 كانت رئيسة مشروع اسمه مزيج الألوان الذي يظهر حضارات المهاجرين في النرويج من خلال فعاليات ثقافية على مدى أسبوع كامل.

تقوم بعدة نشاطات ثقافية للنساء المهاجرات وأولادهن، تقوم بتدريس اللغة العربية تطوعاً كل يوم أحد، ودروس في السباحة والرياضة وتعمل على تحفيز النساء المهاجرات على أن يصبحن أكثر اندماجاً في المجتمع النرويجي.

هيام تحاول أن تكون صلة الوصل بين أخواتها المهاجرات لإعطائهن معلومات عن المجتمع الجديد وعن حقوقهن المشروعة للاندماج في المجتمع النرويجي. تعتبر هيام نموذجاً يحتذى وهي مصدر غني ومهم في مدينة لارفيك، فهي نشيطة على المستوى السياسي أيضاً لأنها أول امرأة أجنبية من أصل عربي تدخل المعترك السياسي في الحزب اليساري الاشتراكي وكونها أول امرأة تصل إلى مركز عضو في مجلس مدينة لارفيك، وهي أول رئيس أجنبي لحزب اليسار الاشتراكي على مدى عامين على مستوى المحافظة الغربية.

هيام على تواصل دائم مع بلدها الأم سورية وتحرص على زيارته في كل عام وتنظم رحلات لمن يريد معرفة المزيد عن بلادها، كما أنها تقيم في منزلها بمدينة لارفيك غرفة خاصة أطلقت عليها اسم غرفة سورية، حيث تم تأثيثها بالأثاث العربي السوري، وزينت جدرانها لوحات وسجادات ومطرزات سورية وفلسطينية. هناك في غرفة سورية يا حبيبتي تستقبل زوارها لتحدثهم ليس فقط عن النرويج بل كذلك عن سورية حبها الأول والأخير.

رئيس تحرير موقع الصفصاف الإخباري الثقافي العربي النرويجي ورئيس الجالية الفلسطينية في النرويج علق على الخبر في حينه قائلاً: هيام مثال حي على المرأة العربية القوية، الملتزمة والتي لا تهاب الدخول في عوالم جديدة، ولا تسلق القمم المرتفعة والشاهقة، عرفتها منذ سنوات طويلة في حفل للجالية السورية بذكرى يوم الجلاء، ثم تعززت العلاقة من خلال العمل النضالي والتضامني لأجل فلسطين، امرأة مناضلة، صاحبة فكر حر، تنتمي للعروبة ولسورية الكبرى ولفلسطين القضية الحية، لذا فقضية فلسطين هي القضية الأولى في حياتها السياسية اليومية ضمن صفوف حزب اليسار الاشتراكي الشريك في الائتلاف الحاكم بالنرويج. وكذلك في جميع النشاطات السياسية والتضامنية التي تقام لأجل فلسطين ومنها نشاطات تقوم هيام نفسها بتنظيمها وفي بعض الأحيان تسألني عن رأيي وملاحظاتي وإمكانية مشاركتي.. هيام امرأة عربية مناضلة وملتزمة أعتز بصداقتها وبعروبتها.

رئيس تحرير جريدة اوتروب ماجورانا فيفكاناتان قال: إن هيام تستحق هذه الجائزة وهذا اللقب كامرأة مثالية وهي تعتبر قدوة جيدة لغيرها لتمثيل غيرها من النساء المهاجرات في كل أنحاء النرويج.

قالت هيام الشيروط عندما استلمت الجائزة: أنا لم أنتظر هذه الجائزة أبداً، وكل ما أقوم به هو شيء عادي. أنا آسف دائماً حين أسمع أننا نساء ضعيفات وضحايا وخاصة المرأة من الشرق الأوسط. قد أكون مثالاً عن المرأة العربية القوية وهذا ما أريد أن أظهره للنرويجيين وفي الغرب.

نضال حمد – النرويج

http://www.alwatan.sy/dindex.php?idn=82119

ينشر بالتزامن في الوطن السورية وموقع الصفصاف

 

2010-07-03