الأرشيفوقفة عز

سينما الحمرا في زواريب صيدا القديمة – نضال حمد

سينما الحمرا وهي السينما الأقرب إلى صباي وفتوتي وفترة البدايات، بدايات التكوين الشبابي والثقافي والمعرفي، حيث كنت مع الأصدقاء أقضي فيها وقتاً لا بأس به، فنشاهد الأفلام العربية والأجنبية.

 عمل فيها المرحوم “حسين “الشقور” الزغموت” إبن بلدتي الصفصاف وإبن مخيمنا عين الحلوة. كانت تقع في قلب مدينة صيدا التاريخية القديمة أي في زواريب صيدا العتيقة. وكما سبق وأسلفت فأنها أكثر سينما ترددت عليها وشاهدت فيها الأفلام بكل أنواعها تقريباً… ولكثرة ترددي عليها أنا والصديق نضال خليل، أطلق علينا بعض الأصدقاء لقب “حمرا”، نسبة للسينما تلك.

لم يكن اللقب (حمرا) يزعجني شخصياً بل كان مضحكاً وكنت بصراحة أحبه، ولازال بعض الأصدقاء مثل خالد الراشد وجمال العلعل في بعض الأحيان يمازحونني بمناداتي بحمرا. أذكر أنني في حصار بيروت سنة 1982 كتبت ونشرت في مجلة “المعركة” التي صدرت عن اتحادات كُتاب وصحفيي فلسطين ولبنان والعرب، مقالتين أو ثلاثة بإسم “حمرا”. تلك كانت بداياتي الجادة مع الكتابة المنشورة في جرائد كبيرة وهامة وأنا في سن 19 عاماً. لازلت احتفظ بمجلد ضخم جمعت فيه أعداد الجريدة التاريخية، التي انتهت وتوقفت عن الصدور مع خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت نهاية شهر أغسطس – آب ١٩٨٢.

في معرض تعليقه على مقالة لي نشرت في ذاكرة مخيم عين الحلوة وموقع الصفصاف وهي عن الفلسطينيين الذين عملوا في السينما بمدينة صيدا اللبنانية كتب الأخ محمود الشيخ:

” سينما الحمراء لم يكن إسمها سينما أمبير، هناك سينما أمبير وتأتي بعد سينما الحمراء بحوالي ٢٠٠ منر وكانت تشتهر بعرض الأفلام العربية القديمة، وبعدها أصبحت تركز على أفلام هرقل و ماشيستي والأفلام الرومانية القديمة. أما سينما الحمرا فهي سينما منفصلة ومستقلة باسمها و كيانها وكانت تعرض أفلام عربية قديمة… وأهمها أفلام فريد الأطرش، و كلاهما تحولتا لمنجرة لصنع الأثاث، لكن سينما الأمبير تحولت قبل الحمراء بسنوات طويلة”.

في معرض تعليقه على مقالتي عن السينما تلك وعن المرحوم حسين الزغموت – الشقور عادت الذكرى بالصديق ناصر حليحل الى تلك الأيام حيث قال:

” آه والله اخ نضال هذه مقاله مهمه صحيح وللصدق منذ أيام جاء ببالي المرحوم حسين زغموت الملقب بالشقور… وللحقيقه كنت أود التذكير به حيث كنا فتيه وكان يكلفنا بتلزيق “أفيش” الافلام، حيث كانت الدعاية للفيلم عبارة عن صور كبيره تلزق على الحيطان في المخيم وجواره، وكان في المقابل يسمح لنا حضور الفيلم مجانا.”.

سينما الحمراء

أما شقيقي الشيخ جمال حمد – أبو محمد- أضاف معلقاً::

” في سينما جمال كان يعمل الشقور حسين الزغموت وعايد دحابري رحمهما الله وصاحبها من درب السيم اسمه حنا.”.

في حين أن الأخ موسى موعد كتب بنفس المكان مؤكداً ما جاء في نهاية تعليق جمال حول حنا من درب السيم:

“عمل أيضاً في سينما جمال المرحومين أبو نمر وولده نمر وهم من بلدة طبريا من بيت شاهين.. وعمل ايضا بها أبو العبد أبو نعاج. أما صاحبها فكان رجلاً اسمه حنا صادر من بلدة درب السيم.”.

الأخ غسان كعكوش أضاف بأن سينما الحمرا “هي اقدم سينما في صيدا وكانت سينما عائلات. اما سينما أمبير تقع بعد سينما الحمرا بإتجاه البحر وتم تحويلها الى منجرة منذ عام أو حوالي ١٩٧٠”.

سينما الحمرا – أمبير سابقا

في حين أكد الصديق صالح العلي من منفاه السويدي:

” عمل في سينما جمال الشهيد علي جميل عطيه الذي أستشهد في انتفاضة 23 نيسان ١٩٦٩. كما عمل فيها حمد راضي أخو ضبايا. وأذكر كنا في العيد نروح ع سينما حمرا، هناك الجلوس على المقاعد تحت، كانت الأجره ربع ليره و بلكون ٣٥ قرش “.. ويضيف صالح العلي: ” لقد كان غازي شمالي وعلي النابلسي يقومان برسم وكتابة يافطات الدعاية الضخمة للأفلام”.

على سيرة “ضبايا” فإن المرحوم ضبايا مع المرحوم “أبو عثمان” ملك الهريسة والنمورة والصفصوف والمرحوم (البطل) الذي سميت الصخرة على اسمه في بحر بدر، هم من أشهر الشخصيات الشعبية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة وفي مدينة صيدا.

ما كتبه الأخ أحمد طافش من كلام جميل في تعليقه عالمقالة ووصفه لسينما جمال حين دخلها بصغره أول مرة ينطبق على سينما الحمرا كذلك.. وهنا ما كتبه:

“كل عيد كانت السينما تقدم أفضل الأفلام .

كل عيد كان لازم نحضر سينما .

اول مرة وإنا صغير دخلت سينما جمال كانت مع اخوي عزو.دخلتها

انا جدا مندهش وكأنني في Disney land… ناس على بعض وأصوات صاخبة وصور كبيرة عن الممثلين والممثلات ويا دوب كان معنا ثمن التذاكر ولصغر سني دخلت بثمن نصف تذكرة.

دخلنا السينما وجلسنا بانتظار رفع أو سحب الستارة ونحن نستمع أغنية عبد الوهاب ” خي خي حبيبي الآسي عليه يا خي”.

وفجأة أطفوا الأنوار وسحبت الستارة وعلا الصياح والصراخ والصغير.

وكان الفيلم ابيض واسود

بطولة شادية وعماد حمدي.”.

المرحوم أبو وليد أيوب

حقيقة لقد كانت من أجمل الأيام تلك الأيام التي مرت من عمرنا، ففي السينما تثقفنا أكثر واستفدنا من الأفلام وتعرفنا على العالم. وكنا نوفر أثمان التذاكر من مصروفنا الخاص كي نستطيع مشاهدة الأفلام الجديدة.

سنة ٢٠١٧ قررت القيام بجولة في أزقة وزواريب صيدا القديمة وبدأت السير من القلعة البرية وصولاً الى القلعة البحرية مروراً بكل زواريب البلدة. وصلت الى مكان سينما الحمرا ولم أتذكره وحين سألت عنه بعض السكان هناك قالوا لي إنك تقف أمام مدخل السينما.. لكنها الآن أصبحت منجرة… نعم صارت سينما الصبا منجرة وهذا تصديقاً وتأكيداً على كلام أورده في تعليقاتهم بعض الاخوة.

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة؛ اسم الملف هو abomohammadayoub-saida-724x1024.jpg
الاخوان ايوب ابو محمد وابو هاني

رحم الله سينما الحمرا ومن عملوا بها وخاصة إبن البلد حسين الزغموت – الشقور – الذي كان يسمح لنا أحيانا بدخول السينما ومشاهدة الأفلام بدون تذاكر، تماماً كما كان يفعل في بعض المرات الأخوين ابو محمد أيوب وأبو وليد أيوب في داري سينما هلتون وريفولي.

نضال حمد

٣٠-٨-٢٠٢٢

موقع الصفصاف – وقفة عز