الأرشيفوقفة عز

شعب محمد كيوان ووليد دقة وكريم يونس – نضال حمد

هذا الشاب الشهيد محمد كيوان ابن ال 17 عاماً والذي أصيب بجراح في مدينة أم الفحم حيث يشع النور الفلسطيني من الفحم ومن تضحيات شعبنا. هذا الشاب ولد في فلسطين وعاش فيها تحت الاحتلال واستشهد فيها برصاص الصهاينة المحتلين. ولأن كثير من الأوروبيين يصعب عليهم فهم أو تفسير قصة شهيد فلسطيني ومواطن (اسرائيلي) فقد رأيت من واجبي توضيح الأمر لهم ولهن، فكتبت مقالتي المختصرة هذه  باللغة البولندية لتوضيح هذا الاتباس وتفسير هذه المسألة الهامة جدا.

الشهيد محمد كيوان هو فلسطيني من ما يسمى (اسرائيل) ليس من الضفة الغربية ولا قطاع غزة. هو من فلسطين المحتلة وجزءها الذي احتله الصهاينة سنة ١٩٤٨ واعتبرته الأمم المتحدة  دولة يهودية اي دولة “اسرائيل”. فهي التي قمست فلسطين العربية الى دولتين واحدة يهودية والثانية فلسطينية عربية. الأمم المتحدة قامت بذلك بناء على رغبة وضغوط امريكا وبريطانيا وبموافقة الاتحاد السوفيتي سابقا وفرنسا وكل حلفاء الحركة الصيهونية في العالم.

فقد كان ستالين والسوفييت من خلفه يعتقدون أن “اسرائيل” ستصبح دولة اشتراكية على طريقتهم لكنها أصبحت دولة صهيونية على طريقة النازية والفاشية. فأمر ستالين بعد سنتين وقف الدعم للدولة اليهودية الصهيونية، لكنه كان دعمها اثناء المعارك سنة ١٩٤٨ عبر امدادات حربية كبيرة وصلتها من تيشكوسلوفاكيا. بعد سنوات قليلة تحالف السوفييت مع عبد الناصر في مصر وبعد ذلك مع العرب التقدميين والوطنيين في سوريا والعراق واليمن والجزائر وليبيا وغيرها.. ثم فيما بعد مع الفلسطينيين ومنظمة التحرير الفلسطينية.

بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وحلف وارسو والاتحاد السوفيتي في سنة 1990 أصبحت كل تلك الدول تحت الهيمنة الأمريكية والأطلسية وتحت السيطرة الصهيونية.

لم تجد الصهيونية أي حرج في الاعمل مع الجميع بما فيهم الذين كانوا يذبحون اليهود في اوروبا، لأنها من خلال اللعب على كل الحبال وإقامة العلاقات والتعاون والتنسيق مع الجميع، بما في ذلك أعداء اليهود في أوروبا، خدمت أهدافها الإستراتيجية في احتلال فلسطين وتوطين اليهود من حول العالم وبشكل رئيسي من أوروبا في وطننا فلسطين. فأرتاح أعداء اليهود في أوروبا منهم  والصهيونية كشبت هجرتهم الى فلسطين ومنذ ذلك الوقت بدأت معاناتنا، فقد استفادت الصهيونية من كل ذلك.

استغلت الصهيونية أيضا جيش اندرسن البولندي فأرسلت عبره آلاف المقاتلين المدربين والمجهزين والمسلحين من بولندا والدول السلافية ودول البلطيق الى فلسطين التي كانت آنذاك تحت الانتداب أي الاستعمار والاحتلال البريطاني.

أقيمت مراكز تدريب للشبيبة اليهودية البولندية في بولندا بأمر من الحكومة البولندية، حيث دربتهم وسلحتهم وأعطتهم وثائق وهويات شخصية وجوازات سفر وأموال كي يرحلوا عن بولندا. وهذا كان خدمة كبيرة لمخطط وبرنامج الحركة الصهيونية التي أرادت تحقيق ذلك فحققته دون عناء أو مشقة.

هذا الكلام نشر في وسائل اعلام بولندية وتغنى بعض الاعلاميون البولنديون بأن اليهود البولنديين هم من أقاموا دولة “اسرائيل”. تفاخروا بذلك ولم يرف لهم جفن على الضحايا الفلسطينيين، والمجازر البشعة، والتصفية العريقة والاغتصاب والسرقة والنهب والسلب والتدمير الشامل لوطن ودولة كاملة اسمها فلسطين. ولم يهمهم مصير ملايين الفلسطينيين.

ما هذا النفاق وما هذا الشر وما هذا السوء وما هذه العقليات المريضة والحاقدة والظلامية؟؟؟

القادة اليهود الصهاينة حقيقةً أصبحوا بالقوة والارهاب والتآمر الدولي والنفاق العالمي ممثلا ليهود العالم. الصهاينة أصبحوا بفضل كل ما سبق وذكرناه شعباً صنع خصيصا لقضاء حاجة ومصالح دول كثيرة في أوروبا والعالم. فهكذا تمت صناعة دولة “اسرائيل” على حسابنا وبدمنا وعظامنا وفوق أرض وطننا. جهزوا لها شعباً لم يكن موجوداً فأصبح هناك شعب من لا شيء. الشكر في ذلك يعود لالتقاء مصالح الصهاينة مع المصالح النازية والفاشية الأوروبية واليمينية الأوروبية المتطرفة وبعض الجهات الاستعمارية والراسمالية الامبريالية العالمية.

ففجأة وخلال فترة قصيرة من الزمن ونتيجة الدعاية النازية والفاشية. اليهود الأوروبيين مواطني دولهم وقارتهم صاروا غرباء في بلدانهم، أصبحوا لا مواطنين وشعب آخر وغدوا مكروهين في أوروبا من قبل كثير من الأوروبيين وبالذات من قبل المعادين للسامية.

هكذا تحققت أمنية الصهيوني المجري الفاشي العنصري الاستعماري الإرهابي ثيدور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية اليهودية. وهكذا تم احتلال فلسطين من قبل الصهاينة بدعم عالمي مفتوح. وهكذا تشرد الفلسطينيون وأصبحوا إما تحت الاحتلال الصهيوني، مواطنين درجات أقل من اليهود، مثل عائلة الشهيد  محمد كيوان في أم الفحم. أو صاروا لاجئين في لبنان وسوريا والأردن ومصر والعراق وفي دول العالم أجمع، مثلما هو حال عائلتي أنا وعائلة كل فلسطيني لاجئ على هذا الكوكب.

سنواصل القتال حتى لو وقف العالم كله مع “إسرائيل” وضدنا.

نضال حمد

20-5-2021