الأرشيفوقفة عز

شموخ الشماخ

نضال حمد

مروان الشماخ نجم الكرة المغربية وهداف نادي بوردو متصدر الدوري الفرنسي أعلن بوضوح رفضه الذهاب مع فريقه للقاء نادي مكابي حيفا الصهيوني في فلسطين المحتلة ضمن مسابقة ( شامبيونس ليغ) أبطال الدوري الاوروبي. ومعلوم أن الأندية الصهيونية تم ضمها للبطولات الأوروبية نتيجة مقاطعتها من قبل الأندية العربية والإسلامية في منطقة الشرق الأوسط وفي قارة آسيا. لأن الكيان الصهيوني دخيل على المنطقة وجسم غريب لاعلاقة له بالجسم العربي والمشرقي وحتى الأسيوي.

لكن فضائية الجزيرة للأسف كان لها رأياً آخر في تلك المقاطعة وأختارت أن تبث مباراة مكابي حيفا مع بايرن ميونيخ عبر فضائيتها الرياضية، ضاربة عرض الحائط بمشاعر الملايين من مشاهديها العرب والفلسطينيين والمسلمين، الذين لازالوا يطالبون بمطاردة وملاحقة المجرمين الصهاينة قانونياً على ما ارتكبوه من جرائم في قطاع غزة اثناء العدوان الصهيوني الأخير على القطاع.

في بادرة قوية ولها معانيها ودلالاتها أعلن اللاعب الدولي المغربي مروان الشماخ أنه يرفض التوجه مع فريقه بوردو الى فلسطين المحتلة. بنفس الوقت ندد الشماخ بالعدوان الصهيوني والاستيطان في فلسطين. وأعلن أنه لا يتفق مع ما تقوم به ” اسرائيل ” من عدوان ضد كل ما هو فلسطيني.

وأضاف الشماخ ” الكل يعلم أنني مسلم، وتحدث في تلك الأراضي العديد من الأمور غير المقبولة، ومن بينها الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية، وهذا ليس من حقهم”. وتابع الشماخ ” أنا انسان وعندي قلب وأشعر بنفسي معنيا بالأمر حينما أراهم يقومون بايذاء الناس“.

مروان الشماخ من مواليد 1984 وفلسطين العربية احتلت من قبل الصهاينة سنة 1948 بتواطؤ دولي، لم ير في حياته القصيرة سوى ما وعته ذاكرته مذ كان طفلاً وحتى عدوان الصهاينة الأخير على غزة. إذ أنه لم يعش سنوات الاجرام الصهيوني كاملة منذ مجازر النكبة والتصفية العرقية في فلسطين وحتى مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان سنة 1982، أي قبل ولادته بسنتين. لكنه عرف كل هذه التواريخ من خلال ثقافته القومية العربية وانتماؤه الأصيل لهذه الأمة. لذا ليس مستغرباً أن يقف ويقول ما قاله بحق الارهابيين الصهاينة.

الشماخ بموقفه الجريء والقويّ يوجه رسالة عاجلة للمطبعين الذين يدعون المجرمين الصهاينة لزيارة البلاد العربية تحت مسميات عديدة وبحجج مختلفة. فلم تكن زيارة تسيبي ليفني الأخيرة للمغرب بلد الشماخ آخرها ولا نهاية أمر التطبيع والمطبعين.

 مروان الشماخ بموقفه الرائد يعيد لذاكرة الذين هرمت وشاخت ذاكرتهم التذكير بأن فلسطين مازالت محتلة، وبأن الاستيطان لم يتوقف، وبأن تهويد القدس مستمر، ويأخذ منحى خطيراً يهدد مستقبل عروبتها ومكانتها الاسلامية لدى المسلمين. وبأن أهل غزة يخضعون للحصار والتجويع والخنق يومياً ومنذ سنوات. ويذكرهم أيضاً بأن الرياضة شيء عالمي شامل وجميل لكن على الرياضيين أن يقرروا في بعض المواقف أين هم، مع المظلومين والمضطهدين أم مع الظالمين والمحتلين والمجرمين.

لذا كان قراره بمقاطعة تلك المباراة الهامة قراراً ضميرياً هاماً وقوميا بكل معنى الكلمة. فقتل وجرح وتشريد وحصار وخنق مئات آلاف الفلسطينيين في غزة والضفة ليس أمراً بسيطاً ولا مسألة عادية، انها جريمة حرب، وخرق واضح لكل المواثيق الدولية ولحقوق الانسان.

وبما أن مروان الشماخ انسان عادي يفكر بطريقة تلقائية عادية، ولديه مشاعر وأحاسيس تتحكم برأيه وموقفه فقد اتخذ قراره بالمقاطعة. وهو قرار لا بد سوف ينعكس ايجاباً على اللاعبين العرب الآخرين. وبالذات على المطبعين أو المترددين منهم.

لم يكن مروان الشماخ الرياضي الأول الذي قرع ناقوس الخطر فقد سبقه الى ذلك بعض الرياضيين العالميين ونجوم الكرة العرب والفرنسيين والأجانب. حيث اتخذوا مواقف تؤيد مقاطعة الكيان الصهيوني عقابا له على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.

أذكر أن ” بارتيز” حارس مرمى منتخب فرنسا الشهير الذي فاز ببطولتي العالم وأوروبا هاجم (إسرائيل) وأدان جرائمها وطالب بمقاطعتها.

محمد كانوتيه

وتعبيراً عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني قام اللاعب المالي محمد كانوتيه هداف فريق اشبيلية الاسباني، عندما أحرز هدفاً في مرمى فريق الخصم بخلع بلوزته واظهار كلمات تضامنية ومؤيدة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وكذلك فعل اللاعب المصري الكبير محمد ابوتريكة الذي اهدى هدفه الذهبي لشعب غزة الصامد، حين أظهر ماكتبه على فانيلته ” أحبك يا غزة “.

أما اللاعب الدولي البريطاني الشهير بيكهام فقد رفض التوجه مع فريقه الى ” اسرائيل ” لخوض مباراة هناك بحجة أنه لا يوجد أمن وسلام هناك.

فيما أعلن النجم الدولي الفرنسي الجزائري الأصل زين الدين زيدان أنه سوف يتوجه في مارس/ آذار المقبل الى قطاع غزة في زيارة تضامنية مع أطفال غزة.

راؤول

أما اللاعب الاسباني الاسطورة ونجم فريق ريال مدريد راؤول غونزاليس أعلن أنه بصدد اصدار كتاب عن تاريخ وانجازات ناديه ريال مدريد، سوف يكون ريعه لصالح التنمية الرياضية في فلسطين المحتلة ومن أجل تحقيق السلام.

ويجب أن لا يغيب عن بالنا الرياضي الايراني بطل العالم في الجيدو آراش مير اسماعيلي الذي جمعته القرعة في أولمبياد أثينا 2004  بالدور الأول مع المصارع الصهيوني أيهود فاكس مما أضطره للتخلي عن خوضها تعبيراً عن رفضه للاحتلال الصهيوني وتأكيداً على مبدأ مقاطعته. فضحى بأغلى ما يملك من أجل مواقفه وقناعاته ولأجل دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

ونفس الشيء حصل مع اللاعب الالماني الايراني الأصول أشكان ديجاجا الذي رفض المشاركة في مباراة المنتخب الألماني للشباب ضد الفريق الصهيوني.

كما أن الاتحاد الدولي لكرة الطاولة عاقب لاعبين من اليمن والسعودية بوقفهما حتى نهاية العام بسبب رفضهما اللعب أمام لاعبين صهاينة.

الفلسطيني رمزي صالح حارس مرمى الأهلي المصري

وفيما يخص اللاعبين الفلسطينيين فقد رفض مؤخراً اللاعب الفلسطيني رمزي صالح المشاركة في مباراة فريقه الأهلي المصري ضد فريق برشلونة الاسباني لوجود لاعب صهيوني ضمن تشكيلة برشلونة.

تصريحات الزعيم الروحي لحزب شاس الصهيوني الديني المتطرف الراب عوفوديا يوسيف التي هاجم فيها المسلمين واعتبرهم ” حمقى وأغبياء ودينهم مقرف مثلهم” تعتبر قمة العنصرية اليهودية، وهي تأتي على لسان أحد أكبر وأهم المرجعيات الدينية اليهودية. وهي أيضاً تحريض ضد العرب والمسلمين حيث أنها جاءت في درس ديني نهاية الاسبوع الماضي. وعوفيديا معروف بمواقفه العنصرية والمتطرفة ضد كل ما هو غير يهودي وبالذات ضد العرب والمسلمين. هذه  التصريحات تؤكد صحة موقف اللاعب العربي المسلم مروان الشماخ.

ولا بد لموقف الشماخ المناقض لموقف عوفيديا أن يعزز مبدأ المقاطعة والعزلة والعقوبات مستقبلاً تمهيدا لانهاء الاحتلال الصهيوني اسوة بما جرى في جنوب افريقيا. فموقف الشماخ  وكذلك مواقف اللاعبين الآخرين ستساعد بالتأكيد على إعادة الروح الى مبدأ المقاطعة، لأنه السبيل الوحيد لفرض حالة عزلة وحصار على المجرمين الصهاينة. فنظام الابارتهايد في جنوب افريقيا خضع في السابق لنفس المبدأ ولنفس المقاطعة وكانت نتائج ذلك كله قوية ومؤثرة، لذا ليس مستغرباً أن نرى حملة مقاطعة الاكاديميين الصهاينة والجامعات والبضائع الصهيونية وهي تسير نحو هدفها في بريطانيا والنرويج ودولا أخرى عديدة. هذا بالرغم من انتكاساتها في العالم العربي بالذات.

 

* مدير موقع الصفصاف

 

14/12/2009