فلسطين

عبلة أحمد سعدات: لا أحد يعرف معاناة أهالي الأسرى إلا من يعيش التجربة

○ أود في البداية أن تحدثيني عن ظروف اعتقال الأمين العام أحمد سعدات؟

  • اعتقل زوجي أحمد سعدات (أبو غسان) عام 2002 لدى السلطة الفلسطينية ثم تم نقله إلى سجن أريحا عام 2004 بناء على طلب الأمريكان هو وخمسة من ورفاقه. وتم حجزه في أريحا بناء على اتفاق بين السلطة الفلسطينية وأمريكا وبريطانيا وإسرائيل لمدة خمس سنوات ثم تم الغدر بهم واختطفوا من سجن أريحا يوم 14 آذار/مارس 2006 وهدم السجن بكامله وتم تحويلهم إلى معتقلات داخل الخط الأخضر.

 

○ وهل أنتم على تواصل مع سعدات؟ وكيف يتم ترتيب الزيارات؟

  • التواصل مع أحمد قليل جدا. مسموح لنا زيارة شهرية واحدة لي فقط دون غيري من العائلة، فبقية أفراد الأسرة من البنات والأولاد ممنوعون من الزيارة. أنا أحمل الهوية المقدسية لذلك أستطيع زيارته.

○ أين هو الآن في أي سجن؟

  • هو الآن في سجن ريمونيم في النقب. قريب من سجن نفحة الصحراوي وبني حديثا، وهو من السجون الأكثر صعوبة وحصانة أمنية. والزيارة لهذا السجن متعبة وتستغرق يوما كاملا. نقضي 12 ساعة سفر ذهابا وإيابا، لنراه لمدة 45 دقيقة فقط. أكلمه من خلال جهاز الهاتف. هو من داخل الحاجز الزجاجي وأنا من خارجه وبيننا مسافة قصيرة بحيث لا يمكن أن ألمس يده أو أسلم عليه.

○ كيف تتم الزيارة؟

  • نخرج من رام الله الساعة الثالثة صباحا ونذهب إلى القدس ومن هناك ننتقل إلى حافلة صغيرة تابعة للصليب الأحمر الدولي. تستغرق الرحلة من القدس إلى ريمونيم ثلاث ساعات. ثم ننتظر ساعتين أو ثلاث حتى يأتي دورنا للمقابلة حسب نفسية الجنود الذين يتلذذون بتعذيبنا وقهرنا حتى في زيارة إنسانية بسيطة. يسمح لكل 25 أسيرا الخروج للزيارة دفعة واحدة وبعد 45 دقيقة تقطع خطوط الهاتف وتغلق النوافذ الزجاجية آليا فيخرج الزوار ثم ينادى على الدفعة الثانية وهكذا. ونعود بعد ذلك في رحلة تستغرق ثلاث ساعات. أبنائي لا يستطيعون زيارة والدهم. كبروا وهو بعيد عنهم. معاناة أهالي الأسرى متواصلة ليل نهار، ولا أحد يحس بها ويعرف مراراتها إلا من جربها. حتى بعد خروج الأسير تبقى المعاناة متواصلة، لأن الأسير المحرر يبقى يترقب عودته مرة أخرى إلى السجن. فأحمد دخل السجين أكثر من ثماني مرات قبل المرة الأخيرة.

○ حدثيني عن أحمد الإنسان.

  • أحمد دائماً يتمتع بمعنويات عالية. إنه مثال للمناضل الفلسطيني الحقيقي. يقول إن المناضل يتابع مسيرة نضاله أينما كان، وهو يعتبر السجن مرحلة أخرى من النضال ولكن بوسائل وأهداف أخرى.

○ هل يقوم خبراء حقوق الإنسان بزيارة هذه السجون للاطلاع على أحوال المعتقلين؟

  • خلال تضامننا مع الأسرى من خلال حملة «الحرية لأحمد سعدات» نستقبل عادة بعض الخبراء والحقوقيين. وقد زارنا مرة سبعة برلمانيين أجانب معظمهم من أوروبا. حاولوا زيارة الأسرى والسجون فمنعتهم السلطات الإسرائيلية وحاولوا ان يصلوا إلى غزة ومنعوهم كذلك.

○ وهل هناك وعي بقضية الأسرى على مستوى الشارع الفلسطيني؟

  • قضية الأسرى من أهم جوانب القضية الفلسطينية. خذ قضية القدس أو الأرض، من الذي سيحمي القدس أو يحرر الأرض؟ هم هؤلاء المناضلون. كثير من المناضلين يدفعون أرواحهم أو يقبعون في السجون دفاعا عن قضيتهم. المخطط الصهيوني الأمريكي ومن معهم من المتواطئين ينص على أن يزجوا بالمناضلين في السجون لإضعاف نضال الشعب الفلسطيني وصموده وسلطته الوطنية. من يرفع راية النضال يعاقب، ويرمى في السجون. أو يحاصر أو يقتل. بعد اتفاقية أوسلو هناك من يعمل على كسر نضال الشعب الفلسطيني. الاحتلال لم يستطع ان يكسرنا، لكن الكسر جاء منا وبنا.

اعتقل أحمد مرتين أو ثلاث من البيت على يد الأمن الفلسطيني. كنت أتعجب كيف لهذا الفلسطيني أن يقتحم البيت ويعتقل مناضلا فلسطينيا. وقد كان سعدات مختفيا عن الأنظار لمدة طويلة والذي كشف وجوده رموز أمنية معروفة أخذوه للمقاطعة بحجة حمايته. وحاول المرحوم ياسر عرفات ان يبقيه إلى جانبه لكنه رفض إلا أن يكون مع الأسرى الخمسة ومن بينهم الشويكي المتهم بشراء سلاح من إيران.

○ كيف تصفين حملة « الحرية لأحمد سعدات».

  • قمنا بتأسيس هذه الحملة منذ اعتقاله في أريحا بهدف تسليط الضوء على معاناة الأسرى، وبدأناها مع محامية أمريكية هي شارلوت هنز متزوجة من فلسطيني، وأعلنا عن تشكيل اللجنة التي تضم محامين وحقوقيين ورفاقا ونشطاء وبدأنا نعمل على تنظيم حملات لتسليط الضوء على قضية أحمد سعدات والأسرى بشكل عام. نحن نعرف أن حدود هذا النشاط محدود ولكننا نريد أن تبقى قضية الأسرى حاضرة في أذهان الناس. لا أترك منبرا إلا خاطبته، ولا دعوة إلا قبلتها للحديث عن أحمد وعن بقية الأسرى. القضية أكبر من أحمد. ودائما يوصيني أحمد عندما أقبل دعوة لمؤتمر أو لقاء أن أتحدث عن الأسرى وليس عن قضيته فقط. فهو يؤمن في أن البطل الفردي لا يحرر ولا ينجز بل العمل الجماعي. إنه لا يحب أن يكون موضع الحديث فقط. الحقيقة أنني أتابع مسلكياته وأخباره ليس منه بل من رفاقه المحررين الذين يزورونا في البيت من كل الفصائل بمن فيهم حماس والجهاد ويتحدثون عن أخلاقه وممارساته وتواضعه.

○ وماذا عن موقفه من إضراب الأسرى عن الطعام الذي قاده مروان البرغوثي؟

  • كان مؤيدا. مروان كان يريد أن يوحد فتح، وهذا الموضوع كما يرى أبو غسان قوة للشعب الفلسطيني كله. لذلك دعم إضراب فتح ودعم موقف مروان البرغوثي، علما أن بعض الاضرابات التي قامت بها الجبهة الشعبية لم تلق التأييد والصدى من الفصائل الأخرى.

○ كيف يقضي أحمد وقته؟

  • أحمد يعيش مع بقية الأسرى حياة نضالية. يعقدون جلسات تنظيمية وثقافية ويعملون على تثقيف غير المثقف، وأحد رفاق أحمد اسمه عاهد حصل على الماجستير وهو في السجن. بالنسبة لزوجي، أهم شيء عنده الكتاب. أحمل معي بعض الكتب وأحيانا يطلب هو كتابا بعينه وأعمل على تأمينه. تقوم سلطات السجن بتمحيص كل الكتب وقد ترفض إدخال كتاب ما. وقد كتب أحمد كتابا عن «العزل الإنفرادي» ويحكي قصة 18 أسيرا وضعوا في عزل إنفرادي من كل الفصائل وكان من بينهم إثنان من الشعبية أحمد ورفيق آخر. قمنا بعدة اضرابات عام 2012 إلى أن تم فك العزل الإنفرادي. كتب عن كل واحد من الثمانية عشرة، وطبع الكتاب في بيروت وإقيم احتفال بمناسبة إطلاقه، وننتظر الآن إصداره في رام الله وسنعمل على تنظيم حفل لهذا الغرض-.

○ في موضوع تبادل الأسرى مع إسرائيل، وفي صفقة التبادل مع جلعاد شاليط وضعت حماس على رأس القائمة أحمد سعدات ومروان برغوثي فما الذي حدث؟ لماذا لم يطلق سراحهم؟ وما هي رؤيتك للصفقة الجديدة التي يتم الحديث عنها الآن حيث يقال إن حماس تحتجز أسيرين وجثتين؟

  • الذي حصل أنهم فعلا وضعوا إسمه على رأس القائمة وقد يكون ذلك جزءا من تسجيل مواقف. نعم كانوا جادين. وبقيت المفاوضات سنتين وحماس مصرة على إخراج البرغوثي وسعدات. لكن ضغط الدولة الوسيط (مصر) أدى في النتيجة إلى تراجع حماس وتمت الصفقة في تشرين الأول/أكتوبر 2011 وحذف اسم مروان وأحمد. والحديث الآن يدور عن صفقة جديدة وقد أكد لي أحد قادة حماس الجديين، أن أحمد سعدات سيكون على رأس المطالبين به. والخوف أن تكون هناك ضغوط خارجية فيحذف اسمه في اللحظة الأخيرة. ومن بين الأسماء المطروحة، كما عرفت، الأسير المريض وليد دقة الذي جاوز 32 سنة في المعتقل، وكريم يونس من بلدة عارة في الداخل الفلسطيني. قد تكون الصفقة أكبر لكن حركة حماس متكتمة تماما على مجريات الأمور. نحن متفائلون وقد سمعت كلاما جادا من قيادات حماس ونأمل أن نرى شمس الحرية تعود وتشرق لكل أسرى الحرية بمن فيهم رفيقي وزوجي وأبو أطفالي الأربعة أبو غسان.

 

 

«القدس العربي»