الأرشيفمن هنا وهناك

على هامش ما حدث ويحدث في جامعة الأزهر – د أيوب عثمان

على هامش ما حدث ويحدث في جامعة الأزهر:
تهاونت مع الحق أمس ففقدت قدرة الدفاع عنه اليوم!
بقلم الدكتور/ أيوب عثمان

وجه الدكتور/ إبراهيم أبراش في 1/8/2019 إلى الرئيس عباس كتاباً يشرح فيه – باختصار شديد – أزمته وأزمة الجامعة، والتي قال إن المتسبب فيها ليس نقابة العاملين ولا الدحلانيين ولا الحمساويين ولا… ولا، وإنما هم قياديون فتحاويون! وقد ختم الدكتور/ أبراش كتابه إلى الرئيس عباس بأمرين أحدهما، طلبه لقاء قصيراً مع الرئيس ليضعه في تفاصيل أخرى لا يستطيع كتابتها، كما يقول، وثانيهما أنه “يضع استقالته تحت تصرف الرئيس” (وهذا معناه أنه إن لم يسمح الرئيس بلقائه فها هو يقدم استقالته). وحينما لم يرَ الدكتور/أبراش ولم يسمع من الرئيس شيئاً طيلة أيام عشرة، راح يعلن استقالته، وهي من وجهة نظري استقالة مسببة بأسباب كان سيطلع الرئيس عليها إن حقق الرئيس للدكتور/أبراش طلبه بلقائه، غير أن الرئيس أبقى بابه أمام رئيس مجلس الأمناء موصداً تماماً طوال عشرة أيام تلتها أيام كثيرة بعد إعلان الاستقالة التي لم يأبه الرئيس بها، مستعيضاً عنها وعن أسبابها ومسبباتها برأي وآراء خلافاً لم عند رئيس مجلس الأمناء الشاكي أولاً وطالب اللقاء مع الرئيس ثانياً ثم المستقيل ثالثاً وأخيراً.

إذا كان الدكتور/ أبراش رئيس مجلس الأمناء قد كتب للرئيس قائلاً: “ما وصلت إليه الأمور (في جامعة الأزهر) لا يمكن السكوت عنه…، ولكن الرئيس قد سكت!!!

وإذا كان الرجل قد اشتكى للرئيس قائلاً: المشاكل التي تواجهني ليست مع نقابة العاملين، وليست مع الدحلانيين ، وليست مع الحمساويين، وليست …. وليست… وليست، لكنها مع قادة فتحاويين “يتدخلون في عملي وفرض رئيس للجامعة على غير إرادتي وإرادة مجلس الأمناء، وإبقاء الجامعة في احتقان وتوتر”، وسكت الرئيس أيضاً!

وإذا كان الرجل قد كتب في شكواه المختصرة للرئيس قائلاً: “إن تدخل قيادة فتح في غزة ورفض تغيير رئيس الجامعة وإصرارهم على التمديد له وتعارض ذلك مع أنظمة الجامعة، ومع رأي اللجنة القانونية في مجلس الأمناء ومع رأي مجلس الأمناء بالإجماع ومع قانون التعليم العالي لعام 2018 المصادق عليه من الرئيس يشكل إهانة لي ولمجلس الأمناء الذي قرر عدم التمديد، فضلاً عن ذلك فإن حل إشكاليات الجامعة وتطويرها يحتاج إلى إدارة ورئاسية جديدة حتى تخرج الجامعة من حالة الاحتقان والتوتر وتنفتح على آفاق جديدة”، ثم ظل الرئيس ساكتاً،
وإذا كان سكوت الرئيس وسكونه استمر وتواصل إلى أن أعيد من كانت قيادات من تنظيم فتح تصر – كما يقول رئيس مجلس الأمناء المستقيل – على التمديد له رئيساً للجامعة ثلاث سنوات أخرى، فماذا يُفهم من كل ذلك؟! وأين هو القانون؟! وهل هناك احترام للقانون سواء من رئيس مجلس الأمناء المستقيل أو من رجال القانون الذي منهم وفي صدارتهم اللجنة القانونية لمجلس الأمناء، أو من تنظيم فتح أو من الرئيس نفسه؟!

وإذا كان رئيس مجلس الأمناء المستقيل قد قال ما قال ظناً منه أن الصواب عينه قد قال، فإننا نسأله:

ألم يكن في منحك التمديد لسنة أخرى تنتهي في 21/8/2019 بعد ولايتين رئاسيتين كاملتين لمدة 8 سنوات وشهرين إهانة لك؟! بلى. لقد كان فيما فعلت إذ منحت رئيس الجامعة منتهي الولاية عاماً آخر خلافاً للقانون أكبر إهانة لك وأكبر إهانة للجنة القانونية في مجلس الأمناء وأكبر إهانة لمجلس الأمناء بكليته وأكبر إهانة للقانون الذي أهنته أنت قبل أن يهينه قادة فتحاويون، كما أردت أن تقول.

وإذا كان التمديد لرئيس الجامعة منتهي الولاية سنة أخرى فوق السنوات الثمانية التي انقضت هو اختيار فتحاوي، وإذا كان ذلك التمديد على غير ما رضيت، وعلى غير ما رضيت به اللجنة القانونية في مجلس الأمناء، وعلى غير ما رضي به مجلس الأمناء في كليته، فهل وافقت أنت على التمديد لسنة أخرى لمجرد أن التمديد كان اختياراً فتحاوياً؟! وإذا كان ذلك كذلك، فأين القانون؟! وأين أنت من القانون الذي تتذرع اليوم بالدفاع عنه والغيرة عليه؟! ولماذا لم تقف ضد ذلك الاختيار الفتحاوي بالموقف القانوني انتصاراً للقانون ودفاعاً عنه؟! وأين كانت اللجنة القانونية التي ذبحت القانون بسكين حافية؟! وأين كان مجلس الأمناء؟! وأين كانت هيبتك التي لم تحافظ عليها ولم تحترمها إذ قبلت عوضاً عن احترامها اليوم أكبر إهانة لها بالأمس؟! وألا تعلم – أيها الرجل (العالم!) أن يومك هو نتاج أمسك وما سبقه من فعل وموقف، الأمر الذي أنتج عن التفريط بالأمس التفريط بهيبتك اليوم؟! ألاتعلم أن من لا يقف أسداً في أول مرة يتعذر عليه ذلك بعدها، وأن من يفرط في حق نفسه أو هيبته أو بلاده مرة يسهل عليه التفريط بها بعدئذ ألف مرة ومرة؟!

وتعليقاً على قولك: “… وتم التمديد له لسنة أخرى، وهو أيضاً اختيار فتحاوي وكأن تنظيم فتح في غزة يتابع أمور الجامعة، ألا تذكر كم مرة كررت مثل هذا القول في العديد من مقالاتك ولقاءاتك السالفة على مدار عشر سنوات أو يزيد؟ وعليه، فإن هذا الذي تقوله في سياق استقالتك من رئاسة مجلس الأمناء هو قول ليس جديداً، بل هو قديم قديم وتعرفه أنت جيداً.

أما قولك بأن الجامعة خلال هذه الفترة الطويلة قد سقطت بيد الدحلانيين والحمساويين و… و… فهو قول – وإن صح – ليس جديداً، ذلك أنك حينما قبلت برئاسة مجلس الأمناء، فقد كان يتوجب عليك أن تعلم أو تتعلم كيف تواجه ما تعتقد أنها تدخلات سلبية ضارة، لكن التدخلات السلبية الضارة – كما تقول أنت – قد عبرت عليك من قيادات هي فتحاوية، لا حمساوية ولا دحلانية. أليس كذلك؟!

ألا ترى أن قبولك بمجلس أمناء شكله الإخوة في تنظيم فتح – كما تقول – دون أن يكون لك دور في تشكيله هو تماماً كمن يُحمل إلى عربة ليس هو من ضخ الوقود فيها وليس هو من يشعل محركها إيذاناً بالتحرك، لكنه يقودها دون أن يعلم حقيقة أمرها وأمر الراكبين فيها وما يحملون معهم ودون أن يعلم الطريق التي سيسلكها والمطبات والحواجز التي ستستوقفها وقد تعيق سيرها فتفرض عليه – رغم أنفه – نفسها؟!

وإذا كان مجلس الامناء قد قرر بالإجماع – كما تقول أنت – عدم التمديد لسنة أخرى، كما قرر البحث عن رئيس جديد للجامعة، فلماذا تطلب من الرئيس السماح لك بإعادة تشكيل مجلس الأمناء، ما يعني أن مجلس الأمناء قد كان في ركابك سائراً وراءك وفق رأيك وتحت إشارتك.

ألا ترى أن قولك إن التمديد لسنة أخرى هو اختيار فتحاوي قد يدفع الناس إلى الرد عليك بقولهم إن تعيينك رئيساً لمجلس الأمناء هو أيضاً اختيار فتحاوي، الأمر الذي يدفعهم إلى التساؤول: “لماذا تعترض أن يكون التمديد لرئيس الجامعة سنة أخرى اختياراً فتحاوياً، فيما تقبل أن يكون تعيينك لرئيس مجلس الأمناء بنفس الطريقة – اختياراً فتحاوياً أيضاً؟! أم أن هناك ثمة فرق عندك أنت في حالتين ليس ثمة فرق – البتة – بينهما؟!

وإذا كنت تشهد اليوم – كما قلت أكثر من مرة بالأمس وقبل الأمس – أن التجربة السابقة لتنظيم فتح في السيطرة على الجامعة والتدخل في شؤونها خير دليل (سلبي)، فلماذا لم تضع لقبولك رئاسة مجلس الأمناء شروطك على نحو رسمي يحمي الجامعة ومستقبلها ويحميك؟!

وبعد، فهلّا عدت إلى العام الماضي الذي أدخلت الجامعة فيه إلى نفق لا تعرف له نهاية، حينما أعدت إلى الجامعة رئيساً انتهت ولايته على أنقاض مجلس جامعة لم يكمل الشهر الرابع من ولايته؟! ما كان ذلك إلاَّ نصرة للباطل على حساب الحق، الأمر الذي يورث الفوضى التي تتحمل مسؤوليتها أنت.

أما آخر الكلام، فليعلم كل من له على الحق قلب أن الحق هو أن تعمل ما يتيحه القانون (مونتسيكو 1689- 1755)

 

على هامش ما حدث ويحدث في جامعة الأزهر:
تهاونت مع الحق أمس ففقدت قدرة الدفاع عنه اليوم!
بقلم الدكتور/ أيوب عثمان
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر بغزة
رئيس “جمعية أساتذة الجامعات – فلسطين