عربي وعالمي

عملية شبعا النوعية – بقلم : أكرم عبيد


رسالة وصلت في الزمان والمكان المناسبين

في الحقيقة لقد انتهى زمن الحروب الانتخابية التي تحاول بعض قيادات ألأحزاب الصهيونية العدو إفتعالها بعد فشلها السياسي والاقتصادي لتستعيد شيء من ثقة جمهورها الانتخابية على حساب دماء  شعبنا وشرفاء امتنا المقاومة متجاهلين ان قواعد اللعبة اختلفت في زمن المقاومة التي غيرتها بشكل ملحوظ بعد توحيد جبهة الصراع من الجنوب اللبناني المقاوم الى الجولان العربي السوري كما حصل في عملية شبعا النوعية التي تعتبر من اكبر العمليات النوعية بعد عدوان تموز في العام 2006 التي ابدع في تخطيطها وتفيذها حزب الله في الزمان والمكان المناسبين لتشكل اهم الرسائل العملية للعدو الصهيوني الذي درس كل ألإحتمالات لهذا الرد متى ؟ واين سيكون الرد مما يخفف من تداعيات عملية شبعا الفدائية فصدقت المقاومة الوعد والعهد , وجاء الرد من مزارع شبعا المحتلة في عملية نوعية ومركبة تميزت بالتفوق الامني والتقني والعسكري , واستعادت زمام المبادرة , لتؤكد للشقيق والصديق قبل العدو ان المقاومة قطعت الطريق على محاولات العدو الفاشلة تعديل قواعد الاشتباك من خلال جريمة القنيطرة العدوانية , بعدما اثبت رجال المقاومة في الميدان انهم وحدهم من استوعب قواعد اللعبة , وخبروا اساليب العدو الرخيصة , وكيف يمكن الرد عليها بشكل موجع , لانهم وحدهم , من يستطيع ابداع اساليب الردع بقواعد اشتباكات جديدة تتناسب مع تطورات المرحلة وقواعد اللعبة .

 بالرغم من سياسة التهويل على المقاومة ولبنان وسورية بأن ردّه على أيّ عمل عسكري سيكون قاسياً وقوياً كما أعلن المجرم نتنياهو وبعض جنرالات حربه الذين اعتقدوا متوهمين أن الرد على جريمة القنيطرة سيتم من سورية ليستمر هذا الرد بعدوان قد يستهدف العمق السوري لكن المقاومة اختارت مزارع شبعا المحتلة وفاجأته بالعملية من المكان الذي لم يكن في حساباته ولا في أولوياته بالرغم من كل الاجراءات الاحترازية التي إتخذها العدو الصهيوني في ظل استنفار من الدرجة الاولى على امتداد الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة .

 وتعمدت المقاومة في خداع العدو في الجولان العربي السوري بإطلاق بضع صواريخ على المستعمرات الصهيونية لتركيز اهتمام اجهزته العسكرية والامنيةعلى هذه المنطقة ونجحت في تضليله وتشتيت افكاره وإختبار جاهزيته ,  لكن الرد العملي كان من مزارع شبعا مما احرج سلطات الاحتلال الصهيوني التي تعرضت لوابل من الاسئلة والتساءلات حول نجاح العملية الفدائية النوعية التي استهدفت رتلاً من الآليات العسكرية الصهيونية وأقعت العديد من جنوده وضباطه بين قتيل وجريح وتدمير عدد منها .

 وهذا ما أكده المحلل العسكري في صحيفة ” يديعوت أحرونوت  رون بن يشاي، الذي تبنى هذه النظرية بقوله إن حزب الله أطلق عدداً من الصواريخ من سوريا، أمس الأول، ليركز جيش الاحتلال الصهيوني واجهزته الامنية الانتباه إلى تلك المنطقة وتضليله .

مع العلم ان حزب الله عندما قام بهذا العمل كان يأخذ بعين الاعتبار كل ردات الفعل سواء كانت الردود العسكرية الصهيونية والردود السياسية الاقليمية والعالمية التي قد تصدر من اي عاصمة .

 وبالتالي فان الحزب أخذ بعين الاعتبار كل الخيارات، اي اذا اراد العدو الذهاب الى الحرب، فالمقاومة جاهزة لها، واذا رضخ لقواعد الاشتباك الجديدة التي فرضتها المقاومة بالقوة فهي جاهزة للتعاطي مع هذه القواعد.

وهذا يعني ان العملية في مزارع شبعا عمقت المأزق الصهيوني بقوة واحدثت حالة من الارباك بين صفوف قياداته العسكرية والامنية والحزبية والإعلامية والشعبية التي حملت المجرم نتنياهو كامل المسؤولية وفي مقدمتها وزيرة العدل الصهيونية السابقة و رئيسة حزب الحركة تسيبي ليفني التي اتهمت رئيس وزراء العدو الصهيوني نتنياهو بضرب قدرة الردع ” الإسرائيلي ” بعد مرور أقل من يوم على العملية النوعية التي نفذها حزب الله في مزارع شبعا  التي وجهت عدة رسائل للعدو الصهيوني من أهمها :

أولاً : أن العدو أعدّ خططه قبل التصديق على عملية القنيطرة، لأنه، بحسب المنطق، كان يتوقع رداً من المقاومة في الجولان متجاهلا  ان التصعيد بحاجة لتغطية سياسة في الداخل والخارج وخاصة من الادارة الامريكية مع العلم ان سلطلت الاحتلال الصهيوني وحلفائها يدركون أكثر من غيرهم ان المقاومة مستعدة للذهاب ابعد من الرد بعد إصدار البيان رقم  “1” وهذا له مؤشرات كبيرة لمواجهة اي عدوان واصدار المزيد من   البيانات2  و3 الى الخ .

 لأن حزب الله ببساطة لن يقبل بتغيير قواعد الصراع والاشتباك التي أرادها العدو عبر جريمته في القنيطرة، لأن اولوية المقاومة في هذه المرحلة هي ردع للعدو الصهيوني أولاً وستكون المقاومة حيث يجب أن تكون كما قال سماحة السيد حسن تصر الله حفظه الله  ، بعدما فشل العدو الصهيوني في فرض برنامجه انطلاقاً من وهم تركيز معظم اهتمامات الحزب بالمعركة على الارض السورية.
لذلك اكدت العملية ان حزب الله هو من يحدد قواعد الاشتباك وليس قادة العدو، واكدت ايضا وحدة الجبهة من الجولان الى جنوب لبنان وبالتالي فعلى العدو ان يفهم اذا ضرب في جنوب لبنان فالرد ربما قد يكون من الجولان وبالعكس
. وبالتالي فان المعادلة أصبحت ما قبل عملية مزارع شبعا ليس كما بعدها وخاصة بعد توحيد إدارة العمل الميداني لجبهة محور المقاومة في الردّ على عملية القنيطرة الغادرة التي لم تكن فقط انتقاماً لشهداء حزب الله ، وإنما أيضاً للجنرال الايراني وبعض ضباط وجنود الجيش السوري وهذا ما يقلق العدة الصهيوني بشدة .

ثالثاً : لقد جائت هذه  العملية الناجحة قبيل الانتخابات الاسرائيلية. تريد المقاومة القول إنها باتت قادرة على التأثير في السياسة الداخلية الاسرائيلية. لا شك في أن حزب الله لا يميز بين رئيس حكومة اسرائيلي وآخر، فكلهم سواسية في العدوان على لبنان وسورية. يختلفون فقط بدرجة السوء والدموية. لكن من المهم أن تجري هذه العملية وسط معركة انتخابات داخلية قد تؤدي الى سقوط نتنياهو

رابعاً : لقد أثبتت هذه العملية النوعية بالدليل القاطع للعدو  الصهيوني قبل غيره ان سورية خط احمر وأن دعم ومساندة العصابات الارهابية المسلحة في سورية لن يمر دون عقاب لا بل وينذر بتغيير كل المعادلة الحدودية ويسقط الهدنات المعلنة وغير المعلنة وهذا ما يثبت ان الحزب اصبح قوة اقليمية ويملك من القوة ما يؤهلة للتحرك بشكل أكبر قي مواجهة الارهاب على الصعيد الاقليمي والدولي بعد المشاركة في مواجهة الارهاب في سورية منذ بداية الحرب الكونية المعلنة قبل اربع سنوات لهذا السبب تعمدت سلطات الاحتلال الصهيوني العاجزة والفاشلة الرد على عملية شبعا بالتفجير الارهابي الذي استهدف دمشق من خلال عملائها الصغار في عصابات النصرة الوهابية التكفيرية التي تعتبر مع كل العصابات الارهابية من الدواعش والقاعدة الوجه الاخر للصهيونية العالمية بوجهها الارهابي الغادر القبيح التي اصبحت تشكل جيش لحد الجديد على الحدود بين الجولان العربي السوري المحرر والمحتل .

وإنطلاقاً من هذه القاعدة فقدأرغمت المقاومة العدو الصهيوني الخضوع لمعادلاتها، بعدما فهم الرسائل، ولذلك لا يود التصعيد والدخول في حرب ومغامرة جديدة نتيجة عوامل عدة:
اولها، قوة وقدرة المقاومة على استنزاف قوات الاحتلال الصهيونية من الناقورة الى حدود الاردن لا بل استهداف العمق الصهيوني في الاراضي الفلسطينية المحتلة بمئات الصواريخ في اليوم.
ثاني تلك العوامل يتمثل في المفاوضات الجارية اليوم بين ايران والولايات المتحدة الاميركية، التي قد تؤسس لتفاهم مستقبلي كبير بين الجانبين، تريده واشنطن على نار هادئة.
ثالث تلك العوامل ان الاميركي يعارض تغطية اية مغامرة اسرائيلية، وقد أبلغت واشنطن حكومة المجرم نتنياهو هذه الرسالة معارضتها تغطية أي مغامرة صهيونية عدوانية جديدو في ا لمنطقة كما اعلنت بعض الاوساط المراقبة للعلاقات الصهيوامريكية والمقربة منها .

 والسبب الاهم ان المقاومة في موقع الدفاع عن النفس والرد على العدوان حق طبيعي لها مما وضع العدو الصهيوني في زاوية ضيقة للمناورة ويرجح المراقبون ان الامور غير قابلة للتصعيد في المنطقة.

 لهذا السبب فقد تعاملت وسائل الإعلام الصهيونية مع الردّ على أنه تعبير عن إخفاق استخباري وعملياتي من الدرجة الأولى، خصوصاً أنه تمّ في ظل حالة التأهب القصوى المعلنة منذ أيام على طول الحدود الشمالية من الناقورة الى الجولان، لكن هذا الإخفاق أظهر من ناحية أخرى المأزق السياسي الذي قيد سلطات العدو الصهيوني بعد دخولها شرك التصعيد مع حزب الله بعد عملية القنيطرة الغادرة .

وكل هذه العوامل الداخلية والخارجية تؤكد ان العدو الصهيوني خضع لارادة المقاومة بالقوة وابتلع الضربة القاسية رغم انف قياداته السيلسية والعسكرية والامنية بقيادة المجرم نتنياهو الذي اطلق العنان لتصريحاته النارية ليثبت عجزه وفشله في الاقدام على اي مغامرة جديدة بعدما أصبح على تخوم الانتخابات الصهيونية ومن دون وجود ضوء أخضر أميركي .

اترك تعليقاً