الأرشيفوقفة عز

عن المرحوم حسن نايف والاستديو والاكترونيات في سوق عين الحلوة – نضال حمد

للمرحوم “حسن نايف” عويص مكانة كبيرة في ذاكرة مخيم عين الحلوة

ربما هو صاحب ستوديو التصوير الأول ومحل تصليح الاكترونيات الأول في المخيم …

هو اسم معروف لكل سكان مخيم عين الحلوة وحتى لجيران المخيم مثل أهالي حي التعمير، حزام بؤس لبناني على مدخل مخيم عين الحلوة. كذلك كان معروفاً لسكان حي الفيلات جيران المخيم من الشرق والشمال وهو الحي الذي يقع على الطريق بين مخيمي عين الحلوة والمية ومية. في تلك السنوات كان هو الحي الوحيد بين المخيمين. الآن أصبحت هناك أحياء سكنية كثيرة وتغيرت معالم المنطقة تماماً، كما إختفت الكثير من الحقول والبساتين والأشجار والأراضي الخضراء، لتحل مكانها العمارات والبنايات السكنية، التي شوهت الطبيعة وقتلت روح الحياة فيها. كما أقيمت مقبرة – جبانة- بين المخيمين تعرف الآن بمقبرة سيروب نسبة لتلة منطقة سيروب المطلة على المخيم. وتكاد تلك الجبانة لا تتسع لأعداد الموتى المتزايدة بسبب وباء كورونا وجوائح القهر والعوز والفقر التي لازالت تعصف بلبنان.

حسن نايف أو حسن نايف عويص ابن بلدة المنشية قرب عكا في فلسطين المحتلة، حيث ولد فيها قبل النكبة بسنة واحدة فقط، ثم غادرها مع عائلته سنة 1948 ليصبح منذ سنته الأولى في الحياة، لاجئاً يعيش خارج وطنه في الخيام والمخيمات كما كل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. اللاجئين الذين مع مرور الوقت حولوا مخيماتهم الى أرض خصبة للانتاج وللعلم وللحياة ومن ثم للنضال من أجل التحرير والعودة.

درس حسن نايف في معهد سبلين التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في قسم الالكترونيات وتخرج منه. لكنه بدأ عمله في المخيم مصوراً فالتصوير هوايته المفضلة. واظب على العمل في مجال التصوير حتى بداية أو منتصف السبعينيات من القرن الفائت. صور وسجل الكثير من التظاهرات والمسيرات والمهرجانات التي كانت تقيمها الفصائل الفلسطينية في المخيم. كان يملك أرشيفا ضخماً لكن كل شيء احترق اثناء الغزو الصهيوني للبنان ولمخيم عين الحلوة في حزيران – يونيو 1982. في وقت لاحق انصرف عن التصوير وأخذ يعمل في مهنته الأصلية مهنة تصليح الالكترونيات. وسافر لبعض الوقت الى ليبيا حيث عمل هناك لكنه بعد وقت من العمل والاقامة في بلاد الزعيم العربي الثائر والمجاهد عمر المختار وبلد العقيد معمر القذافي والروائي المبدع ابراهيم الكوني، عاد الى المخيم لينضم من جديد الى عائلته والى أهله وناسه ومحبيه.

حرص المرحوم حسن نايف اثناء ممارسته لمهنة التصوير تعلم تصليح الراديو والتلفزيون، هذا الأخير كان دخل حديثاً الى المخيمات. في ذلك الوقت كان حسن نايف بعمر ٢٤ سنه. أما محل التصوير فقد افتتحه وهو بعمر ١٨ سنة وكان ذلك سنة ١٩٦٥ وأغلقه سنة 1972. ثم سافر الي ليبيا وبقي هناك ما يقارب الأربع سنوات وبقى المحل موجود ببضاعته بانتظار عودته. عندما عاد أخذ المحل يعمل من جديد.

 

حسن نايف هو صاحب ستوديو التصوير ومحل تصليح الالكترونيات في سوق مخيم عين الحلوة. لقد كان الاستديو كما الالكترونيات علامة مميزة من علامات الحياة في مخيمنا. كان هو أول مصور وربما أول مصلح الكترونيات في المخيم. كما كان محله يقع في صف المحلات الأولى من جهة اليمين عند دخول السوق من الشارع الفوقاني قرب مقر الكفاح المسلح الفلسطيني ومكتب الصاعقة. بالقرب منه كان هناك محل الدواجن للعم أبو علي خليل، زوج عمتي لمياء حمد رحمهما الله. كما محل أبو علي خليل فإن محل حسن نايف كان مستأجراً لأن ملكيته تعود لعائلة أخي وصديقي العزيز أحمد عرسان. لا أعرف ماذا حل بالمحل بعد أن تركه حسن نايف وبعد أن غادرنا الى العالم الآخر في آب – أغسطس من سنة 2011 في الأول من شهر رمضان المبارك. ودفن في مقبرة درب السيم القديمة، حيث كان في بعض الأحيان يعبر تلك الطريق والمنطقة في طريقه الى درب السيم ومغدوشة والغازية والقرى والبلدات المجاورة لمخيم عين الحلوة. فهناك كان موقع جبهة التحرير الفلسطينية بقيادة الأمين العام الراحل طلعت يعقوب، عند جسر درب السيم ومدخل المخيم، نفس مكان حاجز الجيش اللبناني الآن. في ذلك الموقع كان هناك العديد من أبناء مخيم عين الحلوة الذين رحلوا عن عالمنا أو استشهدوا في معارك الدفاع عن القضية الفلسطينية. منهم على صعيد المثال لا الحصر، عبد حمد وعبد الرحمن حمد وعامر خليل وسمير شريدي… كذلك محمد سلامة الشعيري وشقيقه جمال سلامة وحاتم حجير وسهيل خريبي وشربل البني وأبو بشير المقدح ومحمود عيسى أبو سمرة وغسان كايد وأبو الرووس…. والخ.

عندما أردت الكتابة عن المرحوم حسن نايف كنت أفكر بكيفية التواصل مع عائلته وكيف سأحصل على بعض المعلومات عنه. لكن القدرة الالهية حلت الموضوع، فبمحض الصدفة على موقع فيسبوك قبل أيام قليلة تعرفت الى نجله أبو سمرة. فراسلته وطلبت منه المساعدة فلم يقصر في تقديم المعلومات وإرسال الصور. له الشكر وهو الذي كتب لي ليلة الأمس: “حسن نايف لم يكن فقط أبي كان أيضا صاحبي”.

يا أبا سمرة، يا إبن المرحوم حسن نايف!

أقول لك لقد كان والدك صاحبنا كلنا وصاحب كل أهل المخيم الذين أحبهم وأحبوه ولازالوا يتذكرونه بالخير ويترحمون عليه.

نضال حمد

4 أيار – مايو 2021