الأرشيفصهيونيات

غزة بين حاجة (اسرائيل) الأمنية والدعاية الانتخابية – د رأفت حمدونة

يتخبط (الإسرائيليون) في التعامل مع غزة واشكالياتها الأمنية وأعبائها الديموغرافية ومستقبل التعامل معها ، تارة بمقترح مستشار الأمن القومي (الإسرائيلي) السابق ” غيورا آيلاند ” ، وأخرى بدراسة جدوى انسحاب رئيس الوزراء السابق ” أرئيل شارون” ، واليوم بالتلويح بسياسة العصا والجزرة ، في أعقاب ثلاثة حروب طاحنة في أقل من ثمانى سنوات سبقها حربين في العام 1956 ، واحتلال في العام 1967 .

واليوم تتحول غزة لمادة يومية في الاعلام والسياسة (الإسرائيلي)، وأصبحت مادة انتخابية تنافسية بين الزعامات والقيادات والأحزاب واختلاف الرؤى والمشاريع والمقترحات العسكرية والأمنية والسياسية ، كان آخرها خطة رئيس أركان جيش الاحتلال ” أفيف كوخافي” المتعطش للدماء، والحالم بالقضاء الكامل على المقاومة دون توقف على أمل تغيير الواقع بشكل استراتيجي، وتهديدات الجنرال احتياط ” إيتان دانغوت “، المنسق السابق للأنشطة الحكومية، الداعي لتدمير غزة قبل المفاجئة بالمبادرة والهجوم ، وتصريحات انتخابية تنافسية من رئيس حزب ” يسرائيل بيتنا ” المتطرف ووزير الحرب الأسبق ” افيغدور ليبرمان ” ، ووزير الجيش (الإسرائيلي) الأسبق “موشيه يعالون”، واللذان عبرا عن فشل رئيس الوزراء (الإسرائيلي)” بنيامين نتنياهو” في مواجهة المخاطر الأمنية والسياسية مع قطاع غزة ، والتوصيات الجديدة لرئيس جهاز الاستخبارات العسكرية (الإسرائيلي) السابق الجنرال ” عاموس يادلين” حول الاخطار الواقعة على (إسرائيل) من قطاع غزة . 

أعتقد أن قيادات دولة الاحتلال السياسية والأمنية بحاجة لمراجعة التاريخ الفلسطيني الذى لن ينساه شبابه وإن مات أجداده ، الشعب الذى يملك الحضارة والأرض والتاريخ بل أساطير، وعليهم أن يستحضروا مقولة رئيس الوزراء (الإسرائيلي) الأسبق اسحاق رابين للرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران ” إن الكوابيس تطبق عليَّ كل ليلة بسبب غزة ، وإني أحلم بان تقع في البحر لتغرق بكل ما فيها ومن فيها، وعلي دولة الاحتلال أن تدرس رؤية وزير الطاقة وعضو الكابينت، ووزير الاستخبارات (الإسرائيلي) السابق” يوفال شتاينيتس ” الذى قال” الوضع في غزة ليس له حل جذري، مهم ألا نخدع أنفسنا، غزة لن تذهب لأي مكان، ولن تغرق في البحر، كما تمنى رابين ونتمنى ” 

وعلى دولة الاحتلال أن تدرك أن قطاع غزة الذى يعود تاريخه إلى ما يزيد على أربعة آلاف عام ، تعرض للدمار والبناء ، للحروب والسلام ، إلى الانتصار والاستقرار وإلى الحصار عشرات المرات ورفض الانكسار، وأن غزة عاصرت ( الكنعانيين والفلستينيين والأشوريين والأخمينيين والرومانيين والبيزنطيين وأنها أول مدينة فتحت من المسلمين، واحتلت من الصليبيين والبريطانيين و(الإسرائيليين)، وخاضت عشرات بل مئات الحروب، وقبل أن تحاصر منذ انسحاب الجيش(الإسرائيلي) منها في العام 2005، وتشدد أكثر ما بعد 2007 ولا زال، حوصرت على يد الاسكندر الأكبر في العام 332 قبل الميلاد، وحوصرت أيضاً ما قبل العام 96 قبل الميلاد، وحوصرت مراراً وتكراراً على مدار الصراع بين القوى والإمبراطوريات، ورحل الجميع وغرقوا في أحلامهم وتيههم وأساطيرهم، وبقيت غزة شامخة كما القدس ورام الله وعكا وكل فلسطين بشعبها وارادتها وعزيمتها بأكثر قوة وصمود حتى الحرية والسيادة والنصر والاستقلال