من هنا وهناك

فلسطين : عندما يصبح علمها رمزا – حمدان الضميري


 

شاركت منذ أيام بالاحتفال السنوي لجريدة الانسانية وهي جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي , هذه الاحتفالات تتم كل عام في شهر أيلول ويشارك فيها مئات الالاف من الفرنسيين ومن المقيمين بفرنسا , بالإضافة لمشاركة عشرات الأحزاب التقدمية ذات العلاقة بالحزب الشيوعي الفرنسي , حضر ما يقرب من نصف مليون احتفالات هذا العام وهذا عدد كبير , استمر الاحتفال لمدة يومين 13 و 14 أيلول وكان بضواحي مدينة باريس .

لم أفكر سابقا بكتابة هذه السطور لولا ما أثار عندي ألحضور البارز جدا والكثيف جدا للعلم الفلسطيني ,من مشاعر الدهشة والفرح والاعتزاز بهذا العلم الرمز, في مئات المعارض التابعة للأحزاب والجمعيات المشاركة كان للعلم الفلسطيني مكانه حاضرا بألوانه الأربعة مرفوعا لجانب راية الحزب العارض والمشارك,لم أرى كما هو حال كل المشاركين غيري علما اخر كان له نفس الحضور ,ما من شك أن ما جرى في غزة خلال الواحد والخمسين يوما من عدوان همجي عسكري صهيوني مدمر وقاتل وما رافقه من تضامن من ملايين الناس في قارات العالم المختلفة وفي عواصمه ومدنه أثر في هذا الحضور وهذه الكثافة .نتذكر الان ألاف المظاهرات والتجمعات المنددة بالعدوان والمتضامنة مع شعبنا في قطاع غزة ,حيث كان يرفع فيها علم فلسطين بكثافة كما كان يضعه البعض على شبابيك بيوتهم أو على سياراتهم في بعض الأحيان.

لماذا علم فلسطين وبهذه الكثافة ؟

ولماذا علم فلسطين وليس علم اخر ؟

 اسئلة تطرح نفسها على الجميع وفي البداية علينا نحن أبناء الشعب الفلسطيني حيث وجدنا. أعتقد أن فلسطين ترمز الى الكثير من القيم وهذا للكثير من احرار العالم أيا كانت أصولهم وثقافاتهم وتكوينهم الفكري والديني وألوان بشرتهم .

 فلسطين ترمز لمعركة الحرية لشعب صمم على الخلاص من محتليه ومن مستعمريه

فلسطين ترمز للنضال من اجل التحرر

 فلسطين ترمز للمقاومة

 وأخيرا فلسطين هي الرمز الحي للتضامن العالمي مع الشعوب وهذه القيمة مهمة جدا في معركة الحرية والتحرر التي يخوضها شعب فلسطين منذ عقود مضحيا خلالها بعشرات الالاف من خيرة أبنائه.

خروج الملايين للشوارع للتضامن مع غزة في صمودها الباسل كان تعبيرا عن هذه القيم الإنسانية ,وهذا التضامن الواسع معنا يجسد أحد أعمدة أي مشروع وطني فلسطيني قادم والذي طال انتظاره بعد حالة من الانقسام زاد عمرها عن عقدين من الزمن , على كل فئات شعبنا الحية منظمة كانت أو تنشط بشكل فردي أن تعي أن التضامن العالمي معنا يعيش أفضل أيامه , لذلك علينا أن نستفيد من هذه اللحظة وهذه الفرصة الكبيرة والتاريخية والضرورية لنا والتي تشكل أحد شروط انتصار معركة التحرر التي نعيشها.

لكن ألتضامن الدولي معنا غير كاف لوحده , فعلينا النضال والعمل الجاد لتوفير الشرطين الاخرين وهما حسب رأيي أولا ألنضال الوطني الفلسطيني والذي يشترط تواجد مشروع وطني مقاوم وموحد ببرنامجه وأدواته التنظيمية اللازمة  ثم وجود ألحاضنة العربية المشاركة معنا والى جانبنا بنضالنا التحرري , هذه الشروط الثلاثة لا بد من توفرها لنفتح افاق جديدة لشعبنا وحتى لا تصبح تضحياته بين الحين والأخر بدون جدوى ومجرد أرقام تضاف لأرقام سابقة .

نحن شعب تضحياته أكبر من قياداته ومتقدمة عليها , بل أذهب الى أبعد من هذا وأقول ان شعب فلسطين تتحكم به قيادات لا تستحق أن تكون في المواقع التي تتواجد بها , الى متى تستمر هذه المعادلة المغلوطة ؟ استبشرنا خيرا خلال العدوان على غزة والذي لم ينتهي بعد أن افاق جديدة بدأت تفتح أمام مشروع وحدة وطنية فلسطينية وان كانت في خطوات خجولة , لكن العودة للتراشقات الاعلامية الأخيرة وحملات الادانة المتنوعة والمتبادلة من طرفي النزاع حركة فتح وحركة حماس يدفع الكثير منا للقول , ان كان هؤلاء الأخوة يعوا حقا خطورة ما يفعلوه وهل لهم الحق ان يأخذوا شعبا بأكمله وكذلك قضيته الوطنية رهينة لتصرفاتهم اللامسؤولة , ما يقوله البعض من أبناء الشعب الفلسطيني أن الانقسام مشروع رابح لبعض الفلسطينيين يجسد حقيقة ولو كانت مرة للأسف , كما أن الاحتلال مشروع رابح للكيان الصهيوني وهي حقيقة أخرى لا بد من مواجهتها , تغيير قواعد اللعبة في أوساطنا الفلسطينية اولا وفي كيفية تعاطينا مع كيان الاحتلال ليصبح احتلاله مشروعا خاسرا شرط لا بد منه لنتقدم للأمام بنضالنا ونضيف زخما اضافي للعلم الرمز.

حمدان الضميري

ناشط فلسطيني ببلجيكا

فلسطين : عندما يصبح علمها رمزا – حمدان الضميري

اترك تعليقاً