من هنا وهناك

في ذكرى إعدام المناضل التاريخي عمر المختار – عادل سمارة

لم يكن هدف الفاشية الإيطالية قتل المخنار كشخص بل كعربي مقاوم. بهدف إهانة أمة بأكملها. في هذا الموقف كتب احمد شوقي:

ركزوا رفاتك في الرمال لواءَ….يستهض الوادي صباح مساءِ

 يا ويحهم ركزوا مناراً من دمٍ…يوحي إلى جيل الغد البغضاء

والسؤال هو هل هكذا جيل اليوم؟ أم هو موزع على افكار ألوان من التابعين وأنصاف  التابعين وأموال النفط والأنجزة. أنها قلة قليلة التي تبذل جهد نفسها خارج كل نظام وتشتبك مع فيالق الأوغاد على الكرسي وتحت الكرسي . الفاشية الإيطالية اعدمت عمر المختار والقت بجثته من الطائرة في الصحراء. ألم تفعل ذلك حكومة جاردنر وبريمر والجعفري وعلاوي والمالكي والعبادي. هل كانت المسألة صدام أم إثبات ان العراق لم يعد عربياً؟ من هنا ليس امام جيل الغد سوى العروبة وحدة واشتراكية لا تبعية.

 

( *** )

 داعش حصان طروادة … لكنه الثالث

عادل سمارة

 لقد تمكنت الثورة المضادة منذ هزيمة عام 1967 من تحييد الروح العروبية وتخديرها ومن ثم تجنيدها في مسألتين تقودان إلى شلل الفاعلية تجاه الوطن:

 الأولى: تكريس الدولة القطرية وكأنها دولة حقيقية وكأن سكانها أمة قائمة بذاتها محصورة على ذاتها لا تتفاعل مع جاراتها العربيات بل وصلت أصغر هذه الكيانات إلى التسلُّح على الطريقة الصهيونية لتعتدي على القطريات الكبرى (قطر ضد سوريا والعراق، وقطر والإمارات والسعودية ضد ليبيا القذافي ثم ليبيا الحالية ضد مصر والجزائر…الخ)  وكان هذا طريقا سهلاً لتصريف فوائض الريع النفطي من كيانات كل الخليج العربي إلى الولايات المتحدة وغرب أوروبا.  بينما لم تشارك اياً منها  قط ضد الكيان الصهيوني بل تقيم معه تحالفات سرية وعلنية معه.

 والثانية: التوهم بصحوة إسلامية هي في جوهرها تخدير بالدين السياسي للهروب من المسألة الوطنية والقومية نحو تصور أمة إسلامية كبيرة ولكن بالطبع بلا فاعلية. الثورة الإسلامية وإسلام المقاومة هو استثناء من هذه “الصحوة”.

 بعد أن تكرست “الأمة”القطرية و “أمة” الدين السياسي كحصانيْ طروادة كان طبيعيا خلق الحصان الأخير في هذه الحرب، داعش تماما كأحد تفرعات القاعدة والتي نقلت دور القاعدة من الإرهاب المتنقل إلى الإرهاب المستقر على شكل دولة ومن الإرهاب الممول من خالقيه وصانعيه الغربيين ومن انظمة الريع النفطي مباشرة أو لا مباشرة عبر اثرياء خلايجة إلى حالة احتلال لآبار النفط والحظوة بتسهيل كردي تركي لبيع المسروقات للشركات الغربية اي شركات من الدول التي تزعم محاربة داعش. هذه تطورات  تتطابق تماما مع مشروع الشرق الأوسط الجديد.

هنا نلمس ونرى عيانا بأن المركز الإمبريالي ارتكازاً على مصالح المذاهب الفاشية المحلية والإثنيات يعيد تجزئة وتذرير الوطن العربي جغرافيا وديمغرافيا بحيث يكون الكيان الصهيوني كدولة لليهود فقط هو الأوسع جغرافيا والأكثر عددياً ناهيك عن الأقوى تطورا تكنولوجيا وعسكرياً. وتكون الجامعة الشكلانية لهذه الدول/الأمم الأميبية مظلة وهمية هي أمة الإسلام. هنا تتكرس تماماً عقيدة انظمة وقوى الدين السياسي اللاوطنية بجوهرها الأساس وهو الإمساك بالسلطة لا حماية الوطن.

لقد اتضح الدور الذي خلقت داعش من أجله في احتلال الموصل ومعظم المناطق السنية العراقية في نفس لحظة العدوان الصيوني على غزة.

لم تقم الدولة القطرية حتى برفع الصوت على مذبحة غزة، بينما علا صراخها وعويلها على ما حصل في العراق، وهي نفسها وراء ذلك ضمن تقسيم العمل الإرهابي الأمريكي في الوطن العربي.

هناك ثلاثة تطورات هامة يجدر تسجيلها في هذين الشهرين:

الأول: إن لعبة داعش كانت اساساً لشرعنة العدوان على سوريا بما هي الهدف الأساس في هذه المرحلة في اجندة الثورة المضادة. فالمعروف أن داعش في سوريا إلى جانب مختلف المنظمات الإرهابية، وبأن مجموع هذه المنظمات لم تتمكن من حسم الأمر في سوريا رغم ان البوابة التركية مفتوحة لدخول اي عدد من الإرهابيين القادمين من مختلف اصقاع العالم الإسلامي. ولا يخفى أن مليار ونصف من الأمم الفقيرة والمتخلفة والمهزومة والمأزومة يمكن ان تجند الملايين بأقل الملاليم ناهيك عن حقيقة إنفاق المليارات على هؤلاء.

والثاني: ضمن تقسيم العمل الإمبريالي ضد الأمة العربية وخاصة ضد سوريا والمقاومة بما فيها إيران ظل الأردن سورا شرقيا للكيان الصهيوني واتسعت وظيفته ليصبح كذلك قاعدة تدريب للإرهاب ضد سوريا والعراق، ويبدو مع توسيع تحالف العدوان على سوريا توسع المطلوب من السعودية لتصبح قاعدة تدريب أوسع للإرهاب ناهيك عن التمويل وبزل اكبر عدد ممكن من خريجي الوهابية للعدوان على سوريا.

والثالث: نقل العراق نفسه من شبه نصير لسوريا إلى قاعدة لضرب سوريا. فاستدعاء العدو الأمريكي لضرب داعش في العراق كان الهدف منه إيجاد مدخل “مشرعن” للعدوان على سوريا . ورغم أن المالكي هو الذي استجدى العدوان الأمريكي، إلا أن الصلف الأمريكي اصر على عزله، ولم يكافىء سوى بالإبقاء على رأسه الغليظة ووظيفة نائب رئيس الوزراء عن طائفته.  

وللعدو الأمريكي تاريخ طويل في عزل أدواته، قبل عامين كان الأمر إلى حمد المعيَّن حاكماً لقطر ليخلي الكرسي لإبنه تميم رغم أنه كان منذ 1995 قد نفذ الأمر بخلع ابيه والجلوس محله، وكان الأمر لعمر البشير بتكريس انفصال الجنوب السوداني ليبقى على الكرسي ومع ذلك وُضع على قائمة المطلوبين دولياً، ولم تنفعه عصاه التي يهش بها كما لو كانت الناس أغناماً.

بينما رغم احتلال العراق 2003، ورغم تفكك الاتحاد السوفييتي وغياب قطبية نظيفة مقابل الوحش الغربي الأبيض قطع الرئيس الأسد اللقاء مع  مع كولن باول الأداة السوداء (مثل أوباما) للسيد الأبيض رافضا الشروط الأمريكو-صهيونية.

واليوم، تصطف عشر كيانات قطرية من دولة سكانها بعدد مدينة متوسطة الحجم إلى دولة بمئة مليون مواطن مطحون، تصطف لتقاتل سوريا نيابة عن المركز الإمبريالي الصهيوني  هي الأردن ولبنان والكويت ومصر والسعودية وعمان وقطر والبحرين والعراق والامارات.

قد يقول بعض المثقفين والساسة ممن يراعون تذبذبات الأنظمة بأن الأردن نصف منخرط أو ان السيسي لم يعلن مشاركته في العدوان على سوريا…الخ وربما هذا صحيح، ولكن هذه المرونة ليست وظيفة الكاتب المشتبك بلا مصلحة والذي يُباعد ما بين نفسه والسلطة. إن  الأمور ابعد من هذا وأعمق.

إن هذا الخنوع للولايات المتحدة في حرب ضد سوريا هو مشاركة. بل مشاركة خطيرة لأنها تقول للمواطن العربي بأن هذه الإمة في حالة عبودية، هو مواصلة لما اشرنا إليه أعلاه في تمويت العروبة. وبأن حكام هذه الأمة يكرسون بخنوعهم السيطرة الأمريكية كما يكرس معنى بيت الشعر للنابغة الذبياني مع اختلاف الموقف والناس:

فإنك كالليل الذي هو مدركي…وإن خِلتُ أن المنتأى عنك واسعُ

إن قسطاً كبيراً من حلف التوابع (ضد داعش/لصالح داعش) بقيادة العدو الأمريكي والفرنسي وغيرهما هو حرب نفسية على الشعب العربي كي لا يرفض ركوع الحكام. ولكي يقبل المواطن العربي بأن الحكام العرب هم وُلاة عينهم البيت الأبيض، وبأن هذا الاصطفاف المريب أمر طبيعي مثل حقائق الطبيعة.

هذا الحال، هو مثالي للعدو الأمريكي الذي يعلن بصلف ووقاحة بأنه سوف يعتدي على الأجواء السورية ويضرب قواعد الطيران السوري إذا قاومته سوريا مما يؤكد بأن الهدف هو سوريا.

ماذا ستفعل سوريا والمقاومة وروسيا وربما البريكس؟

قد يكون هذا راي العسكريين. ولكن ربما تكون معركة فاصلة تخرج أمريكا من مساحة كبيرة من الوطن العربي. وأعتقد هنا أن الرد في مستويين عربيين:

الأول: شعبي، وهذا واجب كل مواطن عربي أن يقوم بعمل ما من الحديث إلى الكتابة إلى مقاطعة البضائع إلى مطاردة عملاء امريكا (الحكام واللبراليين والطابور السادس الثقافي والأنجزة وساكني المراكز الثقافية الغربية…الخ)  إلى ضرب مصالحها إلى تفكيك مفاصل الدولة القطرية…الخ. بل اعتقد أن هذا الدور الشعبي متأخرا جدا ويجب ان يكون حتى قبل العدوان على سوريا بمراحل زمنية. لقد حان وقت التصدي المفتوح.

والثاني: إذا كان من الصعب على العدو الأمريكي والخليجي وكل التوابع الانتصار على داعش من الجو، فإن من المستحيل عليهم هزيمة سوريا من الجو. هذا من جهة ومن جهة ثانية يصبح من الحتمي ومقابل اية تضحية حريق القواعد الأمريكية والغربية في الجزيرة العربية المحتلة وحريق النفط نفسه. لعل خطيئة صدام حسين أنه لم يكمل التقدم إلى قلب السعودية قبل أن تحشد امريكا على راحتها نصف مليون وغد لضرب العراق.

إن الرد في مواجهة شعبية مع امريكا وأدواتها. مواجهة حلف الإرهابين الأسود والأبيض. وقد يكون الرابط التالي آخر الأدلة  التي قد لا ينكرها أكثر التابعين غوصاً في مستنقع الخيانة.

جون ماكين يؤكد اتصالاته المتواصلة مع داعش. (الشيخ المسلم السني جون ماكين )

اترك تعليقاً