الأرشيفوقفة عز

في يوم الصفصاف – نضال حمد

كتب رئيس تحرير موقع الصفصاف

أتذكر جدي وجدتي، أبي، أعمامي وعماتي، خالي وخالاتي، ختايرتها، عجائزها، وكل أحبتنا الذين رحلوا وهم ينتظرون العودة الى الصفصاف في الجليل الفلسطيني الأعلى المحتل.

طال انتظارهم في المخيمات، سنوات طويلة من العذاب والحياة في اللجوء والتشرد، في الخيام وبيوت الطين والزينك، في القلاع المقاومة، المخيمات التي أنجبت فدائيين وفدائيات، مناضلين ومناضلات، مقاومين ومقاومات، طلائع ثورية ونخباً وطنيةً، جنوداً مجهولين، فنانين وأساتذة ومربين تربويين، مثقفين ومثقفات.. أطباء ومهندسين وصيادلة وشعراء وإعلاميين وكُتاب وأدباء. وقبل كل هؤلاء كانت أنجبت الناس الطيبين، البسطاء، الفقراء، الفلاحين والمزارعين والصيادين، الذين زرعوا حب فلسطين والايمان بالعودة والتحرير في قلوب وأفئدة الأبناء والبنات.

كان جدي بشوشاً لا تفارق وجهه الابتسامة. ولكنني كنت ألحظ في عينيه دمعاً حبيساً. وفي صوته بحة بسيطة وفي ملامحه تغييرات مفاجئة، تتبدل ملامحه في الخريف وتحديداً في يوم الثامن والعشرين من تشرين أول – أكتوبر كل عام. لم أكن أفهم ذلك عندما كنت صغيراً، لكنني عرفت السر عندما كبرت قليلا. ففي هذا اليوم غادر جدي كما جدتي وأبي وعماتي وأعمامي وخالاتي وأخوالي وكل عائلتنا وأهالي بلدتنا، غادروا الصفصاف مرة واحدة ولم يرجعوا إليها حتى يومنا هذا.

رحلوا هم بعدما أبقوا الصفصاف وكل فلسطين أمانة لدى الأبناء والأحفاد.

ما أثقل هذه الأمانة وما أصعب حملها. إنها فوق كل الأمانات، وأعلى من كل القمم الشاهقات، وأثقل من كل حمولات الدنيا. إنها أمانة المقاومة لأجل التحرير والعودة.

كان والدي يظهر حزنه عندما يتحدث عن الصفصاف. لم يخفِ يوماً أحزانه وآلامه بسبب ضياع فلسطين، وتشرد شعبها. لم يكذب على نفسه ولا علينا، كان يعرف أن العودة صعبة في ظل الظروف التي عاشها، لكنه بقي حتى وفاته مكللاً بالأمل بالعودة والتحرير واستعادة كل فلسطين. رحل عن عالمنا وهو مؤمن بذلك، مؤمن بأن جيلاً فلسطينياً جديداً سوف يهزم الاحتلال الصهيوني ويعيد الوطن لناسه والشعب لوطنه.

إنه يا والدي جيل العودة مع بندقيتك التي لازالت مدفونة تحت تراب بلدة بنت جبيل في الجنوب اللبناني، على حدود فلسطين الشمالية. بندقيتك التي قاتلت بها ورفضت بيعها بثمن بخس، مفضلاً دفنها بانتظار قيامة الأمة وعودة فلسطين. للأسف لا الأمة قامت ولا فلسطين عادت ولا البندقية أستعيدت، فمازالت تحت التراب بانتظار من يعيدها الى الجليل.

في يوم الصفصاف

نتذكر 111 شهيدا سقطوا في مجزرة البلدة، التي نفذها الصهاينة ليل 28-10 وفجر 29-10-1948. حيث قموا بإعدام رجال وشباب البلدة والبلدات المجاورة، فقد لجأ الى الصفصاف أهالي القرى المجاورة التي سقطت بأيدي الصهاينة. قتل أكثر من 50 شخصاً من أبناء البلدة. اغتصبوا فتيات ثلاث، سرقوا المنازل والبيادر والأملاك، قطعوا أصابع الضحايا لينتزعوا منها الخواتم الذهبية. قتلوا عزيزة ووليدها على صدرها، البعض يقول أنه شاهد عزيزة مدرجة بدمها والوليد يصرخ على صدرها .. من شدة الهلع لم يأخذوا الطفل معهم وهم فارين من الجحيم الى حدود لبنان. كما هناك من يقول أن عزيزة وطفلها قتلا. رحلت عزيزة شهيدة، أما وليدها فسيبقى لغزاً يحير الصفصاف. فهو اللغز الذي يعيدنا الى رواية غسان كنفاني (عائد الى حيفا) حيث هناك قصة مماثلة ومشابهة.

لأول مرة منذ المجزرة في الصفصاف نشرت صحيفة هآرتس الصهيونية وثائق عن مجزرة الصفصاف. ما جاء في الوثائق الصهيونية كان تكلم عنه وأكثر كل الذين عاشوا مأساة البلدة. كما أكده الشهود العيان من أبناء وبنات البلدة في شهاداتهم-ن التي جمعناها أو قام بجمعها غيرنا من المهتمين.

يتبع

28-10-2019

ملحق

 

صحيفة هآرتس العبرية، تميط اللثام عن وثائق مرعبة لمجازر وجرائم ارتكبتها العصابات الصهيونية الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني عام 1948 وبعده، أخفتها وزارة جيش الاحتلال في قسم سري

يوم 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1948 قرية الصفصاف الفلسطينية في منطقة الجليل الأعلى تشهد مجزرة مريعة اقترفتها في حقها العصابات الصهيونية، التي غدا اسمها لاحقا “جيش الدفاع (الإسرائيلي)”، في عملية أطلق عليها “حيرام”.

وتصدت كتيبة اليرموك الثانية لجيش الإنقاذ العربي للقوات الاحتلال لكنها فشلت في الدفاع عن القرية لاختلاف موازين القوى بينهما.

استمرت المعركة الضارية ساعات طويلة، حيث قتل فيها 52 من اهل القرية رميا بالرصاص بعد أن قيدت أيديهم وألقي بالجثث في حفرة جماعية.

النساء تعرضن للاغتصاب بمن فيهن فتاة في ال14 من العمر اطلق عليها عليها النار بعدها فسقطت جثة هامدة إلى جانب عمليات السلب والنهب.

وقائع صادمة فضحها الإعلام (الإسرائيلي) بعد 71 عاما من وقوع المجزرة ضمن تحقيق نشرته “هآرتس” في ملحقها الأسبوعي يتضمن وثائق مرعبة عن مجازر وجرائم ارتكبتها العصابات الصهيونية ضد الفلسطينيين عام 1948 وبعده بأوامر من ديفيد بن غوريون وتحجبها تل أبيب في قسم سري.

 

 

 

 

 

 

 

#safsaf_masakra
#al-safsaf_masakra
#29-10-1948_مجزرة_الصفصاف
#ذكرى_مجزرة_الصفصاف
#مذبحة_الصفصاف
#ذكرى_مذبحة_الصفصاف

نضال حمد