من هنا وهناك

قـبائل فــتـح و “عشـيرة عـباس “..!! – عـادل أبو هـاشـم

كتب “فابيو سكوتو” مراسل صحيفة “لاريبوبليكا” الايطالية في القدس  قبل أيام مقالاً تحت عنوان ( سجائر .. بنزين عقود والفساد : رام الله تحت أيدي عشيرة أبو مازن ..!! ) .

حيث أكد الكاتب بأن كل شيء في الضفة الغربية يسيطر عليه الرئيس محمود عباس ، وان الثقة في السلطة الفلسطينية انهارت ، ودلل على ذلك بالقول :

” في ساحة المنارة برام الله يسألني أحد المواطنين وهو جالس في مقهى وبيده سيجارة تهب منها حلقات الدخان .. هل ترى هذه السيجارة ؟ تم استيرادها بشكل حصري من قبل فالكون ” الصقر ” ، وهي الشركة التي تنتمي وتابعة لنجل الرئيس  ، وحتى الهاتف الخلوي في جيبي هو لشركة ابن الرئيس ، ومحطة البنزين حيث اليوم وضعت البنزين تابعة لعشيرة الرئيس ، هناك أشخاص حققت وتنجز الكثير من المال مع الأزمة الإسرائيلية  ــ  الفلسطينية ..!!”.

و أن ملايين الدولارات خرجت وصرفت من الصندوق القومي الفلسطيني ، حيث التبرعات من الدول العربية للصندوق القومي تحت تصرف ومراقبة محمود عباس ، ولهذا فإن كل المشاريع والمكافآت مع الامتيازات الخاصة تمنح فقط إلى الموالين لعباس .!

وخلص الكاتب إلى القول بأن تحديد شكل الدولة للسلطة الفلسطينية الحالية والتعريف الأكثر المناسب هو الفساد الحكومي المستفحل ..!

وما الجديد في الموضوع .؟!

فكل أبناء الشعب الفلسطيني بل و العربي و الأسلامي يعرفون أدق التفاصيل عن فساد سلطة رام الله ، وكيف امتطى محمود عباس  مسار النضال الفلسطيني طوال السنوات الماضية ، فصال  وجال  مستهتراً بشعبنا ونضالاته ،  وغير  مسار هذا الشعب من نضال و مقاومة وجهاد واستشهاد الى شركة خاصة له و لأبنائه  تحمي مراكزهم التي اوجدوها ، وامتيازاتهم التي سلبوها من قوت الشعب .!

و لكن الجديد أن ريحة الفساد السلطوي العباسي قد فاحت و و صلت إلى  أوروبا هذه المرة ، وهو الذي أثار سفيرة عباس في روما  الدكتورة مي الكيله  ودعاها للطلب من عباس برفع دعوى على الصحيفة و الكاتب .!

في السنوات الأولى لقيام السلطة ( 1994 ــ 2002 م ) أضحت ” حـركة فـتح ” مشروع استثماري لدى بعض أصحاب البطولات المستعارة حيث  تم اختطاف    هذه الحركة التاريخية المناضلة التي قدمت آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى والأسرى والمعتقلين على مدار أربعة عقود ونيف على يد زمرة الفساد والمفسدين من المفرطين والمتاجرين بقضايا الوطن للحصول على المكاسب والغنائم ، مما أدى إلى ضياع الحركة ( التي أصبحت غابة الجميع فيها ينهش بعضه البعض) بين أنياب المنتفعين والمتسلقين الذين احتلوا مناصب ليسوا أهلا لها  ، وإعتبروا أنفسهم فوق القانون ، وفوق الضوابط والحسابات ، وحجة كل واحد فيهم أنه محرر الأوطان وقاهر الأعداء.! ،، حتى أضحت ” حـركة فـتح ” مشروع استثماري لدى المنـتفعين الذين قايضوا الحركة بثرائهم ، و الذين جعلوا من منها بقرة حلوب ، و فضلوا المتاجرة بدماء شعبهم وقضية أمتهم ووطنهم.!

وبعد خطاب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في 24 / 6 / 2002 م  والذي طرح فيه خريطة الطريق  ، و طالب  ” الأصلاحيون الجدد ” في الشعب الفلسطيني بعزل الرئيس ياسر عرفات ،  كشرط لاقامة الدولة الفلسطينية ، ظهر تيار من رفاق عرفات وأتباعه ومساعديه وخاصة من أولئك الذين ساهموا معه في عملية التفاوض ( العلني منها والسري في مراحل التفاوض وأشكاله المختلفة ) من أجل عزله سياسيـًا في هذا الوقت بالذات ، وبالتالي إسقاطه من قيادة الشعب الفلسطيني ؟!

إنهم ” المعارضون الجدد ” الذين يعيشون بفضل عرفات ، ويضربون بسيفه ، ويستفيدون منه إن لم نقل إنهم يستغلون إنـتمائهم إليه ، وإطاعة أوامره في تحقيق أهدافهم المعيشية .!

لقد تآمر هذا التيار  الذي هبط على الفلسطينيين فجأة من السماء في براشوت أمريكي الصنع ويحمل العلم الإسرائيلي ، وقد كانوا أصحاب حظوة حتى الأمس القريب ليخبروننا بوجوب استبدال القيادة الفلسطينية ، وبأن عهد عرفات المستبد والمتسلط الذي يأخذ القرار لوحده ولا يستمع إليهم قد ولى لغير رجعة .!

وبدأ قادة هذا التيار بتوجيه رسائل للرئيس ياسر عرفات في الصحف محملا إياه القسط الأوفر من الإخفاقات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ أوسلو ، ومنـتقدًا فيها ممارسات السلطة ” التي تخلت عن أهم أحد أسلحتها وهو بناء المؤسسات القادرة على نيل ثقة الفلسطينيين ” .!

وذكرت في إحدى الرسائل في سبتمبر ” أيلول ” 2002م بأن ” سلطة أوسلو ” قد دمرت مؤسسات منظمة التحرير ، وحركة فتح ، ومؤتمراتها ، وأقاليمها ، ولجانها ، ومكاتبها الحركية ، وأنها تعاملت مع شعبها بروح وعقلية اقتسام الغنائم .!

وباقي القصة معروف للجميع ، فقد تم حصار ومن ثم  اغتيال القائد والزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني  ياسر عرفات حتى تفتح الطريق أمام هؤلاء للتعايش الذليل مع العدو الإسرائيلي .!

ثم استلم محمود عباس قيادة المنظمة و السلطة و حركة فـتح منذ عام 2005 م ،

فبدأ نفس التيار بذبح وتسفيه وتشويه ” حـركة فـتح ” من خلال الإستقواء بالإدارة الأمريكية والعدو الإسرائيلي و بعض السذج والمغرر بهم من أبناء الحركة ، خدمة للمخطط الأمريكي ــ الإسرائيلي ،  و لتحقيق الوهم الذي يداعب رؤوسهم من الإستيلاء على مقاليد الحركة .!

وظهرت فئة من المفسدين ممن تكسبوا الملايين على ظهر الشعب الفلسطيني وفرق الموت والقتل والعصابات والمسترزقين والعابثين في القضية والتاريخ والنضال الفلسطيني عبر عقود طويلة ، إنها الفئة التي طعنت الشعب الفلسطيني في الصميم ، في قضيته وحقوقه ونضاله وتضحياته وكرامته وشهامته وحولته إلى شعب يناضل من أجل رغيف الخبز .!

وأصيبت الحركة بالشلل التام في ظل غياب الديموقراطية داخلها ، واستغلال البعض  لـ ” فــتـح” للحصول على المكاسب وذلك من خلال غياب المساءلة والمحاسبة في صفوف الحركة، مما أدى إلى تفشي المصلحة الشخصية وانهيار الأداء والسلوك التنظيمي لدى أبناءها.!

و عقدت مؤتمرات عديدة للتأكيد على أنه لم يعد يجدي الصمت و توجيه النصائح أمام كل الأخطاء التي مورست داخل الحركة على مدار السنوات الأخيرة ، و أنه لا بد من رفع  صوت أبناء الحركة عالياً للمطالبة بإعادة حركتهم إلى مسارها الوطني الصحيح بعيداً عن الأنحرافات التي أراد هذا الطابور الخامس من  الأدعياء والدخلاء عليها من الغارقين في وحل الخيانة والتفريط وبيع المواقف المجانية ، و المتلاعبين  بماضيها وحاضرها ومستقبلها أن يسوقها باتجاهها ، و التصدي لمحاولات حرفها عن المسار الوطني ، وجرها إلى مشاريع غير وطنية .!

ولكن لا حياة لمن تنادي .!

بل عقد المؤتمر العام السادس لحركة فتح في 4 / 8 / 2009 م في بيت لحم ، و أنتخب محمود عباس بالتصفيق ، لتختزل الحركة في شخص واحد هو محمود عباس .!

هنا يتساءل الشارع الفلسطيني :

أين قيادات ” حـركة فـتح ” السياسية و العسكرية لكي تلجم هؤلاء  المأجورين والأنتهازيين والخارجين على مبادئ و ثوابت الحركة ، و الذين يحاولون شطب المحطات المضيئة في تاريخها ،و ينحرونها من الوريد إلى الوريد .؟!

أين قيادات الساحات والأقاليم والاتحادات الشعبية؟! أهي غائبة ؟ أم إنها اندثرت وفقا لخطة مبكرة نفذت خطوةً خطوة .؟!

أين كوادر ” فـتح “الشرفاء ليقفوا في وجه الذين يتطاولون على دماء شهدائها وجرحاها، ويلطخون تاريخها ونضالها، ويمسحون دورها، ويقضون علي مستقبلها، ويشوهون تاريخ الحركة النضالي .؟!

   أم أن ” فـتح “قد اختطفت و اغتصبت من قبل حفنة قبلت الدنية ، وقدمت مصالحها على مصالح شعبها و أمتها و عقيدتها ، و عملت بموجب توجيهات الأعداء و نصائحهم .؟!

فمن الظلم أن تتحول ” فـتح ” إلى  مجموعة من الساقطين في وحل الفساد ، وقبائل وعشائر وعائلات وزواريب ، و إلى مجموعة من الناعقين الذين يملؤون الفضائيات صباحاً ومساء لا يلوون على شيء إلا إثارة الفتنة و التحريض و الكذب و قلب الحقائق ، و أن تصل الأمور في هذه الحركة المناضلة إلى هذا الدرك بفضل حفنة من الصغار ” الأنكشاريين”  الذين يدوسون وجه الوطن بالبسطار الأمريكي .!

وأخـيراً :

في جلسة رمضانية مع بعض الأصدقاء الصحفيين جلست بجانب أحد الصحفيين المصريين وهمست في أذنه : أليس من المعيب أن يحكم شخص مثل حسني مبارك شعباً حضارته سبعة آلاف سنة لمدة ثلاثين عاماً دون أن نسمع كلمة احتجاج واحدة ضد حكمه الظالم .؟!

فنظر لي صديقي وقال : أليس من المعيب أن يحكم محمود عباس شعب الجبارين والجهاد والتضحيات لمدة أحد عشر عاماً بما حملته من مآسي للشعب الفلسطيني و فضائح دون أن نسمع أو نرى مظاهرة واحدة ضده .؟!

اترك تعليقاً