عربي وعالمي

كباش دولي متفاقم وخيارات الناخب الروسي القادمة – المحامي محمد احمد الروسان

ودويلة صهيونية بسروال كردي فاقع شرق نهر الفرات

الرقّة الى لاس فيغاس الشرق للتعمية على الجرائم الأمريكية

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

بين سورنة الحدث الأوكراني، وأكرنة الحدث السوري، وبين الروسنة الروسيّة والأمركة الأمريكية، والأيرنة الأيرانية، باشتباكات متعددة وعلى مدارج الخطوة خطوة من الصيننة بشراسة صامتة، وسعي عميق من فلسفة ومسارات الأتركة، وغياب قصري وذاتي كلي للعرب، حيث الطبخة أمريكية والحطب تركي والوضع بوضعيات الكاماسوترا عسكرياً في الشمال السوري وفي الشرق السوري – شرق نهر الفرات بالقرب من قاعدة التنف، حيث واشنطن تسعى لأنشاء دويلة اسرائيلية بسروال كردي، وبالتالي المنطقة مفتوحة على كلّ شيء الاّ الأستقرار.

حيث ميليشيا ما تسمى بقوّات سورية الديمقراطية(قسد)تسيطر على مناطق شرق نهر الفرات، والبالغ مساحتها 28 ألف كم أكثر من ثلاثة أضعاف مساحة لبنان بدعم اليانكي والكابوي الأمريكي، وعبر ما يسمى بالتحالف الدولي غير الشرعي الذي تقوده واشنطن(الأردن جزء منه)، تحالف البرغر كينج والماكدونلدز، والذي هو في طريقه نحو التفكك بعد الأنسحابات البلجيكية والنرويجية الأخيرة. وحسب اتفاقيات منع التصادم الروسيّة الأمريكية، تم التفاهم على تقاسم العمل الميدان العسكري، بحيث شرق نهر الفرات لأمريكا، وغرب نهر الفرات لسورية وحلفائها، فعبرت ميليشيا قسد نهر الفرات وسيطرة على الطبقة وسد الطبقة بدعم أمريكي مثير، مقابل عبور القوّات السورية والحليفة والرديفة والصديقة النهر والسيطرة على مدينتي البوكمال والميادين.

أمريكا تربط اعادة اعمار سورية بالانتقال السياسي بشرط اصلاحات دستورية محددة، وترسل مجموعات دبلوماسية للعمل بجانب العسكريين الأمريكيين في مناطق شرق نهر الفرات لتأسيس اقليم شرق نهر الفرات كدويلة اسرائيلية جديدة بسروال كردي فاقع اللون، لذا تعمل على زيادة تسليح ميليشيا قسد ورفع عددها من 25 ألف الى 35 ألف عنصر وتدريبها، لتغيير دورها ووظيفتها، لتتحول الى جيش نظامي.

كما تعمل على تقوية المجالس المحلية المدنية التي تحكم المناطق المحررة من داعش كما تزعم واشنطن، فكان مجلس الطبقة ومجلس الرقّة ضمن التصور الأمريكي والغربي المستقبلي لهذه المناطق، وتدعوا حلفائها الأغنياء من العرب(السعودي والاماراتي)ومعهم بعض الغربي لاعادة اعمار الرقة عبر التحالف الذي تقوده من جديد، بعد أن آبادة الرقّة عن بكرة أبيها عبر تحالفها غير المشروع، ولغايات التغطية على جرائمها هناك، لتحويلها الى لاس فيغاس الشرق.(تحذيرات روسية متصاعدة للغرب من التعمية والتظليل على ما جرى من حرب ابادة بحق الرقة وشعبها هناك بحجة محاربة داعش – راجع زاخروفا).

وتعمل واشنطن على تعزيز الخدمات والبنية التحتية والأفادة من الموارد الطبيعية الموجودة في شرق نهر الفرات، وتتمثل في مصادر النفط والغاز والزراعة والمياه، حيث ميليشيا قوّات قسد كمرتزقة تسيطر على أهم حقول النفط والغاز وأكبر السدود السورية المائية، كما تعمل على تدريب الأجهزة الحكومية والقضائية السورية الكردية هناك(تصريحات بنجامين غريفو الناطق باسم الحكومة الفرنسية، وأثناء لقاء ماكرون أردوغان مؤخراً في باريس، حيث مضمونها: المتطرفات الفرنسيات اللواتي تم ايقافهن في كردستان السورية من قبل قسد سيتم محاكمتهن هناك، اذا كانت المؤسسات القضائية قادرة على ضمان محاكمة عادلة لهن)مما أثار غضب الرئيس التركي أردوغان.

الأمريكي وعبر حلفائه يعمل على توفير حماية حيوية لهذه المناطق شرق نهر الفرات في مواجهة الخطر الأيراني عليها، مع ابقاء القواعد العسكرية هناك، خمس قواعد بعدد 3000 بين جندي وخبير، مع مجموعات دبلوماسية تزيد عن 200 دبلوماسي مخابراتي، وتأسيس غرف عمليات مشتركة مع ميليشيا قسد، كل ذلك لتوفير الأعتراف العسكري والسياسي والدبلوماسي والقضائي لهذه المناطق مع تطويرات لمطار اميلان العسكري، حيث لا مركزية لهذه المناطق مع دمشق والهدف اضعاف المركز في العاصمة. كما تدفع واشنطن باتجاه مشاركة ميليشيا قسد والجسم السياسي لأقليم شرق نهر الفرات في العملية السياسية في جنيف وتحت اشراف المم المتحدة، وهذا ما تعارضه تركيا بعمق، حيث لا تقبل أي مشاركة لقوّات الحماية الكردية وذراعها السياسي حزب الأتحاد الديمقراطي الكردي في أي دور سياسي، والولايات المتحدة بجانب توفير الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي لأقليم شرق نهر الفرات  وسيطرة ميليشيا قسد عليه، تعمل على توفير حماية لأقليم عفرين ومنبج لتحقيق سلّة أهدافها من تأسيس اقليم شرق نهر الفرات، والتي تتموضع في التالي:

التأكيد لأيران أنّ واشنطن لن تقبل تسليمها سورية وشرقها، وتحسين الموقف التفاوضي مع دمشق وموسكو حول العملية السياسية الجارية، وتقوية الموقف التفاوضي للكرد كتروتسك صهيوني خوزمتجي مع دمشق بقبول روسي لهذا الأمر، مما يؤشّر على اقامة علاقات تخادم مصالح بين ميليشيا قسد والجيش الأمريكي والجيش الروسي، حيث العلاقات طيبة بين ميليشيا قسد والجيشين الأمريكي والروسي.

اذاً الوعي الحقيقي هو وعي مشتبك، ولكنه شقيّ أبداً، لأنّ حامل الوعي المشتبك نقدي بالضرورة، لا يكتفي بأن يكون له وجوده، بل يصر على أن يكون له حضوره، والحضور اشتباك لا محاله، ونزعم أنّ وعينا وعيّ مشتبك، والأنسان ابن بيئته، حيث نشأت في ديمغرافيا قروية أردنية خالصة ذات وعي مشتبك ضمن سورية الطبيعية. الأرهابيون، والمسلّحون الأرهابيون في أدلب هم جيش العاصمة الأمريكية واشنطن الجديد والآداة المتجددة للبلدربيرغ الأمريكي، عمودهم الفقري كل من جبهة النصرة ونور الدين زنكي وأشرار الشام(اخوان الصفا السوري وكمال الليبواني)، وهم هؤلاء الأداة الأسلامية لواشنطن في الغزو وتغيير الوقائع وموازين أخرى، حيث الهدف انتاج خرائط وترسيمات حديثة تلبي مصالح العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، لكي تضمن سيطرتها وتفردها في ادارة العالم، وهزيمة كل من يقف في وجه مصالحها، أو مشاغلته واستنزافه في الحد الأدنى كخصم وعدو(فالطبخة أمريكية والحطب تركي بامتياز).

سورية بديكتاتورية جغرافيتها السياسية، وموردها البشري ونسقها السياسي وجوهره “توليفة” حكمها السياسي، تعد بالنسبة للغرب بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية وعبر حلف الناتو الحربي، المدخل الأستراتيجي للسيطرة وبتفوق على المنظومة العسكرية الأممية الجديدة المتشكّلة بفعل المسألة السورية، ولأحتواء الصعود المتفاقم للنفوذ الروسي الأممي، والنفوذ الصيني وتقاطعهما مع ايران، والساعون جميعاً الى عالم متعدد الأقطاب عبر فعل ومفاعيل الحدث الدمشقي، وصلابة مؤسسات نواة الدولة الفدرالية الروسية ازاء ما يجري في الشام من صراع فيها وعليها وحولها، فالروس يصحون وينامون ويتسامرون على وقع أوتار ما يجري في سورية.

والعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي وبتوجيه من البلدربيرغ الأمريكي وعبر المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، تبني آمال كبيرة مع (تعويلاتها) الأفقية والرأسية على حليفها الشرق الأوروبي(أوكرانيا) بسلطاتها وكارتلاتها العسكرية والأقتصادية، ودورها الكبير في تهديد كينونة ووجود الفدرالية الروسيّة واعاقة صعودها الهادىء والثابت والمتواصل، عبر نشر القدرات العسكرية الأمريكية المختلفة وقدرات حلفائها في الناتو، وتوظيفها وتوليفها في اشعالات للثورات الملونة من جديد، وعلى طريقة ما سمّي بالربيع العربي كي تجعل من الجغرافيا الأوكرانية وعبر حكّامها المستنسخون الذيليون للكابوي الأمريكي، كحاجز رئيسي في الفصل بين الفدرالية الروسية وشرق أوروبا القارة العجوز المتصابية، ما بعد ضم القرم الى روسيّا عبر استفتاء شعبوي ديمقراطي نزيه، بعد خسارة واشنطن والناتو من ميزات استخدام السواحل الأوكرانية في السيطرة والنفوذ على منطقة البحر الأسود، بسبب تداعيات الضم الروسي لقرمه عبر استفتاء شعبوي عميق.

لسنا من عراة الفكر عندما نتساءل التساؤل التالي هنا، وعبر هذا القول المحفّز للتفكير على دقة الوصف: من المعروف للجميع أنّ(العاهرة)أي عاهرة، لا تعلن توبتها الاّ بعد أن تلفظها الحياة بتعبيراتها المختلفة، وعبر الكبر والهرم نحو فتاة أخرى تصغرها وأجمل منها، وأكثر أنوثة واثارة بل تفيح بالأنوثة فيسيل اللعاب الذكوري، وأحياناً الأنثوي ان كانت العاهرة سحاقية، في هذه اللحظة التاريخية فقط تعلن توبتها، ومن هنا وعبر الأسقاط على السياسة والعسكرة: هل بعض(العاهرات المخابراتيّة الأمريكية ومخابرات البنتاغون)لم تعلن توبتها، بعد ما فعلته في العراق (المحتل وما زال)في عهد روبرت فورد وأستاذه جون نغروبنتي وقت ادارة السكيّر بوش الأبن في صناعة فرق الموت في السلفادور والعراق وسورية، والآن تقدّم أوراق اعتمادها من جديد لجنين الحكومة الأممية(البلدربيرغ)عبر تصريحات هنا وهناك، يتبعها فعل هنا وهناك، ليصار لأستدعائها لأنشاء فرق الموت في الداخل الأوكراني والأيراني وفي أسيا الوسطى ومن جديد وبنسخ أعمق من السابقة لضرب العمق الروسي؟، كون ترامب قرر التسخين مع روسيّا، من عقود استخدام اليمين المتطرف في الغرب الأوكراني وممن اكتسبوا مهارات القتال في الداخل السوري من بعض شيشان وبعض شركس وبعض تتر وبعض عرب، عبر منظومات الجهاد العالمي ازاء الفدرالية الروسية؟ وكونه أيضاً قرّر التسخين مع ايران من جديد من خلال منظمة مجاهدي خلق وجند الله لدفعها للموافق على تعديل الأتفاق النووي الصادر بقرار مجلس؟.

حيث تعمل الولايات المتحدة الأمريكية الآن وبشكل صريح وواضح بالتعاون مع “اسرائيل” في أوكرانيا بعد ضم القرم، تمثل تجليات عملها العسكري والمخابراتي والسياسي والدبلوماسي، بزيارة سريّة لرئيس وكالة الأستخبارات الأمريكية مايك بوميو قبل اسبوعين الى كييف، برفقة ضبّاط من الموساد الأسرائيلي ومن أصول روسية وأوكرانية وخبراء من شعبة الأستخبارات العسكرية الأسرائيلية، في خطوة استفزازية لموسكو وحواضن النفوذ الروسي في الداخل الأوكراني الساخن، فظهر التصعيد في مناطق شرق أوكرانيا مع امتدادات لهذا التصعيد لجهة الجنوب الشرقي لأوكرانيا، وعبر استخدامات لبعض قطاعات الجيش الأوكراني المتحالف مع كارتلات اقتصادية وأمنية ذيلية لواشنطن في كييف ضد المدنيين الموالين للروس في أقاليم شرق أوكرانيا وجنوبها. و“اسرائيل” الكيان الصهيوني، تقوم الآن بدور خطير في أوكرانيا وهو نفس دورها في الحدث الجورجي – الروسي عام 2008 م، ففي الحدث الجورجي الأخير، قامت هذه الدولة الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة الشرق الأوسطية والعالم، بدور البروكسي الأمريكي الذي نقل وينقل الدعم والمعونات الأمريكية لنظام الرئيس ساخاشفيلي، حيث تم توقيع اتفاقية تعاون عسكري – أمني بين تل أبيب وتبليسي في حينه، قامت بموجبها جورجيا بتخصيص مطارين عسكريين في جنوب جورجيا لأستخدام القوّات الأسرائيلية، وتوقيعها أيضاً على المزيد من العقود مع الأطراف الأسرائيلية المعنية لجهة تأمين الحصول على المزيد من الأسلحة والعتاد والتدريب العسكري والأمني.

والآن وكما أسلفنا تقوم “اسرائيل” بذات الدور في الحدث الأوكراني، فتم توقيع اتفاقيات عسكرية اسرائيلية مع سلطات كييف، وباشراف جارد كوشنير زوج ايفانكا وشركاته، كبير مستشاري الرئيس ترامب، بالتنسيق مع مدير السي أي ايه مايك بوميو وبوجود الخبراء الأسرائليين وضبّاط الموساد المرافقين له، هذا وقد أعدّ قادة كييف قائمة باحتياجات الجيش الأوكراني من الأسلحة والعتاد العسكري، مع وضع مجموعات اليمين المتطرف الأوكراني الموالي للغرب في الغرب الأوكراني تحت تصرف وأوامر محطة الموساد الأسرائيلي في الداخل الأوكراني، وتقول المعلومات أنّ مجتمعات المخابرات الأمريكية والأسرائيلية، تعمل على اعادة خلق وتخليق مجموعات من تنظيم(القاعدة)الأرهابي، عامودها الفقري من مقاتلين من القوقاز من شيشان وتتر وبعض شركس، الذين قاتلوا في سورية وعلى مدار سنوات واكتسبوا مهارات قتالية، وكلنا سمعنا تصريحات روبرت فورد الأخيرة صانع فرق الموت في العراق وفي سورية عندما قال وبكل وقاحة سياسية: على روسيّا أن تكون مستعدة للتعامل مع الشيشان وبعض قرنائهم من التتر والشركس حين العودة الى مناطق عيشهم الأصلية حيث اكتسبوا مهارات كبيرة ومهمة في القتال.

نواة الدولة الروسية القومية والوطنية تدرك، أنّ خيار التصعيد في أوكرانيا هو خيار أمريكي اسرائيلي صرف وليس أوروبي بامتياز، لذلك موسكو تمد الجسور مع أوروبا وترسل رسائل عدّة، في حين نجد أمريكا تدفع أوروبا القارة العجوز للتصعيد مع روسيّا عبر الملف الأوكراني، لتبقى القارة الأوروبية تحت دائرة النفوذ الأمريكي ولأبعاد روسيّا عنها، والدولة الأوروبية الوحيدة والتي تحاول حفر قناة مستقله بعيداً عن شقيقاتها الأوروبيات مع الفدرالية الروسية هي: ألمانيا أقوى اقتصاديات الدول الأوروبية وذات العلاقات الأقتصادية(ألمانيا تعتمد بشكل كلي على الغاز الروسي)والأستخبارية مع موسكو، حيث التعاون المخابراتي المشترك والمتساوق في أكثر من ملف دولي واقليمي وفي الشرق الأوسط، وكيف استطاع بوتين بسبب عمق خبرته لألمانيا ومجتمع مخابراتها أن يجعل خطوط التنسيق الأمني الروسي الألماني اتوستراد واسع حيث القواسم المخابراتية المشتركة والمتعددة، وخير مثال على ذلك: التحالف المخابراتي الروسي الألماني مقابل تركيا وأدوارها في أسيا الوسطى والشرق الأوسط وفي الداخل الأوروبي.

الغرب وأمريكا يستخدمان أوكرانيا كدميه في اللعب الجيوسياسي مع روسيّا، كما يدفعان سلطات كييف لخوض حرب بالوكالة عنهما ضد روسيّا وأمنها القومي، تماماً كما يفعلان في الحدث السوري عبر دفع الأتراك وبعض مملكات القلق الخليجي وبعض عرب وزومبياتهم الأرهابية لتدمير الدولة الوطنية السورية. وروسيّا تعتبر أوكرانيا – كييف بسلطاتها الجديدة ودول شرق أوروبا الأخرى، بمثابة القاعدة الأمريكية الأسرائيلية المتقدمة في استهداف موسكو من جهة، كما تؤمّن وتحفظ هذه القاعدة الأمريكية الأسرائيلية سيطرة واشنطن على الموارد النفطية الموجودة في منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى، وهل هو بحر مغلق أم بحيرة؟ كون تحديد وصفه هذا يبين الأساس القانوني البحري، لتقاسم الثروات وحسب مقتضيات القانون البحري الدولي والأتفاقيات بين الدول، ليصار في النهاية لتقسيم الثروات الطبيعية الزاخره في عمقه، وايران طبعاً حاضرة بقوّة بوصفها دولة مطلة على هذا البحر، الذي تفوق جودة نفطه وغازه عن جودة نفط وغاز الخليج في المنطقة العربية.

انّ ما يقلق العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، هو قدرة وامكانيات روسيّا الكبيرة، في توفير خيارات استراتيجية بديلة على مجمل قطاعات المجتمع الدولي وقطاعات المجتمعات العربية ومشاكلها مع الآخر، وهذا من شأنه كما يتحدث معظم الخبراء أن يضعف الدور الأمريكي على العالم وفي الشرق الأوسط، بعبارة أخرى وكما أحسب وأعتقد، أن يضعف ويقلّل من الدور الرعوي الديكتاتوري المغلّف بغلاف الديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة، لواشنطن على العالم وقلبه الشرق الأوسط، وقلب الأخير سورية بنسقها السياسي ودكتاتورية جغرافيتها. وهذا القدر الروسي المتصاعد من شأنه أيضاً من الزاوية الأميركية، أن يدفع الكثير من الدول والساحات وخاصةً في العالم العربي الى العلاقات القوية والمتينة مع موسكو، وعلى قاعدة التنويع في العلاقات الدولية المتوازنة.

وما يقلق الأمريكان كذلك، أي تحالف ألماني روسي، فواشنطن وكما ذكرنا تسعى الى ابعاد أوروبا مجتمعةً عن روسيّا والعكس أيضاً وبأي طريقة، ولهذا الموقف الأمريكي أبعاد استراتيجية مركبة، فنلحظ ونرى ونلمس دفعاً أمريكيّاً لألمانيا للتورط بالحدث الأوكراني سياسيّاً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً، رغم مقاومة ألمانيا لهذا الدفع الأمريكي الجنوني، واجتراحها وحفرها قناة مستقلة مع موسكو بعيداً عن شقيقاتها الأوروبيات.

المعطيات والوقائع الجارية تتحدث بعمق، بأنّ نواة الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية(البلدربيرغ)، والمجمّع الصناعي الحربي الأمريكي والحكومة الاتوقراطية فيه، والشركات المتعددة الجنسيات التابعة له كاحدى الأدوات التدخليه في جلّ ساحات المعمورة، ان لجهة القويّة، وان لجهة الضعيفة منها، يستثمرون في تفاصيل الوقت ومنحنياته، عبر رهانت تفاقمات وعقابيل الأستثمار في دم الأيديولوجيا وحروب الوكالة لأنتاج الأرهاب، من خلال الحركات الجهادية السلفية التكفيرية، وتحالف المسيحية الصهيونية، واليهودية الصهيونية، وبعض بعض العرب والمسلمين المتصهينيين معها وستستمر بأثر مستقبلي، الى أن يحدث التفاهم الدولي على جلّ سلال المصالح المشتركة المتعددة.

ان بخصوص إيران وتداعيات التصعيد الأمريكي الترامبوي(نسبة للرئيس ترامبو – دونالد ترامب)في تنفيذ الاتفاق النووي، واحياءات لفوبيا ايران من جديد لغايات الأستحلاب المالي لدى مشيخات القلق العربي على الخليج، والمسألة السورية وتطورات ميدانها العسكري لصالح دمشق، والمسألة العراقية وانجازات الجيش العراقي والحشد الشعبي والقوى الحليفة لهما، والمسألة الليبية بعناوينها المختلفة والفعل الروسي بمفاصلها عبر محاولات الجمع والحل واللقاءات مع القائد حفتر وكذلك رئيس حكومة الوفاق السراج، وعمليات اللعب في ساحات دول المغرب العربي وخاصةً الجزائر، عبر تنظيم دامس( ما يسمى بتنظيم الدولة الأسلامية في دول المغرب العربي)، وباقي المسائل والبؤر والمنحنيات الساخنة، فهم(أي الأمريكان)مبدعون بإستراتيجية الاستثمار بالوقت، على مجمل العلاقات الدولية في المنطقة والعالم من الزاوية الولاياتية الأمريكية الصرفة، وعلى طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية الغربية، والصينية الأمريكية الغربية ووكلاء الأمريكي في بحر الصين الجنوبي، فهناك حالات من الكباش السياسي والعسكري والاقتصادي والدبلوماسي والأمني الإستراتيجي تتعمّق بشكل عرضي ورأسي، وتضارب المصالح والصراعات على أوروبا والحدائق الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية، في دول وساحات أمريكا اللاتينية وحلفها، ومثيلتها الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية وحلفها، والمجالات الحيوية للصين واستخدمات أمريكية جديدة للياباني ازاء الروسي بخصوص جزر الكورال المتنازع عليها بين روسيّا واليابان، مع توظيفات للفيتنامي والفلبيني والماليزي وسلطنة بروناي في مواجهات مع الصيني على السيادة على بحر الصين الجنوبي، ضمن استراتيجية الأستدارة الأمريكية نحو أسيا وغربها وجنوب شرقها، بعد أن أوغل وأدمى الأمريكي وما زال قلب الشرق سورية، بتوظيفات لوكلائه من بعض العرب وخاصةً من عرب روتانا الكاميكازيين وبعض المسلمين. إذاً إلى حد ما ثمة تدهور في العلاقات بين روسيا والصين من جهة، والولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين من جهة أخرى، استناداً إلى تدفقات الأخبار والمعلومات التي تكشف كل يوم الدور المتعاظم والمتزايد الذي تقوم به موسكو والصين في مواجهة تحديات النفوذ والهيمنة الأمريكية.

أعمق من الحرب الباردة والتي تبعث من جديد، بسبب ظهور الفدرالية الروسيّة وكومنولث الدول المستقلة، وظهور منظمة شنغهاي للتعاون التي جمعت بين الصين وروسيّا على طاولة موحّدة الأجندة، وعمل ومفاعيل وتفاعلات البنك الأسيوي الذي أعلن عنه الرئيس الصيني أواخر العام 2015 م، حيث بدأ يتأسس عمله في الإقراض والاستثمار ابتداءً من هذا العام 2018 م، حيث الإدراك الأمريكي لروسيّا الفدرالية والصين باعتبارهما مصدراً للتهديد والخطر، فخبرة العداء لأمريكا متجددة في الشارع الروسي والصيني، وتجد محفزاتها في الإرث السابق الذي خلفته الكتلة الاشتراكية والاتحاد السوفييتي، وتدرك العاصمة الأمريكية واشنطن أنّ التماسك القومي الروسي أكثر خطراً من التكوين الاجتماعي السابق الذي كان في الاتحاد السوفييتي وكذلك الحال في الصين، خاصة في الاعتبارات المتعلقة بالعداء القومي الاجتماعي التاريخي بين القومية الروسية والغرب والقومية الصينية والغرب أيضاً، وتتميز الدولة الروسية بالاكتفاء الذاتي وبوجود الوفرة الفائضة في كافة أنواع الموارد الطبيعية، وبالتالي يصعب التأثير عليها عن طريق العقوبات أو الحصار أو الحرب الاقتصادية والتجارية الباردة بالرغم من أن الحصار والعقوبات آلمتها، وهو موقف يجعل روسيّا أفضل من الولايات المتحدة الأمريكية التي تستورد كل احتياجاتها من الخارج الأمريكي، وانّ روسيّا قادرة على التغلغل في أوروبا الغربية عن طريق الوسائل الاقتصادية، وهو أمر سوف يترتب عليه احتمالات أن تخسر أمريكا حلفاءها الأوروبيين وغيرهم الذين ظلت تستند عليهم وما زالت، وانّ المسافة بين الفدرالية الروسيّة والولايات المتحدة الأمريكية، هي بضعة كيلومترات عبر المضيق البحري الفاصل بين ولاية ألاسكا وشرق روسيّا، أضف إلى ذلك إلى تملّك روسيّا كمّاً هائلاً من أسلحة الدمار الشامل لتحقيق التوازن في العالم وكبح جماح الثور الأمريكي وحلفائه المتذيلين بذيله، مع الإشارة أنّ المعلومات الأمريكية الاستخبارية حول موسكو غير دقيقة، بسبب قدرة الروس على التكتم والسريّة. ونرى أنّ الناخب الروسي يهتم بالسياسة الخارجية الروسيّة كونها في خدمة الأستقرار الروسي الداخلي، وتعمّق الشعور القومي الروسي الذي أبدع الرئيس بوتين في اعادة انتاجه وخلقه من جديد، فالناخب الروسي هومع سياسة روسية خارجية مستقلة كما يريدها الرئيس بوتين وكوادر حزبه وادارته وكارتلات مجتمع المخابرات الروسي، الذي تم اعادة هيكلته وأدواته وتحديثه بفرعيه الداخلي والخارجي، مع توسيعات مجالات عمله على مستوى العالم وفي كافة حقول الطاقة والأقتصاد والثقافة بجانب السياسة والعسكر وانتاج السلاح والأمن المعلوماتي السيبراني وفي جلّ المعرفة البشرية، مع تركيزه بشكل عميق واعتماده على العنصر البشري الواعي والمثقف والمخلص في التجسس والتجسس المضاد، في الحصول على المعلومات وجمعها والقدرة على التحليل لهذه المعلومات وعلى أكثر من مستوى ومرحلة، واستنتاج سلّة المخاطر القادمة على مصالح الفدرالية الروسية وحلفائها في العالم، بعكس مجتمع المخابرات الأمريكي وعاموده الفقري السي أي ايه والتي وصفها الرئيس دونالد ترامب بأنّها تعتمد أساليب قديمة بالية عفى عليها الزمن، لذا تجد أنّ الطيف السياسي الروسي في جلّه وكلّه هو مع نهج الرئيس فلادمير بوتين.

نعم لقد تفنّن بوتين في هندسة الشعور القومي الروسي وبالفخر الوطني لشعبه، كونه يغذي السخط الروسي المتفاقم على أي محاولة غربية وأمريكيّة لأذلال روسيّا، ويعمل بذكاء وكوادره على تسويق الأستراتيجية الروسيّة بأنّها محاولة استعادة للمجد الروسي التاريخي، وهذا ما يمنحه تأييداً ساحقاً وماحقاً في الداخل الروسي، وسيتم تظهير ذلك جليّاً في انتخابات الرئاسة التركية القادمة هذا العام 2018 م.

والناخب الروسي صار يعي جيداً بفضل استراتيجيات الكرملين ذات النكهة الفلادميريّة البوتينيّة، أنّ استراتيجية التوسع في القتال هي الحل الوحيد لحماية الأمن القومي الروسي، حيث من المعروف أنّ جغرافية روسيّا في جلّها سهول، فبنيت ونهضت الأستراتيجية الأمنية الروسية دائماً وأبداً على استراتيجية توسيع الدائرة حول المركز الرئيس للدولة الروسيّة، للتخلص من الأخطار والمهددات التي تهددها، ومن هنا نجد أنّ الروسي يحرص على عدم القتال على حدوده ويعمل على نقل المعركة الى أبعد نقطة ومركز وعقدة جغرافية استراتيجية من الحدود المباشرة له.

في المسألة الأوكرانية صار القتال على العتبة الروسيّة، فاستشرست الفدرالية الروسيّة في سورية والمنطقة، وتقف بكل قوتها في دعم الرؤية السياسية والعسكرية والأقتصادية والأستخباراتية للصين في بحر الصين الجنوبي، وخاصةً بعد قرار التحكيم الأخير المسيس الصادر عن المحكمة الدولية في لاهاي، ومضمونه ضد الصين وحقها في السيادة الوطنية على جزر بحر الصين الجنوبي، كما تدعم روسيّا المجالات الأقتصادية للهند في غرب أسيا عبر الكتلة الديمغرافية الهنديّة، حيث هناك أكثر من سبعة ملايين هندي يعملون في غرب أسيا، وتهتم الهند في استقرار تلك المنطقة، لذلك نرى اهتمامات هندية عميقة في المسألة السورية، كون دمشق مفتاح الأستقرار في غرب أسيا.

ومن هنا نجد أنّ الهند تقوم بدور متزايد من القوّة لتحقيق الأستقرار غرب أسيا، لذلك وعبر زيارات مختلفة معلنة وغير معلنة من المؤسسات الهندية التشريعية والعسكرية والأمنية والدبلوماسية، تنفذ الآن اتفاق زيادة تحسين مستوى المحادثات في المجال الأمني والعسكري والأقتصادي مع دمشق حيث سيكون للهند أدوار كبيرة في اعادة الأعمار في سورية بجانب الصين وروسيّا وايران(وقد تكون أدوار للقطاع الخاص التركي في اعادة الأعمار عبر العلاقات مع ايران وروسيّا)بعد الخروج التركي الأحتلالي من الشمال السوري، واخراج آداتهم الأرهابية المسمّاة بدرع الفرات، حيث جلّها من جبهة النصرة الأرهابية وحركة نور الدين زنكي وأشرار الشام وبقايا الحر وجلّ الزومبيات الأرهابية التركية وغير التركية المعروفة للعامة وللسذّج قبل الخاصة والعارفين.

نعم لم تعد سورية معزولة وليس هناك صداقة في الجغرافيا السياسية وحتى لا عداوة فيها، ودائماً وأبداً لا أحد يعرف كيف تفكر دمشق.

روسيّا هي من تقوم بالأعمال العسكرية الشاقة في سورية وتحمل بذكاء المسؤولية السياسية، في حين أنّ الصينيين والهنود قد يستمتعون بالنتائج، فالصين والهند تملكان شيء لا تملكه موسكو يتمثل في مليارات الدولارات من الأستثمارات، وهما معا لهما القدرة على جذب كل من ايران وتركيا في اعادة اعمار سورية، ويجب على روسيّا التي تملك القوّة الصلبة أن لا تضع كل البيض في سلّة واحدة في سورية، فثمة مشاريع اقتصادية ذات منفعة متبادلة على طول خطوط العلاقات السورية الروسية.

ومرةً ثانيةً نقول ونشير الى أنّ: الصين تملك القوّة الناعمة(الأستثمارات ومعها الهند)وروسيّا لديها القوّة العسكرية والأستخباراتية الصلبة، وبالتالي جلّ المسألة والمعادلة أنّها مسألة ومعادلة تكامل شامل، وليست مسألة ومعادلة تنافس أو حتى صراع. وفي شبه الجزيرة الكورية، نجد أنّ بكين تحتاج الى موسكو لضبط سلوك كوريا الشمالية لجهة تجاربها النووية وبرنامج الصاروخ الباليستي، والأمريكان بحاجة الى الروس أيضاً في هذه الموضوعة وكذلك اليابان، في حين نجد أنّ الصيني والروسي من جهة أخرى، يوظف ويستثمر في الكوري الشمالي في ملفات خلافاتهما الدولية مع اليانكي الأمريكي، ان في أوكرانيا، وان في سورية، وان في بحر الصين الجنوبي، وان في ايران، وان في العراق. كما يوظف الروسي الملف الكوري ويساعده الصيني مع الياباني في جزر الكورال الروسية، وهنا جاء تعين الرئيس فلادمير بوتين للسفير الروسي في اليابان والذي يتقن اللغة اليابانية، كمديراً للكرملين في سياقات الرؤية الروسية والتوظيفات للملف الكوري الشمالي مع اليابان ازاء جزر الكورال المتنازع عليها(هناك تم توطين الكثير من السكّان الروس فيها ضمن استراتيجية ملىء الفراغ الديمغرافي)، خاصةً مع وجود كوادر استخباراتية وسياسية روسية متعمقة بالثقافات، ان في اليابان، وان في كوريا الشمالية، وان في كوريا الجنوبية.

فالصين مؤخراً حذّرت كوريا الجنوبية من نشرها للدرع الصاروخي الأمريكي الثاد، ولمنظومات دفاع جوي أمريكية متطورة، ذات مدى يشمل الصين ومجالاتها الحيوية، وراداراتها في غاية التطور(منظومات ساب)، من شأنها أن تضر بالتوازن الأستراتيجي الأقليمي في شبه الجزيرة الكورية وفي جلّ أسيا وبالتالي في الأستقرار في شبه الجزيرة الكورية. انّ أي تفاقم(ثمة قوّات خاصة صينية الان في الداخل السوري، تقاتل ضد مجموعات من الحزب الأسلامي الصيني – الأيغور –  المتحصنة في مطار أبو الظهور العسكري) للأنتشار العسكري الصيني في سورية مرهوناً ومربوطاً بسرعة انتشار القوّات الأمريكية في بحر الصين الجنوبي واستفزازات حلفاء واشنطن في المنطقة تلك، من خلال هذه المسألة تجيء أحياناً المناورات العسكرية المشتركة الصينيّة الروسيّة في بحر الصين الجنوبي، لترسل الرسائل المشفّرة وغير المشفّرة لليانكي الأمريكي في زمن تعثر مشروعات البلدربيرغ في سورية والمنطقة الشرق الأوسطية، بسبب الصمود السوري الأسطوري للجيش العربي السوري العقائدي ومؤسسات الدولة الوطنية السورية، وثبات الرئيس البشّار بشّار الأسد، وتماسك القطاع العام السوري بمساعدة حثيثة من الروس والأيرانيين وحزب الله والكثير من الحلفاء والأصدقاء.

وتجيء أهمية هذه المناورات المشتركة في بحر الصين الجنوبي بعد مناورات روسيّة لها في البحر الأسود، شارك فيها أكثر من 120 ألف جندي روسي وبالذخيرة الحيّة، وكان للمسألة السورية الدور الكبير في جعل التقارب الصيني الروسي عميق ورأسي وعرضي، بحيث تم تظهير هذا التقارب، ان لجهة القرارات المشتركة باستخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي لصالح دمشق، وان لجهة الأنخراط الروسي المباشر في الحرب السورية، يتبعها الآن ومنذ أشهر انخراطات تمهيدية وتحضيرات صينية عسكرية مباشرة صامتة وغير صامتة في الحدث السوري، خاصةً مع قرب فتح معركة استعادة الرقّة من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه باسناد جوي روسي فاعل وعميق وساحق ماحق، مع وصول الجيش السوري الى الحدود الأدارية للرقّة، وقد كشفت عن ذلك في أكثر من تحليل ولقاء تلفزيوني سابق على هذا التحليل.

فالمناورات المشتركة في بحر الصين الجنوبي، من شأنها أن تعمل على تعزيز امكانيات الأساطيل الروسيّة والصينية، في مكافحة تهديدات مختلفة وأية حروب بالوكالة نحوهما، عبر فيتنام والفلبين، واليابان وتايوان، كذلك تقود الى تحسين العمل المشترك بين البحّارة الروس والصينيين، وتوطيد التعاون العسكري المشترك بين البلدين. فمياه بحر الصين الجنوبي وجزر باراسيل وسبراتلي والمياه المحيطة بهما تحتوي على احتياطيات من الموارد الطبيعية، ولم تخضع تلك المنطقة لأستكشافات مفصّلة، حيث تتنازع السيادة والحقوق مجموعة من الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي كل من: الصين، الفلبين، بروناي، ماليزيا، فيتنام، وتايوان، وكما يعد بحر الصين الجنوبي طريقاً ملاحيّاً ويزخر بثروة سمكية هائلة تقتات عليها شعوب الدول المشاطئة له.

انّ نواة الدولة الفدرالية الروسيّة ترى في سيطرة الصين على جزر بحر الصين الجنوبي، وخروجها من نفوذ السيطرة الأمريكية، هو في صميم مصالحها ومجالاتها الحيوية، ومصلحة روسيّا تكمن في تأسيس الصين للبنى التحتية العسكرية وغيرها، في بحر الصين الجنوبي(في جزر باراسيل وسبراتلي)من شأنه أن يحمي مصالح موسكو المتمثلة في مواجهة التمدد العسكري البحري لأمريكا، وسيردع المنظومات الصاروخية الأمريكية التي تهددها، وسيحد من حرية دوريات السفن البحرية الأمريكية وسيحول دون فرض هيمنتها في هذا الجزء من العالم.

التشاركية الصينية الروسية امتدت وعلى أرض الميدان السوري وفي الفضاء الجوي السوري، الى اسنادات في الحروب السيبرانية(سلّة سايبر – حروب الكترونية)متكاملة تتموضع في المعلومات التالية: إنّ طائرات الاستطلاع الروسية “إيل-20″ و” تو214-ر” بجانب طائرات استطلاع صينية متقدمة، لا يمكن إلا أن تثير نواة البنتاغون الحربي الأمريكي، هذا وقد استخدمت الفدرالية الروسيّة والصين بعض هذه الطائرات في مجموعتها الجوية في سورية، وقد اعتبر البنتاغون ومجمع الصناعات الحربية الأمريكية ذلك بمثابة تهديد خطير بالنسبة للقيادة السبرانية الأمريكي، كل ذلك كان نتيجةً لسلّة الاستثمارات الضخمة التي أقرّها الرئيس الروسي فلادمير بويتين منذ سنوات، بجانب استثمارات عسكرية صينية حديثة تسند الروسي في مهمته الشاقة في سورية، بالتفاهم مع المجمّع الصناعي العسكري الروسي والصيني، حيث وظفتها موسكو في برنامج التحديث العسكري وأعطت نتائجها الملموسة الآن، وكذلك الحال بالنسبة للصين. إن مشكلة البنتاغون العسكري الأمريكي، لا بل مشكلة المخابرات والاستخبارات الأمريكية كلّها، تكمن بقلّة معلوماتهم ذات الأثر والأهمية عن الروس والصينيين أحياناً، كما تتموضع المشكلة في عدم الدقة في المعلومات أيضاً أحياناً كثيرة، بسبب المعلومات المسرّبة قصداً من مجتمع الاستخبارات الروسيّة والصينية عبر عملاء مزدوجين في شبكات عنكبوتية معقدة التركيب.

كما تنظر العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي وحلفائها الغربيين إلى القوات المسلّحة الروسية، ” كجيش لدولة تعاني من انحطاط طويل الأمد، ولكن الولايات المتحدة وأوروبا كلّها لا يمكنهما إلا أن تحسدان نتائج برنامج التحديث العسكري الروسي من تحديث وتطوير ترسانة الأسلحة التقليدية، وخاصة وسائل الاستطلاع الإلكترونية ونظم التشويش الإلكتروني وبمساعدة صينية، ومن بين هذه الوسائل والنظم يمكن ذكر طائرة الاستطلاع الروسية “إيل-20″ التي استخدمت في سورية، حيث هذه الطائرة مزودة برادارات مسح جانبي وأجهزة استشعار بصرية، وماسحات ضوئية بالأشعة تحت الحمراء ونظام اتصالات فضائية لتبادل البيانات والمعلومات، ومن الممكن استخدام هذه الطائرات في عمليات الاعتراض الإلكتروني ومسح وتسجيل اتصالات الخصم وهو ما يسمح بتحديد مكان تمركز قوات الخصم، وبجانب طائرة الاستطلاع الأخرى التي ظهرت داخل المجموعة الجوية الروسية في سوريا، فتسمى ” بالطائرة التي ترى كل شيء” والحديث هنا عن طائرة الاستطلاع المتكامل ” تو214-ر”، حيث تحمل هذه الطائرة نظم الاستطلاع الإلكترونيELINT  والتجسس الإشعاعي التقني SIGINT التي يمكن بمساعدتها اعتراض والتقاط الإشارات من أجهزة الاتصالات المحمولة، ومن الطائرات والمركبات العسكرية، وهو ما يسمح بتحديد مكان الخصم وعدد أفراده وقوته ووسائل الاتصال التي يستخدمها أيضاً. كل ذلك دفع قادة وكوادر القيادة السبرانية الأمريكية، إلى القول وبحزن وحسرة وحسد وحقد: إنّ طائرات الاستطلاع الروسية تشكل تهديداً لأمن الولايات المتحدة وهي تتطور بوتيرة سريعة لا يمكن متابعتها، وزاد الامر تعقيداً دخول طائرات استطلاع صينية متقدمة تعمل ضمن العباءة الروسية في سورية، وفي اطار الأندفاعة الأستراتيجية الروسية في الداخل السوري.

العواصم الأمريكية والروسية والصينية وحلفائهم يتبنون مواقفاً متعارضة إزاء كافة الملفات الدولية والإقليمية الساخنة وغير الساخنة، وبالذات تلك المتعلقة بالشرق الأوسط وشبه القارة الهنديّة، والتوجهات الأمريكية الهادفة إلى عسكرة العالم، إضافة إلى بعض بنود التجارة العالمية، وقضايا حماية البيئة وحقوق الإنسان وأمن المعلومات واستخدامات هذه التقنيات، إن لجهة الأضرار بالآخرين سواءً على مستوى الدولة أو الأفراد أو الشخصيات الحكمية أو الاعتبارية(وهذا هدف أمريكا وحلفائها)، وان لجهة المساعدة والعمل الإيجابي لما يفيد الآخر سواءً كان دولة أو فرد أو شخصية اعتبارية أو حكمية(وهذا هدف موسكو والصين وحلفائهما).

بعبارة أخرى، الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من الدول الغربية(كمحور)، تسعى إلى استخدام الحرب الإلكترونية ونظام أمن المعلومات إلى التجسس الشامل على عمل الدول التي تشكل المحور الخصم الآخر والمتمثل في: روسيّا والصين وإيران وجلّ دول البريكس والحلفاء في المنطقة، والأضرار العميق بها عبر حروب السايبر المختلفة.

وفي الوقت ذاته نجد أنّ موسكو وبكين وإيران وباقي دول البريكس تستخدم تقنيات السايبر وأمن المعلومات، من أجل مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسس والتجسس المضاد، ومنع الجريمة المنظمة بمفهومها الواسع، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وجرائم غسيل الأموال… الخ، بعكس المحور الغربي الأمريكي الآخر الذي يعمل جاهداً على تعميق الحروب والإرهاب، وشيوع الجرائم على أنواعها، فقط من أجل الحفاظ على طريقة ورفاهية حياة الأمريكي والغربي، وتسخير الشرقي والآخر لخدمته ورعايته، بدون أي وازع إنساني أو أخلاقي.

لا بل وتتحدث المعلومات، أنّ واشنطن وحلفائها يسعون إلى تعميم إنشاء مراكز أمن المعلومات في ساحات حلفائها من بعض العرب الذين يدورون في فلكها، إمّا عبر القطاع الخاص كاستثمارات أو عبر القطاع العام الحكومي كمنح متحولة إلى مراكز سايبر، كل ذلك عبر الشركات الغربية المتعددة الجنسيات واستغلال تداعيات العولمة، ليصار لوضع كافة الحلفاء والخصوم تحت المراقبة والتجسس، وهنا نلحظ دوراً اسرائيليّاً صهيونيّا جليّاً تماماً كالشمس في رابعة النهار في التشاركية الكاملة مع الأمريكان في منحنيات وكواليس حروب السايبر وأمن المعلومات.

تتحدث المعلومات، أنّ هناك استراتيجيات السايبر الأستخبارية، يجري تنفيذها بثبات وهدوء، عبر تعاون وثيق جاري على قدم وساق، بين أجهزة مخابراتية من مجتمع الاستخبارات الدولية وعلى رأسها الأمريكان من جهة، وأجهزة مخابراتية من مجتمع المخابرات الإقليمية وعلى رأسها المخابرات الإسرائيلية بينها أجهزة مخابراتية عربية من جهة أخرى، تستهدف المحور الخصم الآخر في العالم والساعي الى عالم متعدد الأقطاب وعلى رأسه الفدرالية الروسية والصين ودول البريكس، عبر استهداف أنظمة وشبكات الحاسوب، من خلال ضخ ملايين الفيروسات الرقمية، والتي من شأنها، تعطيل عمل أجهزة الحاسوب الخاصة، بالبرامج النووية السلميّة لهذه الدول الخصم، كما يتم استهداف أنظمة الطيران المدني والعسكري، من خلال تقنيات الوحدات الخاصة، بموجات الحرب الالكترونية، إن لجهة الطائرات المدنية، وان لجهة الطائرات العسكرية، كما يتم استهداف الأنظمة المحددة، بترسانات الصواريخ الإستراتيجية، مع استهدافات للعقول البشرية، واستهدافات للخبراء النوويين، والفنيين ذوي المهارات العالية، من علماء دول الخصم لأمريكا وحلفائها. وفي المعلومات الأستخباراتية أيضاً، تشهد منطقة الشرق الأوسط الآن، موجات من حرب الكترونية حسّاسة، وذات نطاقات شاسعة، حيث تم وضع إستراتيجية هذه الحرب الالكترونية، وأدوات نفاذها مع إطلاق فعالياتها، عبر تعاون وثيق بين المجمع الأمني الفدرالي الأمريكي، جهاز الأف بي أي، وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جهاز المخابرات البريطاني الخارجي وبالتعاون مع جهاز المخابرات القطري والمخابرات الامارتية والسعودية، وأجهزة مخابراتية عربية أخرى ومع جهاز الموساد الإسرائيلي، كل ذلك ازاء ايران وغيرها من الساحات.

فهناك قيادة مخابراتية خاصة، لإدارة عمليات الهواتف النقّالة، شاهدنا فعاليات ذلك في الحدث السياسي الليبي وما زالت، وصراعه مع ذاته، عبر عمليات تعبئة سلبية، وشحن خارجي، كما يتم إنفاذ ذلك الآن، على مجمل الحدث السياسي السوري، مع استخدامات أخرى، لجهة فعاليات ميدان التحرير القادمة في مصر لاحقاً(في حال تقرر تغيير النظام السايسي هناك لصالح نظام أكثر انبطاحية).  

هذا وقد أشرفت المخابرات الأمريكية والأسرائلية، وبعض المخابرات الأوروبية، وبعض المخابرات العربية كملحقات للأمريكي والغربي، وبالتعاون مع أجهزة مخابرات حلف الناتو،على فعاليات ومفاعيل، قيادة عمليات الهواتف النقّالة، خلال فترة الصراع الليبي – الليبي وما زالت، كذلك تشرف مخابرات قطر كجزء من قيادة السايبر الأمريكية في قاعدة العيديد القطرية، بالتعاون مع وحدة السايبر في الأستخبارات السعودية، وبنفس الأسلوب والنفس، لجهة ملف فعاليات الاحتجاجات السياسية السورية، حيث كان يتم تحريك، وحدات الحرب الالكترونية الخاصة، بالهواتف النقّالة، ضمن وحدات ومجاميع المعارضة الليبية المسلحة، ويصار الآن إلى إنفاذ نفس الأسلوب، ضمن مسارات الحدث السياسي السوري.

وتشير المعلومات، أنّ نطاقات العمل الجيوبولتيكي، لقيادة عمليات الهواتف النقّالة، يشمل العديد من بلدان الشرق الأوسط الأخرى، بما فيها إيران، والأردن، ومصر، ولبنان، والجزائر، وموريتانيا، والمغرب، …الخ, حيث تمويل هذه الأجهزة وتوفير المظلّة المالية، يتم عن طريق قطر والأمارات والسعودية، وبعض دول الخليج الأخرى، في حين أنّ الأجهزة ومستلزماتها، توفرها العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي.

والأنكى من كل ذلك، أنّ إنفاذ تشغيل، قيادة عمليات الهواتف النقّالة، في موجات الحرب الالكترونية الجارية الآن، تم ربطها تقنيّاً، بالأقمار الصناعية الإسرائيلية التجسسيّة، كما سيصار إلى استهداف اتصالات حزب الله اللبناني، عبر مهام عمل قيادة عمليات الهواتف النقّالة، والتي تشرف عليها المخابرات القطرية والاستخبارات السعودية، بالتساوق والتنسيق والتوثيق، مع مخابرات مثلث واشنطن لندن باريس، مع تقاطعات عملها، مع مخابرات حلف الناتو، والمخابرات التركية، وأجهزة مخابرات عربية أخرى، بالرغم من أنّ مشيخة قطر طلبت وبصورة غير معلنة من حزب الله اللبناني، التوسط في إطلاق المواطنين القطريين المختطفين في الداخل العراقي، والذي يعتقد انّ كتائب حزب الله العراقي هي من قامت بذلك، وتم دفع أكثر من 2 مليار دولار لصالح الجهة المختطفة في العراق وتحرير مجموعة الأمراء القطريين، وهذا ما أثار الغضب السعودي على قطر وأسرتها الحاكمة.

 وفي خضم الاستهداف الأمريكي الأوروبي، لجل الساحات السياسية الشرق الأوسطية، إن لجهة الضعيف منها، وان لجهة القوي، منذ انطلاقات الربيع العربي، حيث الأخير ما زال يعاني، من مخاضات غير مكتملة، قامت الأجهزة الأمريكية المختلفة، بعمليات انتقاء لأكثر من عشرة آلاف ناشط سياسي، وإعلامي، وأمني، من مختلف دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعملت على تدريبهم تدريباً نوعيّاً، على كيفية استخدام، جل الوسائط التكنولوجية، والمرتبطة بتقنية منظومات، الاتصالات المتطورة، حيث قيد النطاق الزمني، لهذه العملية الأستخباراتية السريّة، تمثل منذ بدايات شهر شباط، وحتّى نهاية شهر حزيران لعام 2011 م.

 وفي المعلومات أيضاً، أنّ هؤلاء الناشطين البشريين، قد تمّ انتقائهم، وفق عمليات اختيار معقدة، بالتعاون والتنسيق الوثيق، مع بعض القوى، والحركات السياسية، ذات الصلات الوثيقة، مع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، والعاصمة الفرنسية، والبريطانية، والألمانية، والتركية، وينتمي هؤلاء الناشطون، إلى بعض بلدان الشرق الأوسط مثل:- إيران، لبنان، سوريا، تونس، الأردن، مصر، تركيا. هذا وأضافت المعلومات، أنّ جلسات التدريب إيّاها، قد تم تنفيذها وانجازها في بعض بلدان المنطقة الشرق الأوسطية، الحليفة لواشنطن، وخاصةً البلدان العربية منها، وكذلك قبرص وتركيا، والتي درجت على توفير المظلاّت، والملاذات الآمنة، لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ووكالة المخابرات الفرنسية، ووكالة المخابرات البريطانية، وكذلك الألمانية، والكندية.

 وتفيد المعلومات المرصودة، بأنّه قد تمت عملية إعادة، هؤلاء الناشطون المدربون، إلى بلدانهم كساحات جغرافية لعملهم، وبهدوء وبدون ضجيج، حيث تمت عملية نشرهم وتوزيعهم، في المدن، والمحافظات، والألوية، بالتنسيق مع القوى، والحركات السياسية المحلية، التي ينتمون إليها، أو عبر ما تسمى بمؤسسات المجتمع المدني(بعضها لا في جلّها)والتي هي بمثابة نوافذ استخباراتية في الدواخل العربية، ومنها داخلنا الأردني المثقل بهمومه الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية، حيث الهوية الأردنية ما زالت تتشكل وفي طور التشكيل ومنذ تأسيس الأمارة .

ومرةً أخرى، حول موجات الحروب الالكترونية، الجارية في المنطقة، عبر مفهوم الحماية والهجوم، في مجال ” السايبر”، بعد أن صارت الأخيرة، ساحة حرب إستراتيجية وفعّالة، حيث تتحدث المعلومات، أنّ مجتمع المخابرات الإسرائيلي، أوصى بتأسيس هيئة “السايبر” في الجيش العبري، من فترة ليست قصيرة، ووافق عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد أن صارت القوى المعادية، لهذا الكيان العبري، تستخدم الحروب الالكترونية، وفقاً للقاعدة والمعادلة التالية:- سايبر بدل طائرة، وفيروس بدل قنبلة.

والحروب الالكترونية الجارية في المنطقة، هي تعبير حي وحيوي، عن ساحات الحروب المتطورة حالياً، وبصورة أكثر وضوحاً، تتم العمليات الهجومية، من خلال افتعال أخطاء مقصودة، في أنظمة الكمبيوترات المعادية، حيث يصار إلى استخدام قراصنة، الشبكة العنكبوتية، والذين يتمتعون بمهارات، تقنية حوسبية عالية، لشن هجمات كثيرة فيروسيّة، على تلك المواقع، وتعمل على تعطيلها، أو اختراقها وتدميرها، وخاصةً لجهة المواقع، المخابراتية السياسية الحسّاسة، مع استخدام أسلوب هجومي، عبر عمليات التجسس الحوسبي، من خلال الدخول إلى الشبكات واستخراج المعلومات.

ففي حروب “السايبر”، هناك نطاقات عمل تتموضع في:- نطاق جمع المعلومات، نطاق الهجوم، نطاق الدفاع، وتمتاز هذه الحروب، بقدرات عمل سريعة قريبة من سرعة الضوء، مع قدرات عمل سريّة، واستخدامات لسلاح خارق يعتبر فتّاكاّ، مع مخاطر في غاية البساطة على الحياة البشرية.

وهيئة “السايبر” القومية الإسرائيلية، تستهدف بالدرجة الأولى:- إيران، وباقي الدول العربية، والأوروبية، وحتّى الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والفدرالية الروسية وتركيا، حتّى أنّها تستهدف، بعض مجتمعها العبري، المناهض لسياسات الحكومة… الخ.

وللتدليل، على نطاقات عمل حروب ” السايبر”، فقد كشف تقرير مفصّل، أعدته شركة التأمين” سيمنتك” الإسرائيلية، حول ما حدث في إيران، قبل أكثر من ست سنوات خلت، حيث أن “الدودة” الفيروس، نسًقت لضرب محوّلات، تردّد محددة ومركّبة، على أجهزة الطرد المركزي، لتخصيب اليورانيوم.والسؤال هنا: كم ستعمل هيئة السايبر الإسرائيلية الصهيونية على الأضرار بمشروع برنامجنا الأردني النووي السلمي الحالي لمنع الأردن من المضي قدماً في تنفيذه؟ وما هي استعدادات مجتمع مخابراتنا وميكانيزميات عمله الإلكترونية في موجات هذه الحروب؟ وهل هناك آليات تنسيق مع هيئة الطاقة النووية الأردنية من أجل حماية مشروع برنامجنا النووي وأجهزة التخصيب فيه، من هجمات وموجات الحروب الإلكترونية من جهة هيئة السايبر الصهيونية وحلفائها؟.

المذهبية الدبلوماسية العدوانية السوداء, الأمنية السياسية الأممية الأميركية الجديدة, ذات الأدوات الأنف ذكرها, ستوظف لخدمة الوسائل السياسية الشاملة, لوضع خارطة طريق متعرجة لعمليات, الاستقطاب وإعادة الاصطفاف السياسي في سورية, وفي المنطقة عامةً, كي يتم إعادة إنتاج مجتمع, تحالفات سياسية واسعة النطاق, لجهة المنطقة والداخل السوري ومحيطه, ضد المقاومات والممانعات, وضد كل من سوريا وإيران، وروسيّا والصين ودول البريكس.

واشنطن وعبر المذهبية الأنف شرحها, تقر أنّ في عمليات الاستهداف النشط ضد سورية, والتي ستكون متطابقة حتّى في الفواصل وعلامات الترقيم, مع ما يتم تسريبه من شبكات المخابرات الإسرائيلية، الموساد بزعامة يوسي كوهين, الشاباك, وحدة آمان، لجهة ملفات: حزب الله, الملف السوري, الملف الإيراني, الملف التركي, وملفات الساحات السياسية الأردنية والفلسطينية والعربية الأخرى. من جانب آخر معلوماتي, لمخابرات إقليمية ودولية تفيد, أنّ إسرائيل نجحت حتّى الآن لجهة توظيف وتسخير, كل قدرات الدبلوماسية الأميركية والبريطانية والفرنسية لاستهداف سورية, مع دفع واشنطن للمشاركة الفعلية في, الترتيبات العسكرية الأميركية الجارية في منطقة الخليج وشواطئ إيران الجنوبية. كما تذهب المعلومات, أنّه تم الاتفاق والتفاهم وضمن, محور واشنطن – تل أبيب ومن تحالف معه من دول المنطقة, على أن يتم ربط الرادارات الأميركية المنصوبة في مناطق الخليج بالرادارات العبرية، وثمة معلومات تتحدث عن قيام وفد عسكري أمريكي مع خبراء من القيادة السيبرانية لواشنطن زار الرياض مؤخراً منذ أسبوعين، وبحث هذا الأمر مع المسؤولين العسكريين في دول الخليج, حيث أنّ واشنطن ضغطت باتجاه, ما تم التوافق عليه ضمن دوائر مؤسسات محور واشنطن –تل أبيب, كما تم الاتفاق والتفاهم على نشر غوّاصات نووية اسرائلية, ضمن مسار الأساطيل البحرية العسكرية الأميركية, الفاعلة والناشطة قبالة شواطئ جنوب لبنان, وشواطئ إيران الجنوبية.

انّ دبلوماسية الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية, لجهة الشرق الأوسط خاصةً, في ظاهرها ناعمة حسنة بريئة, خلاّقة تعاونية رائعة, وفي باطنها تخفي السمّ الزعاف في حية رقطاء وهي أفعوانية حربائية كوليدها الداعشيّ.

mohd_ahamd2003@yahoo.com

هاتف – منزل عمان : 5345541     خلوي: 0795615721

سما الروسان في 14 – 1 – 2018 م.

———————————————————-

استراتيجية(جيراد ياهو)ازاء ايران والمنطقة

بمثابة خصي وتدمير للوعي العربي!

 هل سنبقى نمارس استراتيجيات الطبخ الرديء؟

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

هل تناقض المواقف لدى الرئيس الجدلي ترامب ازاء ملفات الخلافات الأمريكية الأوروبية(ملف القدس وجلّ القضية الفلسطينية وحركة الأستيطان والملف الأيراني مثلاً)من شأنها أن ترفع القيود وتحرّر القرار الأوروبي؟

هل ما جرى وانتهى في ايران(فتنة2017 م)كان يهدد السلم والأمن الدوليين، أم هو شأن داخلي؟ وهل خيارات الرئيس الأمريكي أحرجت حلفائه والأمم المتحدة، قبل أن تحرج خصومه وأعدائه؟ هل يقود دونالد سفينة واشنطن دي سي نحو العزلة الكونية، وبالتالي تتجه الولايات المتحدة الأمريكية كي تكون قلعة أممية لوحدها بسبب جدلية الرئيس الحالي ترامب وزئبقيته المفرطة؟ هل محاولة بحث ما جرى في ايران وانتهى، في مجلس الأمن الدولي عبر واشنطن، يعد تطاول على سيادة ايران وانتهاك لها، وصرف لعمل مجلس الأمن الحقيقي وهو الحفاظ وصيانة الأمن والسلم الدوليين؟ انّ فشل عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي حول ايران، ومواقف كافة الأعضاء الدائمين(قطعا باستثناء الداعي الأمريكي ومعه الأسرائيلي والبعض العربي المتساوق والمتماهي مع الأمريكي في كل شيء باستثناء صيانة العمل العربي المشترك)ازاء الأتفاق النووي والتمسك به، والترحيب بالتزام ايران به حتّى اللحظة، والموقف الروسي والفرنسي والبريطاني وجل دول الأتحاد الأوروبي، جواب لكل التساؤلات السابقة.

الجمهوري

ترامب يفتح معركة مع ايران الان بعد فشل توظيف المظاهرات، وبعد هزيمة داعش من قبل سورية وروسيّا وايران وحزب الله والقوّات الرديفة والحليفة الأخرى، والسلوك الأمريكي في الذهاب الى مجلس الأمن هو محاولة أمريكية للتنصل من الاتفاق النووي بشتى الوسائل والسبل، حيث هذه المعركة لا تستهدف ايران وحدها بل كل من شارك في هزيمة داعش واضعافه، حيث كان هناك فوضى استعجال في طرح ملفات الهجوم ازاء ايران في مجلس الأمن، مما يكشف حقائق الأهداف، ومنها خلق وتخليق معركة موازين القوى الدولية والأقليمية انطلاقاً من المجلس عبر ايران وما جرى وسيجري فيها. وهنا نلحظ مروحة مؤشرات تزايد تناقضات ترامب مع حلفائه الأوروبيين بسبب معركته مع طهران، عبر ذريعة حركة الأحتجاجات الأخيرة، ويعي الأوروبي الى حد ما أن هذا النهج الأمريكي الجديد هو لأستعادة المبادرة الدولية وروحها بعد هزيمة داعش، وممارسة لاستراتيجية مراكمة الضغوط على ايران لتقدم تنازلات في ملفات الصورايخ البالستية، وموضوع اليمن والكف عن نقل السلاح وتقنية الصواريخ ومسارات تطورها بجانب مستلزماتها، والهدف في النهاية بعد طهران هي تركيا، لذا رأينا شراسة الموقف التركي في دعم ايران، ليس حبّاً بطهران وانما خوفاً من مخططات أمريكا القادمة بحق أنقرة، والموقف الأشرس في دعم ايران بلا أدنى شك هو الموقف الروسي والمتفاقم في الدعم وشراسة الأدوات الروسية، ازاء خاصرتها الجنوبية(ايران) كخاصرة ضعيفة الى حد ما. انّ الكباش الداخلي الذي جرى ويجري في ايران تموضع ويتموضع في التالي: احتراب النخبة السياسية في النظام الجمهوري القائم، والمس بالرعاية الاجتماعية للطبقات الفقيرة، والأزمة الاقتصادية التي يتداخل فيها تأثير الحصار المالي والعقوبات بتهم فساد(تحاربها طهران بقوة لملفات الفساد الداخلي، باشراف وتوجيه من المرشد وحكومة روحاني).

الديمقراطيون في أمريكا عندما كانوا في الحكم، مارسوا استراتيجية الأستنزاف في المنطقة والعالم والأدارة من الخلف على مدار ثمان من السنيين، والجمهوريون حتّى اللحظة يمارسون استراتيجية تفكيك الأحلاف، من خلال تعميق استراتجيات البلبلة لتعميق الفوضى، بعبارة أخرى هم يمزجون بين الأستراتيجيتين ليخرجوا بكوكتيل استراتيجيات تذهب بالولايات المتحدة الأمريكية  نحو المزيد من المتاهات، والبدء من بحر الصين الجنوبي والعلاقات مع تايوان، وتفكيك العلاقات الروسية الصينية باعطاء روسيّا مزيد من النفوذ في مجالاتها الحيوية وخاصة مساحات أوروبا الشرقية وفي سورية، والتصعيد ازاء ايران لدفعها للتنازلات في موضوعة الصواريخ البالستية، وفي حالة الفشل سيمارسون سياسات تمييع العلاقات مع طهران. وهذا الأوان الدولي والحالة، وبعد مرور أزيد من عام على حكم الجمهوري لأمريكا، استولدت كارتلات كوادر الحزب الجمهوري استراتيجية حديثة ازاء ايران والمنطقة، يمكن تسميتها باستراتيجية(جيراد ياهو)حيث أجندة كوشنير وما يمثله في الداخل الأمريكي ونتنياهو ازاء ايران وحلفائها والمنطقة واحدة. الدبلوماسية بالعمق تعني: هي فن أن تقول للآخرين بأن يذهبوا للجحيم بطريقة تجعلهم يسألونك عن الأتجاهات قبل وأثناء دخولهم الجحيم، وكذا هي الدبلوماسية الروسية والسورية فلا أحد يعرف كيف تفكر دمشق، لكن دبلوماسية عرب روتانا الكاميكازيين(مش حتئدر تغمض عينيك)، جعلتهم أن يسيروا في اتجاهات الجحيم من دون ارشادات بفعل الأمريكي البراغماتي، فأن تكون حليفاً لماما أمريكا أكثر خطورةً بأن تكون عدوّاً، بالرغم من أنّ العداء له سلّة مخاطره، لكن أن تكون حليفاً لها أشد خطورةً من الأولى، خاصةً ان كنت لا تلعب بالهوامش الممنوحه لك من قبل الأمريكي نفسه، بمعنى أن تكون انبطاحيّاً فقط.

وكالة المخابرات المركزية الأمريكية هي كالضباع لا تستطيع العيش بمكان لا يحوي جيفاً تجتمع عليها، خاصة بعد اعادة هيكلة بعض أقسامها وهندره للبعض الآخر حيث الهندرة بالمفهوم الأداري تعني الشطب واعادة البناء عندما تفشل الهيكلة، فهي بمثابة مخابرات تبرير وفبركة لسباق تسلّح محموم، والولايات المتحدة الأمريكية تعمل على( استغبائنا واستغفالنا) كعرب ومسلمين، فهي تعمل هذا الأوان على إعادة إنتاج مفهوم الخطر الإيراني من جديد وقولبته توليفاً وتوظيفاً، وبصورة غير مباشرة وتحت عنوان الأتفاق النووي الأيراني مع الغرب، وعلى شيطنة حزب الله اللبناني وبالتعاون والتنسيق مع الدولة العبرية(الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة)ومع الأدوات القذرة في الداخل اللبناني وبعض الدواخل العربية من جماعات تكفيريّة وغيرها، مترافقاً مع شحن طائفي ومذهبي واثني عرقي، وذلك عبر اسطوانات إعلامية “بروبوغنديّة”مشروخة، وتحت يافطة المحافظة على السلم والأمن الدوليين على المستوى الإقليمي والأممي، بشكل يتزامن في تصعيدات لمستويات الأرهاب المدخل الى الداخل السوري والداخل العراقي من دول جواره العربي وغير العربي، في استهداف الدولة الوطنية السورية والدولة الوطنية العراقية وموردها البشري.

(الطبّاخ الرديء)

وأسلوبه ونتاج طبخه من طعم وجودة طبخ، يشكل بمجمله إستراتيجية الطبخ الرديء، وحين تكون بعض مفاصل الأخيرة من نهج وسياسة لبعض الدول والساحات العربية، إن لجهة القويّة منها، وان لجهة الضعيفة، فهي السياسة التي يصنعها عادةً بعض باعة الأرصفة في الأسواق وأمام المساجد يوم الجمعة من كل أسبوع، فلنسقط ذلك على واقع ما تمارسه نخبنا السياسية والبرلمانية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأستخباراتية والدبلوماسية والإعلامية والحزبية، من سياسات لجهة الخارج الملتهب والداخل المحتقن والمتفاقم بالاحتقان، حيث القراءات تقول: نحن على حافة انفجار اقتصادي واجتماعي وديمغرافي ولاحقاً أمني بتشابك مع خلخلة سياسية، إن بقينا نمارس إستراتيجية الطبخ الرديء بعد أن قلب الجميع ظهر المجن لنا بخفّة ولكنها عميقة.

المشتركات

لدى جمهور الناس في العالم العربي أعتقد أنّها تتموضع في التالي:- هو أنّ الغرب يسعى إلى الدفع بقوّة إزاء تفكيك سورية وجعلها دولة فاشلة وبعدها العراق، وبعدهما لتفكيك لبنان لشل إيران(يحاولون الآن معها عبر اللعب بالداخل من خلال فئات الطبقة الوسطى الأيرانية)… وإثارة الفوضى في الأردن عبر اللعب على الحبل الديمغرافي لجهة المكونات الأردنية المختلفة بما فيها النظام نفسه، وبعد ذلك وفقاً للرؤية الأمريكية الصهيونية، ستكون المحطة الأخيرة الفدرالية الروسية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الخاصرة الضعيفة للفدرالية الروسية، وهذا ما تدركه النواة الصلبة والدولة العميقة في روسيا الفدرالية ومحركها وضابط إيقاعها الرئيس فلادمير بوتين وجهاز استخباراته النشط ذو المجال الجيوبولتيكي  الأممي الواسع والذي يعيد إنتاج مفاصل أدواره الأستراتيحية القادمة.

ومن هنا مرةً ثانيةً وثالثةً ورابعةً، نقول: إنّ من يسيطر على سوريا(قلب الشرق) يسيطر على الممر الإستراتيجي لجلّ الشرق الأوسط، وبالتالي يتحكم ويسيطر على كلّ أوراسيا العظمى وأسيا الوسطى، حيث الصراع في سوريا وعلى سوريا على الجغرافيا قبل السياسة، هو صراع على الشرق وما بعد الشرق كلّه وقلبه سوريا بنسقها السياسي وموردها البشري، والفدرالية الروسية وبكين بجانب طهران وجلّ دول البريكس تدرك ذلك جيداً.