الأرشيفثقافة وفن

كريمة عبود أول مصورة فوتوغرافية في فلسطين

سيرة حياة قصيرة لكنها حافلة بالعطاء والتطور

الميلاد 1893, بيت لحم >> الوفاة 27 نيسان 1940, بيت لحم

والدها: سعيد. والدتها: بربارة بدر. إخوتها: نجيب، كريم، منصور. أختاها: كاترينا، ليديا. زوجها: فارس طايع. ابنها: سمير.

ولدت كريمة عبود في مدينة بيت لحم لعائلة مسيحية إنجيلية تنحدر من قرية الخيام في منطقة مرجعيون بالجنوب اللبناني. هاجرت عائلتها إلى فلسطين في أواسط القرن التاسع عشر واستقرت في مدينة الناصرة. كانت والدتها معلمة وأبوها راعياً للكنيسة الإنجيلية اللوثرية في مدينة بيت لحم، وارتبطت عائلتها بمبشرين إنكليز. ونشأت في جو متعدد اللغات والثقافات، وهو ما ساعدها فيما بعد على الاتصال بعدد من المصورين الأجانب والعرب المحليين.

تلقت كريمة عبود دراستها الابتدائية في مدينة بيت لحم، وتابعت دراستها الثانوية في مدرستي “طاليثا قومي” في بيت جالا و”الفرير” في القدس، ثم التحقت بالجامعة الأميركية في بيروت لدراسة الأدب العربي.

وكانت كريمة عبود قد تعلمت التصوير الفوتوغرافي على يد أحد المصورين الأرمن، وبدأت ممارسة هذا الفن سنة 1913، بعد أن أهداها والدها آلة تصوير. ونظراً إلى أن والدها كان دائم التنقل في مدن فلسطين وقراها، فقد أتيحت لها من خلال مرافقته في تنقلاته فرصة التقاط الصور المتعددة للمدن الفلسطينية الخمس: بيت لحم وطبرية والناصرة وحيفا وقيسارية.

بعد عودتها إلى فلسطين في مطلع العشرينيات من القرن الماضي، افتتحت كريمة عبود أول أستوديو لها في بيتها في بيت لحم. حتى إنها استطاعت أن تجني المال عن طريق التقاط صور للنساء والأطفال وحفلات الزفاف، وأصبحت مصورة فوتوغرافية محترفة في بداية الثلاثينيات واشتهرت بتلوين الصور وإنتاجها، وكانت تجلب ورق الصور خصيصاً من مصر وتحمض الصور في مشغلها الخاص. وسرعان ما تشجعت نساء الأسر المحافظة في مدينتها على زيارتها لكي تلتقط صوراً لهن من دون حرج، كما تشجعت النساء من مختلف المدن الفلسطينية مثل غزة ويافا وحيفا والقدس على زيارتها للهدف نفسه. وبدورها تنقلت بين طبرية وحيفا وقيسارية، وسافرت إلى لبنان وسوريا والأردن في مهمات تصوير لأشخاص أو لتوثيق معالم أثرية ودينية معينة.

تمكنت كريمة عبود في النهاية من إنشاء أربعة استوديوهات للتصوير الفوتوغرافي في الناصرة وبيت لحم وحيفا ويافا، وركزت في أعمالها على تصوير الحياة اليومية للنساء الفلسطينيات بأزيائهن التقليدية المطرزة التي تعبّر عن القرى والبلدات التي أتوا منها.

توفيت كريمة عبود في 27 نيسان/ أبريل 1940 بعد إصابتها بمرض السل وتعرضها لنوبات من الحمى المتواصلة، ودفنت في مقبرة الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في بيت لحم.

كريمة عبود امرأة مثقفة أتقنت الألمانية والإنكليزية والعربية، وتجرأت على كسر القوالب النمطية عندما برزت بصفتها أول مصورة فوتوغرافية في فلسطين، وكان لها دور كبير في تلك المهنة التي كانت دخيلة على المجتمع العربي الشرقي، وخصوصاً أن الكثير من العائلات المحافظة لم تكن تقبل بأن تظهر على عدسات هذا الاختراع الغريب باستثناء بعض العائلات العريقة. قدمت صورها وثيقة بصرية للحياة الاجتماعية في فلسطين، ونجحت في تحدي المحتل البريطاني بوثائقي مصور وصامت عن الحياة الفلسطينية قبل النكبة.

لمع اسم كريمة عبود في بدايات القرن الحادي والعشرين، وذكرها المؤرخ عصام نصّار في كتابه “لقطات مغايرة، 1850-1948 التصوير المحلي المبكر في فلسطين”، الصادر في سنة 2005، ثم اكتشف الباحث أحمد مروات أول مجموعة صور لها في صيف سنة 2006 عندما أعلن يوكي بوعز وهو جامع مقتنيات قديمة إسرائيلي من مدينة القدس في جرائد عربية محلية عن مجموعة صور تحمل توقيعاً مذيلاً باسم المصورة كريمة عبود، طالباً المساعدة بالعثور على تاريخ هذه المصورة الفلسطينية وجذورها. وبعد التواصل بينهما قَدِم جامع المقتنيات هذا إلى الناصرة، حاملاً في جعبته أربعة ألبومات من الحجم المتوسط من أعمال المصورة الفلسطينية كريمة عبود، مذيلة بختمها واسمها بالعربية والإنكليزية “كريمة عبود مصورة شمس”. وبعد اكتشافه هذه المجموعة، واصل أحمد مروات مساعيه وحصل من عائلة عبود في الناصرة على ثلاثة ألبومات أُخرى لكريمة عبود مذيلة بالعربية وأُخرى بالإنكليزية بالختم نفسه.

تخليداً لذكراها ودورها الرائد، تم تصوير فيلم عنها باسم “صورة غير مكتملة” أخرجته المخرجة محاسن ناصر الدين، كما تم إصدار كتاب عن حياتها وأهميتها، شارك فيه كلٌ من القس متري الراهب، والباحث أحمد مروات والمؤرخ عصام نصار، وكتب رواية عنها الروائي والشاعر إبراهيم نصر الله، كما نُظمت عدة معارض في فلسطين ولبنان لعرض إرثها الفوتوغرافي والتذكير بأهميتها على اعتبار أنه جزء لا يتجزأ من التاريخ والرواية الفلسطينيين.

بعد مرور 122 عاماً على ميلادها، احتفى محرك البحث “غوغل” بهذه المصورة الفوتوغرافية بنشر رسم لها تظهر فيه وهي تحمل آلة تصوير.

في سنة 2016، تم إطلاق جائزة “كريمة عبود للتصوير الفوتوغرافي” من كلية دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة في بيت لحم، بغية تشجيع المواهب الفلسطينية الشابة على احتراف هذه الموهبة.

المصادر:

الراهب، متري، وأحمد مروات، وعصام نصار. “كريمة عبود رائدة التصوير النسوي في فلسطين 1893-1940”. بيت لحم: دار ديار للنشر، 2013.

الشيخ حشمة، لينا. “كريمة الشمس الباحثة عن النور: قراءة تحليلية في رواية ‘سيرة عين’ للكاتب إبراهيم نصر الله”. “المجلة الثقافية الجزائرية”. 4 كانون الأول/ ديسمبر 2019، على موقع thakafamag.com.

عبود، لارا. “كريمة عبود.. صور من فلسطين في زمن الاحتلال البريطاني”، صحيفة “العربي الجديد”، 17 أيلول/ سبتمبر 2019.

نصار، عصام. “لقطات مغايرة، 1850-1948: التصوير المحلي المبكر في فلسطين”. رام الله: مؤسسة عبد المحسن القطان، 2005.

نصر الله، إبراهيم. “سيرة عين”. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2019.

المصدر: الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية

https://www.palquest.org/ar/biography/29764/%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%B9%D8%A8%D9%88%D8%AF?fbclid=IwAR04gLeQ4ujImdKNskOI8FvrwD9xCscjDq2Rdi0YJaXVwD0XGjIZPBXsO7A