الأرشيفمن هنا وهناك

محاولة لفهم المسار الفلسطيني المتعرّج – معين الطاهر

 

كيف يمكن قراءة المشهد الفلسطيني خلال نصف القرن الماضي، وتفسير ما احتواه من حوادث جسام وتضحيات كبرى، ترافقت مع تراجعاتٍ كبيرة عن الثوابت الفلسطينية، وصولًا إلى الاعتراف بحقّ العدو في الوجود، كما جاء في اتفاق أوسلو (إعلان المبادئ بين منظمة التحرير وإسرائيل)؟ هل كانت هذه المسيرة الكبرى مؤامرةً حيكت خيوطها بمهارة صانع، أم أنها واحدة من مراحل نضال الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية، بكل ما احتوته من مدّ وجزر، وصعود وهبوط، عبر مسارٍ طويل متعرّج، امتد منذ النكبة وما قبلها، وما تزال فصوله مستمرّة؟ هذا ما تحاول هذه المقالة تلمّس إجاباتها عنه، وربما تقديم تفسير لأسئلةٍ حائرة في ثنايا هذا التاريخ، وهو ما يستلزم مراجعة سريعة لتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية.

بعد النكبة وفشل حكومة عموم فلسطين، سعى الفلسطينيون إلى تلمّس سُبلٍ شتّى، لعلّها تساهم في عودتهم إلى بلادهم وتحريرها. حاول الفلسطينيون، في بداية الخمسينيات، تشكيل مجموعات وتنظيمات فدائية، أبرزها محاولة قام بها الإخوان المسلمون لمتابعة جهادهم في حرب عام 1948، وأشرف عليها فترة محدودة كامل الشريف، لكنها أُجهضت سريعًا نتيجة حظر تنظيماتهم. ولكن المحاولة الأبرز كانت تلك التي قام بها خليل الوزير (أبو جهاد) في غزة، ولاحقًا كانت أغلبية الرعيل الأول في حركة فتح ممن شاركوا الوزير بداياته الأولى.

في اتجاه آخر، انضم الفلسطينيون إلى الأحزاب العربية باتجاهاتها المتعدّدة والمختلفة، وشاركوا في تأسيس بعضها، وتطلّعوا إليها وسيلةً تقرّبهم من التحرير، وترقّبوا الانقلابات العسكرية على أمل أن تؤدي إلى تغيير الواقع العربي المؤلم، والمنقسم، والمتسبّب في النكبة، وتعلّقوا بمبادرات الوحدة العربية وشعاراتها. لكن عمليًا، صارت القضية الفلسطينية والعمل من أجل تحريرها المِشجب الذي علّقت عليه الأحزاب والأنظمة العربية غسيلها كله، فهي مبرّرها للوحدة أو الانقسام، ولقمع الحريات أو التطوّر الاقتصادي والاجتماعي، وللأحكام العرفية، والتمسّك بالسلطة وقمع معارضيها تحت شعار “أولوية تحرير فلسطين على ما عداها”، والتي قد تستوجب اعتقال الخصوم، وتبرّر حكم العسكر وانقلاباتهم، من دون أن تتقدّم هذه السلطات خطوةً واحدةً باتجاه فلسطين. وفي ثنايا ذلك كله، بدأت عشرات المجموعات الفلسطينية الصغيرة في مختلف مناطق اللجوء بالتشكّل، يجمعها مشروعٌ واحد، هو السعي إلى تعبئة طاقات الشعب الفلسطيني باتجاه تحرير فلسطين.

منذ منتصف الستينيات، بدأت ملامح مشروع وطني فلسطيني بالتشكّل؛ إذ أعلنت حركة فتح عن قيام جناحها العسكري (العاصفة) بأولى عملياتها القتالية ضدّ العدو الصهيوني في مطلع 1965. وقبل ذلك بعام، وفي 13 يناير/ كانون الثاني 1964، قرّر مؤتمر القمة العربي المنعقد في

القاهرة توكيل أحمد الشقيري أمر تنظيم الشعب الفلسطيني، وتمثيله في المحافل الدولية. ولكن الشقيري تجاوز هذا القرار، وتمكّن من عقد المؤتمر الفلسطيني العربي الأول في القدس منتصف العام ذاته، والذي أعلن عن تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وحدّد هدفها بتعبئة الشعب الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين كلها، وصادق على الميثاق القومي، وانتخب الهيئات القيادية، وأصبح الشقيري رئيسًا للجنة التنفيذية الأولى. ومنذ ذلك التاريخ، باتت منظمة التحرير بمنزلة كيان معنوي للفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة. وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وتبلور مشروعه الوطني الذي تعزّز وترسخ بعد هزيمة حرب يوينو/ حزيران عام 1967، والتي كشفت عجز الواقع العربي وبؤسه، فصار العمل الفدائي والكفاح المسلّح مطلبًا عربيًا، لعله يعيد إلى الأمة روحها بعد انكسارها.

أعلنت حركة فتح انطلاقتها الثانية بعد نكسة حزيران، وانتشرت قواعدها في غور الأردن بعد فشل تجربة قواعد الارتكاز في الضفة الغربية. لكن نقطة التحوّل الرئيسة في مسيرتها حدثت بعد معركة الكرامة (21 مارس/ آذار 1968). شهدت “فتح” والفصائل الفلسطينية بعد معركة الكرامة مدًّا جماهيريًا كبيرًا؛ فلسطينيًا وعربيًا، منحها حصانةً من أي محاولةٍ لاحتوائها أو تصفيتها. كما تحسّنت علاقتها مع الرئيس المصري، جمال عبد الناصر، ما جعل الطريق أمامها سالكًا لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وتسلّم ياسر عرفات رئاسة لجنتها التنفيذية حتى وفاته في العام 2004.

على الرغم من خسارة المقاومة لاحقًا قاعدتها الرئيسة في الأردن إثر أحداث سبتمبر/ أيلول 1970، بعد الاشتباكات المؤسفة مع الجيش الأردني، إلّا أنها حافظت على استراتيجيتها المتمثّلة بتحرير كامل التراب الفلسطيني عبر الكفاح المسلّح وحرب الشعب طويلة الأمد. وفي لبنان، والذي أصبح قاعدة للعمل الفدائي، خاضت الفصائل الفلسطينية واللبنانية الوطنية أكبر معاركها دفاعًا عن الجنوب اللبناني، في مواجهة العدو الصهيوني، أو دفاعًا عن الثورة ضدّ محاولات استهدافها في الداخل اللبناني.

أول ملامح التغيير في المشروع الوطني الفلسطيني بدأ في أعقاب حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973. خلال أيام الحرب، وفي لقاء ضمّ القياديين في منظمة التحرير وحركة فتح، صلاح خلف (أبو إياد) وفاروق القدّومي (أبو اللطف) والرئيس المصري، أنور السادات، قال الأخير إن ثمّة تسويةً سياسيةً ستحدث بعد الحرب، وإن مؤتمرًا دوليًا سيُعقد لهذه الغاية، وإن انسحابًا إسرائيليًا سيحدث من الأراضي العربية المحتلة، بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة، وإن على منظمة التحرير أن تقرّر ما إذا كانت ستسير في هذا الاتجاه وتلتحق بركب التسوية، أم يُترك هذا الدور لملك الأردن حسين كي يقوم به.

ابتلعت “فتح” ومنظمة التحرير الطُعم الذي ألقاه لها السادات، الباحث عن غطاء لمشاريعه

السلمية، وبدأت مسارًا متعرّجًا دشّنته ببرنامج النقاط العشر (البرنامج المرحلي) الذي أقرّه المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974. وعلى الرغم من التشدّد الظاهر في صوغ نقاطه التي تضمّنت عدم التعامل مع قرار مجلس الأمن 242، والتمسّك بالكفاح المسلّح لإقامة سلطةٍ وطنيةٍ مقاتلة على أي شبر يتحرّر، والنضال ضدّ أي كيانٍ ثمنه الاعتراف، أو الصلح، أو الحدود الآمنة، والتأكيد على أن السلطة الوطنية الفلسطينية، بعد قيامها، ستناضل في سبيل تحرير كامل التراب الفلسطيني. لكن بيت القصيد كان النقطة العاشرة، والتي نصّت على وضع القيادة الفلسطينية التكتيك المناسب لتطبيق البرنامج، أي إقامة السلطة الوطنية.

حاول برنامج النقاط العشر احتواء أي معارضة له، سواء التي في داخل “فتح”، أم في الفصائل الأخرى، من خلال تلك الصياغة. لكن الواضح تمامًا أن المشروع الوطني الفلسطيني قد تحوّل من تحرير فلسطين كلها إلى برنامج، سُمّي بالمرحلي، يهدف إلى إقامة سلطة وطنية على جزء منها، والذي سيكون في الأرض التي احتُلت في 1967. ذلك كله، على الرغم من أن تأسيس منظمة التحرير وانطلاقة حركة فتح كانا لتحرير الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948. وكان واضحًا أن هدف البرنامج هو تهيئة الرأي العام للقبول بفكرة الحلّ المرحلي، تمهيدًا لمزيد من التنازلات تتجاوز بنوده. وبالفعل، وبالتدريج، وعلى مدى أعوام، تم الاعتراف بقرار مجلس الأمن 242، واعتُبر الميثاق الوطني “كادوك”، أي مهجورا باللغة الفرنسية. ووفّر الاتفاق مع النظام الأردني، بعد فترة خصومة طويلة، غطاءً للانضمام إلى مفاوضات مدريد (1991)، وتم نبذ ما يسمّى الإرهاب، وصولًا إلى الاعتراف بحقّ إسرائيل في الوجود، والصلح معها في اتفاق أوسلو. لم يكن ما حدث تغيّرًا في التكتيك، بقدر ما كان تغيّرًا في الاستراتيجية، أثّر في جوانب متعددة من المسيرة الفلسطينية.

ردّ النظام العربي والولايات المتحدة على رغبة المنظمة الانضمام إلى العملية السياسية المتوهّمة بمحاولاتٍ لتدجينها وانتزاع تنازلاتٍ إضافيةٍ منها، قبل السماح لها بركوب قطار التسوية الذي لم يأتِ. وكلما تقدّمت المنظمة خطوة في هذا الاتجاه، كان ثمّة متطلبات جديدة تنتظرها. في هذا الإطار، تحوّلت القضية الفلسطينية من قضية حقوقٍ مشروعةٍ للشعب الفلسطيني إلى مسألة من يمثّل الفلسطينيين في المفاوضات المرتقبة؛ إذ كان دومًا موضوع التمثيل هو المطروح في الأروقة الفلسطينية والعربية والدولية، وكل التنازلات التي انتزعت من القيادة الفلسطينية كانت تهدف إلى التقدّم في موضوع التمثيل، ولم تتطرّق إلى الحقوق الثابتة أو تناقشها، فضلًا عن أن موضوع التمثيل قد أثار نزاعاتٍ مريرة مع الأردن وسورية، وحوّل الأرض الفلسطينية المحتلة إلى “أرضٍ متنازع عليها”، وفق تعبير وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، عندما طالبه رئيس الوزراء الأردني، زيد الرفاعي، بإجراء فكّ ارتباط على الجبهة الأردنية، أسوة بما حدث على الجبهتين؛ المصرية والسورية، بعد قرار مؤتمر الرباط عام 1974.

 

خلال تلك المرحلة، سيطر هاجس البديل الممكن اختياره لتمثيل الفلسطينيين على قيادة منظمة

التحرير، سواء كان هذا البديل نظامًا عربيًا، أم شخصيات فلسطينية. وكان الخيار الأنسب لتجاوز معضلة البديل أن تقنع المنظمة الولايات المتحدة والأطراف الدولية أنها قادرةٌ على إعاقة أي حلّ يستثنيها من جهة، وأنها وحدها القادرة على تنفيذ التنازلات المطلوبة، من جهة أخرى. انعكست هذه السياسة على أداء المنظمة واهتماماتها، فلبنان المفترض أن يكون قاعدة ارتكاز للثورة الفلسطينية تحوّل إلى ورقة مساومة وضغط لإدخال المنظمة في التسوية. كما تأثرت بهذه الاستراتيجية الجديدة علاقات المنظمة مع الأطراف العربية، كما في الداخل الفلسطيني.

لم تكتفِ الولايات المتحدة الأميركية والعدو الصهيوني بابتزاز منظمة التحرير بموضوع التمثيل، وسعيهما إلى إيجاد بدائل لها؛ فلسطينية كانت أو عربية، وإنما لجأت أيضًا إلى سياسة العصا بموازاة الجزرة التي استمرّت في التلويح بها لقبول المنظمة في عملية التسوية المفترضة. كان الهدف واضحًا؛ إما تصفية منظمة التحرير لإتاحة المجال أمام ظهور بديل لها، أو إضعافها إلى درجةٍ تجبرها على قبول التنازلات المفروضة عليها.

من هنا، ينبغي النظر إلى المسار الممتد على مدى عقدين من برنامج النقاط العشر حتى توقيع اتفاق أوسلو أنه متعرّج، يحمل في داخله وجهين، فقد شهد تنازلاتٍ جمّة متدرّجة، وتغيّرًا في الاستراتيجية، واختلافًا في التكتيكات، لكنه، في الوقت ذاته، كان حافلًا بالمواجهات مع العدو الصهيوني، وبالمعارك والاجتياحات والعمليات العسكرية في داخل الأرض المحتلة وخارجها، وكذلك بالاغتيالات التي تعرّض لها قادةٌ وكوادر في الفصائل الفلسطينية. ويمكن تفسير ذلك أن موافقة القيادة الفلسطينية على الدخول في معترك التسوية لم يكن كافيًا بحدّ ذاته لقبولها فيها. لذا شهدت هذه المرحلة صداماتٍ واسعةً مع العدو في مواجهة محاولات تصفيتها والقضاء عليها، وهو ما قادها إلى تعزيز قواها واستمراها في المواجهة المسلّحة لفرض استمرار وجودها في المعادلة السائدة.

ومن هنا أيضًا، يخطئ من يعتقد أن الثورة الفلسطينية المعاصرة قد انتهت، أو تخلّت عن أهدافها، بمجرد موافقتها على البرنامج المرحلي، كما يخطئ من يعتقد أن الثورة الفلسطينية قد استمرت على الأهداف نفسها منذ انطلاقها، فكلتا الرؤيتين قاصرتان عن رؤية وجهي الصراع والمساومة المتلازمين في هذه المرحلة، والعلاقة الجدلية القائمة بينهما. ذلك أن كلا منها كان يخدم الآخر أو يدفع إليه. وفي كل لحظةٍ، كان ثمّة وجهٌ رئيسٌ لهذه المعادلة، قابلٌ للتغير من دون أن يغيب الوجه الآخر. ويمكن إثبات عشرات الأمثلة على وجود الوجهين معًا في الحرب الأهلية اللبنانية، وفي الاجتياحات الصهيونية، وفي الانتفاضة الفلسطينية، حيث تلازم النضال والتضحيات الكبرى مع السعي نحو تحقيق تقدّمٍ في اتجاه الاعتراف بمنظمة التحرير طرفا في التسوية المرتقبة، أو تقديم إغراءاتٍ لها على هذا الطريق، أو حتى محاولات القضاء عليها وتجهيز بدائل لها.

بإيجاز، يمكن القول إن المشروع الوطني الفلسطيني شهد، ومنذ عام 1974 وحتى نهاية الثمانينيات، ازدواجية كبرى، فهو من جهةٍ بدا وكأنه ما زال متمسّكًا بالميثاق الوطني إطارا للمشروع الوطني الفلسطيني، وإن كانت القيادة الفلسطينية تضعه كل يوم أمام تنازل جديد، كما أن سمة المواجهة عبر السلاح والانتفاضة كانت حاضرة، في حين كان الوجه الآخر ماثلًا عبر سياسات المساومة، والسعي إلى جني مكاسب سريعة متوهّمة تدور في معظمها حول من يمثّل الفلسطينيين، وليس حول حقوقهم.

نقطة التحوّل الحاسمة كانت في اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني،

 

حين اعترفت المنظمة بحقّ إسرائيل في الوجود، مقابل اعتراف إسرائيل بالصفة التمثيلية لمنظمة التحرير. أسدلت هذه النتيجة البائسة التي انتهى إليها نضال الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصر الستار على المرحلة السابقة. ويمكن تقسيم مرحلة “أوسلو” إلى فترتين: الأولى تنتهي بالانتفاضة الثانية واستشهاد ياسر عرفات، وهي مرحلةٌ تتشابه، في بعض جوانبها، وليس كلها، مع المرحلة السابقة لها. والثانية هي مرحلة إعادة إنتاج “أوسلو” في عهد الرئيس محمود عباس، والتي قادت إلى قطيعةٍ كاملةٍ مع المشروع الوطني الفلسطيني.

يقدّم هذا التحليل تفسيرًا لمواقف القيادة الفلسطينية المتنفذة وسياساتها، كما يقدّم تفسيرًا لموقف القيادات المعارضة والفصائل الفلسطينية والمناضلين في “فتح” وغيرها، والذين عارضوا هذا النهج، في وقتٍ استمروا فيه في مواقعهم النضالية خلال هذا المسار المتعرّج، وإلا يصبح تفسير استمرارهم في أطر الحركة الوطنية ضربا من الغباء أو الجهل أو التواطؤ مع القيادة المتنفذة.

ماذا لو تبنّينا تفسيرًا آخر يعتبر أن كل ما تم خلال ستين عامًا له صلة بنظريات المؤامرة والخداع، وكان مخططًا له منذ لحظاته الأولى عبر تواطؤ البرجوازية الفلسطينية والرجعية العربية، ومن تشاء من القوى الكبرى لتصفية القضية الفلسطينية؟ هل يمكن لهذه النظرية أن تفسّر ستين عامًا من النضال، على ما فيه من إخفاقاتٍ وبطولات في الوقت ذاته؟ ألن يحيلنا إلى كومةٍ من الأغبياء والمخدوعين والجمهور الساذج المخدوع سنوات، وهو منطقٌ لن يستثني أحدًا من العاملين من أجل القضية الفلسطينية، بمن فيهم المؤمنون بهذا المنطق؟ وهنا، يتجاوز الموضوع حالة مراجعةٍ للذات، أو ممارسة ضروبٍ من النقد الذاتي، إلى حالةٍ من جلد الذات والقضاء على مرحلة كاملة من نضال الشعب الفلسطيني.

لا تأتي القراءة المنصفة للتاريخ عبر ممارسة الحكمة بأثر رجعي، ولا يمكنها الانطلاق من النتيجة البائسة في أوسلو لتعكسها على نصف قرن مضى، من منظور ما يحدث اليوم، بعيدا عن سيرورته التاريخية