بساط الريح

مقالة من الصحافة الصهيونية… – زلمان شوفال

لا يمكن أن يكون أبو مازن وسلطته الفلسطينية حلا دائما للصراع
بين (اسرائيل) والفلسطينيين لكنه يمكن أن يكون حلا مؤقتا…!
أُثير في الآونة الاخيرة مرة اخرى الجدل في أنه هل نعامل حماس على أنها منظمة ارهابية أم نعاملها على أنها دولة ارهاب – وهذا فرق له معنى من جهة القانون الدولي ومن جهات اخرى، لأنه اذا كان الحديث عن دولة فلا يمكن اتهام اسرائيل بمسؤولية قانونية أو اخلاقية عما حدث لسكان غزة في الحرب (وهي تهمة مفندة أصلا لاسباب اخرى)، لأن المسؤولية كلها تكون على من يرأسون “دولة غزة” كما هي الحال في كل حرب بين دول، كما كانت المسؤولية عن الخراب في المانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية هي مسؤولية حكومتيهما لا مسؤولية قادة العالم الحر أو طياري الحلفاء الذين جعلوهما أنقاضا. وتفضل حماس بالطبع أن تستمتع بالعوالم كلها، فهي مرة “حركة مقاومة”، وهي في مرة اخرى منظمة دينية تشتغل بالتربية وبالرفاه، وهي مرة دولة.
سيجري الآن تباحث مركزي، لا في اسرائيل فقط، في مسألة مستقبل غزة ومكانتها السياسية. وتعلو الدعوة الى “تسوية سياسية!”. وأنا اؤيد ذلك – لكن أية تسوية ومع من بالضبط؟ توجد اقتراحات لجعل غزة شبه دولة ترعاها الامم المتحدة وجهات دولية اخرى، وليست هذه فكرة سيئة بشرط أن تقوم على قواعد صارمة تمنع حماس من اعادة بناء نفسها مباشرة وغير مباشرة من جهة عسكرية. ويريد آخرون ولا سيما في اليمين الاسرائيلي شمل غزة في دولة اسرائيل، وهذه فكرة حمقاء يمكن أن نُعرفها فقط بأنها “سرطان بحسب طلبك…”.

لكن الاقتراح الذي يزداد تسارعا أكثر من غيره في العالم وعندنا ايضا يرى أن الصيغة السحرية هي جعل أبو مازن المسؤول عن غزة. وتكلم “المحلل السياسي” اوباما من واشنطن في نهاية الاسبوع على هذا النحو (مع تطرقه الى مجالات يصعب ألا نُعرفها بأنها تدخل في الشؤون الداخلية لدولة اخرى). ويتهم مؤيدو هذه الفكرة رئيس الوزراء نتنياهو بأنه اعترض من قبل على “المصالحة” بين فتح وحماس، ومنع مسارا ايجابيا لو تم لسيطر “معتدلو” أبو مازن في اطاره على متطرفي خالد مشعل. بيد أنهم لم نسوا فقط كما يبدو أن أبو مازن لا يكاد ينجح في فرض سلطته حتى على الارض التي تخضع لسلطته في ظاهر الامر، بل نسوا أن التاريخ يعلمنا أنه حينما تتحد جهة ايديولوجية متطرفة حتى لو كانت أصغر مع جهة أكثر اعتدالا، يتحدد الامتزاج بعد وقت قصير على صورة الجهة المتطرفة، وهذا ما كان في روسيا بعد الثورة، وفي المانيا بعد انتخابات 1933 ايضا.

ويحاول من يشتكون من موقف اسرائيل بشأن هذه “المصالحة” أن يقنعونا ايضا بأنه لو سار نتنياهو في اتجاه الفلسطينيين في التفاوض العقيم الذي دام تسعة أشهر لما أطلقت علينا حماس قذائف صاروخية ولما قتلت الفتيان الثلاثة، ولما دبرت ذبح سكان غلاف غزة بواسطة الأنفاق، دون أن يُبينوا بالطبع كيف تجعل التنازلات لأبو مازن منظمة حماس – التي ترفض كل مصالحة تقوم على مجرد الاعتراف بوجود اسرائيل والتي تسعى مثل الحركات الأخوات لها في العراق وسوريا الى القضاء المادي على كل “الكُفار” – تجعل حماس تبحث عن السلام فجأة.

وأقول بالمناسبة إن اعتدال سلطة أبو مازن محدودة الضمان ايضا؛ فما زالت تستعمل في كل مدة نشاطها السياسي حتى بعد عرفات، استراتيجية وتكتيكا يقومان على عدم الاستعداد للتوصل الى مصالحات، وهي ايضا لا تعترف من جهة ايديولوجية بحق الشعب اليهودي في دولة له. فمن المعقول أكثر اذا امكان أن الاتحاد بين السلطة الفلسطينية وحماس لن يفضي الى تهدئة غزة بل سيجعل المنطقة التي تقع الى الشرق منا دولة لحماس في حين تجد اسرائيل نفسها بين مقصين ارهابيين.

إن أبو مازن باعتباره حلا عاما نهائيا لمشكلة غزة هو اذاً وهْم باطل وإن لم يكن ينبغي في الظروف الراهنة أن يُرفض باعتباره امكانا مرحليا كأنه أخف الضررين في مواضيع مثل الاشتراك في الرقابة على المعابر وانشاء قوة شرطة محلية وقناة مالية. ولن يكون هذا الحل – كما أن للمشكلة الفلسطينية كلها في هذه المرحلة حلولا مرحلية في الأكثر – لن يكون دائما، لكنه لا ينبغي في واقع الشرق الاوسط الاشمئزاز من الحلول المؤقتة ايضا.
مقالة من الصحافة الصهيونية… – زلمان شوفال
صحيفة “اسرائيل” اليوم”
الثلاثاء:12/8/2014

اترك تعليقاً