الأرشيفعربي وعالمي

ملاحظات على جانب من خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – عادل سماره

 إهتم العرب، وغير العرب،  طبعا بخطاب الرئيس الروسي بين ناقد وبين متفق على نقطة هنا وأخرى هناك، وبين عاتب وبين شاتم. فالشيوعيون العرب غضبوا مما قاله بصدد الحزب الشيوعي السوفييتي وخاصة عن ستالين وإلى حد ما عن لينين كما غضبوا من وصفه للاتحاد السوفييتي بالشمولية ونقده لمنح أراض روسية لأجزاء قومية أخرى في الاتحاد السوفييتي ناهيك عن رفضه للاشتراكية.
طبعاً، بوتين ضد وصول الاتحاد السوفييتي إلى أمة إشتراكية وهذه ماثرة تاريخية وستأتي تاريخيا لا مناص.
كما نعرف كان الرجل في الحزب الشيوعي السوفييتي وخاصة في مرحلة ترهله وتهتُّكه، وبالتالي من غير المؤكد أنه كان شيوعياً. وحتى لو كان شيوعياً، فمن الدارج أن يرتد ولكن هذا لا يعني أنه لم يعد وطنيا أو قومياً.
أما أن يستغرب مثقفون عرب إرتداد بوتين فهذا عجيب، فما أكثر المرتدين من الشيوعيين العرب بل ما أقل من صمدوا.
هذا من  جانب، ومن جانب آخر، فالرجل كان ضمن جهاز المخابرات السوفييتية “كي.جي.بي” الذي فشل في حماية النظام أو شارك في تفكيك الدولة الإشتراكية العظمى الأولى في التاريخ وخاصة على يد النومنكلامنتورا التي خرَّبت وورثت البلد وامتكته.أي أن هذا الجهاز أجرم بكل امتلاء الكلمة وضمن هذه الجريمة السيد بوتين بغض النظر عن حصته.
ولأنه تاريخيا مخابرات، فمن الطبيعي أن يتقلب دون وخزة ضمير ابداً، فهذه صفة أساسية ومؤسِّسة لعضو المخابرات، أليس من مهامه التعذيب والقتل بامر سادته؟ فكيف حين يكون مخابرات وهو السيد معاً!
لو قرأتم سياسات نظام بوتين لتأكدتم أنه وطني قومي روسي وحتى شعبوي. ولكن لرأيتم في روسيا بقايا من ملامح سوفييتية. لكن الرجل كحاكم بتاريخ مخابراتي فهو لا بد أن يوظف كل أمر في موضعه وحينه. مثلاً، بوتين كوطني حاول تأميم المصرف المركزي الروسي ليعيده كما كان ايام ستالين، ولكن حزبه وحتى الحزب الشيوعي رفضا ذلك” (انظر كتابنا صين إشتراكية أم كوكب أشتراكي، 2022).لا يوجد في العالم مصرف مركزي بيد الدولة سوى في الصين بينما جميعها خاضعة لبنك الاحتياطي الأمريكي الذي تملكه مصارف وعائلات امريكية و صهيونية.
 
ففي هذا الخطاب ، والذي صممه لاستنهاض القومية الروسية، كان يجب على بوتين أن يُمجد القياصرة وكاترينا الثانية مع أن النظام القيصري كان دموياً متخلفا استغلاليا في الداخل حتى مص الدماء  وإمبرياليا في الخارج ودخل الحرب العالمية الأولى كي ينهزم ولم تُنقذ روسيا سوى الثورة البلشفية التي حولتها إلى دولة عظمى. ويكفي قول الإمبريالي الغربي ونستون تشرسل “ستالين هو الذي نقل الاتحاد السوفييتي من المحراث الخشبي إلى القنبلة النووية”.  لم يذكر السيد بوتين الماثرة الأبدية للجيش الأحمر في إنقاذ البشرية من الدمار النازي، لكن في ذكرى هزيمة النازية يذكر ذلك!، اي حسب المناسبة.  فبدون الشيوعية لن يكون حال روسيا اليوم بأفضل من حال الهند.
دعونا نسال: من هو الحزب المنافس لحزب بوتين على السلطة؟ أليس الحزب الشيوعي؟ فكيف لبوتين أن لا يهاجم الشيوعية إذن! وهو المخابراتي الحصيف والمتمسك برجوازيا بالسلطة.
تحدث الرجل عن بلاده وعدوان الوحوش البيض عليها، وهذا حقه، فهو يحول موقف الدفاع إلى الهجوم.
وهنا أود تذكير العرب بأن بوتين لروسيا وليس للعرب وخاصة حينما لا يكون حكام العرب لوطنهم بل هم أدوات تحتل الوطن العربي.
 
ملاحظة: في مطلع مقالته كتب محمد صادق الحسيني عن خطاب بوتين:
” قدّم الرئيس بوتين يوم امس إحاطة شاملة عن تاريخ بلاده من ايام القيصرية فالاتحاد السوفياتي. أطاح بالماركسية اللينينية، وبلينين الذي كان سبب خلق دولة أوكرانيا، كما قال، ثم اطاح بستالين ايضاً، وفنّد الحقبة السوفياتية”  الحسيني مبسوط ضد الشيوعية، وهذا طبيعي من السلفيين.يعطيك الصحة. لو كان محمد مصدق موجوداً، لقال لك: لا يا بطل.
 
ملاحظة:
 
نشر العديد من المواقع الإعلامية نص خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتاريخ 21 فبراير 2022