الأرشيفوقفة عز

مقهى أبو دياب الحلقة الخامسة عن الشهيد جلال كعوش وآخرين

من حكايات وذكريات مخيم عين الحلوة

اعداد موقع الصفصاف

جلال كعوش اسم علم مبجل، اسم علم وطني كبير كان يعرفه الكبير والصغير في مخيمات الفلسطينيين في لبنان. أتمنى أنه لازال إسماً علماً حاضراً مع الأجيال الجديدة من الفلسطينيين في مخيمات شعبنا بلبنان. جلال كعوش رمز وأسطورة ومناضل عظيم، قائد فدائي ومناضل مضحي ومقاتل متواضع، رجل جسور، شخصية ذات حضور وهيبة، شخصية كانت تبهر الناس. جلال كعوش هو شهيد البدايات الذي سقط تحت التعذيب الوحشي لعصابة المكتب الثاني (المخابرات اللبنانية)، التي كانت تعادي وتكره الفلسطينيين. تم اغتياله تحت التعذيب فعجل ذلك في نهاية عهد المكتب الثاني وزعرانه ووحوشه، فكانت هبة 22 نيسان 1969 التي قضت عليهم وحررت المخيمات من سطوتهم ووحشيتهم وقذارتهم وقمعهم.

كان جلال كعوش من رواد مقهى العم أبو دياب حيث جمعته علاقة صداقة مع أبي دياب العلي. فكان يتردد الى المقهى بشكل يومي تقريباً. ليلتقي بأصحابه أبو عدنان أبو سيدو (غزة) وأبو عبدالله عماره (المجيدل) والحاج مفضي عباس (حطين) وأبو محمد وأبو ماضي البقاعي وثلة أخرى من الرجال المناضلين، الطليعيين، الطيبين، فكان منهم أيضاً موظفون في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين -الأنروا- ومنهم كان كذلك العمال والمزارعين والمهنيين. الخ.

يقول دياب العلي: “جيلنا انذاك كان يسعد جداً بالجلوس مع جلال كعوش -أبو فاروق- والذي كان صاحب شخصيه مميزة. كما كان مثقفاً شعبياً من طراز رفيع ومناضلاً صلباً. لقد تعرض للاعتقال عدة مرات حتى استشهد تحت التعذيب في زنازين المكتب الثاني في رمضان عام 1966.”.

في ذلك الوقت من الزمن المخيمي الفلسطيني بالتوقيت اللبناني كانت حملات الاعتقالات تتواصل ولا تتوقف. فيتم استهداف واعتقال الناشطين والمناضلين والمثقفين وأصحاب الرأي والفكر، دعاة الثورة والكفاح والمبشرون بنهاية زمن القيد والخيمة. كان يزج بهم في السجون. فغالبيتهم كانت من رواد مقهى أبو دياب الذي يمكن أن نطلق عليه اسم مقهى العودة.

ذات مرة في احدى حملات المداهمة تم اعتقال غالبية رواد المقهى من المثقفين في المخيم، إذ تم اعتقال الأستاذ سليم أبو سالم، الأستاذ ابراهيم الحسين وأبو صالح الأسدي (سعيد الصالح) وكانوا كلهم من كوادر حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية. اعتقلوا العم أبو دياب العلي وأبو العز (عزالدين موعد) من صفورية والأستاذ سليم دمعون، والقائد الشهيد جلال كعوش، بالإضافة الى عشرات آخرين. كانت التهم جاهزة لدى المكتب الثاني اللبناني مثل أن المعتقلين مشاغبون ولا يلتزمون بأمن البلاد.

كان أيضاً من رواد المقهى مناضلون من العمال البسطاء الكادحين أمثال قاسم الحايك أبو سطيف (الكويكات) وشقيقه إبراهيم الحايك – أبو خليل- وحسن الزين من بلدة (المزرعة). وآخرين سنأتي على ذكرهم في حلقات قادمة.

أما العم أبو دياب العلي فقد كان يقضي كثير من الأيام في أقبية المكتب الثاني والدرك اللبناني. فكان له دوما نصيب الأسد من الاعتقال لأن مقهاه بات مقراً لطلائع العمل النضالي الفلسطيني وحتى العربي. بات المقهى ملتقى ومركزاً لتجمع وإلتقاء المناضلين والمثقفين الثوريين من أبناء المخيم. كما أنه كان بنفس الوقت المكان المفضل لالتقاء الفدائيين والمحاربين والمجاهدين القدماء. عند الحديث عن تلك الحقبة من الزمن المخيمي لا بد من إعادة التذكير بهؤلاء الرجال ومنهم هاشم دياب صقر (المنشيه) صالح العثمان (ترعان) مفلح الموعد أبو العبد (صفوريه) أبو صالح الحجيري (عرب الحجيرات)، الأسير السابق محمد سليمان البكر(صفورية)..

أما قصة الأسير البكر مع السجن الصهيوني فهي فعلاً قصة مثيرة ومميزة لأنه استطاع مع رفاقه الأسرى تحرير أنفسهم والفرار من السجن الصيهوني. استطاع البكر الهرب من سجن شطة الصهيوني عام 1958 وكان يومها أسيراً برفقة أبو سمير الزبيدي، الأسير الفلسطيني من جنين والذي كان يلقب “بالجهجاه”. هو جد الأسيرالمناضل  زكريا الزبيدي الذي تمكن مع رفاقه الأسرى من حفر نفق والفرار من سجن الصهانية قبل أسابيع عديدة. كما كان مع البكر ابراهيم المصري الملقب باليافاوي. والمناضل محمود الناجي (صفورية)، المناضل أحمد السعدي (صفورية)، سعيد شحاده (صفورية)، أمين السعيد (صفورية) وغيرهم من المناضلين، الذين قاتل بعضهم منذ ثلاثينات القرن الماضي ومنهم من قاتل في الأربعينات حتى عام النكبة 1948.

يقول الصديق دياب العلي أن مقهى والده تم إغلاقه عدة مرات وبالشمع الأحمر من قِبَل المكتب الثاني اللبناني. آخر مرة أغلق بها كانت في شهر نيسان 1966. ثم أعيد افتتاحه بضغط من المناضل اللبناني العربي الناصري القائد الشهيد معروف سعد.

اعداد نضال حمد وموقع الصفصاف

24-11-2021