وقفة عز

من سيدفن أيامكم بعدكم؟

نضال حمد

ليس هناك على الإطلاق تفاهة أكبر من أن تقرأ النفايات على شكل كلمات وجمل لكتاب ينشرونها على مواقع إلكترونية صفراء أو في صحف أكثر صفاراً..

من هؤلاء أو غالبيتهم يدعون حرصهم على فلسطين والعروبة، وأكثر من ذلك يقومون بالمزايدة على كل المقاومين والثوريين والقادة الحقيقيين مثل الزعيم السيد حسن نصرالله، سيد المقاومة وقائد الحزب المقاوم الذي صنع أمجاد هذه الأمة في هذا الزمن الفلسطيني الرديء والزمن العربي الأكثر رداءة..

 تفاهة الكاتب المتسلطن تبرز في كلماته وبين سطوره المغمسة بالعصبوية والتعصب لحركته، فهي بالنسبة له مازالت ديمومة الثورة ومفجرة الكفاح المسلح مع أنها أصبحت مثل فعل كانَ الماضي الناقص .. لأنها تحولت الى عامل مدمر للقضية الفلسطينية وصارت قياداتها تبيع المواقف في أسواق ٍ كثيرة..

تفاهة البعض وعظمة حسن نصرالله

 لا يرى مثل هؤلاء الكتبة الذين تربوا على نِعَم السلاطين في ذلك سوى بطولة من نوع جديد تضاف لسجلات بطولات حركتهم حاملة شعار ثورة حتى النصر…  مع أن النصر لم نره حقيقةً قبل شموخ مقاومة نصرالله ولو لمرة واحدة … لقد إستطعمنا به ورأيناه مع جند الله في الميدان وقائدهم الذي له في إسمه نصيب، القائد المقاوم حسن نصرالله ..

ربما يخرج أحدهم ويقول لك نحن في الحركة من دَرب وعلمَ السيد حسن نصرالله النضال والقتال … لا بأس لنقبل بذلك ولنوافقهم على ذلك، لكن حسن نصرالله قاوم وقاد وأنتصر. ولم يقبل التسليم ولا الاستسلام وفرض انتصاره على الأعداء… وأخرجهم أذلاء من جنوب لبنان بعد قبر دباباتهم  على الحدود مع فلسطين المحتلة.. كما أن صواريخه وصلت الى مشارف تل الربيع فحملت رسالة للصهاينة كان يجب أن تصل ووصلت … حدث هذا في زمن أصبح فيه المستسلمون العرب يحولون الانتصار الى هزيمة … يريدون هزيمة انتصار المقاومة في لبنان لأنها عرتهم وأثبتت فشل خياراتهم وبؤس الطرق التي يسلكونها.

حزب الله تابع وواصل المقاومة بعدما استلم الراية من جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي أعلن الشهيد خالد علوان انطلاقتها في عملية الويمبي بشارع الحمراء في بيروت الغربية، حيث نفذ أول عملياتها فقتل ضابط وبعض الجنود الصهاينة في النصف الثاني من شهر سبتمبر/ أيلول 1982 .. ثم تابعت المقاومة اللبنانية تسطيرالملاحم من القبرصلي الى بلال فحص ولولا عبود فسناء محيدلي وعشرات المقاومين الاستشهايين.. كانت مقاومة للأحزاب الشيوعية والقومية والوطنية في لبنان، أحزاب الحركة الوطنية اللبنانية، حليف الثوة الفلسطينية الاستراتيجي في زمن الفاكهاني…

حزب الله تابع المشوار بصلابة وايمان فأنتصر وأنتصرت معه الأمة كلها من المحيط الى الخليج… لذا لن نجامل الذين تطاولوا ويتطاولون على الزعيم الكبير السيد حسن نصرالله قائد المقاومة الحقيقية التي هزمت الكيان الصهيوني عدة مرات ولم تُهزم من قبله أبداً.

يجب أن نحاسب ولا نرحم  مماليك نهج الظلام السياسي الذين يحاولون التقليل من شأن أي انتصار أو انجاز للحزب وقائده. فحزب الله والنصر أقارب .. وحسن نصرالله وفلسطين والموقف الصلب أيضاً أقارب.

كُتاب السلطان

 بعض هؤلاء الكتاب كانوا بالأصل معتمدين كتبة تقارير لدى بعض أجهزة أمن الثورة الفاسدة في زمني بيروت وتونس، وأستمروا كذلك في مهنتهم في زمني الوقائي ودايتون والتنسيق الأمني..  بعضهم أو جلهم لا يريدون أن يروا في الكون كله غير تلك الشركة، حيث أنهم حولوا ويحولون انكساراتها لإنتصارات وإخفاقاتها لإنجازات وأستسلامها تكملة لمسيرة النضال أو لنوع جديد من أنواع ديمومة وأستمرارية الثورة …

أي ثورة تلك الثورة المغدورة ؟

 وأي ديمومة تلك التي يتحدثون عنها ؟

أيصح أن يُسمى الإرتباط بالإحتلال والإدارة الأمريكية نضالاً وطنياً من نوع جديد؟..

إنها قمة الإستهبال لأجل المنافع الشخصية والمال ..

قمة التزمت والتعصب والولاء الأعمى لرأس المال، وليس رأس مال كارل ماركس بل رب المال والإستهبال في زمن العمل في خدمة مشروع الإحتلال والإحلال … نعم فكل شيء ممكن لأننا في زمن الذي يدفع فيه يركب.. وكثيرون دفعوا سابقاً وركبوا لكنهم الآن صاروا مركوبين من الذين يدفعون لهم اموالاً وهبات بإسم الدول المانحة..

 وأنا أتحدث عنهم أتذكر كلمات الشاعر الراحل محمود درويش  :

فماذا فعلت بقلعتنا قبل هذا النهار

لم تقاتل لأنك تخشى الشهادة، لكن..

عرشك نعشك

فأحمل النعش كي تحفظ العرش

يا ملك الانتــــظار

إن هذا السلام سيتركنا حفــنة من غــبار..

من سيدفن أيامنا بعـدنا: أنــت .. أم هــم؟

ومن

سوف يرفع راياتـــهم فوق أســوارنا:

أنت..

أم فــارس يائـــس ؟

من يعلق لأجراسهم فوق رحلتنا

أنت.. أم حارس بائس؟

كل شــىء معد لنا

فلــماذا تطــيل التفاوض،

يا مــلك الاحــتضار.”

فدائيو الزمن الثوري الحديث يعملون في خدمة دايتون ومزراحي وأشكنازي وغالانت، هؤلاء إعتادوا مؤخراً زيارة رام الله بإنتظام سراً وعلانية، قبل رمضان وفي نفس الشهر، بعد السحور وعند الإمساك وبعد الفطور … إعتادوا أيضاً الدفع كي يبقوا ممسكين برؤوس ضحاياهم، التي لا يهمهم متى تطير أو لماذا تطير … فالمهم أمن الاحتلال والمستوطنين.. بينما الشوبكي والبرغوثي ويونس وكل أسرى فتح وفلسطين في سجون الاحتلال وزنازينه…

بالمناسبة يبدو أنه أصبح الآن وفي هذه الأيام موضوع حماية المحتلين والمستعمرين والمستوطنين من أهداف الذين اجتمعوا العام المنصرم بتصريح من الاحتلال لقبر المشروع التحرري الوطني نهائياً.

هؤلاء هم الذين يدعون أن حركتهم مازالت القائد وأنها أم الشرعية الفلسطينية، وصاحبة القرار المستقل، والتي تقود ما تبقى أو شُبِه لها أنه تبقى من منظمة التحرير الفلسطينية … منظمة  شيكا بيكا .. التي سيشخُ أطفال المخيمات مزيكا على لجنتها التنفيذية..  لجنة تنفيذية فيها جميع أنواع المماليك من اليسار الى اليمين مروراً بالوسط .. لجنة كما السلطة لها مفتي يقوم بتحليل كل محرماتها .. وزير تحول لمفتي يهبش على حساب فلسطين، ويقدم فتاوى غريبة عجيبة مثل (دعوة العرب للتطبيع مع الصهاينة عبر زيارة القدس وأعتبار ذلك من الواجبات الشرعية).. هذا الوزير يقوم بتحليل كل ما هو مطلوب منه تحليله شرعاً لمساعدة سلطة المسوخ على متابعة مسيرتها الملوثة… ويحرص على أن “يلقي النفايات مبتسماً” كما جاء في قصيدة للشاعر العراقي مظفر النواب ..

قادة مصادفة

إنها مدرسة التعميّة وتغييب العقل وشراء الذمم والضمائر وهي بنفس الوقت مدرسة العمى الذي يفقد الانسان البصر والبصيرة .. فكيف يرضى هؤلاء بأن تصبح حركتهم أداة لتنفيذ مخططات الأعداء؟ وكيف يقبل هؤلاء أن تصبح الحركة مجرد شركة تبيع الوهم للشعب الفلسطيني؟. وتحول الثوار والمناضلين والمقاومين الى متقاعدين؟.. كيف يقبل هؤلاء أن تصبح الغالبية الساحقة من قيادتهم مجموعة من الوكلاء للاحتلال؟ …

نحن في زمن شاذ يتحكم فيه قادة مصادفة بمصير شعب وقضية .. هؤلاء للأسف من أسوأ ما أنجبته الساحة الفلسطينية على الاطلاق.. مماليك في خدمة الدول التي تدفع .. سلاطين في محاربة شعبهم وحقوقه .. جَوعوا وعَوزوا عائلات الشهداء والجرحى والأسرى ..  إنهم كما العقارب تلذع فتسمم كل ما هو صحي ومفيد وسليم في جسد شعب فلسطين ..

 في الماضي كانت الحركة فتحة يدخل منها كل انسان يهوى النضال الأممي، العربي والفلسطيني الى قلب الثورة المستمرة .. أما الآن فلم تعد كما كانت ولا أهلها عاداوا كما كانوا .. لم يبق من الأشياء الجميلة فيها أي شيء، جفت ينابيعها، ذبلت زهورها، ضحلت افكارها، ماتت أشجارها، غاب نورها وأفُلت شمسها .. كل ما تبقى لها ولمحبيها من الزمن الجميل بعض الذكريات لمناضلين وفدائيين وشهداء وجرحى وأسرى كانوا أفضلنا …

أما الآن فتحولت الحركة الى شركة وصارت مرتعاً للقذارات السياسية ومجمعاً لمروجي سياسة الانبطاح والاستسلام.. فالحركة التي قادت منظمة التحرير الفلسطينية وثورتها ونضالها التحرري الوطني إنتهت على بوابتي غزة وأريحا… وماتت العام الفائت بالضربة القاضية في مؤتمر مدينة بيت لحم المحتلة. حيث حولوها بمال أمريكا وتصاريح “اسرائيل” الى حزب عمل فلسطيني يعيش على الماضي والذكريات ويتنفس بأجهزة إصطناعية مستوردة من العالم الغربي..

كانت الحركة في أزمنة عمان وبيروت وتونس رفعة للثورة الفلسطينية المسلحة، ثم في زمن سلام الشجعان وأخواته أصبحت في خط آخر غير خط المقاومة المستمرة. لا بل صارت البوابة التي يدخل عبرها الاحتلال ليقوم بالتنسيق الأمني مع ضباط السلطة في الأجهزة الأمنية…

الغيرة على الحركة تكون بإبعادها عما هي عليه هذه الأيام وبإستعادتها للخط الوطني المقاوم.. خط الدماء الشريفة التي سالت لأجل فلسطين حرة عربية ديمقراطية ذات سيادة ومستقلة. لكن للأسف نرى أن الحركة أو الفتحة أصبحت سكوناً ومن ثم كسرة.. فحين تنكسر الحركة وتتنكس الرايات تنتهي المجاملات …  لذا لم ولن تجدوا مجاملة في هذه المقالة … فقد طفح الكيل خاصة من بعض الذين ينبرون للتنظير لمدرسة الفهلوة السياسية التي قادت القضية الى الجحيم .

 

* مدير موقع الصفصاف

www.safsaf.org

 

22/08/2010

Bilderesultat for ‫الثابت على الثوابت‬‎

Bilderesultat for ‫الثابت على الثوابت‬‎

Relatert bilde