الأرشيفوقفة عز

نافذة أوسلو الفلسطينية – نضال حمد

أنظر من نافذة البانوراما الأوسلوية النرويجية الجميلة فأرى ألسنة بحرية وغابات وشمس وطبيعة خلابة وسحر رباني. فأنسى للحظة أن “جبناء أو شجعان سلام الشجعان” سنة 1993 مروا من هنا خلسة. وهنا تحدثوا بإسم شعبنا ووقعوا الاتفاقية بإسمه وهو آخر من كان يعلم بها وبما دار في كواليس ومزارع النرويج بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية (الفتحاوية) والقيادة الصهيونية. وقعوا على التنازلات الأخطر والتخلي عن أرض فلسطين وحقوق شعبنا. وقعوا بإسم شعبنا ودونما سؤاله، بدون استشارته وأخذ رأيه. تلك كانت قمة الغطرسة والغرور والفوقية والعنجهية والاستفراد بالقرار وبالقرارات حتى المصيرية منها.ولا عجب في ذلك قالقيادة المتنفذة في المنظمة لم تلتفت في يوم من الأيام لضعف الفصائل المعارضة لها. وحرصت دائما على فعل ما تراه مناسباً، وصولاً للسقوط المدوي في اتفاقية أوسلو وملحقاتها.
أنظر من النافذة الأوسلوية النرويجية فأرى بشاعة ما فعلته جماعة أوسلو بقضيتنا وبشعبنا نتيجة جهل وعنجهية وفردية قيادة كانت محسوبة على شعبنا قيادته ولازالت تحسب عالميا كذلك. ولما لا مادامت تلتزم بتطبيق اتفاقية اوسلو وما تفتق عنها، تطبقها بحذافيرها بالرغم من أن العدو نفسه منذ سنوات طويلة ماعاد يلتزم بها ولا بأية اتفاقيات أبرمها مع تلك الجماعة. لأنه يؤمن بأن القوي يتحكم بالضعيف وبأن القوة هي التي تحدد طبيعة الاتفاقيات والالتزامات بها. فالعالم كمال قال الارهابي الصهيوني مناحيم بيغن لا يكترث بالضعفاء بل يحترم الأقوياء.
نكبات أوسلو مستمرة وهي النكبات التي جلبتها ما تسمى بالقيادة الشرعية ومن يسمون أنفسهم قادة بحجم الوطن والقضية أو جماعة القرار المستقل. فتلك القيادة هي التي وقعت اتفاقيات مع الصهاينة تعتبر أخطر نكبة عرفها شعبنا بعد نكبة احتلال فلسطين سنة 1948. أصلاً مجرد بقاء ووجود القيادة الفلسطينية الحالية والتي هي جزء من الماضي أو إمتداد له هو نكبة مستمرة وهزيمة متواصلة. فيما التعامل معها يعتبر خضوعاً لإرادتها واعترافاً بوجودها وحضورها ومكانتها. فهل ستصحى الفصائل المقاومة من غيبوبتها أم أنها ستبقى عاجزة وبائسة وتدور في فلك الحوار مع القيادة الأوسلوية والرئيس الأوسلوي، في حوارات متكررة برعاية المخابرات المصرية، عديمة الفائدة ومضيعة للوقت، بينما الصهاينة ينهبون الأرض ويستوطنونها وعما قريب في الأقصى سوف يقيمون.
من جهة أخرى فإن غياب البديل الشعبي والثوري الحقيقي في ظل ما لدينا الآن من فصائل يمينية واسلامية ويسارية ووطنية وقومية، سواء كانت تقف مع السلطتين أو الحكومتين الفلسطينيتين في الضفة وغزة أو ضدهما أو معهما وضدهما بنفس الوقت ( وهنا أتذكر مصطلح “لعم” من لا ونعم الذي أنجبته التجربة السياسية للقيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية، وهو يعني لا ونعم بنفس الوقت، يعني ضد ومع.. فسروها إن استطعتم). هذا الغياب هو الشيء الذي يمكن أن يقضي على أي فكرة قيامة وطنية ثورية جديدة عاجلة وفورية. لكنه بالتأكيد لن يلغي تلك الفكرة لأنها أصبحت حالة موجودة وإن كانت لازالت قيد التكوين.
شعب فلسطين المعطاء والفدائي والمضحي والمقدام يستحق فصائل وقيادة أفضل مما لديه الآن من المستهلكين سياسياً وفصائلياً ووطنياً، إلا في حالات فردية خاصة ترفع لها القبعات ليلا ونهارا.

من نافذة اوسلوية نرويجية تطل على البحر والسماء والبر والغابات والمدى المفتوح أقول لشعبي الفلسطيني المذبوح: لن يقتلوك ولن يلغوك فأنت حيّ، نابض، متحرك، معطاء، صابر، صامد، لا تموت ولا بد ستنتصر.نضال حمد

السادس من تموز – يوليو 2021